الشريعة الاسلامية .. رؤية أخرى !!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 03:29 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-20-2004, 11:54 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الشريعة الاسلامية .. رؤية أخرى !!

    د. محمد عابد الجابري

    كاتب ومفكر مغربي - أستاذ الفلسفة والفكر الإسلامي -جامعة محمد الخامس
    _________ نقلا عن الحقائق الالكترونية

    عرضنا في المقال السابق إلى أمثلة من اجتهادات أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب، رضي الله عنهما، من حيث اختلاف كل منها عن الأخرى في مجال تطبيق الشريعة في قضايا معينة؛ وقد فعلنا ذلك في إطار المسألة التي طرحناها بعنوان "الشريعة واحدة والتطبيق مختلف" (انظر العدد المؤرخ بـ17-02-2004). واليوم نريد أن نختم الكلام في هذا الموضوع بإضافة البيانات والملاحظات التالية إلى ما ذكرناه في المقال السابق، فنقول:

    من المسائل التي عمد فيها الصحابة إلى تطبيق الشريعة على أساس مراعاة الظروف وعدم التقيد بحرفية النص مسألة قطع يد السارق. وقد شرحنا في مقال سابق نشر في هذه الصفحة بعنوان "تطبيق الشريعة لا يكون إلا نسبيا" ( بتاريخ 17-02-2004) كيف أن تنفيذ حد السرقة كان موضوع شروط دقيقة واحتياطات كثيرة، بحيث أن تطبيقه لم يكن يتيسر شرعياً إلا في ظروف خاصة. وكنا قد أشرنا إلى أن عمر بن الخطاب قد نهى عن قطع يد السارق، بسبب الجوع، في "عام المجاعة".

    ونريد هنا أن نبرز مناسبة قراره هذا. ذلك أنه روي أن غلمانا سرقوا ناقة لرجل فاشتكاهم إلى عمر بن الخطاب، فاستدعى عمر صاحب الغلمان وقال له: "أراك تجيعهم". ثم سأل صاحب الناقة عن ثمنها وأمر صاحب الغلمان أن يدفع له ذلك الثمن وترك الغلمان. وقال عمر لصاحب الغلمان: "أما لولا أني أظنكم تستعملونهم وتجيعونهم حتى لو وجدوا أمام ما حرم الله لأكلوه، لقطعتهم. ولكن والله، إذ تركتهم، لأغرمنك غرامة توجعك". ويروى في هذا الصدد أن ابن عباس فعل الشيء نفسه عندما عرض عليه عبد سرق حمارا ونحره قائلا: "خفت أن أموت جوعا"، فترك العبد بدون قطع وأمر سيده بأن يدفع ثمن الحمار. كما ذكروا أن عمر بن الخطاب قال في رجل سرق من بيت المال: لا يقطع، لأن له فيه حقا! وأنه قال في عبد سرق مرآة زوجة سيده: "ليس عليه قطع: خادمكم سرق متاعكم".

    ومن ذلك أيضا ما يروى عن النبي (صلى الله عيه وسلم) من أنه قال:" لا تقطع الأيدي في السفر" وقيل:"في الغزو". وعن زيد بن ثابت أنه قال: لا تقام الحدود في دار الحرب مخافة أن يهرب الذين تجب فيهم إلى العدو. كما روي عن حذيفة أنه نهى عن إقامة حد شرب الخمر على أمير من أمراء الجيش وذلك خوفا من أن يستغل العدو ذلك لمصلحته. وهذا ما يسميه الفقهاء: تأخير الحد لعارض. ومثله تأخير الحد عن الحامل والمرضع وعند المرض وزمن البرد والحر، لأن تطبيق الشريعة بإقامة الحد في مثل هذه الظروف، ظروف الحمل والرضاعة والمرض والبرد والحر، يتسبب في إيذاء الشخص المحدود، إيذاء لا يدخل في الحد. والأصل هنا: مراعاة مصلحة المحدود. وهكذا فالمصلحة يجب أن تكون حاضرة دوما في تطبيق الشريعة ويجب أن يكون لها الاعتبار الأول.

    ومعلوم أن شرب الخمر لم ينص القرآن فيه على حد معين. وعندما أوتي بشارب خمر ذات يوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن كان معه من الصحابة: اضربوه. فكان منهم من ضربه بيده، وكان منهم من ضربه بثوبه أو نعله. فلما انصرف صاح فيه بعض الحاضرين:"أخزاك الله"، فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تقولوا هذا، لا تعينوا الشيطان عليه".

