أحد الخبراء التربويين وعبر قناة طيبة الفضائية أفاد في حوار معه حول ظاهرة التسرُب المدرسي أن الإحصاءات تشير إلى أن حوالي 30 % من الطلاب ما بين مرحلتي الأساس والثانوية يمثِّلون فاقداً تربوياً كل عام ، وتبعاً لضبابية المعلومات التي (توردها) وزارة التربية والتعليم عن هذا الموضوع والمتناسق مع ما تميَّزت به حكومة المؤتمر الوطني من إغلاق كُلي لأبواب الحقائق الواقعية الماثلة حتى لا يرى الناس عوراتها القبيحة خصوصاً في مجال التعليم ، بات بالنسبة إلينا نحن الإعلاميين وبقية المهتمين بالشأن العام ، لا مفر لنا من إستقاء المعلومات خارج أبواب المنافذ الرسمية للدولة ، مع المحاولة المُستميته لإستوثاق وتأكيد المعلومات الواردة ، والتي عادةً ما تكون من منظمات وهيئات مجتمعية متخصصة ، أهم ما يُميَّزها أنها محايدة ، ولا شُبهة حولها فيما يتعلَّق بما يمكن أن تجنيه من مصالح مقابل تزييف المعلومات أو تزويرها ، أما إذا كان هذا الرقم الذي ورد هو بالفعل نسبة الفاقد التربوي السنوي في دولتنا التي أصبح جُل بلاءها حكومتها التي لا تلتفت إلى جراحات البلاد والعباد المتتالية ، فالأمر جلل وستكون عواقبه وخيمة لا نحسها اليوم ولكن سنجني تبعاتها في غدٍ قريب ، فإتساع دائرة التسرُب التربوي أو التعليمي خصوصاً في السنوات الأكاديمية الأولى للطلاب ، هو عنوان عريض وبابٌ واسع لما يمكن أن يُعانيه هذا الوطن ومجتمعه من جهلٍ وفقر وتخلُف ، صحيح نحن الآن مُصنَّفون وحسب المعايير الدولية دون مستوى الفقر المعتمد لقياسات المنظمات المتخصصة في هذا المجال ، ولكن في غدٍ قريب سيكون للجهل والتخلُف كلمةً (أُخرى) في تأطير (الفقر) في السودان بواجهة جديدة ومُغايرة ، قوامها الإستلاب الفكري والثقافي والتناحر القبلي والعرقي (المكشوف) وغير المُتدثِّر بعباءة الإنتماءات السياسية والتوجهات الآيدلوجية ، فضلاً عن إتساع حجم ونوعية الجريمة بأنواعها المختلفة وفي مقدمتها آفة المخدرات والإتجار بالجنس والبشر ، ولما كنا وبعد كل هذه التجارب المُمتدة في عهد الإنقاذ قد نفضنا أيدينا عن كل ما خطر بالبال من آمال وطموحات تفيد إلتفاتة هذه الحكومة من غفوتها وإهمالها وتآمرها على منظومة التعليم الحكومي ، وعدم ربطها لما تعكسه تعنتاتها السياسية والمنهجيه من سلبيات مُسبِّبه لإنهيار المردود التربوي والتعليمي في السودان ، بدءاً بمعضلة مركزية التنمية (على علاتها) وإنعدام الإرادة السياسية لإحالة مناطق الحروب في الأقاليم الثائرة إلى رقاع ٍ آمنة وتنعم بالسلام ، بالإضافة إلى إنجراف وزارة التربية نحو دعم التعليم الخاص لصالح دعم ميزانياتها بالرسوم والجبايات ، كان لا بد من أن ندعو المجتمع ومنظماته وروافده الأمينة إلى الإهتمام أكثر بهذه الظاهرة المدمرة ، وذلك عبر العودة إلى ما كنا عليه سابقاً من تآذر وتعاضد مجتمعي ، فكلنا مسئولٌ عن كل تلميذٍ يتجوَّل في الأسواق أو الأماكن العامة وهو يرتدي الزي المدرسي أثناء ساعات الدوام المدرسي ، وكل طفل يعمل في مهنة لا تتناسب مع عمره وإمكانياته الجسدية والذهنية ، وكل طفل يتعاطى المخدرات أو يُدخِّن أو يمارس أيي ممارسات لا تليق بعمره أمام أعين المجتمع والمارة من شرفاء هذه البلاد ، ونحن من جيل تربى ونهل قدراً لا يُحصى من القيِّم والأخلاقيات والسلوكيات الكريمة ما بين البيت والمدرسة والشارع ، إسألوهم إذا وجدتموهم يتسكعون بزيَّهم المدرسي في الشوارع ، حاولوا بأبسط الإمكانيات توجيههم التوجيه الصحيح ، أو تلمُس مشكلاتهم عبر أسرهم وإدارة مدارسهم ، إستكشفوا الثغرات في البيئة الأسرية والمدرسية وكل ما يمكن أن يُهدِّد ثروتنا البشرية الواعدة ، كُلٌ يعمل في ذلك بما يستطيع ، فقد فُقد الرجاء في حكومة الفشل المتتالي ، وعلى ما يبدو ما من أمل في أن يصبح الإنسان السوداني (بعضاً) من إهتماماتها وهمومها.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة