العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 03:48 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-04-2005, 11:20 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني (Re: Sabri Elshareef)

    العرب قبل الإسلام

    العقائد.. والتعدد .. والأسلاف ( 3 )

    سيد القمني

    11 يناير 2005



    أساطير البشر



    كذلك لم يجد العرب في تميز بعض الأشخاص إلا سمات خارقة ، نسبرها إليهم أحيانا انبهارا وأحيانا تمجيدا، فهذا خالد بن سنان يطفئ النار التي خرجت بجزيرة العرب وكانت لها رؤوس تسيح فتهلك البلدان ويبدو أنها كانت ذكرى بركان مدمر، لكنهم جعلوا لنار البركان رؤوسا آكلة حاربها ابن سنان حتى أطفأها وردها إلى مقر الأرض .



    وهذا الصعلوك القوى النبيل ، يشتد الإعجاب به وبقوته حتى يقولوا انه قتل الغول واتى يحمل رأسه تحت ابطه ، فأسموه (تأبط شرا) وهذا عنترة بن شداد يشد على الأعادي فيكسر رماح الحديد وينزع النخيل من مواضعه ويحارب الغزاة ، حتى يتحول مع النزوع القومي في الجاهلية الأخيرة إلى بطل عربي قومي يحارب أعداء العرب بقواه الجبارة .



    وذاك سيف بن ذي يزن يدخل الحلم القومي الهروبي بعد تحرير بلاده من الأحباش ، فيتم التعتيم على استعانته بالفرس الذين يحتلون بلاده عوضا عن الأحباش ليتم تصويره بطلا شعبيا عظيما يقاتل الجيوش ويهزمها بقوته ومهارته .



    وهو ما يشير إلى نزوع جديد نحو أساطير البطولة للجاهلية في عصرها الأخير، لتصنع رمزها القومي العربي، وهى تنحو نحو التوحد الآتي.



    أنماط الزواج



    في جزيرة العرب ، تعددت أنماط الزواج ، كناتج ضروري لشكل العلاقات المجتمعية ، والتوزع القبلي ،وتباعد المضارب عبر مساحة تكاد تكون قارة متباينة ، تشكل فيها كل قبيلة وحدة قائمة بذاتها، ومن هنا فرضت تلك الأوضاع أنماطا عدة للنكاح ، عددتها لنا كتب السير والأخبار الإسلامية .







    النكاح لأجل



    والنكاح لأجل كان يقع على طريقتين تمثلان نوعين من الزواج ، وهو لون من النكاح الصريح الذي لا يعني زواجا بالمعنى المفهوم، والنوع الأول منه هو ما عرف بنكاح (الذواق) الذي يتم دون أي شروط تعاقدية ، ويحل برغبة أي من الطرفين متى ما شعر بعدم الرغبة في الاستمرار، وقد اشتهر بهذا النكاح (أم خارجة) التي تناكحت وأربعين رجلا من عشرين قبيلة، فكان يأتيها الرجل متوددا يقول ؟ خطب ، فترد: نكح ، فيأتيها، حتى ضرب بها المثل فقيل : أسرع من نكاح أم خارجة ، وهو الخبر الذي أورده الزبيدي في تاج العروس والميداني في مجمع الأمثال .



