|
6: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية (Re: Sidgi Kaballo)
|
(6) نحو صياغة متكاملة لنظرية الديمقراطية لعل اكثر صياغة متكاملة لنظرية الديمقراطية عند الشيوعيين السودانيين قد تم التعبير عنها من خلال مقابلة مجلة النهج مع الاستاذ محمد ابراهيم نقد السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني والتي اعيد نشرها في كتاب الاستاذ نقد ُقضايا الديمقراطية في السودان المتغيرات والتحديات’ ونحن اذ نقدم تلخيصا له لاغراض هذا البحث فذلك لايغني القارئ المهتم بالاطلاع على راي الاستاذ نقد كاملا من الرجوع للكتاب. لعل اهم نقطة في ذلك الحديث هو الموقف النظري من الديمقراطية الليبرالية، اذ اوضح نقد "ان الهجوم على الديمقراطية السياسية والدستور والتعددية الى اخر ما افرزته الثورات الجوازية، هذا الهجوم لم يكن دقيقا" (ص 13) فرغم المحدودية التاريخية للديمقراطية الليبرالية فان "اي تغيير اجتماعي نقدمه يجب اولا ان يحافظ ويدعم ويحمي ما اكتسبته الجماهير من حريات وحقوق اساسية وان يستكمل ذلك بالتغييرات الاجتماعية، الديمقراطية الاقتصادية، الديمقراطية الاجتماعية" (ص 14) وفرق نقد بوضوح بين انتقاد الماركسية من موقع الطبقة العاملة للمحدودية التاريخية للديمقراطية الليبرالية باعتبار عدم قدرتها عل حل القضية الاجتماعية ومنطلق لبرجوازية الصغيرة التي "تنتقص من الديمقراطية الليبرالية وتتحدث عن التغيير الاجتماعي، لكن في اطار مصادرة اساس الديمقراطية الذي انتزعته الجماهير بنضال مرير جدا، وبدلا من استكماله، تسعى لفرض دكتاتورية شريحة من البرجوازية الصغيرة تحت شعار انها تحقق العدالة الاجتماعية في مواجهة اليبرالية التي "عجزت" عن تحقيق العدالة الاجتماعية"(ص 14). ان هذا الموقف النظري الواضح يطور موقف ُالماركسية وقضايا الثورة السودانية’ المشار اليه في مكان اخر من هذه الورقة ويحل التناقض في ذلك الموقف بشكل ايجابي هو تطوير الديمقراطية الليبرالية واستكمالها بالثورة الاجتماعية.وقد اعتمد ذلك الموقف النظري الواضح على تجربة الشعب السوداني منذ الاستقلال ونضاله من اجل الديمقراطية والحقوق الاساسية واعلن بوضوح "اننا نقبل التحدي بالحفاظ على الديمقراطية الليبرالية والدفاع عنها. فقد ناضل شعبنا 16 عاما لاستعادة هذه الحريات، واي حديث عرضي عن ان هذه الحريات وهذه الديمقراطية لاتعني شيئا ولابد من المضي قدما لديمقراطية اخرى، فيه كثير من التقدير الخاطئ لتطور الثورة، وفيه استخفاف بما انجزه الشعب السوداني وضحى من اجله، وفيه نزعة لدكتاتورية شريحة اخرى من البرجوازية الصغيرة تسرق رصيد الانتفاضة وتسرق رصيد الجماهير من اجل التغيير وتفرض قيام انقلاب.."(ص 20) ولكن هذا لاينفي احد اهم استنتاجات المؤتمر الرابع ووثيقة ُالماركسية وقضايا الثورة السودانية، وهو "ان القوى اليمينية تحاول افراغ النظام البرلماني من اهم مقوماته - التعددية، حرية الراي، توزيع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. انها تضيق بالقضاء المستقل وتتغول على السلطة التشريعية تضيق بالحريات وتصدر القانون بعد الاخر للحد من هذه الحريات. هذا الوضع ادى الى ازمة."(ص 17) ولكن كيف تحل ازمة الديمقراطية؟ ويجيب الاستاذ نقد بان ذلك يتم باصلاح النظام الديمقراطي من خلال اربعة اجراءات تتعلق بوجود دستور ديمقراطي، لاتقيد القوانين الحقوق والحريات التي يكفلها، بحل مشكلة القوميات والحكم الذاتي والمحلي وعلاقتها بالدولة المركزية، وبتصفية الادارة الاهلية ونشر الديمقراطية في الادارة المحلية، وبقانون انتخابات: "يوزع الدوائر الجغرافية بحيث تنال مناطق الوعي عددا اكبر من الدوائر مع المحافظة على مبدا الديمقراطية الليبرالية في ان لكل مواطن صوتا واحدا. لكن ظروف السودان وتجاربه تقتضي تخصيص دوائر للقوى الحديثة: مثقفون، عمال..الخ.هذه القوى تحملت اعباء التغيير السياسي في معارك الاستقلال الوطني وفي ثورة اكتوبر 1964 وفي الانتفاضة، ووجودها في البرلمان يعطي البرلمان فعالية اكبر، الى جانب الدفاع عن مصالح هذه القوى من داخل البرلمان" (ص21) واقتراح الاستاذ نقد حول قانون الانتخابات يثير بعض الاشكالات على مستوى الدوائر الجغرافية فهو يريد دوائر اكثر لمناطق الوعي (مناطق الانتاج الحديث والمدن)، وعلى مستوى آخر فهو يريد تمثيل القوى الحديثة". وعلى المستويين فهو دعوة غير مباشرة لاستمرار هيمنة مناطق اواسط وشمال السودان على السلطة السياسية. ولقد ظل الشيوعيون ينظرون باعجاب لتجربة البرلمان الاول ( او ما عرف بقانون سوكومارسون اثناء فترة الحكم الذاتي) والذي اعطى وزنا اكبر لمناطق الوعي ووضع دوائر للخريجين. لقد كان ذلك ممكنا في وضع السودان في بداية الخمسينات، عندما كانت المناطق الاقل نموا تقبل نسبيا بقيادة اواسط السودان وشماله وعندما كانت الشعارات الوطنية تطغى على تطلعات هذه الاقاليم لاخذ نصيبها في السلطة والثروة (رغم ان ذلك قد ادى الى الحرب الاهلية الاولى في الجنوب)، ولا اعتقد ان ذلك ممكن الآن دون ان يؤدي الى شعور عارم بالظلم في هذه المناطق. وليس امام الحزب الشيوعي والقوى الحديثة سوى التوجه لجماهير هذه المناطق وتنظيمها ونشر الوعي بينها وطرح مسالة النمو غير المتوازي في البلاد كقضية اساسية وجوهرية في برنامج القوى الديمقراطية، ولا ارى ان الحلول القديمة تنفع الان. اما عن تمثيل القوى الحديثة (واضيف المراة) فلا سبيل الا بتمثيل على مستوى الوطن كله باعتبار انه تمثيل فئوي ومهني على نهج قانون جعفر بخيت الانتخابي، فقط في ظروف سيادة الديمقراطية والتعددية. وحجتي في ذلك لاتعتمد على مقولة القوى الحديثة ودورها الذي لا ينكر في التغيير السياسي وتحمل اعباء النضال لاني اعتقد ان منطق تلك المقولة يقود لفرض ديكتاتورية هذه القوى. حجتي مبنية على تمثيل الفئات والشرائح الطبقية المختلفة في البرلمان، اي ان المواطن السوداني يذهب الى صناديق الاقتراع كمواطن وكاحد افراد شرائح وفئات الطبقات الاجتماعية. اما نساء السودان فيذهبن الى جانب صفتيهن السابقتين كنوع نسبة للظروف التاريخية لاضطهاد المراة. ويحدث التغيير، وفقا لاطروحة الحزب الشيوعي التي يعبر عنها السكرتير العام في مقابلته الصحفية، عن طريق الانتفاضة الشعبية. وهذا تاكيد آخر لطريق النضال الديمقراطي الذي اختطته وثائق الحزب في مقابل رفضها لطريقي الانقلاب والحرب الاهلية. ان طريق الانتفاضة الشعبية يصلح وفقا لنقد لاسقاط الديكتاتوريات العسكرية وخلال النظام الديمقراطي لاصلاحه، لوقف الاعتداء على الديمقراطية ولاحداث التغيير الاجتماعي (ص 2. خاتمة هذه االفصل استعرض بعض نضال الشيوعيين ومواقفهم في مقارنة ومقابلة لصياغاتهم النظرية لمسألة الديمقراطية، موضحا كيف تركت ظروف نشأة وتطور الحزب الشيوعي بصماتها على تطوره كحزب مناضل من اجل الديمقراطية وكيف ان تبنيه لنظرية الديمقراطية الجديدة قد خلق تناقضا بين النضال و النشاط العملي والنظرية. وان ذلك اصبح واضحا بعد انقلاب مايو مما دعا الحزب لاعمال الفكر في استخلاص نظرية منسجمة مع ما يناضل من اجله مستلهما تجربة السودان والمنطقة الافريقية والعربية وتجارب العالم. وحاول الفصل، رغم عدم توفر كل المواد التوثيقية، ان يرصد كيف تطور هذا الجهد حتى وصل الى صياغة واضحة عام 1977 والجهد الذي بذل بعد ذلك لتحويل هذه الصياغة النظرية لمادة برنامجية ودعائية تعبوية وسط الجماهير. ولعل خير خاتمة لهذه الفصل هو ما قاله نقد لمجلة النهج "نحن ساهمنا طبعا في الستينات في قضية "الديمقراطية الجديدة" والدفاع عن تجربة عبد الناصر بوجه الهجوم الرجعي الامبريالي باعتباره نظاما وطنيا طرح شعارات تقدمية وحقق بعض الاصلاحات. لكن لم ننتقد بالقدر الكافي السلبيات التي ادت الى تصفية التجربة نفسها. لذلك كان من السهل ان ياتي في بلد مثل السودان وفيه ثورة سابقة من اجل الحرية السياسية، من يطرح هذه الشعارات فتجد استجابة من الجماهير، ولا يرى الرجل العادي فرقا كبيرا بين ما كان يطرحه الحزب الشيوعي وبين ما يطرحه النميري. هذا خلل في معالجة الامور الايدولوجية كلفنا كثيرا، كلفنا انقساما داخل الحزب وكلفنا خسائر في الصراع العسكري مع السلطة، يجب ان ننتبه له في مستقبل حياتنا السياسية"
