خليل عبدالكريم يكتب عن السيرة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-19-2024, 09:15 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-28-2005, 04:04 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خليل عبدالكريم يكتب عن السيرة (Re: Sabri Elshareef)

    أخيرًا أصبح نكاح المتعة .. حريمة


    هاجس معافسة ( امتطاء ) المَرَة لا يفارق الواحد من أولئك الأعاريب لا فى ظعنه أوعدنه ولا فى سفره أو إقامته ولا ترحاله أو حله ولا فى البادية أو الحاضرة.


    لدرجة أن تقول ـ دون مبالغة ـ إنه شغله الشاغل وهمه المقيم وعزمه المستديم وعقد قلبه الذى لا يريم، إذا ارتحل وغادر خباءه ومضرب قبيلته إلى بلدة أخرى فأول ما يفعله هو أن يُنبش عن إمرأة عزب يطفى فيها شهوته الملتهبة وإذ إنها تماثله فى العرامة وتشاكله فى التأجج وتماثله فى الاشتداد وفى الرغبة فى التموضع تحته فإنها تقبل أى أجر يقدمه: نعل، مال، إزار .. إلخ.

    لا تهمها القيمة بل التماسّ به فحسب.

    ويتفقان على مدة معينة غالبًا فترة إقامته فى مضرب قبيلتها.

    بعدها يتركها دون أى إلتزام عليها ولا أى حق لها قبله.

    أطلقوا على هذا الضرب من التلاقى زواج أو نكاح المتعة.


    ( كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة يقدر ما يرى أن يقيم فتحفظ له متاعه وتصلح له شأنه ) [ نهاية السول فيما استدرك على الواحدى والسيوطى من أسباب النزول: للشيخ أبى عمر نادى الأزهرى ـ ص 163 ـ الطبعة الأولى 1415هـ / 1995م ـ دار الصحابة للتراث طنطا ـ مصر ].




    استمر هذا النسق الاجتماعى حتى بعد أن أشرق الإسلام وسطع نوره وإذ إن الصحبة الميمونة تعودوا عليه فعند خروجهم فى الغزوات والسرايا والمهام الخاصة يفعلونه فيقعدون على أيامى عقود النكاح متعة، يستمتعن بهن والبائسات يجدن فيه عوضًا عن أيام الشرق والتحاريق التى اكتوين بلظاها إبان العزوبة. ومن سيرة ( العين ) العاطرة علمنا أن يحوز بجدارة على الشمائل الممتازة الفريدة ومنها الحنكة البالغة والحصافة الفاذّة والحكمة العميقة.


    رأى بثاقب نظره ونافذ بصيرته وسعة أفقه وسداد رأيه أنه لو حظر ( نكاح المتعة ) لضاقت نفوس تُبّاعه وحَصِرت صدورهم وزمجروا.

    وترتيبًا على جِماعه يتقاعسون عن الخروج ويخنسون عن الانخراط فى صفوف الجيش ويتباطأون عن القتال .


    وهذا لا يدخل فى باب الفطانة ولا يلج نهج الزكانة ولا يُعدّ من الفقاهة ، فدولة بنى سخينة وليد ما زالت تحبو والديانة فى بدىّ أمرها وأول طورها ومفتتح شأنها.


    وهنالك الكثير مما يتعين القيام عليه ويلزم الإتيان به ويتوجب إنجازه ولا يتم شئ بغيرهم فتركوا وشأنهم:

    ( أخرج الترمذى عن ابن عباس قال: إنما كانت المتعة فى أول الإسلام ) [ ذات المرجع والصفحة ].

    والترمذى صاحب واحد من الصحاح الستة التى تعتبر مقدم كتب السنة أو الحديث المحمدى الشريف.


    ( ... عن قيس عن عبد الله قال: كنا نغزو مع النبى ـ ص ـ وليس معنا نساء فقلنا ألا نختصى فنهانا عن ذلك فرخص لنا بعد ذلك أن نتزوج المرأة بالثوب ثم قرأ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [ المائدة 87 ].


    يؤيد القرطبى تحليل زواج المتعة فى مبدأ الإسلام:


    ( وقد كان للمتعة فى التحليل والتحريم أحوال، فمن ذلك أنها كانت مباحة ثم حرمها رسول الله ـ ص ـ زمن خيبر ثم حللها فى غزاة الفتح ثم حرمها بعد قالة ابن جرير منداد من أصحابنا وغيره، وليه أشار ابن العربى ) [ تفسير القرطبى ـ المجلد السابع ـ ص 4498 ].


    ولسنا بصدد بحث عن ( نكاح المتعة ) إنما الثابت مما أورده القرطبى أن التحريم النهائى جاء بعد ( غزاة الفتح ).

    أى فتح مكة المسمى بـ ( فتح الفتوح ) إذ أصبحت دولة قريش الحاكمة المطلقة على شبه الجزيرة وغدا قائدها ( سيد الناس ).

    كما هيمن الإسلام على ربوعها إلا بعض الجيوب القبلية تم القضاء عليها ودخلت فيه وأنوفها راغمة.

    فى ذياك الظرف بالضرورة خفت صوت العسكر ولم تعد لهم طاقة على الزمجرة ولا نرقم المعارضة.

    هنا أضاءت بنورها الباهرة الآية: { إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } [ المؤمنون 6 ].


    وفيها كما قال ابن عباس: ( فكل فرج سواهما حرام ) [ نهاية السول للأزهرى ـ ص 163 ].

    ويعنى بسواهما: الأزواج وملك اليمين.


    ومما له دلالة فى هذه الخصوصية أن الآية هلّت مفتوحة، بيد أن النزعة الذكورية كما هى العادة هيمنت على المفسرين وحجّروا النص بدون مسوغ حتى ولو أفتى به العدوىّ عمر بن الخطاب بأن قصروا الحق على الزوج الذكر فى ملك اليمين أى أن له أن ينكح الجوارى والإماء كما يحلو له.


    أما الزوجة فلا.

    ليس لها أن تنكح مملوكها أو تتسرى به طبعًا إلا إذا أعتقته فصار حرًا. وإن فعلت عدّوها زانية تستحق الرجم عند إحصائها من قبل ( سبق زواجها ) أو جلدها إذا علموها بكرًا.

    تفرقة لا مبرر لها إلا المنحى الذكورى، إذ إن نص الآية لا يبيحها، ومن رجا آخر: توثق مذهبنا، أن انفتاح النصوص التأسيسية المقدسة سكره أى خنقه. [ القاموس المحيط ].


    الذين تولوا تفسيره وتحكمت فيهم رغبات واتجاهات شتى.

    لو أبيح للمرأة أن تتسرى بعبدها كالرجل بأمته ألا دَلّ على سماحة الإسلام وإصراره على مساواتها بالذكر والعكس صحيح؟

    هكذا أساء أولئك المتشددون إليه.


    *******


    7ـ هل يصلح الإسلام كشريعة الآن


    نزلت الآية: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } [ النساء 94 ].


    حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }... الآية. قال: بعث رسول الله ـ ص ـ سرية عليها أسامة بن زيد إلى بني ضمرة، فلقوا رجلا منهم يدعى مرداس بن نهيك معه غنيمة له وجمل أحمر، فلما رآهم أوى إلى كهف جبل، واتبعه أسامة، فلما بلغ مرداس الكهف وضع فيه غنمه، ثم أقبل إليهم فقال: السلام عليكم، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله! فشد عليه أسامة فقتله من أجل جمله وغنيمته. وكان النبي ـ ص ـ إذا بعث أسامة أحب أن يثني عليه خيرا، ويسأل عنه أصحابه، فلما رجعوا لم يسألهم عنه، فجعل القوم يحدثون النبي ـ ص ـ ويقولون: يا رسول الله لو رأيت أسامة ولقيه رجل فقال الرجل: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فشد عليه فقتله! وهو معرض عنهم. فلما أكثروا عليه، رفع رأسه إلى أسامة فقال: "كيف أنت ولا إله إلا الله"؟ قال: يا رسول الله إنما قالها متعوذا، تعوذ بها. فقال له رسول الله ـ ص ـ: "وهو شققت عن قلبه فنظرت إليه؟ " قال: يا رسول الله إنما قلبه بضعة من جسده. فأنزل الله عز وجل خبر هذا، وأخبره إنما قتله من أجل جمله وغنمه، فذلك حين يقول: { تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } فلما بلغ: { فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ } يقول: فتاب الله عليكم، فحلف أسامة أن لا يقاتل رجلا يقول لا إله إلا الله بعد ذلك الرجل وما لقي من رسول الله ـ ص ـ فيه.‏ [ جامع البيان عن تأويل آى القرآن : للطبرى ]

    وردت فى بعض الأخبار { فَتَبَيَّنُواْ } وفى البعض الآخر { فَتَثَبَّتُواْ } .....


    ( قال قرأ أبو جعفر: واختلف القراء فى قراءة قوله { فَتَبَيَّنُواْ }.


    فقرأ ذلك عامة قرأة المكيين والمدنيين وبعض الكوفيين والبصريين { فَتَبَيَّنُواْ } بالياء والنون من ( التبين ) بمعنى التأنى والنظر والكشف عنه حتى يتضح.


    وقرأ ذلك عُظم قرأة الكوفيين { فَتَثَبَّتُواْ } بمعنى التثبت الذى هو خلاف العجلة . [ تفسير القرطبى ـ التاسع ـ ص8 ].


    ويؤيد القمى النيسابورى اختلاف القراءتين:

    { فَتَثَبَّتُواْ } من التثبيت وكذلك فى الحُجرات ( هكذا قراها ) حمزة وعلى وخلف والباقون قرأوها { فَتَبَيَّنُواْ } من التبين. [ غرائب القرآن ـ المجلد الرابع ـ ص 64 ].


    هذا ينفحنا دليلاً على أن النص فى بدىّ أمره جاء منفتحًا.

    بيد أنه فيما بعد اُغلق وأحكم إغلاقه ورتاجه ومن ثم فإن ما جاء بمصحف عثمان { فَتَبَيَّنُواْ }


    واختلفت القراء في قراءة قوله: { وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ } فقرأ ذلك عامة قراء المكيين والمدنيين والكوفيين { اَلْسِلْم } بغير ألف، بمعني الاستسلام، وقرأه بعض الكوفيين والبصريين: { السَّلاَمَ } بألف، بمعنى التحية.

    ثم ثبت لفظ { السَّلاَمَ } بالألف.

    فمن قرأها { اَلْسِلْم } أراد الانقياد والاستسلام للمسلمين .. ومن قرأها { السَّلاَمَ } بالألف فله معنيان:


    أحدهما: أن يكون المراد السلام الذى يكون تحية المسلمين، أى لا تقولوا لمن حياكم بهذه التحية إنه قالها تعوذصا فتقدموا عليه بالسيف لتأخذوا ما له ولكن كفوا وإقبلوا منه ما أظهره.


    ثانيها: أن يكون المعنى : لا تقولوا لمن اعتزلكم ولم يقاتلكم لست مؤمنًا، وأصل هذا من السلامة لأن المعتزل طالب للسلامة. [ مفاتيح الغيب ـ التفسير الكبير للرازى ـ المجلد الخامس ـ ص 394 ].


    الأخرى: الذى يشدّ الانتباه فى هذا النص هو تفسير الفخر الرازى لكلمة { اَلْسِلْم } أن المراد بها هو الانقياد والاستسلام للمسلمين.


    أى طاعتهم والدخول فى دينهم وقبول الوقوف تحت راية دولة قريش.

    وقد فسر أبا البقاء العكبرى إلقاء السلام بالاستسلام. [ التبيان فى إعراب القرآن: لأبى البقاء عبدالله العكبرى 538/616هـ ـ الجزء الأول ـ ص ـ 191 ـ الطبعة الأولى 1980ـ المكتبة التوفيقية ـ القاهرة ].


    يؤيده ما سبق أن سطرناه وقدمنا الأدلة عليه وهو:

    أن انتشار الدين الإسلامى فى داخل الجزيرة العربية إنما تم بحد السنان.


    ومن البراهين التى طرحناها آية السيف والحديث المحمدى:

    صحيح مسلم باب الإيمان حديث 29، 30، 31، 32، 33، 34:


    النص: { ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُقَيْلٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الزُّهْرِيِّ ‏ ‏قَالَ أَخْبَرَنِي ‏ ‏عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَ‏لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَاسْتُخْلِفَ ‏ ‏أَبُو بَكْرٍ ‏ ‏بَعْدَهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ ‏ ‏الْعَرَبِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ‏ ‏لأَبِي بَكْرٍ ‏ ‏كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ ُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَقَدْ ‏ ‏عَصَمَ ‏ ‏مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ


    ( وأن عليه القتال بعد البلاغ، والحرب بعد البيان والأكراه بالقتل على الدخول فى الدين )


    [ الناسخ والمنسوخ فى القرآن: للقاضى أبى بكر بن العربى ـ تحقيق د. عبد الكريم العلوى ـ الجزء الثانى ـ ص 345 ـ الطبعة الأولى 1408هـ / 1988م ـ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية ـ المملكة السعودبة ].


    ونصل من هذه الفرشة الوجيزة أن:

    تفسير كلمة ( الإسلام ) بالاستسلام والخضوع والانقياد والامتثال والطاعة .. إلخ

    عبر اعتناق الديانة تفسير له سنده من النصوص التأسيسية المقدسة.

    فضلاً عن أن الحفر عن جذور أمثال هذه الألفاظ والتنقيب عن اصول الوقائع المحايثة لها ومنها قتل المسلمين وطلوع آيات كريمة بسببها يؤيده التفسير.


    فالمغدورون فيها نطقوا بالشهادتين أى أعلنوا الخضوع والاستسلام والطاعة بدخولهم الإسلام ومن ثم لا يصح شرعًا نحرهم، ولو لم يفعلوا لجاز دون لوم أو تثريب أو تعنيف.


    وبمعادلة بسيطة ومنطقية: إلقاء السلام وتلاوة الشهادتين جماعهما تعنى الطاعة والانقياد والاستسلام للدين ، أى اعتناق الإسلام، إذن الإسلام بدوره هو هذه الأمور على وجه التعيين والتحديد.


    هذه هى دالة الإسلام فى جذره التاريخى كما وكّدته الآيات المجيدة ووثقه تعنيف ( صاحب البرهان 9 للصحابى القاتل لأن المقتول وقد أسلم أعلن انقياده واستسلامه وخضوعه وطاعته فلا موجب شرعًا لنحره، هذا المعنى الخالص الصافى الذى لا تشوبه شائبة ولا يكدره عكارة استحال على أيدى المحدثين إلى دالة مغايرة لا صلة لها به:


    ( الإسلام هنا معناه إخلاص الوجه لله تعالى فاليهودية إسلام فى مدتها والمسيحية إسلام فى فترتها والرسالة المحمدية إسلام بمعنى إخلاص الوجه لله تعالى والامتثال لطاعته ). [ تفسير القرآن الكريم : لعبدالله محمد شحاته ـ الجزء الثالث ـ ص 540 ـ الطبعة الأولى 2000م ـ دار غريب ـ مصر ].


    يمكن لنا أن نسأله : على أى بساط يسير من يبغى إخلاص الوجه لله تعالى؟ وأى محجة يسلك؟ وعبر أى بوابة يدلف؟.



    ولو طلب من أهل الكتابين السابقين أن يحضر لهم برهانه على أن اليهودية فى مدتها والمسيحية إسلام فى فترتها ؟ فكيف يجئ رده ؟.



    ولماذا انتهت مدة إسلام اليهودية ثم فترة إسلام المسيحية؟.



    ولماذا خُصّ زمن إسلام الديانة الثالثة بالأبدية والسرمدية؟.



    ألا يعرف الدكتور المفسر أن كل عقيدة من هذه العقائد الثلاث توقن أنها تملك الحقيقة المطلقة السرمدية وما عداها ليس على شئ.


    أليس المعنى الذى قالت به النصوص المقدسة أصح وأيسر فهمًا وأبعد عن الصدام بأصحاب الأديان السابقة.

    أما صاحب الفضيلة الشيخ محمود شلتوت فله تعريف آخر للإسلام:


    ( الإسلام هو الصراط المستقيم وانه لذلك كان الشريعة الخالدة الصالحة لكل مكان وزمان ) [ تفسير القرآن الكريم : للشيخ شلتوت ـ الأجزاء العشرة الأولى ـ ص 39 ـ د. ت . ـ دار القلم بمصر ].

    وبداية فنحن نكن تقديرًا لفضيلة الشيخ شلتوت لأن آراءه فيها قدر لا بأس به من الاستنارة والعقلانية ولو أنه بحكم دراسته بنطلق من أرضية دوجماطيقية مغلقة.

    كذا لجهوده المخلصة التى بذلها فى التقريب بين المذاهب.

    بيد أن هذا التقدير لا يمنعنا من تقييم تعريفه للإسلام تقييمًا موضوعيًا ووضعه على محك النقد.


    قال إن الإسلام هو ( الصراط المستقيم ) وهى عبارة وردت فى القرآن الكريم أكثر من ثلاثين مرة وتدل على العديد من المعانى ومثلها رغم سموها لا تصلح أن تغدو تعريفًا أو تمنح معنى منضبطًا بخلاف المعنى الذى جاءت به نصوص التأسيس وخلاصة الانقياد والطاعة والاستسلام خلال اعتناق العقيدة المخصوصة والمحددة التى بشر بها ( المنصور بالرعب مسيرة شهر ) وفى حال حياته: الاعتراف بالدولة التى أسسها فى أثرب.

    ثم يضيف إلى معنى الإسلام أو التعريف بدالته أنه الشريعة الخادلة لكل زمان ومكان.


    إن الشيخ شلتوت تربع على كرسى مؤسسة التقديس ( الأزهر ) فى مصر أى وصل إلى أعلى منصب دينى فى العالم الإسلامى.


    فالشريعة الإسلامية لا تصلح لكل زمان ومكان، فلنسأل صاحب الفضيلة ما رأيك فى :



    الرق وملك اليمين والإماء والعُبدان ... إلخ ، هل تجرؤ دولة إسلامية الآن على تقنينها؟.



    تقسيم الأسلاب والغنائم على المقاتلين ونصيب الراكب (= الذى معه فرس ) ضعف نصيب الراجل ، أيمكن أن يتم فى أى جيش إسلامى؟.



    صلاة الخوف فى ميدان المعركة بعد استعمال الصواريخ والطائرات ... أيصلح حاليًا لأدائها؟.



    معرفة ما فى الأرحام بعد اختراع السونار ، ما الرأى فيها؟.



    صلاة الاستسقاء بعد اختراع المطر الصناعى ، هل مازال لها وجود؟.



    والظهار بعد إمكانية معرفة من هو أبو المولود بعد تحليل عينة من دمه ونسيج جسمه.



    ما هى ضرورة عدة المطلقة والمتوفى عنها زوجها والأجهزة الحديثة فى دقائق معدودة من الميسور عليها الجزم ببراءة الرحم أو علقه من المطلق أو الزوج المتوفى؟.



    هل من التلازم مرافقة ذى رحم محرم للمرأة فى وسائل النقل الحديثة؟.



    يمكن تخدير السارق تخديرًا كاملاً فلا يشعر بألم قطع يده!.



    أو لا يستطيع الطب الحديث إعادة اليد بعملية جراحية دقيقة.



    هل ـ فى جريمة الزنا ـ من الحتم إقامة الدليل عليها وجود اربعة رجال شهود يرون الميل فى المكحلة أو يجوز شرعًا إثباتها بالتسجيل ( صوت وصورة ) وأيهما أقوى؟.



    الذى يسرق ربع أو نصف طينار أى خمسة جنيهات على الأكثر تُقطع يده والذى يشترى بضاعة بربع مليون جنيهًا ( مثلاً ) ويعطى شيكًا بدون رصيد لا يُقطع يده أصبع واحد وكذا من يختلس مئات الألوف من المال العام ... !


    ويستمر ذلك المتسائل فى إبداء ملاحظاته:



    شهادة المرأة نصف شهادة الرجل، هل هذه القاعدة تتفق مع وضع المراة هذه الأيام بعد حصولها على اعلى الشهادات من أرقى الجامعات؟.



    وكذا نصيبها فى الميراث، هل ينسجم حاليًا بعد أن تغيرت الأوضاع الاجتماعية بالكلية عن مثيلاتها وقت أن ظهرت النصوص التى شرعتها.


    ألا يحتاج التأكيد ت يا صاحب الفضيلة ـ على خلود الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكام إلى مراجعة مستأنية ؟.

    إن من البديهى أن هذا المتسائل ينتظر ردودًا من الفعل لا من النقل.


    لقد قدمنا هذين المثلين كبرهان على أن النصوص المقدسة التأسيسية أكثر صراحة وأوفى طبيعية وأنضر وجهًا فيما تقدمه من مكان ودوال وقيم مما طرحه ويطرحه المفسرون والأصوليون والفقهاء قدامى ومحدثون.




    *******


    ونختم بأن الآيات المجيدة تنفحنا برهانًا ساطعصا على أن الواقع هو الأساس الذى ينبنى عليه الفكر والأرض الصلبة التى يقوم عليها التنظير والمدماك الشديد الذى يقف عليه الرأى وأن هذه كلها لا تهبط من عل.


    إن الانتباه لهذه الحقيقة الجوهرية هو الباب الملكى والوحيد للخروج من كل الأزمات والانعتاق من سائر المزانق والانفلات من كل القيود.




    *******


    ختام


    تاريخية النص المؤسس لا تجد قبولاً من الدوجماطيقيين، بل إنها تثير حفيظتهم ويعتبرونها بدعة ضالة مضلة.

    يرفعون أمامها مقولة " العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب" وهذه ليست آية كريمة ولا حديثًا محمديًا شريفصا ولم يفه بها واحد من الصحاب.

    على أحسن الفروض أطلقها تابعىّ.

    أبو حنيفة النعمان شيخ مذاهب الأحناف ـ أكبر المذاهب لدى السنة والجماعة ـ حدد الموقف من آرائهم بقوله:


    " فإذا جئنا للتابعين فهم رجال ونحن رجال ".

    أى لا قداسة لطروحاتهم لأنها اجتهاد بشرى فلنا أن نقبلها إن اقتنعنا بها، أو نرفضها إذا افتقرت إلى الحجة وأعوزها البرهان واحتاجت إلى الدليل.


    تقديس تركة السلف أحد روافد جمود الفكر الإسلامى بل بدون مغالاة أهمها على الإطلاق ولو أنه يوسع المحجة لغيره من التحاضيض.


    " العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب" عبارة فضفاضة بالإضافة إلى اتسامها باللامنطقية.

    فاللفظ الذى غطاها أو عبّر عنها ليس فيه عمومية بالمعنى الذى تُوهم به القاعدة.

    كما أن إلغاء السبب مصادرة على المطلوب إذ إنه وحده السبيل الفرد لفهم اللفظ الذى وصفته المقولة ـ دون وجه حق بالعمومية.


    فمثلاً تحلة الإيمان فى { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } [ التحريم 2 ]، من العسير استيعابها دون معرفة الواقعة التى سبقتها وبمعنى أدق التى تسببت فى هلّها إو إشراقها وهى حكاية مسّ ( سعد الخلائق ـ محمد ) لجاريته مارية القبطية على فراش العدوية حفصة بنت عمر ، وعودتها الفجائية أو غير المتوقعة ، ورؤيتها على فراشها، فثورتها الغضوب، ثم حلفه لها بعدم الاقتراب من الأمة المصرية القبطية الجميلة البيضاء .. فقدوم الآية بفك الأزمة بتحويلها العهد الذى صدر من إلى مجرد يمين من اليسير التكفير عنها كأى يمين غيرها.




    إذن بدون معرفة هذه الخلفية من المستحيل نقاهة التَحّلة التى تضمنتها الآية، فهى لا تنضوى (=الآية ) على لفظ علم لأو بمعنى أدق حكم عام، ولكن أرقل الفقه بعد حين قصير أو طويل وسحبها على الأيمان الأخريات وسوّى بينها فى الحكم أى التحلل من القسم.


    نخلص إلى أن تعميم اللفظ ليس له وجود وقت أن تلا ( المترحم محمد ) الآية على تُبذاعه وقبل أن يكفّر عن قسمه أو يمينه أو عهده كيما يعود إلى ملامسة مارية القبطية الحسينة، إنما جاءت العمومية والتعميم أو بمعنى أدق القول بهما بعدها بزمان.


    ونحن نؤيد هذا المنحى الذى سار فيه الفقهاء سواء من علماء الصحابة أو من الفقهاء قبل نشوء المذاهب أو من أئمتها ومؤسسى مدارسها.


    لماذا ؟.

    لأن هذا العمل يتسق مع ما نادينا به منذ عشرين عامًا وما زلنا: استخلاص المعنى أو القيمة أو المغزى من النص دون التقيد بحروفه.

    أى لم يشترط الفقهاء حدوث واقعة مماثلة لقصة مارية القطية.

    بل اخذوا الدلالة منها وطبقوها على النوازل التى استجدت فى عصرهم.

    إنما الاعتراض على المقولة أو القاعدة التى وضعت خصيصًا لنفى قاعدة التاريخية التى يبغضها السدنة والمرازبة والدهاقون.


    لماذا ؟.

    لأنهم يعيشون بل يتعيشون على تجريد النص المؤسس وتحويله إلى نماذج متعالية وأمثلة مفارقة وترميزات لا علاقة لها بواقع الناس ولا وشيحة لها بهموم حياتهم ولا صلة لها بمشاغل معاشهم.


    بيد ان سلوك الفقهاء يؤيد من جانب آخر تاريخية النص المؤسس التى رفعنا شعارها منذ سنوات طوال.

    لعل العبارة فى حاجة إلى مزيد من الإيضاح:

    إصرار الفقهاء على استخلاص المغزى أو المعنى أو القيمة هو اعتراف ضمنى بل صريح بأن الآية التى استخرجوا منها الحكم ارتبطت بنازلة معينة تشيأت على أرض الواقع فى زمن محدد وأبطالها هم ( محمد ) وسريته القبطية مارية وبعلته العدوية حفصة، وفى مكان معلوم هو حجرة الزوجة المهرية وعلى فراشها، فهو ـ أى المكان ـ إذن لعب دورًا بارزًا لايقل أهمية عن بقية العناصر التى تتشكل فيها الحكاية، فلولا أنه خاص باينة الخطاب وان باب الحجرة غير محكم ومساحتها محدودة لما تسنى لحفصة اكتشاف وط ( المعظم المعطى محمد ) لأمته المصرية الحسناء الفاتنة على فراشها وسريرها، بالإضافة إلى البلد الذى حدثت فيه وهى أثر بخلاف غبان وقوعها، إذن تارخية الآية أمر ملموس بالحداس قبل أن يدركه العقل أو حتى يمكن التوصل إليه بالحدس أو الانتهاء إليه بالتخمين أو التعرف عليه بالفراسة.


    ولكن ماهى الحكمة فى التأكيد على التاريخية؟.

    هناك عدة حكم :

    أولاها: أن نفيها من جانب الدجماطيقيين إنكار لما هو معلوم بعدة طرق من وسائل الإدراك وهذا بلا مشاجة أمر ينافى الموضوعية.


    وثانيهما: أنه هدم للعماد الذى ترسخ عليه النص المؤسس.

    وثالثتها: يؤدى إنكارها بطريق الحتم واللزوم غل سوء فهم النصوص المؤسسة، مما يوصل إلى تفسيرات شاحبة وتأويلات ضامرة وتوضيحات هزيلة.

    ورابعتها: أن بترها من سياقها التاريخى سوف يسلم فى نهاية الشوط إلى التعتيم وفى آخر المطاف إلى التضبيب، وفى ختام المضمار إلى الغبشة وبدوره سيجر إلى:

    الخامسة والأخيرة: تضارب التفسيرات وتناقض التأويلات واختلاط الشروحات ومرج الإيضاحات واضطراب الاستخلاصات.




    لماذا؟.


    لأن تاريخية النص المؤسس بمثابة البوصلة التى تحدد للسفينة خط سيرها الصحيح.


    التمسك بتاريخية النص المؤسس يعيد للأذهان حقيقة غدت ملقاة فى مربع النسيان لأسباب عديدة، وهى أن القرآن المجيد بدأ شفاهيًا وحفظ فى الصدور مدة طويلة حت أسرع الأموى عثمان بن عفان وسيّجه وأغلق عله بين دفتين.

    وتحول من القرىن إلى مصحف وهو لفظ لم يرد فى القرآن وإن وردت به كلمة صحف، والمتفق عليه أن كلمة مصحف حبشية، والأشد غرابة انه أصبح يدعى " مصحف عثمان" رغم أنه " المصحف الإمام" ونمتنع عن الخوض فى المعركة التى خاضها الأموى عثمان مع عدد من الصحابة الذين تملكوا مصاحف خاصة بهم ولا بالاختلافات فى هذا الشأن فمن أراد الاطلاع عليها فعليه بكتاب المصاحف للسجستانى وغيره. [ كتاب المصاحف: تأليف أبى بكر عبداله بن أبى داود سليمان بن الأشعث السجستانى ـ باب المصاحف العثمانية / وكذلك كتا فضائل القرآن لابن كثير 700/774 هـ ـ طبعة 1979 ـ الناشر على رحمى ـ مصر ـ من ص 41 إلى ص 59 ـ الطبعة الأولى 1405هـ / 1985م ].


    والذى يهمنا أن تسمية القرآن بـ"مصحف عثمان" تكرّست فى عهد الأسرة المالكة الأموية بديًا بمعاوية بن أبى سفيان، وذلك لأهداف سياسية أقلها تثبيت مكانتها لدىالرعية، وفى مواجهة بنى هاشم أصحاب الحق فى منصب الإمامة الذى اغتصبوه منهم بطرق نعفّ عن تسطيرها.


    ولعلها سخرية من القدر أن يُنسب القرآن إلى فرد من البطن او الفخذ الذى وقف بالمرصاد لـ ( محمد ) وهو ينشر دعوته ويؤسس دولة جده قصىّ، فيقال "مصحف عثمان" لا " مصحف الحبيب المصطفى" ، حتى إن أحد الباحثين المخضرمين لم ير غضاضة فى أن يزبر " وبذلك تمت موافقة الأمة كلها على مصحف عثمان".

    [ تاريخ القرآن: لعبد الصبور شاهين ـ ص 189ـ طبعة ثانية ].


    بعد أن سكّ عثمان القرآن بين دفتين، تحول من نص شفاهى طازج إلى كتاب تعلوه القداسة وتحوط به الجلالة، وبمضى الوقت وكرور الأيام تحلقت حوله كوكبة من السدنة وطائفة من المرازبة ومجموعة من الحجّاب يمنعون الاقتراب منه إلا بإذنهم ويحظرون تفسيره إلا إذا مُهر بخاتمهم ، ويحجرون تأويله إلا على من حاز صفات أو مؤهلات ينفردون هم بتحديدها.




    ومن الطريف، وكم فى مجال الإسلاميات وإن شئت قلت فى الدينيات عمومًا من طرائف وعجائب ومدهشات يحار الفطن ذو اللب والحجى والنهى فى تعليلها أو عقلنتها أو منطقتها، فيعجز، فيقال له:" لا تتعب نفسك فهى كذلك".

    فإما أن تتقبلها على علاتها، وإما حد الردة، وما أدراك حد الردة !!!.


    نعود فنقول أن تلك المواصفات المستحيلة غير متوافرة فيهم هم " السدنة ـ المرازبة ـ الحجاب ".

    هؤلاء الذين يتولونها أو يباشرونها من الطبيعى أن يعادوا " تاريخية النصوص المؤسسة" لأن مصلحتهم المادية والأدبية تتركز فى إفهام عامة المؤمنين أنها مُفارقة ومثفاصلة ولا صلة لها بواقع الناس بل لها آفاقها العالية المرموقة ومجالاتها المثالية السامية .

    وكنتيجة مباشرة يمكنهم تطويعها وفى استطاعتهم تشكيلها وبمقدورهم تلوينها بالصورة التى يريدونها.

    وفريق آخر يشن حربًا لا هوادة فيها على التاريخية وأصحابها، نعنى بهم أولئك الذين يستخدمون النصوص لمآربهم السياسية " كأيديولولله ية" تفتح امامهم طرق السلطةز


    فى هذه الحالة، فإن بقاء "نص التأسيس" فى برج عاجى يتيح لهم اتخاذ النص اداة فعالة لتبييض وجه شعاراتهم وبرقشة لافتاتهم وتجميل ادعاءاتهم.


    فكلما بقى " النص " مجردًا ومفاصلاً وبعيد المنال، صار أصلح للاستخدام وأسهل للاستعمال وأيسر للتوظيف خاصة أن كل ما يمت إلى الدين بصلة ليس ثم ما يدانيه فىالتأثير على القاعدة الشعبية العريضة.


    وسيظل الأمر على منوله إلى أن تتغير أحوالها المادية أولاً ثم الثقافية والمعرفية.

    إذن، ربط " النص المؤسس " بتاريخ هلّه أو إشراقه سيقطع الطريق أمام مساعى أصحاب هذا الفريق، لأنه سوف يعرى شعاراتهم الزيوف، وآخرون غير هاتين الجوقتين ينظرون إلى التاريخية شزرًا لأسباب ثيولوجية. بيد ان حلاس النص المكتوب الذى أغلق بين الدفتين، والمهيجيين والديماجوجيين للسلطة بارتداء الإزاء الدينى هم الفرقتان الأشد عداوة والأد خصومه والأحمى نزاعًا لها.


    يؤكد الزركشى فى برهانه أنه:

    ( فى زمن النبى ـ ص ـ تُرك جمعه فى مصحف واحد )

    [ البرهان فى علوم القرآن: لبدر الدين الزركشى ـ تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ـ الجزء الأول ـ ص 235 ـ الطبعة الثانية ـ 1391هـ / 1972م ـ عيسى البابى الحلبى وشركاه ـ بمصر ].