    أما النوع الثاني فهو نكاح المتعة ، وقد عرف بعد ذلك في عهد النبي (ص) كمشروع للمسلمين دون حرج ، وكان قبل ذلك واسع الانتشار بين عرب الجاهلية ، وكانت دوافعه لديهم التنقل والأسفار والحروب ، حيث كان الرجل يتزوج على صداق محدد لأجل محدد، وبقضاء المدة ينفسخ التعاقد، وقد كان لأثرياء مكة الدور الأساسي في إرساء هذا اللون من النكاح ، حيث كانوا أصحاب قوافل وسفر، وممكنات مادية تسمح لهم باقتناء الحريم على تلك الطريقة ، على محطات سفرهم بالقوافل ، ويبدو انه لون من التقنين الأحدث للطريقة الأولى "الزواج بالذواق". انكحة في عداد الزنى وعرفت الجاهلية ألوانا أخرى من النكاح وكرهته رغم عمل البعض به، فكان في عداد الزنى، وتمثله عدة ألوان ، أولها نكاح الشقار، وهو أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته دون امهار، فكانت كالتبادل البضائعي، لاحق للمرأة فيه ولا مهر لها، وقد نهى الإسلام عن هذا اللون من النكاح (لا شنار في الإسلام)، ورغم ذلك لم يزل معمولا به خاصة بين فقراء المسلمين ، كحل غير مكلف لعدم وجود المهر فيه . وهناك لون آخر عرف باسم المضامدة ، تتخذ فيه المرأة خليلا أو أكثر على زوجها، وكانت تفعله نساء القبائل الفقيرة زمن القحط ، وكان يتم بعمل الرجل فتذهب إلى السوق وتعرض نفسها على ثرى يكفلها ويمنحها المال ، ثم تعود بعد ذلك لزوجها بعد أن توسر بالمال الكافي لإعاشة أسرتها، وبدوره كان نكاحا بدفع العامل الاقتصادي أساسا.



    ثم ألوان أخرى من النكاح البدل المعروف بتبادل الزوجات، وزواج المقت، وكان مكروها من العرب وأسموه المقت كرامة له، وكان يتزوج بموجبه الرجل زوجة أبيه كجزء من ميراثا عند موت ذلك الأب ، وقد أبطل الإسلام هذا اللون من الزواج ، هذا ناهيك عن نكاح الاستبضاع الذي يطلب فيه الرجل بذرة سيد عظيم في رحم زوجته عساه يرزق بولد عظيم .



    ومن انكحة الزنى الصريح ، نكاح صاحبات الرايات الحمر، وهن بغايا مكة اللائي كن ينشطن في مواسم التجارة وموسم الحج ترغيبا للتجار وأهل السوق ، وقد شجع أثرياء مكة صاحبات الرواية الحمر، لمزيد من الإنعاش الاقتصادي، لكنهم مع ذلك كانوا على مروءة إن حملت المرأة، حيث يلحق ولدها بما يرى أهل الفراسة والقيافة أو بضرب القداح ، فيصبح ابن من تقع عليه الحظوظ .



    انكحة بالعرف



    وقد تواضع العرف القبلي في ظل ظروف التشتت القبلي ، والإغارة والاقتتال بين القبائل وبعضها، على لون بشع من ألوان النكاح ، هو لون صريح من الاغتصاب المهين ، ينزل بالقبيلة المهزومة ونسائها، حيث كان من حق المنتصر سبي النساء والاستمتاع بهن حيث تصبح ملكه بالسبي، ويصبح من حقه بيعها إن لم يجد من يفتديها منه . ومثله نكاح الإماء بالشراء والامتلاك ، وهذا اللون من النكاح كان لا يعرف عددا للنساء الحريم على سرير الرجل . وهو شبيه بالزواج غير المحدد لعدد الزوجات الذي كان معرفا بدوره بين الطبقات الثرية ، لكنه كان نادرا معدودا، حتى تجده في خبر أو اثنين ، كما جاء عن غيلان الثقفي الذي أسلم وتحته عشر نسوة.



    مكانة المرأة



    حول مكانة المرأة في جاهلية العرب الأخيرة ، اختلف الباحثون إزاء ما بأيديهم من معطيات تتضارب اشد التضارب ، وتتناقض إلى حد عدم الالتقاء أبدا. فذهب الباحثون إلى طريقين على ذات الدرجة من التضارب والتناقض ، منهم من رأى للمرأة في الجاهلية مكانة تتميز بها عن وضع بنى جنسها عند بقية الشعوب ، وأنها سمت إلى وضع السمت في المجتمع ، بينما ذهب فريق أخر إلى النقيض وهبط بها إلى أسفل سافلين .



    الشكل الارقى



    ومن ذهبوا بمكانة المرأة في ذلك العصر إلى مكان السمت المتميز، اعتمدوا على ما جاء بديوان العرب من أشعار، تبين كيف كانت المرأة هي الوتر الحساس في قلب كل عربي، ومبعث كل الهام ، حيث التزمت القصائد جميعها تقريبا نهجا يهيم بالمرأة ويمجدها، وما يلاحظ على المعلقات التي لا تخلوهن الإشادة بالمرأة والتغزل فيها بل والفخر بها.



    ويعود الاتجاه نفسه إلى المأثور العربي وماروا من أخبار عرب الجاهلية في المصادر الإسلامية ، ليجد العربي حريصا على كرامة المرأة ويعتبرها موضع شرفه ، حتى شنت من اجلها حروب ، وأبرزها موقعة ذي قار التي انتصرت فيها ثلاث قبائل عربية متحالفة ، على الفرس ، بسبب رفض النعمان بن المنذر تزويج ابنته للملك الفارسي . كذلك حرب الفجاع الثانية التي قامت بين قريش وهوازن تلبية لاستنجاد امرأة بآل عامر للذوذ عن شرفها، ولا ننسى حرب البسوس التي دامت أربعين عاما بسبب انتهاك جوار امرأة ، وما قصة عمرو بن هند وعمرو بن كثلوم إلا ابرز مثل لآنفة العربي وحرصه على كرامة المرأة وعزتها.



    وتروي كتب الأخبار وطبقات الشعراء كيف كانت المرأة تستشار في عظائم الأمور، كما في حادثة سعدي أم اوس الطائي، ناهيك عن مشاركتها للرجال في ساحة القتال ، تحثهم على المثابرة وشد أزرهم ، وتداوي الجرحى وتدعو للأخذ بالثأر، فيستبسل الرجال مخافة سبي نسائهم ، وقد كان لواء (الحرثية) في شعر حسان بن ثابت وراء نصر تريش في احد على المسلمين ، فعندما سقط لواء المكيين هرعت إليه (الحارثية) وسط الرماح والسيوف وحملته ، فتجمعت حوله فلولي7. المنهزمين ، وظلت تهتف بهم حتى عادوا وحملوا على المسلمين حملة شديدة . ودور (هند بنت عتبة ) في ذات المعركة من أهم الأدوار في تاريخ تلك الحروب، حيث أتت بنساء مكة وقيانها يشحذن الرجال وينشدن الأناشيد الحماسية لتأجيج الحمية القتالية. وكانت (هند) من شاعرات العرب اللائي يصفن المعارك ويحسن تصوير الأبطال ، واشتهرت أيضا كفيلة بنت النضري، وأروى بنت الحباب ، وبنت بدر بن هفان والهيفاء القضاعية ولأمراء أن الخنساء ذهبت من بينهن بعمود الشعر رثاء وفخرا وحماسة وحربا.



    ولا يغيب على فطن انتساب قبائل العرب إلى أمهاتها مثل بجيلة وخندق وطهية ومعاوية ونويرة ، ويبدو أن الحرص على مكانة الأم كان وراء حرص العربي على كرم النسب وطهارة الرحم ، وقد ذكر كتاب الأغاني في حديثه عن حرب الفجاع أن (مسعود الثقفي) ضرب على زوجته (سبيعة بنت عبد شمس ) خباء وقال لها: من دخله من قريش فهو آمن، فجعلت توصل في خبائها ليتسع .



    وفي الأشعار تقدير عربي شديد للمرأة ، فيخاطبها إذا كانت زوجة بأفضل الألقاب ، فهو يقول لها:



    يا ربة البيت قومي غير صاغرة



    ضمي إليك رحال القوم والقربا



    واللقب، وتعبير (غير صاغرة ) يشير إلى أي درجة من السمو كانت.



    الشكل الآني



    أما أصحاب الاتجاه الآخر، فيستندون إلى ذات المعطيات وذات المادة التاريخية ، ليعطونا صورة من أشد الصور بخسا بحق المرأة ، فكانت تورث مع المتاع إذا توفى عنها زوجها، ويرث الولد زوجة أبيه ويتصرف فيها حسب مشيئته ، فبامكانه أن يتزوجها، أو يزوجها لغيره ويأخذ مهرها، أو يعضلها حتى تموت ، أي يمنعها من الزواج حتى تدفع فدية عن نفسها. فهي في منزلة بين الإنسان والأنعام، أو هي مثل متاع البيت متعة لصاحبه ، وسميت متاعا بالفعل، مهمتها الاستيلاد والخدمة، وشاع الكثير عن بفض العرب للبنات ، حتى سئل إعرابي: ما ولدك؟ قال : قليل خبيث ، قيل: وكيف ذلك ؟ قال : لا عدد أقل من الواحد، ولا أخبث من بنت.



    وهذا (أبو حمزة العيني) يهجر زوجته إلى بيت مجاور بعد أن ولدت بنتا، حتى أمست تقول شعرا:



    ما لأبي حمزة لا يأتينا



    يظل في البيت الذي يلينا



    غضبان إلا نلد البنينا



    تالله ما ذلك في أيدينا



    وإنما نأخذ ما أعطينا



    ونحن كالأرض لزارعينا



    ننبت ما قد زرعوه فينا



    وغني عن التنبيه تلك الرؤية المتقدمة للرجل كسبب في جنس الوليد، وأن المرأة مجرد أرض تقبل الجنس المزروع وتنبته .



    هذا ناهيك عن ظاهرة الوأد كأبشع الظواهر طرا، وقد ذهب بعضهم إلى قصر الميراث على الولدان الذكور وقالوا، لا يرث إلا من يحمل السيف.



    التحليل التاريخي



    ومثل هذا التناقض في المعطيات ثم التناقض بالتبعية في تقارير الباحثين حول وضع المرأة في الجاهلية، لا يحله إلا رؤية تاريخية موضوعية ، قد عاش العرب في قبائل متعددة موجودة جنبا إلى جنب في زمن واحد، ولكن في مناطق مختلفة ، وهى تتداخل معا، ففي مكة جمع شكل المجتمع القبيلة إلى جوار الواقع الحضري، وطريقة العيش ووسائل الكسب ، من رعى وغزو إلى استقرار زراعي، إلى تجارة ، أثرها الذي يجب أخذه في الاعتبار عند مناقشة وضع المرأة في الجاهلية ، وهو موضوعنا التالي.



    العامل الموضوعي ووضع المرأة



    سبق وأشرنا إلى اختلاف آراء الباحثين في وضع المرأة زمن الجاهلية ، كما ألمحنا إلى أن ذلك الاختلاف ناتج من تعدد القبائل والأشكال المجتمعية على التحاور في زمن واحد، في مناطق مختلفة ، كذلك تنوع الأقاليم وطرق الكسب التي تتباين ، وما تبع ذلك بالضرورة من اختلاف في وضع المرأة ، ولا ريب أن دخول الشكل الطبقي أدى إلى ثراء قبائل ضاربة على طرق التجارة ، مقارنة بقبائل ظلت على فقرها في باطن الجزيرة ، إضافة إلى التفاوت الطبقي داخل القبيلة الواحدة ، وما ارتبط به ذلك التطور الاقتصادي في تفجير الأطر القبلية في المناطق التي أصابها ذلك التطور، فتغيرت بناها المجتمعية وسعت نحو نزوع وحدوي على مستوى الأرض والسماء، مما أدى إلى نشوء وعي قومي وحدوي، استشعرت فيه قبائل العرب بوحدة جنسها، وكان لكل تلك التطورات دورها في اختلاف وضع المرأة ، مما أدى لاختلاف رؤية الباحثين بدورها.



