(أخونا) السيد / رئيس الوزراء معتز موسى المنزعج من ما آلت إليه حالة الفوضى الخلّاقة التي ضربت بأطنابها المهم والتافه من أمور تسيير هذا البلاد المنكوبة والتي على ما يبدو تسير بلا هُدىً نحو الهاوية ، يصُرُ على مسك العصا من النصف وأن يبدأ من حيث إنتهى الآخرون ولكن بلا (مرتكزات) ، فالرجل (يبالغ) في إضفاء الشفافية على شخصيته و(يستميت) من أجل قيادة توجهات الرأي العام نحو (تبجيل) تواجده الميداني ومتابعته للهموم اليومية لعامة الجماهير وفوق كل هذا وذاك تواصله المباشر عبر وسائط النشر الإلكتروني مع كافة الناشطين والتعاطي معهم حول مواضيع كثيرة بعضها (عملي) والبعض الآخر (نظري) ، وكأن الرجل يُحاكي بعض أفعال المسئولين الأوروبيين في كثيرٍ من الدول الديموقراطية والذين يُعبِّرون كل فينةٍ وأخرى عن تواجدهم الميداني في مواقع المشكلات أو لمجرد التعبير عن حاجتهم الشخصية للركون إلى حياة طبيعية و(عادية) تكفُل لهم التواصل مع العامة دون حواجز ولا بروتوكولات ، لكن ما فات على أخينا معتز موسى أن أولئك القوم من المسئولين في الدول الديموقراطية التي تحترم الحرية والعدالة وتعتمد المساواة المطلقة عبر قداسة الدستور والقانون ، يعتمدون قبل خروجهم ميدانياً وإحتكاكهم بالواقع الطبيعي لمجتمعاتهم التي (لا يحكمونها) بقدر ما (يديرونها) على نظام مُحكم يعمل من خلفهم بكل صرامة ودقة وحيادية ، فالوزير أو الحاكم الفطِن هو الذي يكون مُطلعاً على مُجمل الأحداث والإجراءات والأعمال وهو جالسٌ في مكتبه بإطمئنان ، لا نريدك سيدي رئيس الوزراء في موقع المشكلة بل نريدك أن تدرءها عبر الأنظمة والتوجهات والقرارات وأنظمة المتابعة الهيكلية ، فدون وجودك في أفران الخبز وأجهزة الصراف الآلي ومحطات الوقود ، مسئولين وموظفين ميدانيين يُمثِّل التواجد الميداني إختصاصاتهم الأصيل وإلتزامهم المبدئي تجاه الدولة والجمهور ، أما أنت فمكانك مواقع سبك وإعداد عمليات التخطيط والسياسات والتوجهات والحصول على الضمانات التي تتيح عدم حدوث المشكلات والأزمات ، فإن كنت مضطراً لذلك ولا تقصد (لا سمح الله) مجرد الظهور والدعاية الإعلامية ، فهذا يعني أنك تعاني خللاً كبيراً في منظومتك الإدارية والفنية التي لا تستطيع أن تعمل بفعالية إلا في وجودك ومتابعتك الشخصية ، فالوقت سيدي رئيس الوزراء لن يكفيك والوضع لا يحتمل فنحن قاب قوسين وأدنى من (الإنهيار الكبير) ، فلن تستطيع أن تقف بنفسك (محتاراً) مع المحتارين في ما يحدث من مواجع في قطاعات التعليم الحكومي وفي ما يواجه الناس من مشكلات في المستشفيات وتلقي العلاج والحصول على الدواء ، وفي ما يعانية المتضرِّرون من خصخصة هيئة الموانيء في بورتسودان ، وما يعانيه مزارعي مشروع الجزيرة من شتاتٍ وضياع مستقبل ، وما يعانية عامة الناس من سوء في الخدمات و تفشي الغلاء وإستشراء الفقر والجهل والمرض ، وما يعانيه النازحون من مناطق الحرب والزعزعة الأمنية في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق ، وما يفعله غول الفساد المستشري في أركان الخدمة المدنية وهياكل الدولة ومؤسساتها ، كل تلك المشكلات وغيرها الكثير هي من صميم مسئولياتك ومن أبرز إلتزاماتك تجاه الوظيفة والمنصب ، لن يجديك حيالها التواجد الميداني أو المكوث الدائم أو المتقطع في مواقعها ، لكن ربما سيكون مجدياً أن تعمل من موقعك وعبر ما أوتيت من أدوات وإمكانيات على تخطيط سليم وجريء و(محايد) لا يستهدف سوى مصلحة الوطن والمواطن ( لو أُفسح لك المجال لفعل ذلك) ، يستطيع على الأقل أن يُمثِّل (نظاماً) صارماً ومعتمداً يعمل بفعاليه لتفادي الأزمات وحل المشكلات دون الحاجة للنزول إليه ميدانياً ومراقبته بنفسك .. السودان في أشد الحاجة لأن يعمل كل مسئول في موقعه وفي ما يليه من إختصاصات .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة