معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالزنديق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 02:37 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   

    مكتبة الاستاذ محمود محمد طه
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-27-2003, 08:29 PM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز (Re: shiry)

    الجمهوريون ودعوة للثورة: عظمة الفكرة وفساد القيادة الراهنة
    يعرف أهل السودان بأننا، نحن الجمهوريين، أصحاب فكر عميق. قد يختلف الكثيرون معنا فيما نحمل من فكر، ولكن لا يختلف أحد على أن الجمهوريين يعيشون فكرتهم النبيلة بصورة معجزة، وفق نهج النبي العربي الأمي، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، الذي بعث في العرب الأميين نبياً منهم ورسولاً إليهم. ولايختلف أحد على كوننا أصحاب فكرة تليدة عتيدة تتبدى أكثر ما تتبدى في سلوكنا، ثم في فكرنا، ثم في قولنا.
    ولكن الوضع لم يعد كما كان. فمنذ 18يناير 1985، أي بعد أستشهاد أعظم شهيد عرفه تاريخ الفكر في العالم، في السودان، بين يدي من كانوا يمثلون الطقمة المهووسة الحاكمة اليوم في ذلك العام، لم تعد قيادات الجمهوريين في مستوى فكرتهم. فقد أنكسر عبد اللطيف عمر حسب الله، وثلاثة من إخواننا لا ستتابة مخزية مزرية حطت من قدر المستتيبين والمستتابين من السودانيين في ذلك اليوم على حدٍ سواء. كما حطت من قدر السودان برمته بصورة محزنة بين الأمم، إذ أننا كنا القطرالوحيد الذي قام بمثل تلك المحاكمة المهزلة وبتصفية الخصوم الفكريين والسياسيين المسالمين الأحرار في أخريات القرن العشرين.
    وقد أوردنا الهوس الديني موارد الهلاك في ذلك اليوم كما لم يحدث من قبل. الخطيئة السودانية الكبرى تمثلت في أكبر مهزلة قانونية عرفها تاريخ القضاء في العالم، وفي تاريخ الإسلام وتاريح السودان، منذ عرفنا كبشر الأنظمة العدلية. فإن سيرة الأستاذ محمود كرجل مسالم، مفكر، متحضر، في أعلى الأنساق السلمية والفكرية والحضارية، لم تكن تتطلب مواجهته ذلك العنف العنيف من هوس المتهوسين.
    لقد جط الهوس من أقدارنا جميعاً كبشر في ذلك اليوم، كما حط من قدر ديننا الحنيف الإسلام، في الصدور: كافة الصدور، وبالأخص صدور الأذكياء، والأزكياء"صافي السيرة والسريرة،" فحدث الطوفان الذي أنذرنا منه أبينا الشهيد، سيد أهل السودان، وسيد الناس، يوم قال: "هذا أو الطوفان،" في المنشور الشهير الذي تجدون نصه، مع كتبه القمية، في موقع الفكرة: www.alfikra.org
    أكتب للشعب السوداني اليوم كي أنقل له ما يدور من حوارات وسط الجمهوريين حول فهمهم لما حدث في 18يناير 1985. فقد اختلف الجمهوريون حول فهم الحدث، وحول سبب انحطاط مجتمعهم عن القمة السامقة التي مثلها أبيهم الشهيد الفريد، الفارس السوداني، المجيد!
    ظل الجمهوريون يتحاورون في أدب جم مع بعضهم البعض حول تداعيات الإستشهاد ومعناه بالنسبة للتنظيم والحركة والمجتمع والأفراد في المجتمع الجمهوري وخارجه.
    وظللت بفضل الله علي واحداً من قادة الرأي داخل مجتمعنا الحبيب. وقد خصني الله بأن كنت صاحب مبادرات عديدة في الثورة على القديم داخل هذا المجتمع الفاضل. فإنه رغم محبتي الشديدة لقياداتنا قاطبة، بدون فرز، إلا أنني عملت بقاعدة أساسية كان الأستاذ محمود قد أرساهابيننا، قبل أمد من استشهاده الباسل في ذلك اليوم المشهود. هذه القاعدة، قاعدة ديمقراطية من الطراز الأول. وهي بسيطة في عبارتها، ولكنه عميقة الدلالات في معناها. وهي ببساطة شديدة تقول بأن على الجمهوري أن "يطيع القيادييين بفكر أو أن يعصاهم بفكر."
    معنى هذه العبارة هو أن القيادة في المجتمع الجمهوري هي "قيادة لحظية،" وهذه عبارة أخرى كانت ترد للأستاذ محمود في هذا السياق. ومعنى ذلك هو أن لا كبير على الحق. فإننا إن صدر أمر من القيادة لا نطيعه لمجرد أنه صادر من القيادة، ولكنا نطيعه أو لا نطيعه، بل نعصاه باتخاذ موقف معاكس ومعارض، وفق تفكر وتدبر وتمحيص لوجه الحق فيه. هذا هو معنى أننا نطيع بفكر أو نعصى بفكر. فالحق أولى بالاتباع من اتباع الرجال. فإنه كما هو منقول عن علي الكرار، رض الله عنه وأرضاه، فإننا نعرف الرجال بالحق، ولا يجب أن نعرف الحق بالرجال.
    ظللت، بفضل الله علي، أعمل وفق هذه القاعدة. وعلى ضوءها أقوم الأحداث والمواقف من القيادين وغير القياديين في تنظيمنا المحلول وأخذ مواقفي الخاصة التي أراها تتماشى مع موقف أبينا الشهيد، في ذلك اليوم المشهود. وعليه فقد هزني موقف تراجع عبد اللطيف عمر حسب الله وتكفيره للأستاذ محمود محمد طه مع المكفرين. هذا، رغم أن الأستاذ محمود لم يكن قدر رباه على نهج الفكرة فحسب، بل تكفل بتربيته منذ قدومه من مناطق الشايقية، شاباً صغيراً فقيراً معدماً.
    بتكفيره للأستاذ، عبر الاستتابة، مع المكفرين والمهوسيين، فقد أخرج عبد اللطيف نفسه من إطار المفكرين، وقد هبط بتنظيم الجمهوريين كله إلى مستنقع آسن. فقد قرر أستاذ سعيد الطيب شايب، عليه الرضوان وشابيب الرحمة، وهو قد كان كبير الجمهوريين وقتها أن يحل النتنظيم بعد مشاورات مع القياديين، ومنهم عبد اللطيف عمر وآخرين بسبب أن قيادينا، وهو منهم، لم يكونوا في المستوى المطلوب. وقد كان السبب في حل التنظيم من وجهة نظر أستاذ سعيد وبعض من رأوا رأيه فيما بعد هو أنه يشعر بأنه "غير كفء" لقيادة تنظيم قاده الأستاذ محمود بنفسه. وقد قال في هذا الصدد الكثير من العبارات المشرفة التي تدل على سموق قدره واستحقاقه للمكانة العظيمة التي تبوأها في التنظيم بسبب العطاء الظاهر والصدق والشهامة والفروسية في معيشة قيم الإسلام العليا في اللحم والدم. من هذه العبارات التي قالها مثلاً عندما سئل هل هو "خليفة" للأستاذ محمود فقد قال "الأستاذ محمود ليس له خليف!" وعندما سئل هل هو الرجل الثاني بعد الأستاذ محمود، قال "الأستاذ ما عندو ثان!" هذا المستوى الرفيع في الإدراك لقد الأستاذ محمود لم يكن موجوداً في نفس الأخ عبد الليطف عمر حسب الله. فباء بخسران مبين يوم كفر أبيه مع المكفرين المهوسين، استكانة لهؤلاء الفاسقين الفاجرين، تالفي الرأي والعقيدة والفهم للإسلام نفسه، الذي يدعون الانتساب إليه.