    ظاهرة الوأد



    يقول القرآن الكريم معقبا على ما آل إليه حال المرأة في العصر الجاهلي ، آمرا، ناهيا ((لا تقتلوا أولادكم من إملاق ، نحن نرزقكم وإياهم ))، وينبه (الدكتور علي عبد الواحد وافي) هنا إلى أن الوأد الناتج عن الفقر لم يكن فيه تمييز بين الذكر والأنثى، فكانوا يندون على الجملة ، وهو رأي فيه نظر، حيث لم يثبت وأد الذكور على الإطلاق ، حيث كانت البداوة ونمطها بحاجة دائمة إلى ذكور شغيلة محاربين ، لكنه يطرح من جانب آخر وجهة نظر بشأن وأد الإناث، فيقول إنهم اعتقدوا أن البنت من خلق الشيطان ، أو خلق إله غير إلههم ، فوجب التخلص منها.



    وفي هذا التفسير الديني نجد تفسيرا اقرب للمقبول عند الدكتور (علي زيعور) حيث يقول : إنه كان لونا من طقوس التقرب لإله القمر (ود) رمز الأنوثة في رأيه ، وإنه كان من بقايا القرابين البشرية ، التي درجت عليها الشعوب القديمة ، قبل استبدالها بذبح الحيوان فداء للإنسان .



    لكن ما يعني الأمر هنا هو أن المطالع لكتبنا الإخبارية لن يجد ظاهرة الوأد أمرا متفشيا، كما هو شائع ، بل كان على العكس نادر الوقوع ، ذكرت حالات بعدد قليل لا يرقى بالحالة إلى ظاهرة منتشرة ، وقد عابه العرب وانكروه . أشهر حالتين يتم ذكرهما حالة (قيس بن عاصم) وحالة (عمر بن الخطاب).



    ولعل صدق الوحي والتنزيل هو الفيصل بشأن سبب الوأد، في بعض مواضع وبعض قبائل الجزيرة ، حيث أشار للوضع الاقتصادي وأثره في تلك العادة ، فالفقير بحاجة للولد المنتج ، وليس بحاجة لأنثى فم يلتهم في مجتمع ندرة على العموم، ثم كان حال القبائل المتحارب يعرض الإناث للسبي والعار، وكان محتما أن تهزم القبيلة الفقيرة وتسبي بناتها، لقلة عتادها وخيلها.



    والدليل على عدم تفشي الوأد، وأنه بالفعل كان ناتج الإملاق كما قال الوحي الصادق ، أن علية القوم ومن تيسر معاشهم فتهذبت نفوسهم ، استهجنوا ذلك بشدة ، فكانوا يفتدون البنات من الوأد، واشتهر من بين أجواد العرب (صعصعة بن ناجية ) جد (الفرزدق )، الذي اخذ على نفسه إلا يسمع بمؤودة إلا فداها، فسمي محيي الموءودات ، وقال الفرزدق فيه :



    وجدي الذي منع الوائدات



    وأحيا الوئيد فلم يوأد



    وتعبر حادثة (أم كحلة الأنصارية ) عن كون السبب الاقتصادي وراء تعاسة المرأة كفم آكل غير منتج في وسط فقر وندرة ، حيث ذهبت إلى رسول (ص) تقول : يا رسول الله توفى زوجي وتركني وابنته فلم نورث ، فقال عم ابنتها قوله فيها صدق الحال ، قال : يا رسول الله هي لا تركب فرسا ولا تحمل كلا ولا تنكي عدوا، يكسب عليها ولا تكسب .



    وهناك سبب أخر أدى إلى حالة واحدة أخرى من حالت الوأد النادرة ، ويتعلق بالظاهرة في قبيلة تميم ، حيث كانت تميم قد امتنعت عن أداء الإتاوة للنعمان ملك الحيرة ، فجرد عليهم حملة سبت نساءهم ، فكلموا النعمان في نسائهم ، فحكم بترك حرية النساء في الاختيار لقرار النساء أنفسهن ، فاختلفن في الاختيار ما بين البقاء في حوزة من سباهم وبين العودة لذويهم، وكانت فيهم بنت (قيس بن عاصم )، وهي الحالة النادرة المشار إليها، فاختارت سابيها على زوجها، فنذر (قيس ) أن يدس كل بنت تولد له في التراب ، وافتدى به بعض تميم نكاية في النساء.



