*بقدر إعجابي وتقديري للتعايش الإيجابي بين مكونات النسيج المجتمعي في أستراليا التي قامت نهضتها على أكتاف المهاجرين من جميع أرجاء العالم بقدر ما أزعحجني الإتجاه الذي تبناه رئيس الوزراء الفيدرالي للحد من ظاهرة الهجرة إلى أستراليا. *تبنى رئيس الوزراء الفيدرالي اسكوت موريسون مشروع تقليص عدد المهاجرين إلى أستراليا، وأعلن عن خطة لإجبار المهاجرين الجدد للمكوث 5 سنوات في المناطق الإقليمية إذا أرادوا الحصول على الإقامة الدائمة. *حذر موريسون من نفاد صبر الأستراليين تجاه تدفق المهاجرين لأستراليا وقال : الأستراليون يقولون كفى كفى كفي .. دون أن يوضح لنا من هم هؤلاء الأستراليون، وهل هم الأستراليون الأصليونThe Aboriginals أم المهاجرون الذين إستقروا في أستراليا من جميع انحاء العالم أم المهاجرون البيض ؟!!. *مع كامل التقديرللظروف والتداعيات التي تدفع الحكومات للتشدد من منح حق اللجوء للمهاجرين الجدد إلا ان ذلك لايبرر هذه الهجمة المرتدة ضد المهاجرين الجدد التي تسعى الحكومة الأسترالية التضييق عليهم مسبقاً. *الأخطر من ذلك هو الإتجاه الذي إبتدرته الحكومة الأسترالية لسن قوانين جديدة بهدف محاربة الإرهابيين تعطي الحكومة حق سحب الجنسية من الذين يرتكبون أو الذين يشتبه في أنهم يشرعون في تنفيذ عمليات إرهابية حتى وإن كانوا من الذين ولدوا في أستراليا. *ترمي القوانين المقترحة التي ستطرحها الحكومة على مجلس النواب الفيدرالي في كانبرا إلى سد الطريق أمام أي إجتهاد قانوني يتيح حق الصفح او التساهل مع من يرتكبون أو يتهمون بالشروع في تنفيذ أعمال غرهابية. *هناك إتفاق بين كل مكونات المجتمعات العقدية والثقافية والإثنية على إدانة الجرائم الإرهابية بغض النظر عن معتقد او جنسية مرتكبيها، لكن التجارب العملية أثبتت أنه ليس بالقوانين وحدها يمكن محاربة الإرهاب والإرهابيين. *هناك حقيقة لابد من تأكيدها هنا وهي أن الإرهاب لا دين له ولا وطن ولاجنسية محددة، وأنه لابد من إحياء القيم الأخلاقية والدينية والإنسانية وسط الناس كافة لضمان السلام المجتمعي والبعد عن التشدد والعنف وكراهية الاخر. *الأهم والأولى هو تعزيز ثقافة السلام والتعايش الإيجابي بين كل الناس وحماية وإحترام كل المعتقدات الدينية، ومحاصرة كل أنماط التمييز السالب لأي سبب من الأسباب وتقوية أواصر المحبة والإخاء في مواجهة كل صنوف القهر والظلم في بلادنا وفي جميع أرجاء العالم. *إن الهدف الأسمى لكل الديانات والثقافات توفير وحماية وضمان كرامة الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالي على العالمين، ولابد من الحفاظ على حقوقه كاملة غير منقوصة بلا إكراه او قهر أو سوء إستغلال لإنسانيته. *هذا هو السبيل الوحيد لمكافحة الإرهاب وليس التضييق على الناس مهما كانت الأسباب التي لايمكن تعميم الحكم عليهم مسبقا ومحاصرتهم بالقوانين المقيدة للحريات والإجراءات القسرية العازلة لهم. *بقيت كلمة أخيرة لابد من قولها وهى ضرورة الحفاظ على رحابة التعددية الثقافية والإثنية في أستراليا وتعزيز القيم الإنسانية الجامعة وعدم إحداث اي شرخ في النسيج المجتمعي التعددي بأحكام تمييزية جائرة.
*رئيس تحرير صحيفة "الصحافة" السودانية الأسبق ---------------------------------------------------------
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة