الثمن الذى قبضه هتيفة إغتيال .. الأستاذ محمود .

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 11:07 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   

    مكتبة الاستاذ محمود محمد طه
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-26-2006, 06:28 AM

Dr Mahdi Mohammed Kheir
<aDr Mahdi Mohammed Kheir
تاريخ التسجيل: 11-25-2004
مجموع المشاركات: 5328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الثمن الذى قبضه هتيفة إغتيال .. الأستاذ محمود .



    لأنى كنت أعرف الرجل .. وأعرف قدره , ففى صباح يوم السابع عشر من يناير عام 1985م , وهى اليوم السابق للموعد المحدد لتنفيذ حكم الأعدام فى الشيخ الشهيد الأستاذ محمود محمد طه بسجن كوبر الكئيب , حضرت من مستشفى مدنى حيث كنت أعمل كطبيب أمتياز فى ذلك الوقت , وجئت للخرطوم ممنيا نفسى بالأشتراك فى أنتفاضة شعبية أو أى عمل جماهيرى , وكنت أتوقع حدوث مثل هذا التحرك فى ذلك اليوم . ولمعرفتى بأن بداية أى نشاط جماهيرى مصاحب للأحداث السياسية يمكنه أن يبدأ من نبض الشارع الحقيقى .. جامعة الخرطوم .. توجهت أليها . وقد كان .. ففى مساء نفس اليوم , أقام الأخوان الجمهوريين ندوة محضورة بعدة آلاف من المشاركين والمستمعين فى الميدان الشرقى لجامعة الخرطوم . أدار تلك الندوة الأستاذين أحمد المصطفى دالى وعمر القراى , وتحدث فيها الكثيرون من ممثلى الأحزاب والنقابات والأفراد ومن مختلف ألوان الطيف السياسى السودانى , وكنت أحد المتحدثين فى تلك الندوة , وكان رأيئ حينها , إن أفضل وأقصر طريق لتخليص الأستاذ محمود من الموت هو تكوين مسيرة هادرة والتوجه بها الآن الى سجن كوبر , وأقتحام أبوابه بالقوة أذا لزم الأمر وتخليص الأستاذ من براثن الهوس الدينى قبل إغتياله فى صبيحة الغد مهما كلفنا ذلك من تضحيات , وأن هذا العمل ليس مستحيلا أو صعبا على الشعب السودانى .. وقد فعلها قبلنا الشعب الفرنسى بإقتحامه لسجن الباستيل . هذا الإقتراح أيده أغلب حضور تلك الندوة وهتفوا له , ولكن .. ولسبب أو لآخر , لم يوافق الأخوان الجمهوريين عليه , وما كان لهذا الأقتراح بالتحرك عندها أن يتم بدون موافقة الأخوان الجمهوريين عليه وقيادتهم له , أو على أقل تقدير .. أشتراكهم الفعلى فى تنفيذه وهم أصحاب "الوجعة" . وأنتهت تلك الندوة بعد الكثير من النقاش والمداخلات الغاضبة , وكان الشعور العام هو مزيج من الحزن والغضب والأحباط الشديد.

    فى الصباح الباكر , كنت من ضمن عشرات ,أو مئات, الآلاف من السودانيين المتجهين الى سجن كوبر , وكنا خليط من المنددين والفضوليين والمؤيدين .. ومنتظرى حدوث المعجزات . وفى ذلك اليوم , ولأضفاء صبغة التأييد الشعبى لهذا الإغتيال السياسى المدبر حتى من قبل أن تبدأ المحاكمة نفسها , والأصرار على صبغه بالصبغة الدينية , وبتنظيم دقيق يُحسدون عليه , حشدت جماعة الهوس الدينى من مختلف الملل المتأسلمة فى السودان لهذه المناسبة كل كوادرها وأتوا بها الى سجن كوبر . أتوا بهم فى شكل مسيرات صغيرة أو محملين بالباصات من كل أقاليم السودان , وخلافا لغيرهم , كان سهلا عليهم تماما أن يهتفوا ويكبروا ويهللوا تأييدا لأعدام "رأس الشرك" محمود محمد طه , ولم لا .. وهم محميون ومسنودون بالكامل من قبل النظام وأمنه وسلاحه . خليط غريب من الشطط والفهم المتنافر للدين وإستغلاله , أخوان مسلمون , وجماعة تكفير وهجرة , ووهابية .. وبعض أدعياء الصوفية , كل هؤلاء , جمع بينهم وبين السلطة الحاكمة وقتها , كرههم الشديد للأستاذ محمود , وجزعهم من عفة يده ونزاهته , وأنكسارهم أمام مواقفه الصلبة , وخوفهم وهلعهم الشديد على مصالحهم عند أتى الأستاذ محمود بفهم وتفسير جديد للدين يعرفون تماما انه سيكشفهم وسيسقط عنهم تلك القدسية والهاله التى رسموها لأنفسهم بأسم الدين أمام البسطاء من الناس . تيقنوا أن هذا الفهم الجديد للدين .. سيقطع عليهم الطريق تماما فى إستغلالهم لهذا الدين وخداع بسطاء الناس به والأثراء من ورائه . نسوا كل خلافاتهم وأختلافاتهم وتكفيرهم لبعضهم البعض .. وأصروا وأتفقوا جميعا على أغتيال الشيخ محمود . ولكن .. البعض منهم وقتها ما كان يعلم أن هذه السنة التى سنها وشارك فى تفعيلها لتصفية خصومه من المفكرين وأصحاب الرأى , سيأتى يوما لتحصده هو نفسه وتحصد معه أهله وقراه ومدنه .. وإن أختلفت مسمياتها وتبريراتها , وأن هذا هو أجره منها وأجر من عمل بها .. الى يوم الدين .

    فى ذلك اليوم , صفوف طويلة من البشر حاولت الدخول الى سجن كوبر , وآلاف من الناس أعتلوا أسقف المنازل والأشجار وكل ما يمكن الصعود عليه حول أسوار السجن لرؤية لحظة التنفيذ . ولم أتمكن أنا من الدخول الى ساحة السجن حتى تمام التنفيذ , ولكنى عرفت , وبالتفصيل الشديد , كل ماحدث داخل ساحة الأعدام . ورجعت مغبونا ومهموما ومحزونا الى حراسات "القسم الجنوبى" فى أمدرمان حيث كانت تُعتقل شقيقتى الصغرى مع مجموعة كبيرة من الأخوان والأخوات الجمهوريين لحين تمام تنفيذ حكم الأعدام . وأنتظرت خروجهم , وأستقبلتهم ومعى مجموعة من الأقارب والأصدقاء وأخبرتهم بتمام التنفيذ , وكانوا مذهولين وغير مصدقين أن جريمة أغتيال أستاذهم ووالدهم .. تمت وبتلك السهولة .

    ولكن ..

    هل كانت جريمة أغتيال الأستاذ محمود جريمة سهلة ؟؟.

    وهل حقق المشتركون فى تلك الجريمة .. أهدافهم من أرتكابها ؟؟.

    وهل توقف القتل .. بعد التأمر المحكم وتدبير وتنفيذ إغتيال الأستاذ محمود ؟؟.

    وهل سلم من هذا القتل , وبأيدى نفس قتلة الأستاذ .. من شاركهم فى إرتكاب تلك الجريمة البشعة؟؟




                  

01-26-2006, 07:58 AM

Dr Mahdi Mohammed Kheir
<aDr Mahdi Mohammed Kheir
تاريخ التسجيل: 11-25-2004
مجموع المشاركات: 5328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الثمن الذى قبضه هتيفة إغتيال .. الأستاذ محمود . (Re: Dr Mahdi Mohammed Kheir)



    ولكى تكتمل تفاصيل ومشاهد مؤامرة إغتيال الأستاذ محمود , لا بد من جمع وتوثيق كل ما أحاط بها شهادات ووثائق .

    وسأبدا هنا , أولا , بشهادات من حضروا واقعة تنفيذ حكم الأعدام من داخل ساحة الأعدام بسجن كوبر.

    ---

    هذه شهادة كاتبة ومراسلة صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية , جوديث ميلر .



    جوديث ميلر

    وهى المراسلة الصحفية الأجنبية التى حضرت واقعة التنفيذ فى كوبر , وأودتها فى الجزء الأول من كتابها " لله 99 أسما " ( صفحتى 11 –12).



    كان صباحا مثاليا. بعد سويعات، تصبح الخرطوم خانقة. ولكن عند السادسة من صباح 18 يناير من عام 1985 كان الهواء صافيا. وكانت السماء قد لبست بالفعل زرقة حمام السباحة.
    في غرفتي بفندق الهيلتون، كان الصوت الوحيد، هو صوت مكيف الهواء، ذي العشرين سنة، وهو يضخ هواء محتمل السخونة. شربت قهوتي، وقرأت جريدة الصباح، محاولة ألا أفكر فيما سيحدث. لقد رأيت وقمت بأشياء كثيرة، بوصفي رئيسة مكتب صحيفة نيويورك "تايمز" بالقاهرة. كما شهدت أحداثا مروعة عديدة منذ رحلتي الأولى إلى الإقليم في عام 1971، وأنا لم أزل طالبة حديثة السن. غير أني، لم أغطي حادثة تنفيذ حكم بالإعدام.
    بعد ساعة خرجت في طريقي إلى سجن كوبر. ساحة سجن كوبر مستطيلة الشكل، وبحجم ميدان لكرة القدم. عندما وصلت برفقة جمال محي الدين، مدير مكتب مجلة "تايمز" بمصر، كانت ثلاثة أرباع تلك الساحة ممتلئة بالناس. كنت ألبس جلبابا أبيضا فضفاضا، وغطاء للرأس، لئلا يكتشف حراس السجن أنني شخص أجنبي. لوح لنا الشرطي بيده إيذانا لنا بدخول موقف السيارات. فعل ذلك، من غير أن يلقي حتى بنظرة ثانية نحوي في المقعد الخلفي. علما بأن المقعد الخلفي هو المكان الطبيعي، لوجود امرأة في سيارة، في الشرق الأوسط. خفضت رأسي بينما سرنا أنا وجمال ببطء، وسط الحشد، نحو قلب ساحة السجن، لنجد مكانا للجلوس على الأرض الرملية.
    كانت المشنقة في الجانب البعيد من الساحة. مرتفعة نوعا ما، غير أنها أقل في الارتفاع من حوائط السجن المبنية من الحجر الرملي. كان المشهد في كوبر مرحا. لا شئ هناك يشبه الصور المتجهمة التي رأيتها للسجون الأمريكية حيث يحتشد أصدقاء وأقارب المحكوم عليهم بالإعدام، خارج الأسوار، وسط المتظاهرين المعترضين الذين يحملون الشموع في الليل.
    يبدو أنني كنت المرأة الوحيدة في الساحة. وبدا أن كثيرا من الحاضرين، الذين يقدرون ببضع مئات، يعرفون بعضهم البعض. ظلوا يحيون بعضهم البعض، بتحية الإسلام التقليدية " السلام عليكم" ويجيء الرد مرات ومرات "وعليكم السلام". الرجال ذوو البشرات الداكنة، في عمائمهم التي يبلغ ارتفاعها القدم، وجلابيبهم البيضاء الفضفاضة، يتضاحكون ويتجاذبون أطراف الحديث، حول حالة الطقس، بشائر محصول تلك السنة، والحرب التي لا تنتهي في جنوب السودان. ورويدا رويدا، جلس كل واحد على الرمل، تحت وهج الشمس، التي بدأت حرارتها تزداد قسوة مع كل دقيقة تمر. كان الموعد المعلن لتنفيذ الحكم هو الساعة العاشرة.
    قبل الزمن المحدد بقليل، قيد محمود محمد طه إلى الساحة. الرجل المحكوم عليه والذي كانت يداه مربوطتان خلف ظهره، بدأ لي أقل حجما مما كنت أتوقع. ومن المكان الذي كنت أجلس فيه، وبينما كان الحراس يسرعون به إلى الساحة، بدا لي أصغر من عمره البالغ ستة وسبعين عاما. سار مرفوع الرأس، وألقى نظرة سريعة على الحشد. عندما رآه الحاضرون، انتصب كثيرون منهم واقفين على أقدامهم، وطفقوا يومئون ويلوحون بقبضات أيديهم نحوه. ولوح قليلون منهم بالمصاحف في الهواء.
    تمكنت فقط من التقاط لمحة خاطفة من وجه طه، قبل أن يضع الحارس الذي قام بالتنفيذ، كيسا ملونا على رأسه وجسده. ولن أنسي ما حييت، التعبير المرتسم على وجهه. كانت عيونه متحدية، وفمه صارما، ولم تبد عليه مطلقا، أية علامة من علامات الخوف. بدأ الحشد في الهتاف، بينما كان مجندان سودانيان يلبسان زيا رملي اللون، يضعان عقدة الحبل على المكان المفترض أن تكون فيه رقبة محمود طه. ورغم أن ضجيج الحشد قد ابتلع أصوات الجنديين، إلا أنه بدا وكأنهما كانا يصيحان ضده. فجأة تراجع الحراس للوراء، ثم سُحبت أرضية المنصة. فاشتد الحبل، واهتز الغطاء الموضوع على جسد طه في الهواء. اشتعل الهدير في الساحة "الله أكبر". وتكثف الهتاف عندما بدأ الحشد في تكرار الهتاف بشكل جماعي، "الإسلام هو الحل". الرجال الذين امتلأوا حماسة، عانقوا وقبَّلوا بعضهم البعض. أحد الرجال الذين كانوا بجانبي صرخ، "أخذت العدالة مجراها"، ثم جثا على ركبتيه، ووضع جبهته على الرمل وتمتم بصلاة إسلامية. الحالة الاحتفالية التي جرت من حولي، صعقتني، وأصابتني بالغثيان. جذبت جمال من كم قميصه، محاولة أن أشعره بأنه يتعين علينا مغادرة المكان، فقد كنت بالفعل، عاجزة عن النطق. في حالة التوتر العصبي التي اعترتني لابد أنني قد قمت لا شعوريا بسحب الغطاء الذي كان يغطي رأسي، فانحرف عن موضعه. استشعر جمال الخطر، وجذب الغطاء على ناصيتيْ شعري اللتين انكشفتا، ودفعني بحزم صوب المخرج. وبينما كنا نشق طريقنا صوب البوابة الحديدية الثقيلة، بدأت الرمال في الثوران والارتفاع في شكل سحابة برتقالية نتيجة لجرجرة الحشد لأقدامهم على الأرض الترابية. عند وصولي للمدخل، لويت عنقي لألقي نظرة أخيرة على المشنقة. كان الكيس، وجسد طه لا يزالان متدليان على الحبل. فتساءلت في نفسي، متى سينزلونه؟.
    لدى كثير من السودانيين الذين هللوا لإعدامه في ذلك اليوم، فإن طه قد اقترف أسوأ جريمة يمكن أن ترتكب. لقد أدين بتهمة الردة عن الإسلام. وهي تهمة نفاها طه، الذي أصر حتى النهاية، أنه ليس مهرطقا، أو مرتدا عن الإسلام، وإنما مصلح ديني، ومؤمن وقف في وجه التطبيق الوحشي للشريعة الإسلامية، "قانون المسلمين المقدس" والطريقة التي فهمها ونفذها بها الرئيس جعفر نميري. من وحي الموقف، أحسست، أنا أيضا، أن طه لم يقتل بسبب يتعلق بنقص في قناعته الدينية، وإنما بسبب من نقصهم هم .


                  

01-26-2006, 09:07 AM

Dr Mahdi Mohammed Kheir
<aDr Mahdi Mohammed Kheir
تاريخ التسجيل: 11-25-2004
مجموع المشاركات: 5328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الثمن الذى قبضه هتيفة إغتيال .. الأستاذ محمود . (Re: Dr Mahdi Mohammed Kheir)



    وهذه شهادة القاضى السابق مولانا محمد الحسن محمد عثمان , الذى حضر من جملة القضاة الذين حضروا تنفيذ حكم الأعدام على الأستاذ محمود , وهى الشهادة التى أوردها فى مقال كتبه لسودانايل فى هذا الرابط :

    http://www.sudaneseonline.com/sudanile9.html

    وكان المقال بعنوان :

    " وابتسم الأستاذ محمود محمد طه فى وجه الموت "

    ----

    جاء يوم 18/1/1985م , يوم التنفيذ , فتقاطر المئات نحو بحرى واغلبهم كان يعتقد ان الاعدام لن يتم لاسباب شتى وبعضهم بين مصدق ومكذب لكل هذه المهزله , ان يعدم بشرا لاصداره منشورا .. اوقفت العربات للقادمين من الغرب عند خط السكه حديد وساروا على الاقدام متجهين نحو سجن كوبر …. دخلت ساحة الاعدام بسجن كوبر وهى ساحة واسعه فى مساحة ملعب كرة قدم ووجدت مجموعه من الناس جلست على الارض فى الجانب الشرقى وفى الجانب الشرقى كانت منصة الاعدام تنتصب عاليه فى الجانب الجنوبى منها صفت كراسى تحت المنصه مباشره فى الصف الاول مولانا فؤاد الامين رئيس القضاء والمكاشفى طه الكباشى رئيس محكمة استئناف ما أطلق عليه المحاكم الناجزه وبجواره الاستاذ عوض الجيد مستشار رئيس الجمهوريه ومولانا النيل ابو قرون مستشار رئيس الجمهوريه وبجوارهم مولانا محمد الحافظ قاضى جنايات بحرى ومولانا عادل عبد المحمود وجلست فى الصف الاول وكنت اقرب الى المنصه وفى الصفوف الخلفيه ضباط شرطه وسجون… وعلى الحائط الغربى وعلى مسافه من المنصه اصطف الجمهوريين المحكوم عليهم بالاعدام كانوا يلبسون ملابس السجن ذقونهم غير حليقه يبدوا عليهم التشتت وكانوا مقيدين …رجال الامن منتشرين والشرطه باسلحتها منتشره فى المكان …كان هناك رجل طويل القامه بصوره ملفته اسمر اللون يحمل شنطه فى يده يقف خلف المنصه مباشره ونفس هذا الرجل رايته فى المحاكمه … المكاشفى كان يتحرك متوترا ويتبسم حتى والسن الذهبيه تلمع فى فمه .

    احضر الاستاذ محمود محمد طه يرتدى زى السجن مقيد الرجلين مغطى الوجه بغطأ احمر… اقتيد حتى سلم المنصه حاول السجانان الممسكان به مساعدته فى الصعود الى المنصه ولكنه لم يعتمد عليهم وتقدمهم وبدأ يتحسس السلالم بقدمه ويطلع درجه بعد درجه .

    انتصب الاستاذ محمود واقفا فوق المنصه وهو مغطى بالغطأ الاحمر … تلى مدير السجن من مكرفون مضمون الحكم وتلى أمر التنفيذ ….الاستاذ محمود ذو 76 سنه واقف منتصب .. حبل المشنقه يتدلى بجواره … وقُرىء أمر تنفيذ الاعدام عليه .

    ويمسك المكاشفى بالميكرفون ليُسمع الاستاذ آخر كلماته فى هذه الدنيا , فيسب الاستاذ محمود ويشير اليه فى كلمته بهذا المرتد الذى يقف امامكم .. وتستمر الكلمه زمنا والمكاشفى يزبد ويرقى ..

    يطلب السجان من الاستاذ محمود ان يستدير يمينا .. ويستدير الاستاذ ويواجهنا تماما يتم كشف الغطاء عن وجه الاستاذ .. يبتسم الاستاذ وهو يواجه القضاة الذين حكموا باعدامه ابتسامه صافيه وعريضه وغير مصنوعه .. وجهه يشع طمأنينة لم أرها فى وجه من قبل …قسماته مسترخيه وكانه نائم …كان يشوبه هدوء غريب …غريب ..ليس فيه ذرة اضطراب وكأن الذى سوف يعدم بعد ثوانى ليس هو … والتفت الى الجالسين جوارى لارى الاضطراب يسودهم جميعا .. فؤاد يتزحزح فى كرسيه وكاد يقع ..عوض الجيد يكتب حرف نون على قلبه عدة مرات .. والنًيل يحتمى بمسبحته فى ربكه (النًيل تعرض لاتهام بالرده فى عهد الانقاذ وتاب) كان الخوف والرعب قد لفهم جميعا والاستاذ مقيد لاحول له ولاقوه …ولكنه الظلم جعلهم يرتجفون وجعل المظلوم الذى سيعدم بعد لحظات يبتسم !!

    التف الحبل حول عنق الاستاذ محمود الذى كان مايزال واقفا شامخا (قيل ان الشيخ الترابى حضر مره قطع يد سارق فاغمى عليه) وسُحب المربع الخشبى الذى يقف عليه الاستاذ وتدلى جسده (وكذب من قال انه استدبر القبله) , وهتف الرجل طويل القامه الواقف خلف المنصه .. "سقط هبل" .. "سقط هبل" , .. وردد معه بعض الغوغاء الهتاف .

    وحضرنى عندها صلاح عبد الصبور فى ماساة الحلاج:

    صفونا .. صفا .. صفا

    الاجهر صوتا الاول والاطول

    وضعوه فى الصف الاول

    ذو الصوت الخافت والمتوانى

    وضعوه فى الصف الثانى

    أعطوا كل منا دينار من ذهب قانى

    براقا لم تمسسه كف

    قالوا صيحوا زنديق كافر

    صحنا زنديق كافر

    قالوا صيحوا : فاليقتل انا نحمل دمه فى رقبتنا

    صحنا:فاليقتل ان نحمل دمه فى رقبتنا

    كان هناك من هتف من بين الجمهور " شبه لكم .. شبه لكم " , تم القبض عليه وتم ضربه امام رئيس القضاء واوقفهم مولانا محمد الحافظ (عرفت من الاستاذ بشير بكار الدبلوماسى السابق انه هو الذى هتف) .

    خرج الحضور من القضاة عن طريق سجن كوبر….وعندما مروا بزنزانات المعتقلين السياسيين كان هتافهم يشق عنان السماء :

    محمود شهيد لعهد جديد …

    لن ترتاح ياسفاح …

    مليون شهيد لعهد جديد …

    لم يغطى على هذا الهتاف حتى أزير الطائره التى يقودها فيصل مدنى وحملت جثمان الشهيد لترمى به فى وادى الحمار (وهذا حسب ماتسرب لاحقا) وكان محمود فعلا .. شهيد لعهد جديد .. وسقطت مايو بعد 76 يوما من اعدام الاستاذ .



                  

01-26-2006, 04:04 PM

Dr Mahdi Mohammed Kheir
<aDr Mahdi Mohammed Kheir
تاريخ التسجيل: 11-25-2004
مجموع المشاركات: 5328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الثمن الذى قبضه هتيفة إغتيال .. الأستاذ محمود . (Re: Dr Mahdi Mohammed Kheir)



    أما لحظات ما قبل تنفيذ حكم الأعدام ..

    فهذه شهادة الشاويش الحارس لزنزانة الأستاذ محمود يتحدث فيها عن ليلة وصباح يوم الإعدام . وهى شهادة أوردها السيد عبد المنعم عبد اللطيف بتاريخ ذوالقعدة 1405 هـ , وأوردها الأستاذ مسعد حجازى فى سلسلة مقالاته عن الأستاذ محمود فى هذا الرابط :

    http://www.shbabmisr.com/XPage.asp?browser=View&language=A&EgyxpID=4151

    ----

    في تمام الساعة الرابعة مساء دعت ادارة السجن النزيل محمود محمد طه وابلغته بانه راحل الى الدار الآخرة صبيحة الجمعة 18 يناير الساعة العاشرة صباحاً فهز الرجل رأسه بالايجاب دون وجل أو اضطراب أو خوف وبشجاعة فائقة.
    ثم سألوه ان كانت لديه وصية او امانة او طلب فهز الرجل رأسه بالنفي وقال ... لا ليس لدي وصية او طلب .
    عندها احضرت سلاسل الحديد لتقييده.
    - هل لكم أن تتركوني دون قيود.
    - هذه اوامر وتعليمات سلطات السجن .
    - حاضر .. لا بأس .

    * وبملابس السجن والقيود اعادوه الى زنزانة الاعدام والتي بها برش وبطانية صوف لا غير.

    * كان في مرات عديدة يطلب الابريق والمبولة لأنه يشكو من داء السكري لذا كان كثير التبول وعندما تحين مواعيد الصلاة يتوضأ ويتمتم بصوت لايسمع .
    كان كثير الوضوء ليبقى طاهراً على الدوام.. دائماً يبتسم ويتأمل ما حوله.

    ذات مرة سألني عن سبب تاخير احضار المبولة فقلت له تعليمات , فاجابني يجب الا تخاف الا من الله .. ولا تكن كزبد البحر.

    لم يأكل الرجل شيئاً منذ الرابعة مساء الخميس، لم يحضر اليه الطعام ولم يطلب هو شيئاً.
    - لم يطلب شيئاً ؟ فاجاب .. لا.

    وفي تمام الساعة الرابعة صباحاً طلبوا تحويله الى زنزانة الإعدام الجديدة , واحضرت عربة لاخذه اليها بخارج السجن لئلا يثير ذلك بقية النزلاء فيحدثون اضطراباً بداخل السجن , وعندما ادخل فيها قال : مازال الوقت مبكراً والساعة العاشرة بعيدة.. فقلت تعليمات.

    ولم يكن بها برش او بطانية فوضع الرجل نعليه تحته وجلس.

    في تمام الساعة التاسعة صباحاً حضر القاضي ومدير السجن وسألوه ان كانت لديه وصية لابنائه , قال : كنت معهم طوال حياتي.

    سألوه ان كان يريد استرحام , قال : الداير استرحام يقعد مع امه.

    سألوه هل تريد أن تتكلم مع القاضي؟
    اجاب: هوه في قاضي.

    بعدها انفضوا من حوله واتى اليه نفر من السجن كي يوثقوا يديه عند ظهره.. فسألهم ان كانوا يتركون يديه بلا قيد ليحيي المواطنين .
    فقالوا له .. انها تعليمات.
    سألهم ان يتركوا وجهه دون غطاء
    فقالوا له .. انها تعليمات.
    واخذوه الى ساحة المشنقة فصعد اليها بخطى ثابته وقلب أسد.

    رفعوا الغطاء فاذا بالرجل .. مبتسم للقضاء .



                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de