    الوضع الطبقي



    كان نشوء الطبقة عاملا أساسيا في تحديد وضع المرأة ، فكان هناك الإماء، والحرائر، وكانت الحرائر تتمتع بمنزلة سامية ، يخترن أزواجهن ، ويتركهن إذا أساءوا معاملتهن ، ويحمين من يستجير بهن، وكن موضع فخر الأزواج والأبناء، بعكس أبناء الإماء الذين كانوا يستحيون من ذكر أمهاتهم.



    وعلا شأن المرأة في الوسط الثرى، خاصة إذ أتمتعت هي بالثراء، فكانت تختار زوجها كما حدث من السيدة خديجة أم المؤمنين وكانت إحدى ثريات مكة المعدودات ، عندما خطبت لنفسها الرسول عليه الصلاة والسلام ، وكان اخررن يفخرون بنسب أنفسهم إلى أمهاتهم.



    وكما سبق وأشرنا فقد ارتبط ذلك التطور الاجتماعي ونشوء الطبقة بنزوع قومي واضح، كانت المرأة طرفا في جدله التاريخي، حيث كانت امرأة سببا في حرب العرب والفرس في ذي قار، والفرح الاحتفالي الهائل في الجزيرة بالنصر العربي، أما النزوع القومي وشعور قبائل العرب أنهم جنس له فوعيته وخصوصيته ، فقد دفعهم إلى عدم تزويج بناتهم من أعاجم مهما بلغ الأعجمي من مراتب الشرف والسؤدد والمال.



    الحب والزواج



    يبدو انه رغم ما نسمع عن قيود وأعراف عربية ، وضعها المجتمع على علاقة الشاب بالفتاة، فإننا نسمع أيضا مع نشوء الطبقة الثرية عن مجالس سمر تعقد في أفنية الدور، ويجتمع فيها الشباب والشابات حيث تضرب الدفوف ويرقص الحداءون ويلقى الشعر، خاصة في أخر سنوات الجاهلية الأخيرة .



    وكان الشاب منذ بلوغه يبدأ التشبيب بالنساء ويلاحقهن ، وكان ذلك إحدى علامات الرجولة والفخر، ولان الشعر كان أغنية العربي وفصاحته ، فقد كان كل شاعر يبدأ شعره بالغزل ، إلا أن الشعر النسوي كان يخلو تقريبا من ذلك الغزل ، حيث كان بوح المرأة بمشاعرها لونا من خلق الحياء التقليدي بين العرب .



    اختيار الزوج



    وإذا تأخرت خطبة الفتاة ، التي عادة ما كانت تتزوج في سن مبكرة (حوالي الثانية عشرة)، فإنها كانت تلجأ إلى طلب الرجل ،فتنشر شعرها، تكحل واحدة من عينيها، وتسير تحجل في الشارع ليلا تنادي: يالكاح، أبض النكاح ، قبل الصباح .



    وهو أمر يشير إلى أن العرب وان درجوا على عادة اختيار الفتى لفتاته، فان العكس كان حادثا، وتشير الأحداث إلى أن المرأة كانت حرة في اختيار زوجها، خاصة إذا كانت من علية القوم، فهذه (هند بنت عتبة) تقول لأبيها: إني امرأة ملكت أمري، فلا تزوجني رجلا حتى تعرضه علي، فقال لها وذلك لك.