    وقد دل موقف الاستتابة، وخيانة عبد اللطيف للعهد الذي قطعه مع أبيه حين ساله في السجن في آخر الأيام قبل تنفيذ الحكم عليه، على صدق قول أستاذ سعيد. فإن تكفير عبد اللطيف للأستاذ، وهو ثالث أكبر القياديين، الجمهوريين، دل على أن قيادات الجمهوريين قيادات قزمية بالمقارنة لما هو مرجو منها وفق منطوق فكرتهم الإسلامية والإنسانية العظيمة، ووفق تحقيق أبيهم العظيم، الكريم، الرحيم، لها. وقد ساق ذلك للأستتناج وسط القياديين، ومنهم الأستاذ سعيد، عليه الرحمة وله ومنه الرضوان، وغيره ممن حضروا الاجتماع المصغر الذي عقد في حي الدروشاب، بأن استمرار التنظيم بشكله القديم غير ممكن، وبالتالي ليست هناك إمكانية للحركة التنويرية التي كانوا يقودونها إلا بعد تمحيص الفكر والرأي حول حدث الاستشهاد في اليوم المشهود في يناير من العام 1985 ودلالاته. وقد تم إقرار هذا القرار في اجتماع موسع حضره أغلبية الجمهورين في أم درمان تقرر وفقه حل التنظيم في تجليه السياسي، مع الحفاظ عليه في تجليه الاجتماعي التراحمي والتفاكري.
    كنت، بفض الله علي، من القيادات الطلابية لتنظيم الجمهوريين في جامعة الخرطوم وقتها. وقد شاركت بهذه الصفة في جميع الأنشطة الداخلية والخارجية للتنظيم، كما شاركت في تطوير وترسيخ المنابر الحرة في جامعة الخرطوم بأكثر من وسيلة وأكثر من أسلوب لترسيخ تلك الوسائل. مثلاً فقد كنت منشداً من كبار منشدي الجمهوريين، ومنشدهم الأول في جامعة الخرطوم، حيث كانت تفتتح أركان الجمهوريين وتختم بإنشاد بصوتي من الشعر النبوي والعرفاني، عميق الدلالات ومبهج التنغيم والتطريب. وقد ساهمت مع إخواني المنشدين وإخواتي المنشدات في تطوير هذه الأداة الهامة من أدوات السلوك الفردي، ثم الدعوة، للفكرة الجمهورية. كما أسهمت في تطوير جلسات الجمهوريين السلوكية والفكرية داخل الجامعة وخارجها. فقد كنا نقيم جلسات يومية بعد صلاة الفجر نناقش فيها أعقد قضايانا السلوكية والفكرية، الفردية،المجتمعية، القطرية، الإقليمة، والدولية.
    وقد أهلني لهذا الدور القيادي الهام، بفضل الله ثم بفضل مثابرتي على القيام بكافة أساليب ووسائل الحركة الجمهورية، وسط الطلبة الجمهوريين، أنني التزمت الفكرة الجمهورية قبل دخولي للجامعة بثلاث سنوات. فقد إلتزمت بالفكر الجمهوري في العام 1977، في شهر رمضان المبارك. وقد تهيأت لي في صيف نفس العام حضور أول مؤتمر عام للجمهورين تيسر لي حضوره. وقد كان عنوان المؤتمر هو "مؤتمر ترسيخ المنابر الحرة." ولأن دلالات العنوان كانت عميقة في نفسي -لكوني عاشق للحرية متطلع لها في وطن ظلت الحرية فيه تشنق كل عام ألآف المرات فإن أثر المؤتمر، وتداولاته، وأثر الأستاذ محمود في تماسك الجمهوريين الفكري والعاطفي، في المستوي الفردي والجماعي- فقد ترسخت الفكرة عندي في داخلي بصورة عميقة. وظلت دلالات الحرية والترسيخ لمنابرها تشغلني طوال التزامي داخل المجتمع الجمهوري وخارجه بالفكرة الجمهورية.
    وحين شعرت بِأن الحرية قد خدشت أكبر خدش عرفه التاريخ البشري -يوم قتل أبي الحي الذي لايموت، إذ لاتموت الأفكار العظيمة، و ويوم خدشت بتكفير المهووسيين له، ثم بتكفير قيادة من قيادة الجمهوريين له انكساراً للهوس ولآلته الطاحنة- شعرت بأننا أمام تفكك محقق. ولكن لطف الله وعنايته هيأت للجمهوريين أن كان من بينهم، وفي قمتهم، أستاذنا الحبيب سعيد الطيب شايب، وهو قد كان أميز إخواننا وأخواتنا قاطبة، ولم يكن تميزه علينا جميعا محل جدل على الإطلاق.
    لم ينقسم تنظيم الجمهوريين بفضل هذا الرجل الشامخ كالطود، سعيد الطيب شايب، حتى بعد مماته الميمون. لم نتفكك اجتماعياً، مثلما تفرفنا فكرياً وسياسياً. في المستوى الاجتماعي ظل سعيد يركز على أهمية الحفاظ على المجتمع قبل كل شئ. ولذلك، فهو، على الرغم من أنه لم يكن من ضمن المنكسرين، بنفس مستوى انسكار عبد اللطيف، إلا أنه شعر بأن تنظيم ينكسر قيادي من قياديه -يجاوره في المستوى- بهذا القدر من الانكسار، لابد من أنه يحتاج لفترة تمرس وتفكر وتمحيص لمعني الحدث المشهود في 18يناير 1985.
    وقد ظل الأستاذ سعيد يرعي المجتمع الجمهوري إلى أن التحق بالرفيق الأعلى، وبرفيقه الأعلى، أبيه الأستاذ محمود في شهر فبراير من العام الماضي 2002. وتسلم دفة القيادة بعده الأستاذ جلال الدين الهادي حيث استمر في رعاية المجتمع، إلى أن إلتحق هو الآخر بالأستاذ محمود وبأخيه سعيد في شهر يونيو من نفس العام، بعد أن نوضع بصمة قوية أكد فيها على ضرورة ترسيخ أساليب الحوار الحر داخل المجتمع الجمهوري. وبانتقال الأستاذ جلال الدين الهادي إلى الرفيق الأعلى، تحولت دفة القيادة للأستاذ عبد اللطيف عمر حسب الله، الذي مازال يدير شؤون الجمهوريين الاجتماعية على نحو كريم وجيد للغاية. ولكنه يعاني من انحطاط فكري وأخلاقي وسياسي مريع بسبب موقفه المشؤوم في يومه ذاك المشؤوم حين ظهر على رؤوس الأشهاد في تلفزيون جمهورية السودان وهو يتلو تكفير المكفرين لأبيه بدل أن يصمد صمود الأخرار الذي تعهد به لأبيه. لقد خان عبد اللطيف العهد، فخانه الله فأصيح ذليلاً حقيراً حين وقف الرجال، ممن لم يتشرفوا بشرف الانتساب لفكر الأستاذ محمود، بالصمود أمام الباطل بِأكثر مما يفعل عبد اللطيف. فإن الأستاذ غازي سليمان، على تواضع قدراته الفكرية وتأهيله الفكري والأخلاقي، فقد صمد أمام الهوس والمهوسيين في سنوات حكم الهوس الديني، بأكثر مما صمد عبد اللطيف، المهان، الضعيف!
    في الفتر من اليوم المشهود إلى اليوم -أي منذ إستشهاد أبينا الهمام، إبن الشعب السوداني الهمام -الذي غنى له محمود شريف، ثم وردي "يا شعباً تسامى يا هذا الهمام،" مستلهما اللحن من وقفة الأستاذ محمود مبتسماً أمام الشناق والمشنقة والحبل ورعاع الناس من هتيفة الهوس وصانعيه- نما المجتمع الجمهوري بصورة كبيرة في الكم وفي الكيف. فقد تجلى لنا بأن مجتمعنا، على قصوره في تحقيق القمة السامقة التي سما إليها أبينا الشهيد في الصمود في وجه الباطل، إلا أنه أفضل مجتمعات الأرض قاطبة من حيث التوادد والتراحم والتواصل والبر الخلاق. ثم أنه مجتمع يضم خيرة من أنجبتهم أرض السودان ليس في العلم والخلق فحسب، ولكن في التأهيل المهني والإنساني الحضاري الراقي كذلك.
