في زكـــري رحـيل الاستاذ المـبدع المفـكر احـمد الطيب زين العـابدين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 11:19 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-03-2004, 10:29 AM

Elmamoun khider
<aElmamoun khider
تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في زكـــري رحـيل الاستاذ المـبدع المفـكر احـمد الطيب زين العـابدين (Re: Elmamoun khider)

    حجة ونيس


    كان البحر ينصت إليها, و قد نام الحجيج, و صمت الضجيج, و انقلبت زرقة السماء سوادا و ضلمة لو القي فيها بحجر لتعلق بأهداب الضلام و بدت نجوم الليل كفجوات مضيئة كأنها غرست غرسا وضئ علي هذا الظلام الثخين كان "السمبك" الخشبي العتيق يمخر البحر في خرير هادي هدوء البحر نفسه بعض النواتي البجاة يسيرون علي حوافه خفافا صامتين فكأنهم أشباحا كانا يستلقيان علي ظهريهما جنبا إلي جنب و قد اطمأنا إلي هذا المركب الضعيف تحدثا في شجن عميق طوال اليوم عن الآهل و الديار كبارهم و الصغار قال"صاغه" بعد نفس عميق لرفيقه "ونيس".
    - الحي بلاقي .
    - نعم بلحيل الحي بلاقي.
    - انحنا وقت قمنا من الدار انتو عيال صغار خلاص , قومتنا منها كانت سنة جية الفكي الفوطاوي الكبير الأحمر داك يوم جا نزل في ديوان آبا الحاج مرضي قاعد يدرس الناس الرسالة , رسالة الشيخ عثمان بن فوده " وجوب الهجرة علي العباد " ها .. ابهاتنا فروا بدينهم من الفرنسيس لي بحر النيل ارض الميعاد خليناكو صغار أطفال وكت " لومي " كسر دار وداي و حكم شاد , خلاص انحن ا مرقنا دخلن السودان قلنا نحجوا الا الله ما طلق الا هسع . زمانا داك نصاري الملكة "اللنجيتيرا" دخلوا بحر النيل ذاته. ما قلت نلقاك نوريك..
    ألا الحي بلاقي .
    - نعم بلحيل الحي بلاقي .. الا انحنا قمنا قومة قاسية .. ربينا في زمن قاسي حار الفرنسيس ملكوا
    - البلد من جميعا – كتلوا الفقرا و فسدوا النسا .
    - وآي .. سمعنا .. انتوا جيتو كيف يا ونيس؟!
    - تنحنح الفكي ونيس وشد حوله غطاءه و كأنه يخشي برد الذكريات ذكري رفان عصيب اقشعر لذكراه بدنه , و قال ما معناه : دانت البلاد تماما الا تلك الحلة الكبيرة التي تعرفها بمساجدها و خلاويها, مبانيها الطينية العتيقة تتوزع علي التلال و أهلها ذوي الجبب الواسعة و العمامات الضخام , و كلهم حجاج من انتوي منهم من حج وزار رفضوا الكنيسة و البو العوام علي" القفرنير" فارسل اليهم اكثر الجند فسأله وعلي راسهم " ببشير" ابوراس كما يسميه أهل " ابشي" و معه "ماكسويل" الرهيب الذي يتكلم العربية و قد عاش في المغرب و كان يخالط الناس و يجالس النساء و يأكل طعامهم الخشن الوخيم قالوا انه رئس الاستخبارات و هو السبب في ذهاب اعداد ضخمة من الرجال العظام إلي"فور تلامي" لا يعودون منها أبدا .. ومن بعدها يقول للناس شامتا .." فلان وين ؟ دخل بيت حقايا؟! ها زين الراسا قوي كلا يمشي"دبر الفتن بين الآهلين – علم الصبيان التجسس و الوسوسة, و علم الصبايا التلصص و تقليب العيون. و علم الكبار الخضوع والخوف و الازورار. كرهه الناس اجتمعوا علي الخلاص منه دون أن يقتلوا خشية تنكيل الفرنسيس بهم , تركوا امره للشباب , عرف كبار المشايخ اسم ام "ماكسويل " فانقطعوا للدعاء عليه في الخلاوي و المساجد . آما نحن فقد دبرنا كل شي في دقة متناهية رسمنا خطط الانتقام منه . واستعنا في ذلك علي العسكر من أولاد البلد , رسمنا خطط الهرب مسبقا . أرسلت آنا إلي ابنة عمي و مطلقتي في الجنينه بارض السودان اعلمها متي و كيف يكون مجيئنا و في ليلة الأول من رمضان و قد جلس الناس في الطرقات حلقات حلقات يفطرون , وخلت الطرقات من كل مدلج , كان ماكسويل جالسا إلي أوراقه يكتب و علي المنضدة مصباح غازي ضخم اسقط منه ظلا ضخما علي الحائط و هو جالس في صحن الدار كان فراسة من أهل البلد علي علم بما سيجري فشغلوا زملائهم الفرتسيس بطعام افطار مخصوص – اتيناه من خلفه من حيث الاسطبلاط كنا نزحف كالقطط في الظلام و انقضينا عليه اربعه كالنمور الأفريقية الجائعة آنا و حزام و دتم و رزق قاوم الكلب المسعور و لكن هيهات . رتقنا ساقيه واوثقنا يديه خلف ظهره كممنا فاه وعصبنا عينيه ناولناه لاخرين من خلف حائط الدار سحبوه علي ظهره فوق " عنقريب" معد طرحوا عليه ثوبا ابيض ناصع البياض كالكفن , حمله أربعة , وتبعه الباقون كمشيعين . تقبلوا فيه الفواتح و العزاء في المنعطفات و الدروب و هم يضحكون . انتهي به الأمر في المقابر وقف حوله الشباب ازالوا عصابة فمه و قالوا له انه حر في أن يبكي او يصرخ و لكنه لم يفعل فلقد كان قاسي القلب غليظ المرار قالوا له انه سيدفن حيا وبداوا بحفر قبر و هو يسمع ولا يري و لكنه لم يأبه بل جعل يذكر أسماءهم واحدا واحدا .... و يهددهم بأنهم سيدفعون الثمن .. قال انه يحب هذه البلاد و أهلها . أطلقت هذه الجملة فكرة مجنونة لدي " دتم" فقال له : انك متهم و لكنك لاتشبههم و لابد من تعديل وجهك لتصير واحدا منا سنشلخ وجهك شلوخ "السارا" و اخرج من جيبه مصلا حادا و امسك اثنين بشعر رأسه الأشقر الطويل فبدا ماكسويل في الصراخ و العويل و النذير بالويل و الثبور و عظائم الأمور .. و في سرعة فصده ثلاث فصدات علي الخدين و اختلط دمه بدمعه و تلطخ الثوب الابيض بالدم .. و تفرق الجميع و هم ممتلئون هولا مما فعلنا. تركناه حيث هو . ولكن " دتم" لم يكتف بما فعل , عاد إلي دار ماكسويل عبث بأوراقه وأشيائه . و فرق بيننا بعض السلاح – و الفرنكات و الريالات " القشالي" و ماريا تريزا و شلنات إنجليزية , اخذ حصان ماكسويل الأشهب و انطلق إلي بحر شاري حيث خؤولته.
    كنا ثلاثتنا حزام و رزق و آنا نفس الليلة في طريقنا إلي الجنينة تصببت خيولنا عرقا في برد الشتاء
    تجنبنا " ادري" شرقا لم نقف لطعام فقد كنا صياما ليل نهار دخلنا الجنينة من شرقيها و هي مليئة بعيون و جواسيس الفرنسيس فقد كانوا طامعين فيها ما كنت اعرف أين تقيم " ورنينقا" و لكني حسبت أنها ستكون في فريق الآهل بقي رزق مع الخيل خارج المدينة . اخدنا الواحنا و سرنا مهاجرين في طرقات المدينة نتسقط الاخبار تبعنا حركة البيوت إلي أن سمعت الصوت الذي اعرفه تماما صوت " ورنينقا" ابنة عمي وهي تغني علي المرحاكة الرحاة القديمة تعد الطحين , و ترمز منادية :
    اوري لي رونينقا خلي ليا سيبي
    اوري لي ورنينقا در دقي جيبي
    شتتي ورنينقا شوكتي لمي
    انتي يا ورنينقا ريدي داك تمي
    انت بت عمي يا فرجي همي
    كان صوتها رخيما دافئا حنونا صادقا لمس شفاف قلبي .. و أعاد أيام صباي , وقفنا عند باب الدار نحاكي صغار المهاجرين يحملون ألواح الشرافة إلي أبواب الدور فما يأبه بهم أحد بل يتعاطف معهم الجميع .. بدأنا ننشد :
    ست البيت سلام عليكي
    لينا و ليكي ولي والديكي
    شحدنا الله عيال يديكي
    سبعة حاجين ... سبعة داجين
    سبعة بيقروا في ربع ياسين
    تامين تامين مازول ناقصين
    - هم تامين؟!
    - مازول ناقصين
    - مرحب حباب المهاجرين ... ابقوا قدام
    أوشكت أن اسقط في حضنها من المحبة و الشوق و الحنين .. ابتعدت عني وهي تمد يدها بالتحية ادخلنا الدار و عاد " حزام" ليعود " برزق" و الخيل ... سألتنا .
    -تتعشوا حلو؟!
    لامر و عيفون
    مرس و عطرون؟
    قالت : (سنة و كتاب) فعرفت انها لا تريد بقائي في بيتها الا بالحلال, و كان عندي شاهدي عدل و بعض الريالات , فرددت زوجتي القديمة و أقمنا شبة متخفين عاما بحاله إلي أن تكاثف وجود العيون في الجنينة , سمعنا أن " ماكسويل" عاد إلي فرنسا و أن بعض الشباب ذهبوا إلي فورتلامي و لم يعودوا و أن " دتم" قد اعدم .لفتت حمحمة الخيول أنظار بعض جواسيس الفرنسيس و جعلوا يحومون حول البيت , فقررنا التوغل في تراب السودان , فخرجنا في ليله ماطرة بثلاثة خيول كنت أردف زوجتي خلفي , وصلنا وادي " كجا" منتصف الليل و كان الوادي يغلي كما المرجل و قد احدودب الماء يحمل الشجر و حيث البهائم الغرقى , أجفلت منه الخيل وازورت عنه فقلنا لورنينقا زغردي و صوت الجميع يضربون "الرورة" وزغردت "ورنينقا" كما السحلاة فوقفت الخيول متحمسة في لجة الماء , عامت مع التيار القوي منجرفة بشدة تعلو أنفاسها و آهاتها إلي أن وصلنا الشاطي الشرقي , وقع رزق و الحصان يحاول الصعود إلي اليابس وأوشكت زوجتي علي الانزلاق من ورائي ولكن الله ستر , سرنا بقية ليلنا و يوم آخر قبل أن نطمئن , اشتريت حمارا " لورنينقا " في الطريق لاريح الحصان.و في منطقة كاورا تابعنا ضبع جاسر " آبو حجل " مرعفين ضخم كان مهتما بالحمار يتابعنا من بعيد اسماه " حزام " " طلوباري" و في ليلة حالكة الظلام سمعنا انه الحمار و عراك الذئب و فقدنا الجحش إذ بقرت بطنه وصرت رديفا مرة أخرى آنا وزوجي إلي زالنجي حيث اشتريت حمارا آخر , سرنا في سهول ممرعة واوديه خضراء إلي أن دخلنا فاشر السلطان وياله من بلد , كان جميع الأهل كانوا في الفاشر , نزلنا ضيوفا علي أهلنا ثم افردوا لنا منزلا و صرت اعلم القران , بلد عجيب و كبير خيره وفير و أمنه كثير و علمه غزير , قال أهله " آلما قرا ابن عاشر ما يشق الفاشر " .هيا .. هنا انجمينا , ورنينقا جابت ثلاثة , ولدين وبت البيت عمر .. الحمد الله .. هيا السنه نويت الله يتم و بعد باكر إحرام الله يزورنا البيت ويمسكنا الشباك .. والله زمتكو مر و كلامو قاسي الا كلام النصراني الشلخو دا , سمعنا , جانا في أم شوكة فوق بحر ازرق , قالوا من يوما الفرنسيس رفعوا أيدهم من " ابشي " دار المسلمين و عمروا فور تلامي و دار سارا في الصعيد , هاي السوو كثير بعدكم الا الله يعلم بيه .استمرا يتآنسان يهدرهما البحر و تحرسهما النجوم , ناما و لكن مشوار السفر داخل الذات استمر في أحلام الرجعة إلي الطرف الآخر البعيد .. إلي وداي و لكن السمبوك العتيق كان يسير شرقا عكس مشوار الأحلام والذكري باتجاه الانتماء و الشوق القديم , وفي ضحي الغد كان ونيس يتكي علي مقدمة المركب يرقب الزرقة الصافية المتصلة ما بين البحر و السماء يريد أن يري كيف ينفصل هذا المتصل الأزرق , وفجأة بدا خط ابيض رقيق بين السماء والأرض , يتسع وينفرج كلما تقدم المركب القديم الراقص , بدا الساحل كابتسامة وئيدة ما تزال تتسع شيئا فشيئا و بدا ازرق البحر و ازرق السماء و بينهما الشاطي الرملي اللالاء كابتسامة فتاة ممراح من " دار صليح " اسنان بيضاء براقة بين شفتين موشومتين , و تذكر " ورنينقا " و ترددت داخله اصداء اول الرحلة ...