    وتقول المصادر أن حق ابن العم في بنت عمه كان عرفا مقدما ومسنونا، إلا أن العرب بعد ذلك صارت تدرج على التزاوج من خارج القبيلة ، ويقول الباحثون إن ذلك كان ناتج ملاحظة أن زواج الأقارب يأتي بالضاوين (الضعفاء والمشوهين )، فصارت لهم في ذلك أمثال مضروبة، من قبيلها : لا تتزوجوا من القريبة فيأتي الولد ضاويا، والزواج من البعداء أنجب للولد وابهى للخلقة واحفظ لقوة النسل ، لا تتزوجوا في حيكم فانه يؤدي إلى قبيح البغض، النزائع لا القرائب .



    زواج الغريب



    ويبدو لنا أن الزواج من قبائل أخرى، كان مرحلة متطورة تساوقت مع التطور اللاحق ، الذي دفع بأفراد القبائل للخروج عن الحالة القبلية الأولى ، ونظام التحالفات الذي كان إرهاصة بالقومية والتوحد، سعيا وراء توفير ممكنات إقامة أحلاف قبلية كبرى قوية . وابرز الأمثلة على ذلك عندما بلغ الصراع ذررته بين كتلتي هاشم وأمية في مكة ، وبدأ كل من البطنين يعقد تحالفاته الكبرى ضد الآخر، وكيف وهى السياسة التي اختطها هاشم بنفسه، وتبعه فيها بنوه من بعده.



    لكن ذلك لم يمنع استمرار الزواج من داخل القبيلة بالطبع وكان للطبقة والفقر والفني دوره في ذلك، فكانت الفتاة في الطبقات الأدنى تفضل زواج الأقارب لأنهم أكثر معرفة بشئونها من الغرباء، وأحرص على ستر عيوبها وسلامتها، وفي حكاية (عشمة البجلية ) ما يشير إلى هذا المعنى، فقد نصحت شقيقتها (خود) عندما جاءها خطاب أغراب حسان ، بقولها: تزوجي في قومك ولا تغرك الأجسام ، فشر الغريبة يعلن ،وخيرها يدفن ، ترى الفتيان كالنخل ، وما يدريك ما الدخل ؟!



    الطلاق



    معلوم أن الطلاق كان بيد الرجل ، وكانوا يطلقون ثلاثا على التفرقة فإذا تمت امتنعت العودة، لكن أيضا كان من حق المرأة الثرية ، ويشار إليها بالشريفة لمالها، حق الطلاق ، وقد أشار أبو الفرج الأصفهاني في أغانيه إلى ذلك في حديثه عن نساء الجاهلية يطلقن الرجال ، وبلغ الأمر حدا لا تجبر فيه المرأة على المصارحة بالطلاق ، بل كان يكفيها أن تحول باب خيمتها من الشرق إلى الغرب فيفهم الرجل انه قد طلق من امرأته.





































































                  

العنوان الكاتب Date
العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Sabri Elshareef05-23-05, 06:55 PM
  Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Sabri Elshareef05-24-05, 09:37 AM
  Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Sabri Elshareef05-26-05, 02:38 PM
  Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Bashasha05-26-05, 03:10 PM
    Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Ibrahim Malik05-26-05, 03:20 PM
  Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Sabri Elshareef05-26-05, 03:50 PM
  Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Bashasha05-26-05, 04:05 PM
    Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Ibrahim Malik05-27-05, 01:33 PM
  Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Bashasha05-26-05, 04:20 PM
  Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Sabri Elshareef05-26-05, 06:47 PM
  Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Bashasha05-26-05, 08:28 PM
  Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Sabri Elshareef05-27-05, 04:54 AM
  Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Sabri Elshareef05-28-05, 01:52 PM
  Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني بلدى يا حبوب05-29-05, 01:32 AM
  Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Sabri Elshareef05-30-05, 09:35 AM
  Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Sabri Elshareef06-02-05, 06:32 AM
  Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Sabri Elshareef06-03-05, 10:24 PM
  Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Sabri Elshareef06-04-05, 11:17 PM
  Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Sabri Elshareef06-04-05, 11:20 PM
  Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Sabri Elshareef06-11-05, 10:43 PM
  Re: العرب قبل الاسلام دراسة للدكتور سيد القمني Sabri Elshareef06-24-05, 09:50 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de