    هذا الوضع جعل المجتمع الجمهوري متميزاً على غيره من كافة المجتمعات والتنظيمات السياسية في السودان، وفي غير السودان، بل في العالم. وأقول ذلك بعد تقلب في العالم. فنحن لم نتكالب على السلطة، لا في زومان التنظيم، ولا بعد أن حللنا التنظيم في جانبه السياسي. وهنا نقطة هامة. فإن حل التنظيم كتنظيم سياسي لم يعني بأننا اعتزلنا الفكر السياسي ولا يعني، كما أشرت سابقا، بأن تنظيمنا تفكك كمجتمع. بالعكس فإن التماسك الاجتماعي ظل يطرد بصورة مشرفة للغاية بحيث نكفل بعضنا بعضاً، ومن نسطيع كفله من حولنا من غير الجمهوريين. وظلت جلسات الإنشاد العرفاني والحوار الفكري -في الجلسات الكبرى، أو الجلسات الصغيرة في المناطق المختلفة التي يعيش فيها الجمهوريون اليوم في كافة أنحاء العالم، وفي السودان- مستمرة دون التقيد باطار مرجعي نهائي، ودون التقيد بتنظيم متحجر متكلس من الناحية السياسية.
    ولذلك فقد وجد بعض الجمهوريين، وأنا منهم، بأنهم يمكنهم أن يظلوا جمهوريين حادبين على تطوير أداتهم الفكرية والسلوكية داخل مجمتعهم الحبيب، مع إمكانية المساهمة في العمل السياسي العام. ومعلوم لدي كل السودانيين الذين تابعوا نشاطنا السياسي منذ الأربعينيات بأننا ظللنا نقدم شأنين أساسيين على كل الشؤون الأخرى. هذا الشانان هما الإسلام والسودان. أما في شأن الإسلام فقد جئنا بفكر لم يسبقنا عليه سابق في تاريخ الإسلام. وأما بشأن السودان فقد بذلنا لأجله كل غالٍ وكل نفيس، بعد أن بذلنا له أنفس النفساء، الشهيد النفيس: الأستاذ محمود محمد طه.
    الأستاذ محمود محمد طه يوم قدم حياته لأجل الإسلام ولأجل السودان، أسس لذلك بأساس فكري متين، وبموقف أصلب من صلابة الحديد، وذلك ما يليق بأبي الشهيد حيث قهر كل جبار عنيد، بموقفه الطارف التليد. وقد اوضحنا ذلك في منشورنا الذي أشرت إليه بعنوان "هذا، أو الطوفان." أرجو من قرائي هنا الاطلاع عليه في موقعنا: www.alfikra.org، الذي دائما ما أحيل قرائي إليه ما وسعتني الذاكرة، وما وسعتني الطاقة للكتابة. سيجد قرائي تفصيلاً طيباً ومفيداً لمجريات المحاكمة والأحداث في تلك الفترة الهامة من تاريخنا، كما سيجدون كتب الفكرة في هذا الموقع الإسلامي-السوداني، الذي إعده أهم المواقع على الشبكة الدولية الإلكترونية قاطبة. أرجو من قرائي أن يزوروه بانتظام للاطلاع على أنقى سيرة للذات السودانية المديدة المجيدة العتيدة، من أزمان طارفة وأزمان تليدة، ممثلة في أبهى صورها في سيدي، سيد شهداء السودان: الأستاذ محمود محمد طه، وفي فكره العظيم.
    صمود الأستاذ محمود وتوحده في الصمامة لأجل الإسلام ولأجل شعب السودان لم يأتيا من فراغ.

    لقد أتيا تتويجاً لسيرة ناصعة مشعة الضياء منذ أن عرفت الساحة الفكرية والسياسية أستاذنا وأبينا الشهيد في الأربعينيات. حيث كان أول وأقوى وأصلب من قاوم الاستعمار حين كان غيره من المثقفين ورجال الدين يلعقون جزم الانجليز. وكان، بلا جدال، أول سجين سياسي في عهد الحكم الاستعماري الثنائي البريطاني-المصري للسودان. لم يتبعه إسماعيل الأزهري في دخول السجن إلا بعد عامين طويلين، ظل فيها الجمهوريون أساس القوى الجديدة التي تنادي بمقاومة الاستعمار، وبمقاومة الطائفية في آن معاً. وكان الأستاذ محمود يقول في ذلك بأننا قد نجلو الإستعمار ثم لا نجد أنفسنا أحراراً ولا مستقلين. وذلك لأن الطائفية كانت تهئ نفسها للانقضاض على الحكم بعد جلاء المستعر. فقال الأستاذ في ذلك بأننا قد نجد أنفسنا مستعمرين بعد جلاء الاستعمار بأناس يستعمروننا وهم من شاكلتنا، من بني جلدتنا. أي بأننا قد نجد أنفسنا مستعمرين-بفتح الميم- من قبل مستعمرين-بكسر الميم- في أسلاخ سودانية.
    وذلك لأن الاستعمار ثقافة إستغلال لا نجلوها فقط بإجلاء مؤسسيها، وإنما بجلاء أدواتها التي ظلت تخدمها من طائفية وطائفيين، ومن رجال دين خضعوا لسلطان المستعمر بدون أي شرط ولا قيد. فقد كان السيدان عبد الرحمن المهدي وعلى الميرغني، على نبلهما، وطائفتيهما على كبرهما، من أدوات ذلك الاستعمار البغيض. فقد أعطي الاستعمار سدنة الاستعمار من الطائفيين العطايا والأراضي والأموال من قبل الاستعمار لشراء ولائهم وسكوتهم عن مقاومة الاستعمار. فقد وقعت قيادة طائفة الانصار بذلك تحت رحمة الانجليز وعطاياهم. ووقعت قيادة طائفة الختمية تحت رحمة المصريين وعطاياهم.
    وقد انعكس ذلك على الوضع السياسي السوداني برمته بعد الاستقلال ورفع العلم. فقد نشأ الحزبان الكبيران، بتشققاتهما المختلفة فيما بعد، تحت نير الطائفية والهوس الديني، وهاتان-أي الطائفية والهوس السلفي ممثلاً في رجال الدين والقضاء الشرعي- كانتا من أهم أدوات الاستعمار في استئناس الشعب السوداني والسيطرة على مقدراته، وعلى حريات مواطنيه وحقوقهم الأساسية. فنتج عن هذا الوضع الشائه الشائن كل ما تبع ذلك من تقلبات في تناويع من الهوس مختلفة أدت لاجهاض الحكم النيابي عدة مرات، وإلى طرد نواب منتخبين من البرلمان، ومباركة الصادق المهدي، رئيس الوزراء "المنتخب!!!" لطردهم، بعد أن ساهم في التآمر عليهم قبل أن يدخل البرلمان، مع نسيبه وحسيبه الدكتور حسن الترابي، مروراً بمحكمة الردة على الاستاذ محمود، وبقوانين سبتمر، ثم بالمحاكمة المهزلة التي أدت لاستشهاده.
    ولا نشك، ولا لحظة، بأن الطائفيين من حزب الأمة، والمهوسين من حزب الجبهة الإسلامية، بمن فيهم الترابي والصادق المهدي، كانوا ضالعين في الجريمة الكبرى التي أدت لاستشهاد الأستاذ محمود، وستثبت التحقيقات ذلك حين نقدمهم للمحاكمات في عهد ثورة الحرية القادمة: الثورة الفكرية والثقافية، التي نفترعها اليوم، ونرجو من كافة قطاعات شعبنا الالتفاف حولها بغض الطرف عن أنهم يوافقوننا فكرياأم لا. فإن قضايا الحقوق الأساسية، لهي قضايا إنسانية في المقام الأول، وهي بذلك لا تعرف التمييز باللون، بالعنصر، بالدين، بالنوع، بالثقافة، أو بأي من اشكال التمييز.
    هذه دعوة للثورة. دعوة للثورة على القديم وتفكيكه. وهي دعوة للثورة على الطائفيين، وعل المهوسسين، وعلى اقتلاع الفكرة الجمهورية من بين يدي الجمهوريين الذي ارتضوا أن يكفروا أباهم بين يدي الطائفيين والمهوسين. وهي ببساطة شديدة دعوة للاستنارة والتنوير.
    هبوا يا شباب السودان، يا نساءه يارجاله، ياأطفاله،يا شيوخه، ياكهوله، لتقتلعوا فكرتكم الجمهورية، النابعة من ذاتكم السودانية السامية، التي تجلت في أعظم مشهد في اليوم المشهود بابتسامة مشرفة مشرقة تشبهكم، أمام الشناق والمشنقة والحبل، وما كان الحبل ولا الشناق ولا المشنقة في ذلك اليوم المجيد إلا أدوات للخلاق المجيد ليريكم أنكم أعظم شعب على ظهر هذه البسيطة، يقودكم أعظم رجل وطئت أقدامه السودان منذ فجر التاريخ. ذاك هو الرجل، كان هو الرجل، واليوم هو الرجل.
    هبوا فاقتلعوا فكرتم من الجمهوريين، وذلك لأن "بعض" الجمهوريين قد بدأوا يحيلون فكرتكم الجمهورية إلى أيادٍ عابثة كفرت صاحبها، سيد شهادئكم أجمعين. هبوا لتقتلعوا فكرتم من عبد اللطيف عمر حسب الله، وخالد الحاج عبد المحمود، وأشياعهم من متهوسين وطائفيين جمهوريين، وغير جمهوريين.
    وستجدوننا نقف معكم جنباً إلى جنب في محاربتهم لاقتلاغ فكرتنا الإسلامية السودانية الأصيلة منهم. وسنوافيكم بتفاصل حواراتنا الفكرية ومواقفنا منذ يناير 1985 لاقتلاع سوء تكفير الأستاذ، والخبث الذي أدى إليه داخل كياننا الصحي المعافي، في الوقت المناسب.
    ثوروا فكرياً، وثوروا ثقافيا، كما ثرتم عسكرياً وسياسياً، على كل أشكات القديم وستجدوننا نتقدمكم لافتداء الإسلام والسودان بمهجنا وأرواحنا.
    فككوا القديم، لا لتكسروه، ولكن لتعيدوا تركيب الجديد المهيب الجميل الخلاق من القديم نفسه، فإنه فعل القديم الوهاب، ولا قديم ولا جديد، وإنما هي السيرورة السرمدية لتنزيل إسم الله وصفاته وفعاله في اللحم والدم على نسق منطوق الأية الكريمة "كونوا ربانيين بما كنت تعلمون الكتاب وبما كنت تدرسون." تدارسوا كتاب الأستاذ محمود ونموذجه في اللحم والدم. تدارسوا سيرته. تدارسوه. فستجدونه منكم وفيكم يقيم. يومها ستشرق الأرض بنور ربها، وبنور ثورة السودان من أجل الإسلام ومن أجل الإنسانية!
                  

العنوان الكاتب Date
معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالزنديق emadblake11-22-03, 04:52 PM
  Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز emadblake11-22-03, 04:54 PM
    Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز emadblake11-22-03, 04:56 PM
      Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز Haydar Badawi Sadig11-22-03, 06:34 PM
  Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز Abureesh11-22-03, 04:59 PM
    Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز emadblake11-22-03, 05:06 PM
      Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز Abureesh11-22-03, 05:51 PM
  Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز Omer Abdalla11-22-03, 05:34 PM
    Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز Haydar Badawi Sadig11-23-03, 08:40 AM
      Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز emadblake11-23-03, 04:51 PM
  Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز Yasir Elsharif11-23-03, 01:51 PM
  Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز Yasir Elsharif11-24-03, 09:48 AM
    Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز عبدالله11-24-03, 11:35 AM
      Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز nadus200011-24-03, 07:36 PM
  Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز Yasir Elsharif11-25-03, 01:26 PM
    Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز degna11-25-03, 04:04 PM
      Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز emadblake11-25-03, 06:39 PM
  Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز Yasir Elsharif11-26-03, 08:37 AM
    Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز Haydar Badawi Sadig11-26-03, 11:11 AM
      Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز shiry11-26-03, 01:16 PM
        Re: معركة في صحافة قطر حول الفكر الجمهوري - سلفيون يصفون محمود محمد طه بالز Haydar Badawi Sadig11-27-03, 08:29 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de