    يفرق السيوطى بين الكتابة والجمع فيؤكد أن :

    ( القرآن كتب كله فى عهد رسول الله ـ ص ـ ولكنه لم يُجمع فى موضع واحد ولم تُرتب سوره ) .

    [ الإتقان ص 57 ـ نقلاً عن " مصحف عثمان " لسحر سالم ص 6 ].


    بيد أن الأمر الثابت أن الاعتماد كليًا على الحفظ فى الذاكرة والجمع فى الصدور استمرا دون غيرهما حتى منتصف خلافة أبو بكر ، أى منذ واقعة غار حرىّ حتى سنة 12هـ أى ما يقرب من 25 عامًا.


    والحجة على ذلك أنه عندما شرع زيد بن ثابت فى جمعه تمهيدصا لكتابته توكأ على محفوظات الرجال، بل إن عددًا من الآيات لم يجدها مكتوبة على اللخاف والرقاع والعُسب والأكتاف، بل عثر عليها عند بعض الصحاب مثل حزيمة بن ثابت وأبىّ بن كعب.


    وإبان ذاك طفق عمر بن الخطاب ـ صاحب فكرة الجمع ـ ينادى بصوته الجهورى فى الناس

    ( من كان تلقى عن رسول الله ـ ص ـ شيئًا من القرآن فليأتنا به ).

    [ كتاب المصاحف للسجستانى ـ ص 14، 15، 16، 17 ].


    ولنلاحظ أنه لم يقل ( من كتب شيئًا من القرآن فليأتنا به ).


    مع صعوبة تصور كتابة القرآن كله على الأدوات الكتابية البدائية إياها!!!.... إلخ، فضلاً عن أن ذيّاك المجتمع المعجب شبه المتبدئ وثقافته الشفاهية فهو يعتمد فى تجميع وتراكم معارفه على الأذن قبل العين ومن ثم فإن وعاءها المعارف الذاكرة والصدرالذى يوسس فيه الشيطان لا المجرة والقلم والورقة !!!.

    إن القرآن ضم شطرًا كبيرًا منه تناول قصص الخلق والتكوين والأنبياء ثم حكايا البطاركة وهذه كلها وردت نظائرها فى الكتاب المقدس خاصة العهد القديمز


    كما قَصّ حكايا عاد وأخيهم هود وثمود واخيهم صالح والناقة المدهشة التى خُصص لها يوم تشرب فيه بمفردها والقرية بأكملها بشرصا وحيوانات لهم يوم وذلك امتحان لهم هل يصيرون أم يكفرون.


    هذه الحكايا عُرفت منذ قرون فى جزيرة العرب وتناقلتها الأجيال وراء الأجيال ( أساطير الأولين ).

    والنوعان كلاهما ( قصص العهد القديم وحكايا الجزيرة العربية لا حاجة لهما بالتنجيم أو التبعيض أو التجزئ.


    وذهب بعض المفسرين أنها أشرقت للعظة والعبرة، وفريق آخر زبر أن القصد منها التسرية عن ( البدر محمد ) وتسليته وتخفيف بعض ما يعانيه، أما الفريق الثال فيؤكد أن غرض شطر منها هو مقارنة حالته بأحوال الكمّل من البطاركة السابقين.


    [ لمزيد من التفصيلات إرجع فى هذه الخصوصية إلى كتاب ( القصص الفنى فى القرآن الكريم ) للدكتور محمد أحمد خلف الله مع شرح وتعليق لخليل عبد الكريم ـ الطبعة الرابعة 1999م ـ سينا للنشر بمصر والانتشار العربى ببيروت ].


    ولنا ملحظ شديد الأهمية ولسنا نغالى إذا قلنا إن احدًا من الباحثين لم يلتفت اإليه من قبل:

    لقد قسموا القرآن إلى : مكى ومدنى، نهارى وليلى، حضرى وسفرى، فراشى ونومى، صيفى وشتائى، أرضى وسمائى ... إلخ.

    لكن قط لم تتم التفرقة بين القصصى والمعاشى أو الحكائى والواقعى أو الروائى والحياتىوإذا وجدت ثمة مشابهة بين النوع الأول ( القصصى الحكائى ) وبين ما جاء فى الكتاب المقدس خاصة العهد القديم وبين الشائع على ألسنة العرب فيما يتعلق ببطاركة الجزيرة العربية.


    فهناك مفاصلة واختلاف شديد بين القرآن وبين الكتب السماوية السوابق عليه فى التاريخ فيما يتصل بهذه القصص ولنتركها للباحثين للتفقه فيها.


    تحريرًا فى 22 جمادى الآخرة 1422هـ.


    11 سبتمبر 2001م.




    خليل عبد الكريم
                  

العنوان الكاتب Date
خليل عبدالكريم يكتب عن السيرة Sabri Elshareef06-28-05, 03:32 PM
  Re: خليل عبدالكريم يكتب عن السيرة Sabri Elshareef06-28-05, 04:04 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de