    انت يا ورنينقا ريدي داك تمي
    انت بت عمي فرجي همي
    و امتلا من الداخل فرحا و لم يتمالك نفسه فانحدرت دمعتان لم تنزلا منذ أيام المسيد وصاح في صوت مفعم مخنوق آبا " صاغا " وصلنا يا آبا صاغه داكو الحجاز بلد الرسول .. مبروك ليك ..

    احمد الطيب زين العابدين
    منظور سودانوي – السودان الحديث 6/ديسمبر/1994 م











                  

العنوان الكاتب Date
في زكـــري رحـيل الاستاذ المـبدع المفـكر احـمد الطيب زين العـابدين Elmamoun khider01-03-04, 08:54 AM
  Re: في زكـــري رحـيل الاستاذ المـبدع المفـكر احـمد الطيب زين العـابدين Elmamoun khider01-03-04, 09:26 AM
    Re: في زكـــري رحـيل الاستاذ المـبدع المفـكر احـمد الطيب زين العـابدين Giwey01-03-04, 10:00 AM
    Re: في زكـــري رحـيل الاستاذ المـبدع المفـكر احـمد الطيب زين العـابدين Elmamoun khider01-03-04, 10:29 AM
    Re: في زكـــري رحـيل الاستاذ المـبدع المفـكر احـمد الطيب زين العـابدين Elmamoun khider01-03-04, 10:32 AM
  Re: في زكـــري رحـيل الاستاذ المـبدع المفـكر احـمد الطيب زين العـابدين Elmamoun khider01-03-04, 11:01 AM
  Re: في زكـــري رحـيل الاستاذ المـبدع المفـكر احـمد الطيب زين العـابدين Elmamoun khider01-04-04, 04:39 PM
  Re: في زكـــري رحـيل الاستاذ المـبدع المفـكر احـمد الطيب زين العـابدين Elmamoun khider01-06-04, 11:24 AM
    Re: في زكـــري رحـيل الاستاذ المـبدع المفـكر احـمد الطيب زين العـابدين Tumadir01-06-04, 11:38 AM
  Re: في زكـــري رحـيل الاستاذ المـبدع المفـكر احـمد الطيب زين العـابدين Elmamoun khider01-15-04, 10:01 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de