    وسار الأمر كذلك في تطبيق الشريعة على شارب الخمر، أعني نهره وضربه بدون تحديد عدد الضربات إلى أن حدث في خلافة عمر أن بعث إليه خالد بن الوليد قائد الجيش يشتكي إليه من أن الناس(الجنود) منهمكون في شرب الخمر وأنهم قد استهانوا بالعقوبة (مجرد الضرب)، فاستشار عمر الصحابة فقال علي بن أبي طالب: إن الرجل إذا سكر هذى وإذا هذى افترى، وعلى المفتري ثمانون جلدة. فقال عمر: يجلد ثمانين جلدة كالمفتري. وهكذا فعندما كان شرب الخمر غير متفش كان مقدار العقوبة قليلا ولكن عندما كثر وبات يهدد العلاقات الاجتماعية بالخلل والفتنة زادوا في مقدار العقوبة لكون درء المضرة يقتضي ذلك.

    ومثل ذلك مسألة الزواج ببنات أهل الكتاب من اليهود والنصارى وهو أمر أجازه القرآن. وحدثت ظروف خاصة جعلت عمر بن الخطاب يمنعه. فقد ذكروا أن حذيفة تزوج يهودية، فلما علم الخليفة عمر بذلك كتب إليه يطلب منه أن يخلي سبيلها. ولما سأله حذيفة عن السبب، مع أن ذلك جائز بنص القرآن، قال عمر:"إني أخاف أن تواقعوا المومسات منهن". وفي رواية أخرى أنه قال:"إني أخاف أن يقتدي بك المسلمون فيختاروا نساء أهل الذمة لجمالهن، وكفى بذلك فتنة لنساء المسلمين". لقد عدل عمر عن التطبيق الحرفي للنص في هذه المسألة وهو جواز الزواج بالكتابية، واعتبر أصلا من أصول تطبيق الشريعة وهو دفع المضرة. ومع أن المضرة هنا غير حاصلة بعد إلا أن رجحان حصولها يكفي، خصوصا وقد كان الزمن زمن التجنيد العام من أجل الفتح. وقد عاد المسلمون إلى النص عندما تغيرت الحال وصار الضرر المتوقع من الزواج بالكتابية ضعيفا وغير محتمل.

    تلك كانت نماذج من "تطبيق الشريعة" على عهد الصحابة. وكما هو واضح فهي تشهد كلها على أنهم كانوا ينظرون إلى "التطبيق" من خلال ما يترتب عنه من مصلحة أو مضرة. يقول الجويني إمام الحرمين:"إن سُبِر (اختبر) أحوال الصحابة رضي الله عنهم، وهم القدوة والإسوة في النظر، لم يُرَ لواحد منهم في مجالس الاستشوار (الاستشارة) تمهيد أصل، واستثارة معنى، ثم بناء الواقعة عليه (كما يفعل الفقهاء في قياساتهم)، ولكنهم يخوضون في وجوه الرأي من غير التفات إلى الأصول، كانت أو لم تكن"، ويقصد "الأصول" التي وضعها الفقهاء لمذاهبهم الفقهية. ويقول أيضا: "إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانوا يجرون على مراسم الجدليين من نظار الزمان (زمنه هو) في تعيين أصل والاعتناء بالاستنباط به، وتكلف تحرير على الرسم المعروف المألوف في قبيله، وإنما كانوا يرسلون الأحكام ويعلقونها في مجالس الاستشوار بالمصالح الكلية"

    المصالح الكلية هي الأصل الوحيد الذي كان الصحابة يعتمدونه في تطبيقهم لأحكام الشرع. وعندما تطور الفقه وأصبح "نظريا" يتجاوز ما هو واقع وحاصل من الحوادث والنوازل إلى ما هو ممكن واحتمالي، أي إلى مجال وضع الافتراضات وما يمكن أن يتخيل من حالات، عمد الفقهاء إلى وضع أصول تحكم النظر الفقهي وتنتظم حولها الفروع أي الجزئيات، الواقعية منها والمتخيلة. ثم تطور الأمر إلى أن أصبحت بعض الفروع أصولا لفروع أخرى لتتحول هذه الفروع أصولا لفروع جديدة الخ، وهكذا تسلسل التقليد وابتعد الفقه عن الأصول الأصلية والأصيلة التي تأسست على اعتبار المصالح قبل كل شيء.

