|
Live, Love and Learn .. هكذا تكون الوحدة جاذبة ..!
|
عندما وقفت المرأة الحديدية السيدة "ربيكا قرنق" أمام جموع الحاضرين التى إحتشدت من كل حدبٍ وصوب لحضور مراسم تشييع جثمان الفقيد الراحل "الدكتور جون قرنق دى مبيور" .. عندما وقفت وألقت كلمتها المشهودة .. عرفت على الفور أن تكهناتى حول إحتمالات ترجيح كفّة الوحدة بعد السنوات الست قد كانت صحيحة إلى حد كبير .. ليس ذلك من أجل ما قالته السيدة ربيكا عن ضرورة تطبيق بنود الإتفاقية "بدون تغيير"، وليس بسبب دعوتها لجميع السودانيين بأن يتوحدوا كأفضل وسيلة "لتخليد ذكرى الفقيد" ولا حتّى بسبب تفاؤلها الكبير بما يمكن أن يعود على شعوب السودان جراء إفشاء السلام بينهم ..! لقد كان للخطاب الذى ألقته السيدة ربيكا دوراً كبيرا -ً فى رأيى - فى زيادة مساحة النافذة التى سبق وأن فتحها الراحل قرنق، نافذة التواصل، فقد كان الفقيد ذو قدرة فائقة على التواصل الإجتماعى، مع إنسان الشمال خصوصاً، سواءً كان عن طريق اللقاءات الجماهيرية أو من خلال وسائل الإعلام بأنواعها.. هذا التواصل الذى وسّعت دائرته السيدة ربيكا يوم التشييع، لم يكن متاحاً أيام الإنقاذ فى فترة ما قبل الإتفاقية، فقد كان "قرنق" حينها لا يعدو كونه "متمرداً" حاقدأ على الشماليين من أهل السودان، والعرب منهم خاصّةً، يتلذذ بالإرتواء من دماء أبريائهم ..! وقد تم نقل هذه الصورة البشعة اللاإنسانية عبر وسائل الإعلام الإنقاذية الموجهة إلى الشماليين، والذين يعيشون بالداخل خصوصاً، وهم الذين يعانون - وما زالوا - من إشكالية "التماهى" فى "الذات" العربية .. الأمر الذى ساهم فى تأجيج مشاعر البغض بداخلهم تجاه الآخر الجنوبى عموماً فى شخصية جون قرنق والحركة الشعبية .. وهو أمر إستفادت منه الإنقاذ كثيراً - ولا شك - طيلة الفترة الماضية تثبيتاً لدعائم سلطانها وترسيخاً لأسطورة جبروتها الذى لا يُقهر .. فهو "جبروت الله" أمام "طاغوت الشيطان" .. لا أريد أن أخوض فى تفاصيل ذلك الماضى "الإنقاذى" البغيض على أى حال .. بل أريد أن أناقش مدى صحّة إستنتاجاتى حول المرحلة المقبلة من خلال حالة التفاؤل الكبير التى أطلقتها لقاءات الراحل قرنق الجماهيرية هنا وهناك حول المرحلة المقبلة، وإمكانية حدوث سلام إجتماعى ما .. أو على الأقل تجاوز الحواجز النفسية والإجتماعية التى راكمتها السنون .. وقد تناولت خطاب السيدة ربيكا يوم التشييع مدخلاً لشئٍ واحد هو "إحساسى" العميق وأنا أشاهدها تتكلم بأن هناك الكثيرين من أبناء جنوب السودان الذين يحملون نفس إرادتها وصلابتها وقدرتها على تجاوز المرارات التاريخية .. وأعتقد أن هناك الكثيرين داخل الحركة الشعبية الذين لا يريدون - على أقل تقدير - للجبهة الإسلامية، أو ماتبقى منها (المؤتمر الوطنى)، أن تنجح فى مرادها الذى ظلّت تسعى له منذ يونيو1989م، وهو إقامة إمبراطورية طغيانية تقوم على "وهم" الشريعة الإسلامية، وهى فى سبيل ذلك لا تتورع فى تقسيم السودان إلى أشلاء مبعثرة .. وإن كان هذا "الوهم" فى حدّ ذاته قد تجاوزه الزمن