|
محمد محمد خير (فطرة في ودنوباوي )و( شية في سوق الناقة ) و(يلا بلا كندا )
|
من اقاصي الدنيا الرد بأحسن منها محمد محمد خير [email protected] أسرتني الكلمة الرفيعة التي كتبها أستاذي البروفيسور خالد المبارك التي رحب فيها بعودتي للسودان، بعد برد وثلج وقهر و(هملة) فوجب الأمر في مقام تلك الكلمة أن أحييه مثلما حياني.
طاف البروفيسور خلال كلمته عبر عدة محطات جمعت بيني وبينه منذ عام 96م، حيث التقينا بصنعاء في حلقة تدارس نظمتها منظمة اليونسكو حول تعددية اجهزة الاعلام العربية والحريات الصحفية.. في تلك الفترة التي كانت الانقاذ تستعصم بصحيفتين تسكب عبرهما عصارة واحديتها ومركزيتها. وتسب معارضيها بأقذع ما تكون الشتائم.
جاء البروفيسور من لندن وجئت من القاهرة. وفي ذلك العام 96م كنت توصلت لقناعة عميقة المفادات بأن المعارضة السياسية في القاهرة ليست سوى مأتم بلا نواح، رغم ما أنجزته على صعيد المواثيق النظرية في اسمرا. وما كان يتسع لها للتحرك ضمن أطره المختلفة، زعماء يتنافسون على سراب. وآخرون يدربون أنفسهم للوزارة ويستعينون عليها بإجهار النوايا السيئة. ويستبطنون تشفياً من غل ونوايا صادقة للنهب في رابعة النهار.
عم التجاني ذلك الماركسي الجعلي يحلم بالشهب الشريفة ويراهن على انتفاضة الشعب ويؤكد وحدة قوى التجمع. وكعاداته يقل في الطعام ويسرف في الطمأنينة. وأنا أتوجع لأنني رأيت ما ستؤول اليه الامور منذ ذلك العام الذي شددت في منتصفه الرحال قاصداً ما بشّر به النورس من ثلج غرب الكرة الارضية. وها أنا أحمد الله ان ظني لم يخب، فها هي المعارضة تلتئم في قنصلية جدة مثل مغترب (مشكوش) وتو ِّقع ميثاقاً على مستوى وحجم حقيقتها وتزوِّر!
لم استطب العيش هناك أيها البروفيسور الجليل، لأن مذاق (المول) ليس كسوق ليبيا ولا (داون تاون تورنتو) مثل السوق العربي الذي تطلع منه نوافير الناس مثلما تتموج أشعة ليرز وسط تورنتو.
أجد نفسي هنا وسط الشفاه الناشفة والوجوه الجافة والعمائم المغبرة والقلوب الأبيض من طويل التيلة. وضجة الباعة وشظف المشترين والحلم الذي يظلل خطى الناس ويلوِّنها بالأمل الجميل.
وأقول مرفوع الرأس، والكل يعرفني، أفطر مع الصادق المهدي، ونتناجى أنا والكوباني. وبيننا مصطفى محمد حسن دنيا وعجائب، حكاوي وأصول، فواتح وزيارات مرضى ورنة من د. عاطف صغيرون تتخللها ذكريات الكرنتينة (ج).. وتلك الأيام التي ذكرتها ضمن كلمتك.. أنت في السودان إذن أنت موجود، لا أدري لماذا غاب هذا الجدل الوجودي على سارتر!
استعد الآن لركل المنفى نهائياً قانعاً بالضحكة الكبيرة. وفاتحاً أشرعتي لكل الرياح والنسائم والرقائق وصدري للغفران. وقلبي مصوب في كل اتجاه، لا أحلم إلا بأن استمر هنا وسط من أحببتهم وأحبوني. وأستل من شاربي سيوفاً أحارب بها كل من تسوِّل له نفسه بإقصاء الجمال عني. ويوم الجمعة سنلتئم في سوق الناقة (شية) وضحك ( يلا بلا كندا).. إن أتعس ما يلاقيه الانسان ان ينزل على بلاد ضيفها عن القرى وعن الترحال محدود.!
نقلا عن سودانايل
|
|
|
|
|
|