|
Re: مالم يقـله نقـد ..بعد ظهوره الثـاني ..(الشيوعية السودانية ومراجعة الذات) (Re: luai)
|
5- ربما من قائل اننا ندفع فاتورة الاكلاف النظرية للماركسية لأن ما يهمنا فيها العدالة الاجتماعية والمساواة على امشاط الاشتراكية في وثبتها المنتظرة نحو الشيوعية، صحيح ان هذه رغبة انسانية نبيلة، لكنها مفعمة بالخيال، لقد فكرت في مخبأي كثيراً وتأملت في هذا الامر، سألت نفسي، فيم نود ان نساوى الناس؟ هل في اكلهم وشربهم ومسكنهم وزيهم ومستوى تعليمهم وصحتهم ومهنهم؟ وكيف يكون ذلك؟ وأي نظام اداري يمكن ان يتولى هذه العملية؟ وهل للمساواة على هذا المستوى تخلق مجتمعاً راقياً ومثالياً؟ وان كان هذا النموذج يرفع الضعيف والقاصر والمعاق من افراد المجتمع ويوفر لهم حياة كريمة، ألا يظلم هذا النموذج افراداً آخرين يتميزون عن غيرهم في قدراتهم الذهنية وفي طاقاتهم الفكرية والاستيعابية، هل يستوي العالم والجاهل؟ بافتراض ان الجهل هنا ليس ناتجاً لقصور المجتمع وانما خاصية ذهنية، وعلى ذات السياق هل يستوي النبي والصعلوك، هل يستوي الناس في طموحاتهم وطاقاتهم وفي مقادير الطعام التي يمكن ان تملأ بطونهم، هل بالضرورة وعلى الاثر ان يحب جميع الناس الخيار باعتباره مكوناً من مكونات المائدة الاشتراكية؟ هل يستوي المنتج والعاطل؟ هل يستوي منتج ومنتج؟ ومشاعر الناس واحاسيسها ألا تختلف كذلك وتؤثر على وضع الفرد في المجتمع وتميزه عن غيره؟ وحتى شعار الاشتراكية المقدس (من كل حسب قدرته ولكل حسب انتاجه) ألا يوحي بأن هناك احتمال للاختلاف في الانتاج وبالتالي اختلاف في العوائد المادية وبالتالي اختلاف في نمط الحياة ومستوى المعيشة، فأين الاشتراكية هنا؟ علينا الآن ان نتخلص من كثير من الوهم، اذ لا يمكن ان نبني مجتمعاً كما القشلاق وان نلبس الناس الاوفرولات رمزاً للمساواة وتمجيداً للطبقة العاملة: وعندما نتخلص من هذا الوهم سوف يلامس تفكيرنا الواقع وحينها يمكن ان يتحدد بالضبط مستوى العدالة الاجتماعية الذي يحتاجه المجتمع، على هذه الخلفية الجديدة والواقعية فالمساواة التي أراها هي مساواة افراد المجتمع امام القانون والمساواة في المداخل الاساسية لخدمات المجتمع كالصحة والتعليم وفرص العمل والتأهيل العلمي والعملي، والعدالة الاجتماعية هي الاطار السياسي الذي سوف يستوعب هذه القضايا ويدافع عنها ويجسدها على ارض الواقع. أخيراً جداً تعلمت ان في الغرب عدالة اجتماعية! وان هناك تجربة حرية بالتأمل والاهتمام. سأصوت من بعد لحزب يلفظ المساواة المطلقة ويتخلص من اوهام القشلاق الاشتراكي ويرعى قضية العدالة الاجتماعية كما يقتضيها الواقع والموضوع. 5- الطبقات موجودة في اي مجتمع بشري بشكل طبيعي (وليس استثنائي)، اذ حاولنا كشيوعيين وباستماتة عالية ان نقنع الناس بأن ظهور الطبقات هو مؤامرة تاريخية قادها الرعيل الاول لمؤسس نظرية الملكية الفردية وهزموا خلالها (الاصل) المتمثل في المشاعية البدائية الاولى وكأن المجتمع البشري منذ تلك اللحظة والى الآن هو مجتمع مسخ واستثنائي ولن يستقيم امره إلا على الشيوعية العليا المتأنية بدحر الرأسمالية وبسط الاشتراكية وذلك عبر الصراع الطبقي كأداة تتراتب عليها هذه النتائج واحدة تلو الاخرى في مسيرة حتمية تاريخية تستقر على مدرج المجتمع الشيوعي. لقد استوردنا موضوع الصراع الطبقي ضمن كل الحزمة الماركسية ونافحنا في الترويج له وسط مجتمعنا السوداني، كأن ايقاعاً نشاذاً وداهماً، ليتنا قلنا انه صراع بين الاغنياء والفقراء ليكون مفهوماً، أوقعنا ومن حيث ندري أو لا ندري بين العامل وجاره الموظف وصديقه التاجر، فالاول ينتمي للطبقة العاملة والثاني للبرجوازية الصغيرة والثالث للرأسمالية!! أدرنا حرب الطبقات وسطهم لكن ما دانت لنا العاملة مع انها الجوهري فينا اختياراً ورهاناً، رفدتنا البرجوازية الصغيرة بـ 83% من عضوية حزبنا ومنظماته الاخرى مع انها (أي البرجوازية الصغيرة) ليس محط ثقتنا ولا نعول عليها، بينما صوت لنا رهط عزيز من التجار بل وقدموا لنا ما لا يمكن ان ننكره من دعم مادي ومعنوي!! أي صراع طبقي على هذه الخلفية؟! وأي صناعة ومصانع في السودان تجعل العابرين ينزوون جانباً ليفسحوا المرور لجيوش العمال وهي تخب على الرصيف مستقصدة مصانعها وورشها؟! وان خصمنا من هذه الجيوش (الوهمية) عمال القطاع العام بحكم ايلولتهم للدولة وحظوتهم برعايتها كفرضية اشتراكية، فكم الآخرين الموعودين بالدهس على رحى الصراع الطبقي؟! وحتى عندما توطدت النهضة الصناعية في بلدان اخرى في اوربا وامريكا وبقاع في آسيا وحيث تضاعفت اعدادهم وتضخم اثرهم، هل شمروا عن سواعد الثورة البلشفية وقلبوا موائد مجتمعاتهم لتناسب الملاعق الاشتراكية؟! هل اصطفوا خلف صناديق الاقتراع ليؤهلوا الاحزاب الشيوعية للسلطة؟! هذا وهم آخر يستحق البتر، سأصوت من بعد لحزب هو حزب كل الناس ولا يحرمهم منا غير حزب آخر يرونه الافضل.. فهنا ديمقراطية كذلك.
|
|
|
|
|
|
|
|
|