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Sidgi Kaballo | 10-04-03, 02:39 AM |
2: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Sidgi Kaballo | 10-04-03, 02:42 AM |
3: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Sidgi Kaballo | 10-04-03, 02:44 AM |
4: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Sidgi Kaballo | 10-04-03, 02:46 AM |
Re: 4: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Bashasha | 10-08-03, 06:55 PM |
5: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Sidgi Kaballo | 10-04-03, 02:47 AM |
6: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Sidgi Kaballo | 10-04-03, 02:49 AM |
Re: 6: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | أم سهى | 10-04-03, 09:30 AM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Sidgi Kaballo | 10-04-03, 01:10 PM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Abdelaziz | 10-04-03, 04:59 PM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | عاطف عبدالله | 10-04-03, 05:04 PM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | حسن الجزولي | 10-04-03, 05:54 PM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | TahaElham | 10-04-03, 06:04 PM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | أبو ساندرا | 10-04-03, 07:00 PM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Sidgi Kaballo | 10-04-03, 10:47 PM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Bashasha | 10-12-03, 03:35 AM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | TahaElham | 10-05-03, 04:30 PM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | TahaElham | 10-05-03, 04:51 PM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Sidgi Kaballo | 10-06-03, 01:56 AM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | نادر | 10-06-03, 07:49 AM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | hanouf56 | 10-06-03, 09:16 AM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Al-Masafaa | 10-06-03, 09:37 AM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | TahaElham | 10-06-03, 01:56 PM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | نادر | 10-06-03, 02:44 PM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Sidgi Kaballo | 10-07-03, 03:16 AM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Abuobaida Elmahi | 10-07-03, 05:03 PM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Sidgi Kaballo | 10-08-03, 03:28 AM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | bunbun | 10-08-03, 01:01 PM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Abuobaida Elmahi | 10-08-03, 05:42 PM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | TahaElham | 10-09-03, 07:05 AM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Sidgi Kaballo | 10-12-03, 01:50 AM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Bashasha | 10-12-03, 03:46 AM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | abdelrahim abayazid | 10-12-03, 11:42 AM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Sidgi Kaballo | 10-12-03, 10:09 PM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Sidgi Kaballo | 10-17-03, 01:33 AM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | bunbun | 10-17-03, 07:31 PM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | Sidgi Kaballo | 11-01-03, 03:49 PM |
Re: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية | أبوالزفت | 11-03-03, 08:40 AM |
|
|
|