اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 11:12 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة بدرالدين محمد الأمير بلول (بدر الدين الأمير)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-08-2008, 10:36 AM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 22959

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها (Re: بدر الدين الأمير)

    يستهل الراوى حكايته بقوله:


    عدلت من وضعى فوق جوال الذرة الذى اجلس عليه ورفعت ( السايدكاب ) فمسحت به بعض ذرات العرق التى كانت تتلكأ في السير على وجهى وتأملت الوضع مرة أخرى .

    الطائرة ضخمة من طراز ( بوينغ ) الامريكي من نوع 737 أو 747 لاادرى على وجه الدقة فتلك كانت فقط المرة الثانية التى امتطى فيها ذلك الكائن المتهور . المرة الاولى وانا طالب بالسنة الرابعة الجامعية الى ( اسطنبول ) التركية في اطار برنامج تبادل طلابي امضيت خلالها شهرا بطوله وكانت الرحلة بطائرة عملاقة ايضا لاأذكر نوعها ولكنى أذكر جيدا هيئتها ... رحبة كقاعة ... بديعة كنزل ودافئة كبيت الزوجية الحديث. تستحق عن جدارة ان تكون تجربتي الاولى في عالم الطيران وانطباعي الجيد والجدير بالبقاء الى الابد لولا اننــــى الان في هذه الطائرة المشحونة بالخطر.

    كانت المقاعد قد انتزعت وكذا السقـــف الجميل المبطن والمزين بالاضواء الخافتة وفتحات التكييف المركزى مع شاشات الترفيه والتوجيه الصغيرة التى تنبعث منه تلقائيا. الجدران ليست مبطنة كذلك بذلك النسيج المموج الذى ينغرس فيه الاصبع ولا يترك مساحة الا للنوافذ الزجاجية الصغيرة التى تفتح او تغلق حسب الطلب ودرجة الخوف . كان الجدار معدنا عاريا كمتشرد بثقوب تنفذ منها اشعة الشمس متفرقة – اذ كان الوقت نهارا – وكانت الطائرة تقبع في ورشة التصنيع متجاوزة المراحل الاولى وقد افرغت تماما من كل محتوياتها حتى انهم كادوا ينزعون كابنية القيادة . تحولت الطائرة المتهالكة الى وسيلة نقل عسكري تشبه تماما السيارات العسكرية حاملة الجنود .

    طبقا لعرف عسكرى غير قابل للجدل كان هنالك عقيد رشيق خفيف الحركة دعى اولا للصعود تبعه رائد عملاق كمصارع ثم نقيبين اثنين بديا لي غير راغبين في الذهاب ثم اربعة ملازمين بحقائبهم كتلاميذ مدرسة داخلية . واذ لم يتبق سواى فقد انحشرت في وسطهم بثقة جنرال متقاعد. أرتدى زيا عسكريا بلا رتب ولاشارات فقد كنت مجندا في الخدمة الوطنية العسكرية الالزامية وقد تعرفت الى احد هؤلاء الملازمين اثناء جلوسنا في مكتب الترحيل بالمطار المخصص للطائرات الذاهبة للجنوب فجعل ينــاديـنـى : يا دكتور .. وكان ذلك كافيا للفت نظر الاخرين وتنبيههم الى قيمتى التى لاتعود الى درجاتي العلمية أو الى شهاداتي الرفيعة – اذ كنت خارجا للتو من بيضة الطب – ولكن الاهمية تأتي من مهنتي التى يظنها انسان عالمنا المقيد بالخوف كالبعير أحد ملاذاته الامنة ضد الزمن والفناء ولا يدرك أن الحوجة في الطريق الى مناطق العمليات العسكرية حيث اكتسب هنالك اهمية معتبرة حتى بالنسبة للقائد العسكرى نفسه .

    منذ مايقارب العامين تخرجت من كلية الطب بجامعة الخرطوم ومدفوعا بطاقة الشباب الجبارة كان على ان ادرك المجد حثيثا فهاهو ذا اراه رأى العين حتى اني اكاد ألمسه وهو عداد المستحيل .الرؤيـا التى تقـل عن الاثنتين ثم عام ( الشدة ) فالخدمة الالزامية وبعدها – أولـــم لا – قبلها سأنخـــرط في درب التخصص المهنى لاحقق ذاتي التى أحلم بها سنين عددا.

    كان برنامج الامتياز يتضمن الانخراط لمدة اربعة أشهر في كل من التخصصات الطبية الاساسية وهي الباطنة والجراحة وطب الاطفال وأمراض النساء ثم ان تختار اثنين من التخصصات الصغرى بمعــدل شهرين لكل .يمكن ان تنجز كل ذلك في مستشفى واحد أو أكثر .كل شئ يسير كما هو مرسوم له وكأني أمضى الى فخ محكم . أمضيــت سنتى الامتياز كما ينبغى لطموح لايشق له غبار وتبقت لى الالزامية وبعدها – أولــم لا – قبلها سأنخرط في درب التخصص المهنى لاحقق ذاتـى التى احلم بها سنين عددا .

    كان برنامج الامتياز يتضمن الانخراط لمدة اربعة أشهر في كل من التخصصات الاساسية وهى الباطنة والجراحة وطب الاطفال وأمراض النساء ثم ان تختار اثنتين من التخصصات الصغرى بمعدل شهرين لكل .يمكن ان تنجز كل ذلك في مستشفى واحد أو أكثر .كل شي يسير كما هو مرسوم له وكأني أمضى الى فخ محكم . أمضيت سنتــي الامتيــاز كما ينبغى لطموح لا يشق لـه غبار وتبقت لى الالـزامية وعــام ( الشدة ) ... الاولــى امضيت منها شهرين في التدريب بمعسكر ( الــــسليت ) حال تخرجى من الجامعة كجائزة فورية لتفوقــى وكمدخــل حيــاتى لانصيـــاعى التام لانظمـــة عسكرية فظة وقابضة .

    ماكنت لاختار الذهاب الى الجنوب بارادتى فقـد كان الجنوب محرقة في تلك الايام يتقاتل فيه الطرفان المتصارعان ( الحكومة ومن يناؤئهــا وهو الجيش الشعبي لتحرير السودان ) قتالا مرا منهكا وكــأن بينهما ثأرا ويطحنان الناس بين رحاهــم مخلفين الهجرة وشظف العيش وبطالة الشباب وتفشى الامراض وتدهور الحياة الاجتماعية والاقتصادية – وطن عليل يكابد وجعا مزمنا ويصارع عالما قويا في حـياة فتـية .

    داخل الطائرة كان ضيقا ومحشورا كغواصة .اكثر من مائة وخمسون جنديا متقرفصين على ارجلهم وهم بكامل عتادهم الحربــي . بعضهــم يصطحب معه أسرته المكونة من امرأه جافـة وأطفــال بؤســاء . أخــافني قليلا منظر البنادق المصوبة تلقائيا نحو سقف الطائرة لكنى تبسمت سخرية من نفسى مدركا حينها ان الامن نعمة الامنين. كانت جوالات الذرة موضوعة بعناية بطول الطائرة وعلى ارتفاع متر ونصف المتر محتلة الجانب الايمن منها ثم وبعد ممر بطول نصف المتر جلس العساكر ارضا بخنوع اسرى تاركين الجزء الامامي الذى يلي كابيــنة القيادة مباشرة للضباط الذين اخترت ان اكون بينهم جـالسـا فوق احد الجوالات واضعا قدم على اخر ... تولد لدى الاحساس اللامجدى الذى تجلبه الاماكن الغريبة والاوضاع المنهكة ... متكئـا على مرفقى جاعلا ذقنى بين كفى راودتني أفكــار طلابية صغيرة بدت لي الطائرة كتابوت ضخم وان بداخلها موتى يمضون الى آخرتهم ثم لماذا هذه الطائرة الشريرة لاتخضع لقوانين الفيزياء الطبيعية ؟ لماذا هي ككــل شي في وطنى العزيز وفي قارتي الافريقية الطيبة تسير على بركة الله ؟ كان أكثر ما أخــافني هو رؤية الشمس تتسلل من خلال ثقوب جدران بدت كثوب مهترئ .لمــاذا لايتسلل الهواء عبر هذه الثقوب ليغير طبيعة الضغط الجوى بالداخل أثناء التحليق ؟أحــاول ان استعيــد بعض المعلومات الفيزيائية من المرحلة الثانوية علها تعينني على فهم هذا الوضع المتليس – الم أقل ان افكارا طلابية تراودني ؟ - ثم خطر ببــالى الطيــاران هل يدركان مـاأفكـــر به ؟ هل جـالا في هـذه الطائرة فشاهدا مااشاهـده؟ لن يخونني ذكــائي بالطبع فما أنــا الا وجل من أمــر يسير يحدث تلقائيا في كل يوم جديد . وكــأني استدعيت بخيالي الطيارين اذ رأيتهما يصعدان على عجل مهتاجين كثورين يرتديان ملابس عادية – بنــاطلين زرقاء وقمصــان بيضاء ناصعة ليست كيومى بشارات قباطنة الطيران على كتفيهما – أنزلا جميع العساكر ارضا وهما يستشيطــان غضبا وجنونا لايتسقان ومظهرهما .كانا كتوأم كلاهما طويل القامة داكن البشرة وبنظارات طبية بيضاء. يستخدمان نفس اشارات اليدين . أنــزلا الجنود الى الارض فتم عدهم مرة أخرى ثم صفــوا طــابورا وادخلــوا الطائرة من جديد متخذين ذات الوضع القـديم . أيقنت على الفور انهمـــا غير واثقين من حمولة الطـائرة – سهم جديد من الخـوف ينغرس – همست بذلك الى المــلازم أول خــالد الذى كان بجوارى مباشرة فـــرد بهــدوء وعينـــاه ساهمتــان كمفجــوع :
    - نعـــــم
    ثم أضـــاف بلهجــة حانيـــة وابتســامة من طــرف فمـــه :
    - يا دكتــور لا أحـد يثق بشي في الجيش
    بـدا لي كلامـه مبهمــا ولايفـسر شيـئا فتســألت :
    - ولا حتى أجهــزة الطــائرة ؟
    رد بخبث وكــأنه يعنينـــــى :
    - ان كنت لا تثق بصديقك فكيف تثق بالجهــاز ؟