وتخطته موازنات القوى السياسية المحليّة والعالمية إلى غير رجعة .. فتحت السيدة ربيكابالأمس أعيننا على الآخر الجنوبى فينا كسودانيين شماليين، كما فتحتهما على الآخر الإفريقى فينا كمتماهين فى الذات العربية بلا وعى أو تأسيس ..! وهو الطريق الوحيد الممكن و "الآمن" ليكون السلام "إجتماعياً" .. بأن "نكتشف" بعضنا البعض كسودانيين غض النظر عن أى إنتماءٍ آخر .. لا تدرون كم أحسست بالحاجة الملحّة عندى لمعرفة الكثير عن القبائل الإفريقية وعاداتها وتقاليدها، برز عندى هذا الإحساس عندما قالت السيدة ربيكا:"وكما تقول تقاليدنا الإفريقية .. سأخبركم بعدد أبناءنا واسمائهم وأين ومتى ولدوا .. فالتقاليد الإفريقية تقضى بأن تذكر المرأة ذلك عند موت زوجها" .. لا أعرف .. إلا أن هذا كان إحساسى حينها .. أنها منّى وأنا منها تلك المرأة (..)
من ناحية أخرى .. أكثر عمليةً .. أعتقد أن الفاتنة "أكوال جون قرنق" قد وضعت مبادئ عملية لتنزيل مشروع السلام على الواقع، فقد قالت فى كلمتها الشعرية التى كانت تقطر سحراً ما معناه أن شعارنا فى المرحلة يجب أن يكون "Live, Love and Learn" .. نعم .. لعمرى إن مسيرة السلام المنشودة تلك، لا سبيل لها بين الناس إلا إذا علت عندنا معانى الحياة والحب وجعلناها قيماً نهائية ثمّ إتخذنا من العلم سبيلاً للتقدم .. يحتاج السودان فى المرحلة المقبلة للكثير من أجل أن يظل موحداً وأن تتعايش شعوبه وتتلاقح قومياته المختلفة .. وأقصد "الكثير" على أرض الواقع .. برنامج عمل واضح وبسيط .. يدخل كل بيت ويصل كل فرد .. يحمل فى طياته ملامح سودان جديد خالى من تشوهات الماضى .. ليس فيه تهميش أو إستعلاء .. سودان تحكمه المؤسسة ويسود فيه القانون على الجميع ..
ولى عودة ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
حاجة فيك خلّتنى أرجع للقلم .. وأتحدّى بالفرح الألم .. وأضحك مع الزمن العريض ..
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
Live, Love and Learn .. هكذا تكون الوحدة جاذبة ..! | عبد العزيز الكمبالى | 08-07-05, 08:30 AM |
Re: Live, Love and Learn .. هكذا تكون الوحدة جاذبة ..! | Dr Mahdi Mohammed Kheir | 08-07-05, 01:58 PM |
Re: Live, Love and Learn .. هكذا تكون الوحدة جاذبة ..! | عبد العزيز الكمبالى | 08-08-05, 04:15 AM |
Re: Live, Love and Learn .. هكذا تكون الوحدة جاذبة ..! | قاسم المهداوى | 08-07-05, 03:49 PM |
Re: Live, Love and Learn .. هكذا تكون الوحدة جاذبة ..! | عبد العزيز الكمبالى | 08-08-05, 05:14 AM |
Re: Live, Love and Learn .. هكذا تكون الوحدة جاذبة ..! | قاسم المهداوى | 08-10-05, 09:42 AM |
Re: Live, Love and Learn .. هكذا تكون الوحدة جاذبة ..! | عبد العزيز الكمبالى | 08-13-05, 03:26 AM |
Re: Live, Love and Learn .. هكذا تكون الوحدة جاذبة ..! | قاسم المهداوى | 08-16-05, 05:45 PM |
Re: Live, Love and Learn .. هكذا تكون الوحدة جاذبة ..! | بهاء بكري | 08-13-05, 01:29 AM |
|
|
|