    ومع ذلك لم يتردد كثير من الفقهاء المجتهدين في الخروج عن هذه السلسلة، سلسلة التقليد، والرجوع بالرأي الاجتهادي إلى الواقع واعتبار المصلحة فيه، والاقتداء في ذلك بالصحابة وعلى رأسهم عمر بن الخطاب، فكان أن صاغ بعضهم قاعدة كلية تنص على أنه إذا تعارضت المصلحة مع النص روعيت المصلحة، باعتبار أن المصلحة هي السبب في ورود النص (في مجال المعاملات والعادات). واعتبار المصلحة قد يكون تارة في اتجاه، وتارة في اتجاه مخالف. من ذلك مثلا، أن القرآن ينص على أن "للذكر مثل حظ الأنثيين في الميراث"، ومع ذلك نجد بعض فقهاء المغرب في القرن التاسع عشر يقررون أنه إذا استغنت المرأة بزوجها فلا حق لها في ما ترك والدها، وكان ذلك دفعا للمضرة واتقاء للفتنة: ذلك أن توريث البنت في النواحي الجبلية بالمغرب حيث تعيش القبائل على الرعي في أراض مشاعة كان يتسبب في منازعات وفتن مثل تلك التي كانت تحدث في المجتمع العربي في الجاهلية. ذلك لأن ما ترثه البنت من أبيها، إذا كان من قبيلة غير قبيلة زوجها، يعنى نقل جزء من ممتلكات قبيلة إلى أخرى، وهذا ما لا تقبله، وهو شيء يخل بالتوازن القبلي، فضلا عن أنه يتعذر تطبيقه في الملكيات المشاعة. وهكذا فدرءا للفتنة أجل تطبيق الشريعة في اتجاه معين (ضد حق المرأة). وفي مقابل هذا عمد فقهاء آخرون في المغرب أيضا، بالعكس من ذلك، إلى تمكين الزوجة من نصف ما ترك زوجها الشيء الذي يساويها بالذكر، وقد برروا هذا بكون العرف السائد في المناطق المعنية يعتبر الزوجة شريكة لزوجها في أعماله ومنتوجه، إذ كانت تعمل كما يعمل، وفي بعض المناطق كانت المرأة هي التي تعمل في الحقول والغابات بينما يقضي الزوج وقته مع أصدقائه في "حديث" المجامع والمجالس.

    المصلحة تتغير بتغير الوضعيات، هذا ما لا شك فيه. والأحكام يجب أن تتغير بتغيرها. واليوم وقد تطورت الأحوال الاجتماعية والاقتصادية تطورا هائلا، جعل من الحياة المعاصرة واقعا يختلف نوعيا عن الحياة الماضية، فإن تطبيق الشريعة يتطلب إعادة تأصيل الأصول على أساس اعتبار المصلحة الكلية كما كان يفعل الصحابة. وبعبارة أخرى إن تطبيق الشريعة، التطبيق الذي يناسب العصر وأحواله وتطوراته، يتطلب إعادة بناء مرجعية للتطبيق. والمرجعية الوحيدة التي يجب أن تعلو على جميع المرجعيات الأخرى، في هذا المجال، هي عمل الصحابة. إنها المرجعية الوحيدة التي يمكن أن تجمع المسلمين على رأي واحد، لأنها سابقة على قيام المذاهب وظهور الخلاف، وهي أيضا الصالحة لكل زمان ومكان لأنها مبنية على اعتبار المصالح الكلية.









                  

العنوان الكاتب Date
الشريعة الاسلامية .. رؤية أخرى !! خالد عويس04-20-04, 11:54 AM
  Re: الشريعة الاسلامية .. رؤية أخرى !! Yasir Elsharif04-20-04, 12:48 PM
    Re: الشريعة الاسلامية .. رؤية أخرى !! nazar hussien04-20-04, 04:14 PM
  Re: الشريعة الاسلامية .. رؤية أخرى !! ودقاسم04-21-04, 09:32 AM
    Re: الشريعة الاسلامية .. رؤية أخرى !! خالد عويس04-21-04, 11:15 AM
      Re: الشريعة الاسلامية .. رؤية أخرى !! nazar hussien04-22-04, 07:16 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de