    كدت أقول له أن الجهاز ليس صديقك حتى يصدقك أو يكذبك لكنـــــى أحسست بأن ذلك غير مجدى .ثــم فاجـــأني قائـــلا:
    - اذا جاء صديقك ليلا فيجب أن يعطى سـر الليل ؟
    - هل هـذه قـــاعدة انقـــلابية ؟
    ســألته بسذاجـــة ...
    - هذا تـــأمين ...
    رد بدهــاء قـائد .
    - ولكن ماعلاقة الطيارين بالجيش ؟
    سألته باهتمام تلميذ صغير .ألتفت الى بكل وجهه لاول مرة وأجــابني بحنكة جنرال :
    - انهما ضابطان اعلى رتبة مـن كـل المـوجودين .

    بدا لي هذا التفسير منطقيا لتصرفهما دون ان يضعا اعتبارا للاخرين.
    مضيت متســـــائلا :

    - لكن الطائرة تتبع شركة مدنية ؟

    لم يجد الملازم أول خالد اي وسيلة أخرى لافهامــى سـوى اهـانتي مبـاشرة فسأل بشبه ابتسامة ساخرة :
    - يــــادكتور انت عسكرى ؟
    - لا
    - ولكنك الان تتبع الجيش

    كانت المزحة ثقيلة كحذاءه ولكنى ابتسمت حتى استطيع ابتلاعها قائلا :
    - لست وحدى .البلد كلها. وابتلعت غصه سدت حلقى .

    طمــأنني خالد بأن قال ان هذا الوضع يحدث يوميا وانه شخصيــا قد اعتــاد كنت قد تعرفت عليه في صالة الانتظار ملازم اول طويل القامة في غير أفــراط بملامح هادئة ووجه لم يرى متاعب بما يكفى وكان في نفس سنى تقريبا . قال انه يعمل بسلاح النقل والتموين وانه كان في مأمورية صغيرة بالخرطوم .سألته ان كـــان يبعــد عن المستشفى العسكري الذى انا ذاهب اليه فأجــاب مبتسمـــا :

    - بحوالي مائتي متر لا اكثر .ثم اضاف بأن القيادة العسكرية الاستوائية في جوبا تضم جميع الوحدات في مكان واحد تقريبا ماعدا سلاح المدرعات وبعض الوحدات الصغيرة الاخرى .

    لا سفر يخلو من رفيق تسقط عليه ترهاتك و يبتليك بهمومه . ولم يكن الملازم خالد في البدء الا رفيقا تنازل بطيب خاطر عن الحديث مع رفقائه واصدقائه ليبدد وحشة بدت جلية في وجهي ... انا الآدمى الوحيد الذى بلا رفيق هنا كنا نجلس بحذاء بعضنا البعض لا أحد يتحدث مع الاخر الا همسا ،ليس الا صهيل محركات الطائرة المتواصل كفـرس غير مروض وضجة عمال الشحن في الاسفل . كنا قـد صمتنا قليلا عندما تململ خالد والتفت الى متسائلا بفضول ربة بيت :

    - من الرجل الذى كان معك ؟؟
    - انه ابــــي ...
    - لايبدو متقدما في السن ...
    - نعم فأنــا ابنه البكــر ..
    - كيف سمح لك بالذهاب الى الجنوب ؟؟
    - هذا خياري .
    - وأمــك ؟؟

    - هذه كانت المعضلة ظللت اقنعها شهرا كاملا. قلت لها انها ستة أشهر فقط اختصر بها مشوار عامان . فقد كنت مؤمنا بدافع من الغفــلة بأنـــه اغراء اكبر من ان يقاوم .

    - سألتـــه دون أن التفـــت اليــه

    - هل تعرف الملازم أسعد عبدالحميد ؟؟

    كأني وخزته بآلـــة حــادة ....
    - دفعتي وصديقي جدا ......

    تحشرج صوته تأثرا وسهت عيناه في افق ملتوى لطائرة نصف مجنونة ... فغرست مديتى بعيدا في حزنه متسائلا :

    - هل مــــات ؟
    - في الغالب اسير .أما انهم قتلوه بعد الاسر او لافذلك مالا اجزم به .
    - من اين تعرفه ؟ ســأل باهتمام وقلق ...

    قلت له انه ابن حينا فبيتهم لا يبعد عن بيتنا سوى القليل ودرسنــا الابتدائية والمتوسطة في نفس المدرسة غير انه كان ورائي بعام دراسي وحين تخرج من الكلية الحربية فرحت أمه بذلك كثيرا فقد كان ابنها الاصغر الاثير . بعد ذلك بعامين ذهب الى الجنوب وظل طوال عام كامل على اتصال بأهــله ثم فجـــأه ذات مساء أرعن هبط عليهم ثلاث ضباط كالريح المظلمة قائلين ان ابنهم مفقود .

    منذ قدومهم ارتابت الام بغريزة تعرفها النساء منذ الازل فتسمعت اليهم اولا ثم مالبث ان اقتحمت عليهم الغرفة وهم جلوس مع زوجها وابنيها يشرحون قدرا لايخفى والاخرون يصغون باسى يتطاول حتى السماء وفي محاولة غير مجدية لتطمينها قالوا لها انه مأسور لدى الخــوارج ولكن بالنسبة لهم فقو مفقود وانهم لايستطيعون الجزم بحياته او مماته .
    وعندما رأى الاب الملتحى بصبر الايام وانتكاسات السنين العجاف دموع الام المكلومة اعترض قائلا :

    - ( يا أولادي انا راجل مؤمن بالله أكان مات خلوني أفرش عليه ؟ ) لكن الام التى تجاوزت الستين من عمرها المرواغ صرخت فيه بـــأعلى صوتها متجاوزة كل العرف الاجتماعــي .
    - ( قــــالوا ليــك مفقود ماميـــت ) ...............................

    طلبوا منهم الا يستعجلوا الامر ففي الاحوال المشابهة يبلغون ذوى المفقود الذين عليهم الانتظار لمدة ستة أشهر فان لم تـــأت اي تأكيــــــدات بشى حينها يعلنون موته . ثم أضـــافوا وهم يضغطون بأنـــامل طبيب ماهر في موضع الوجع المقيم :

    - سيكــــون مرتبـــه ومخصصــاته كمــا هــى في هذه الفتـــرة .

    هبت المــرأة التى كانت تعانى أســى يخالط أحشــاءها واقفة وتقيـــأت كــل ذلك بصــوت خنقه البكـــاء:

    - ( المرتـــب أســـــود ) .

    ظلت المرأة المسكينة منذ ذلك اليوم تهيم على ووجها تساءل عنه كل من يقابلها سواء كان يعرفه ام لا .لم تفقد عقلها بالكامل ولم تحتفظ به بالكامل .كان يكفى ان يوصف لها أحد القادمين من الجنوب سيان عندها ان كان قد اتى من الاستوائية او اعالى النيل أو مــن بحر الغزال حتى تذهب اليه ليرمى بثقلها الذى لاتلبث ان تحمله من جديد وتمضى به . وعندما علمت اني في الطريق الى الاستوائية صرت شغلها الشاغل وواجبها المقدس . تأتي كل يوم في الصباح الباكر لتذكرني بالسوال عنه واصفة أصدقاءه المقربين ورؤساءه المعروفين حتى يمكنني التدقيق .

    لن أقول أن الصدفة هي التى عرفتني الى الدكتور يحيى مختار فهو (طبيب أطفال) معروف في المستشفى العسكري بأمدرمان وتصادف أن كانت مجموعتنا في الفصل تذهب الى هنالك لاخذ بعض الدروس العملية في الصفوف النهائية للدراسة واذ ذاك التقيته فهو المحاضر العملى للمجموعة .

    عقيد في اواسط الاربعين من العمر قصير وممتلئ كرشه بارزة وعيناه مستديرتان كبيرتان لاتناسبان راسه الصغير خفيف الشعر يسوى شاربه بعناية مدرس في مدرسة وسطى للبنات ولايدع نظارته الطبية . وجهه منبسط وروحه مرحة وضحكته مجلجلة تستجيب لابسط قفشة ولكنــي كنت ألمح بأحساس مخبر وميض بعيد من الخبث في عينيه . لم اكن آبه بذكائي ودقة ملاحظاتي ... وأكثر من ذلك وسامتي التى لا تخطئها العين .. انا القادر على لي عنق اي فتاه في محيطي مهما يكن جمالها او مكانتها ولكن ذلك ماكان قط اولوية في حياتي انا المسكون حد الجنون بأداء واجباتي الاكاديمية والنظر دائما الى ابعد مما انا فيه . اذا سأل دكتور يحيى سؤالا وأجبته ونحن وقوفا حول مريض ما أو جلوسا في غرفة نقاش يبتسم بعينيه الواسعتين ويقول ضاحكا :

    - يا ولد انت امكانياتك هائلة لكنك تدفنها في الكتب ...

    ويغمز لمن حوله من الفتيات فيتضاحكن – ربما يرى في شيئا لايملكه – كان أكثر مايحببه ألينا انه يضفى جوا مرحا ولعوبا على الدروس في الوقت الذى كانت دراسة الطب في السودان تتميــز بمنهجيتهــا الملتزمة .. الصارمة وأساتذتها ذوى المظهر الحكومى بنظاراتهم الطبية السميكة وبنطلوناتهم المشدودة الى بطونهم ونظرتهم الاحادية للحيــاة .
    يستمدون كل ذلك التنعت من ارث بالى وانطباع موغل في القدم يعود الى عشرينيات القرن الماضى حينما أنشــأ (الانجليــز) مدرسة ( كتشنر) الطبية معلقين عليها ثقلا من اللوائح والاطر والالتزامات الانجليزية المعروفة .

    تهادت الطائرة وهى تسير ببطء فوق مدرجات المطار واهتز كل من بداخلها ولاذ الجميع بصمت الخوف . بدت اللحظة مهيبة جدا وقبل أن تتخذ وضع الاقلاع توقفت عن الحركة تماما فأدركت انها على وشك الطيران . وقف صبي صغير فزجره أبيه وأجلسه بكفه التى لاتحمل البندقية . دوت المحركات بضجيج منفر وهدير هائل وتحرك العملاق الضخم بخفة عصفور حاملا في جوفه وقودا جيدا لحرب عبثية لاتتوقف منذ عقود وعقود . على غير ماتوقعت تماما كان الاقلاع رائعا والطائرة ثابتة لا تهتز فيهتز معها القلب وبدا الطيار ماهرا وخبيرا ، هدأت نفسي أخيرا رغم أذناي المغلقتان وحلقى المصمت . تذكرت تجربة سابقة فبلعت على الفور ريقى ... انفتحت اذنتاى قليلا ونفذ أبي الى مخيلتي . كانت آخر مرة وقعت عيناي عليه وهو واقف ينظر الى الطائرة وقد وضع كلتا يديه خلف ظهره متأمــلا . اعترض كثيرا على ذهابي الى الجنوب فالامر بالنسبة اليه مخاطرة غير مضمونة العواقب كما انه يحمل قناعة عن الحرب لا تتغير منذ سنين . يرى أن السياسيون – شماليون وجنوبيون – يديرون الحرب كما يدير التجار صفقاتهم في السوق وانها ستتوقف آليــا حالما يصير ذلك مريحا بالنسبة إليهم . تجادلنا كثيرا في الامر كعادتنا .

    قلت له : ان لي مكسبا في الذهاب فلم لا أمد يدى لآخذ نصيبـــي ممـــا يأكلــون .

    قال : ان طعامهم مسموم وان يدى ستحترق قبل أن تصل اليه . ظللت عند رأيى بعناد شاب في منتصف العشرين وظل عند رأيه بحكمة كهل بلغ الخمسين . الى ان حسم الجدال يومــا قائلا :

    - أذهــب ... هذا خيــارك ......

    وددت حينها لو لم يقلها فقد كنت لاازال مترددا جدا في الامر لــولا ان الدكتور يحيى مختار لم يكن ينفك يلح على في الامر ويغرينى :

    ... ستذهب وتعود معي بعد ستة أشهر وتحسب لك خدمة ألزاميـــة وعام (شدة) في آن واحد وتختصر بستة اشهر عامان كاملان . ثم يضيف ممعنــا في الاغراء:

    .... انا الذى سأستخرج لك الاوراق مع شهادات الخبرة في مناطق العمليات والشكر لادائك الممتاز هناك ويضيف :

    .... انت بحاجة للوقت لتتخصص ام انـــك تريد ان تظل طبيبا عاما ؟ ..... نعم أجـــاد العزف على الوتر المشدود .
    كنت في العمر الذى تود فيه ان تقفز على الحواجز قفــزا وتختصر المسافات اختصارا ويخيل الى احيانا ان بامكاني ان اصبح ( بروفسيرا ) في بضعة أشهر لا أكثر .... شاب بطموح قاطرة .... كان التخصص امنيتي التى لن يقف حاجز في طريقي اليها . لقد أكملت عاما الامتياز ولك يتبق لي غير عام الخدمة الالزامية مصطلح متعارف عليه في الكثير من بلدان العالم .. مقنن ومبرمج ومدروس بحيث لايعترض مسيرك ولايكبل خطوك ... يستسمح عجزك ويراعى ظرفك ... أمــا عندنا فكلمة حق لباطل .. مشروع هلامى لامتصاص زبدتك ولعق شبابك والزج بك في مجاهل لاتعلم اولها من اخرها ... وتقنينـــا لـوجودك في حرب لا ناقة لك فيها ولا جمل وشارة لتجييش المجتمع بكل اطيافه ورمزا لسيطرة العسكر المطلقة في دول لايحق ان يحكمها غير الجيش باسم الله .

    وأما ( الشدة ) فهو عام يقضيه الطبيب في مناطق ريفية مهشمة أو متخلفة وكأنه المسؤول عن ترديها ؟؟ .....

    اخترقت الطائرة أجواء تغطيها السحب في علو لم يبلغ منتهاه بعد واهتزت اهتزازات متواصلة كمريض الحمى وبدت الرحلة وكأنها على ظهر حمار أعرج .. لاماء ولاطعام مع أجواء ليست رطبة ولاحميمة ولاحسناوات سامقات باسمات يكرسن كرم الضيافة بوجوههن وخدماتهن . رحلة خالية من الترفية والمتعة الا مشهد مكرر من عرض رتيب نشاهده كل يوم – البؤس والحرمان – نساء حزينـــات بائســات يحتضـــن اطفالا ذوى خرق بالية غير مسموح لهم باللعب كاطفال الدنيا جميعا ورجال بوجوه كالحة وبنادق مصوبة الى السماء ونجوم تصنع الحدث ثم تقف بلا حراك حياله واخيرا مشاهد مثلى يعتريه العجز والتوهان . لااحد يحادث احد ..... ليس الا الصمت وتنهدات متقطعة وأحاديث ثنائية هـنا وهـناك . لا مناص ... هدفــى مرسوم ... ووجهتــى محددة .. وطريقي لارجعة فيــه ... ومصيرى لايعلمـه الا الله .

    قلب الملازم أول خالد محمود الصادق البوم عائلته وعائلتي تحدثنا في شؤوننا العامة ولامسنا خصوصياتنا لمسـا خفيفا . فتحنا نوافذنا باتجاه بعضنا البعض ..... شابان نضران بأرواح متوثبة وقلوب متطلعة ونظرات حائرة باتت لاتثق في غدها يميضان الى المجهول الارعــــن ..... الى الحرب ......... هو قذيفة في فم المدفع وانا قذيفة بجوفه .

    تحدث بأسهاب عن عائلته .. ابيه واخوته الاربعة المغتربــون وامــه المتوفاة منذ عشرة اعوام واخته الوحيدة التى هى امه اكثر منها اخته وخطيبته التى قرر الايتزوج بها الا بعد اكمال سنوات عمله في مناطق العمليات وذلك بعد عام ونيف وهو على كل كثير الذهاب الى الشمال – اى الخرطوم – كما تقتضى طبيعة عمله بسلاح النقل والتموين .

    كان كــأى عسكري بسيطا وتلقائيا وكنت كــأى اكاديمي متحفظا ومتعاليا ولايسير لى غور . أنا في الاصل لااميل الى الحديث عن الذات فتلك (نرجسية ) أراها غير مجدية لاتصلح لزماننا أو لظرفنا .. كنت عمليا وواقعيا اخذ الامور باتجاهاتها المرسومة واحتمالاتها الممكنة ولاابالغ في التوقع غرس ابـي في داخلي الواقعية وأورثنى الصبر.. يقول لي يجب ان تعمل ولاتنتظر المفاجأة السعيدة فهى لن تهبط عليك من السماء .. أراه يبالغ احيانا في اعتقــاده بان الحظ السعيد طائر يحلق في السماء لايهبط الا بمعجزة اما الحظ العاثر فقطار نقف في محطاته فهو لا محالة سيمر بك .

    حدثت خالد عن ابي ..... كيف انى احبه والتصق به لانه لم يكن يرى في استثمـــار للمستقبل كبعض الآباء منذ صغرى اسمعه يقول لى ( انـــا وهبتك الحياة ومهمتى ان اساعدك على المضى قدما فيها ولكن الطريق طريقك وانت من يحدد خياراته ) مالم اقله له ان ابي صقلته الحياة جيدا ياخذ الامور كما هى بتقائية وبلا ادنى تعقيدات ويجرد الاحداث حـــال وقوعها محتفظا بلبها متجاهلا غثائها .. مبتسما لامر تراه عظيما ... ومكفهرا لشئ تراه لا يستحق .

    العام فاجانى جدا قبل شهرين من الان يوم ان احيل ( على الصالح العام ) ... حسنا لنقل (الى الصالح) .... لايهم ... المهم ان تدرك جيدا أبعاد هذه الكلمات الثلاث فوقعها جد خطير وتأثيرها يظل أمــدا بعيدا وظلها ينسدل فيغطي مساحات شاسعة . خنجر مسموم ينغرس في كبد الاسرة فيملأها دما وقيحا ودمامل ويجعل ربها لايبارح مكانه مترنحا كسكير آخر الليل . ربما كانت الكلمة موجودة في ازمنة سابقة مارس فيها المتنفذون العبث بأقدار الناس كما يعبثون بسراويلهم لكن هذا المصطلح طفح الى سطح الحياة الاجتماعية في السودان كبقعة الزيت في المحيط تبيد الحياة تحتها ويندثر رونق المياه فوقها مطلع تسعينات القرن الماضى لضرورات اقصائية سياسية وتراكم أحقـــاد النخب الحاكمة التى تنفث سمومها في البسطاء ومتوسطى الحال .

    أبي خريج الاقتصاد بجامعة الخرطوم اواخر الستينات والحاصل على شهادات عليا في ادارة الاعمال والمحاسبة . بعضها من داخل السودان وبعضها من خارجه . الخبير جدا في عمله والمميز في سلوكه والتزامه بشهادة كل زملائه واصدقائه . كان قد تسلم للتو منصبه الجديد كنائب للمدير العام لاحد أعرق واشهر البنوك التجارية المملوكة للدولة في السودان وحينما ارتأت ادارة البنك باجماعها ان تكافئه على خدماته الممتدة لاكثر من ثمانية عشر عاما وقلدوه منصبه الجديد جاء قرار الاحالة للصالح العام ؟؟؟ ..... صبوا الماء على الحليب المغلى ... يومها دعانا على العشاء خارج البيت وبدى هادئــا وهو يفاجئنـــا بالخبر غير السعيد .

    أعرف ويعرف جميع افراد العائلة مايعنيه هذا الامر وبخاصة أنا وامي لاننا كنا نعرف مدى ارتباطه بعمله وحبه له . غير ان اخوتي ايضا يكونوا صغارا (مهند) كان يصغرني بثلاث اعوام وهو على وكش التخرج من كلية الهندسة في قسم الكهرباء . (بركات) كان على وشك الجلوس لامتحان الدخول الى الجامعة . (سهيلة) كانت في أول عام بالثانوية .. ناضجة واعية وتعتمد عليها امي كثيرا . أما (الآء) فلا تزال تطبخ وجبة نيئة اسمها ( مرحلة الاساس ) .

    وجمنا جميعا وكأنه قد صب على رؤوسنا ماء . كانت المفاجأة أكبر من أفكارنا المثالية المحدودة أو عاطفة أمي الانوثية النائمة . كنا نعتقد أن الرجل يجلس ويترقى في وظيفة مدى الحياة ولم ندرك حينها إن الحياة تمتد مدى الوظيفة في بلدننا التى خلقت فيها الوظيفة لتكون قيدا غير ذهبي في أرجل الموظفين . فهي ليست الا ماعونــا لإنــزال ادران الرؤساء على المرؤوسين واسقاط اخطائهم وترهاتهم عليهم . انفكت البشرية من قيد العبودية وتخلصت من اذلال الانسان للانسان فأبتدع المرضى النفسانيون والعصابيون الجدد هذا الداء العضال . ماانفك الخيرون ... التواقون الى الحرية وسعة الافق من المقاومة ... نعم كافحوا ليلا ونهارا لإيجاد بدائل اكثر مرونة للالتفاف حول الداء فقننــــوا له التشريعات وصاغوا له القوانين ثم انشئوا له التنظيمات واداروا النقابات والمجموعات حماية للمستخدمين البؤساء وحفظنا لحقوقهم وكبحا لغرائز الرؤساء والملاك الجانحة الجائرة .. حتى صار الموظف آمنـــا في سرية ... حرا في حله وترحاله .. يعلم أوان توظيفه ويوم تقاعده .. يقنع بالعقوبة ان أخطــــأ . ويهنأ بالمكافأة إن أحسن وأجاد .. تمخر به سفينة العمر عباب بحر الحياة حتى توصله بر النسيان .. يعيش يومه ويقيم أود عائلته .. يرعى أولاده ويتخير لهم اللقمة الحلال والعمل الطيب .. فانهالت على رأســه جائحة جديدة بفعل عمالقة جدد يصارعون زخم السياسة بأفكار ديناصورية بالية .. يتقاسمون كعكة السلطة السامة ويتخذون البسطاء وقودا لحربهم حتى يخرجونهم دخانا من مؤخراتهم ....

    قال ابي انه كان يتوقع هذا الامر منذ سنوات لان القوائم ماتنفك تتوالى لتقود الضحايا لمقصلة التهميش والبطالة ولم يكن من أحد ... خــلاف الصفـــوة ..... بمنــــأى عن ذلك .

    تأتي القائمة وأمام كل اسم يأتي سبب الاحالة ... كثرة (الارانيك) الطيبة .... عدم الالتزام بمواعيد العمل ... عدم المقدرة على التطوير ..... قلة المؤهلات العلمية .... التقدم في السن ( مع الاعتبار ان هناك سنا قانونية للتقاعد) ...... يقول :

    الادارة هي المسؤولة عرفيا وقانونيا عن الموظفين . وكــل رئيس قسم يتولى موظفيه . يقيم أدائهم ويوقع (ارانيكـــهم) الطبية ويعرف دخولهم وخروجهم . ولكن كان هناك على الدوام عيونا أوسع من عيوننا وآذانا اكبر .. تنصت باهتمام وتـدون بحرص .... دبابيس مغروسة بعناية نحس بها ولانراها .... ثم أضاف :

    ... رغم نجاحاتي في السنوات الماضية واجماع مجلس الادارة على اختياري نائبا للمدير. كنت أحس خطوات ما تتعقبني وعيونا نارية تترصدني . وحينما صرت على قناعة تامة بأن اسمى سيـــأتي على قائمة ما من القوائم التى كانت تتوالى كالأسهم المسمومة .. وددت حينها فقط ان اعرف ماسيكون سبب احالتي .. فانا لا أستأذن الا نادرا جدا ولا أخذ (الارانيك) المرضية . مؤهلاتي مرضية وادائي
    محل إشادة الجميع وكل شيء على مايرام. الى أن جاءت قائمة اليوم فكان اسمي عليها أخيرا .......

    ...... صلاح الدين بركات العاقب – أسباب خاصة.
                  

العنوان الكاتب Date
اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 10:17 AM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بهاء بكري06-08-08, 10:26 AM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 10:32 AM
    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 10:36 AM
      Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 11:12 AM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها Omar Bob06-08-08, 11:45 AM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها ايوب عبدالرحيم06-08-08, 12:05 PM
    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 01:08 PM
      Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 02:42 PM
        Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 05:34 PM
          Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 07:53 PM
            Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها محمد عبدالرحمن06-08-08, 07:57 PM
              Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 09:47 PM
                Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 10:13 PM
                  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها عبدالكريم الامين احمد06-08-08, 10:18 PM
                    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 10:38 PM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها haroon diyab06-08-08, 10:24 PM
    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-08-08, 10:58 PM
      Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-09-08, 07:58 AM
        Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-09-08, 11:26 AM
          Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها إدريس البدري06-09-08, 01:53 PM
            Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-09-08, 02:11 PM
              Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-09-08, 02:18 PM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها عماد الشبلي06-09-08, 02:28 PM
    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-09-08, 06:07 PM
      Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها عماد الشبلي06-09-08, 06:38 PM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها Masoud06-09-08, 07:38 PM
    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها عماد الشبلي06-09-08, 07:56 PM
      Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-10-08, 09:39 AM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها Yasir Elsharif06-10-08, 10:27 AM
    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-10-08, 03:56 PM
      Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها Yasir Elsharif06-10-08, 05:56 PM
        Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-10-08, 06:01 PM
          Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-10-08, 09:10 PM
            Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها Emad Abdulla06-10-08, 09:25 PM
              Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-11-08, 08:24 AM
                Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-11-08, 10:24 PM
                  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-12-08, 08:47 PM
                    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها khatab06-13-08, 01:16 AM
                      Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-13-08, 06:32 AM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها تاج السر جعفر الخليفة06-13-08, 07:45 AM
    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-13-08, 12:59 PM
      Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-13-08, 08:04 PM
        Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-15-08, 11:09 AM
          Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها محمد عبدالرحمن06-16-08, 09:11 PM
            Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-17-08, 09:55 AM
              Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-18-08, 11:10 AM
  Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها تاج السر جعفر الخليفة06-18-08, 02:50 PM
    Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها محمد فضل الله المكى06-21-08, 02:39 PM
      Re: اعاصير إستوائية (رواية) مستلهمة من حرب الجنوب من خلال تجربة طبيب شمالي جديرة بالاحتفاء بها بدر الدين الأمير06-21-08, 06:44 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de