وعي الأزمة يقود عملية التغيير بقلم عادل إسماعيل

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 11:06 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-06-2018, 04:14 PM

عادل إسماعيل
<aعادل إسماعيل
تاريخ التسجيل: 09-08-2014
مجموع المشاركات: 25

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
وعي الأزمة يقود عملية التغيير بقلم عادل إسماعيل

    04:14 PM August, 06 2018

    سودانيز اون لاين
    عادل إسماعيل-
    مكتبتى
    رابط مختصر


    و وعي الأزمة إنما هو طريقة التفكير التي نمت و تطورت عقب و أثناء أزمة ألمت بالمجتمع . و هو هو صاحب النفوذ النافذ الرئيسي الذي يسرع أو يبطئ تحريك عملية التغيير من قعرها ، و ذلك يتوقف على فهم دعاة التغيير لفحوى وعي الأزمة و كيفية التعامل معه . و في حقيقة الأمر ، لن تستطيع عملية التغيير أن تنطلق دون إدراك للعوامل التي تتحكم فيها ، و على رأسها الوعي الذي أنتجته الأزمة ذاته . و كما أشرنا في غير مقال ، إن السبب الأساسي في عجر حركة التغيير عن الانطلاق ، برغم المشاعر الصادقة و الجياشة تجاهها ، إنما هو محاولة دعاة التغيير و سعيهم لإنجازه خارجا عن هذه العوامل النافذه و المتحكمة في خلق مسارات عملية التغيير .
    في الظروف الطبيعية ، أو تلك التي تدنو لتكون طبيعية ، تقوم منظمات المجتمع المدني مقام الاستاذ المعلم لمنتسبيها ، أكانت تلك المنظمات المدنية نقابات أو اتحادات أو روابطا أو أحزابا . و ذلك لأنها تحشد منتسبيها و تجعلهم يلتفون حول مصالحهم المباشرة الحياتية ، بقليل اختلاف مع الأحزاب في هذا الأمر . فمن خلال التدريب و المطالبات بالحقوق و النقاش المفتوح مع أصحاب الهم و الاهتمام المشترك ، ينمو و يتطور وعي منتسبيها ، و من ثم تنداح معارفهم ، و تتلاقح مع ما هو مطروح من فكر و برامج و مشاغل حياة و ينتج عنها أساليب حياة تختلف اختلافا عاديا و تنسجم انسجاما نسبيا .
    و كما ترى ، فإن هذه النقابات و الاتحادات و الروابط و الأحزاب مثلت مدرسة لأصحاب الهم و الاهتمام المشترك ، تغذوا منها المعارف المتعلقة بحياتهم المهنية و تعلموا منها العمل الجماعي ، بما أطعمتهم من علم و عمل . و لذلك كان تفكير الحكومات العسكرية ضبط اتجاه و مقدار الدفق المعرفي الذي ينيرهم بحقوقهم و يستثيرهم للمطالبة بها .
    و بالرغم من اجتهاد الحكومات العسكرية النوفمبرية ( 1958 – 1964 ) و المايوية ( 1969 - 1985 ) في تحجيم هذه النقابات و الاتحادات و الروابط و الأحزاب ، إلا أن "نجاحها" كان محدودا نسبيا لأنها أكتفت بزعزعة قياداتها و تشتيتهم . فلم يكن تفكيرها شيطانيا بشكل كاف حتي تمزق عراها حتى العصب ، إذ أنها أبقت على الهم و الاهتمام المشترك دون أن تعي أن جذوة الحقوق مدفونة في أعماقها ، فما أن شمت هذه الجذوة رائحة التغيير في اكتوبر 1964 و أبريل 1985 ، حتى استفاقت من غفوتها ، تنير الطريق .
    و لكن ما هو الهم و الاهتمام المشترك ؟
    و الهم المشترك إنما هو العيش المشترك في المجتمع المتجانس ، و الاهتمام المشترك إنما هو سبل كسب العيش المشتركة ، اللذان تصنعهما هذه النقابات و الاتحادات و الروابط و الأحزاب . و هو ما عجزت الحكومات العسكرية النوفمبرية و المايوية عن إفنائه . فماذا فعل انقلاب الاسلاميين "الإنقاذ" حيال ذلك ؟
    صوبت حكومة "الإنقاذ" ، منذ مجيئها ، ليس على نسف بنيان النقابات فحسب ، إنما على محتواها و معنى الحياة الكامن فيها و هو الهم و الاهتمام المشترك . فكان أن تفتقت عبقرية الشر المحض عند الإسلاميين ، فقضت على أساس الحياة فيها بإنشاء نقابة المنشأة ، فأصبح تقسيم النقابات رأسيا بعد أن كان أفقيا ( إطلاق مسمى التقسيم الأفقي و الرأسي للنقابات ، و اكتشاف خطها البياني كان من بنات أفكار الكاتب الكبير الراحل تاج السر مكي ) . فماذا يعني هذا ؟
    إذن إسمع ، فالتقسيم الأفقي ، يعني أن أصحاب المهنة الواحدة ينتظمون في أفق واحد و يلتقون و يتدارسون همومهم و اهتماماتهم المتشابهة ، حيث يلتقي العامل بالعامل و الطبيب بالطبيب و المهندس بالمهندس و كل صاحب وظيفة أو مهنة بزميله ، يعرفون قضاياهم و مصالحهم . و كما ترى ، هذا هو الوضع الصحيح و الطبيعي .
    و أما نقابة المنشأة ، فإنما هي تقسيم رأسي ، يقطع قطعا رأسيا الخط المار ، عبر هذه المنشآت ، و الضام لأصاب المهنة الواحدة ، و يسجنهم داخل منشأتهم مع من لا يشبهونهم لا في الهم و لا في الاهتمام ! حيث يجلس المدير مع الغفير ، و بينما يكون هم و اهتمام الأول أن يحصل على بدل مواصلات لأطراف العالم ، يكون هم الثاني أن يحصل على بدل مواصلات لأطراف ولايته ! و لو افترضنا عدم استحياء الثاني للمطالبة بحقوقه أمام مطالب الأول ، فإن السلطة كانت تستجيب لمطالب الأول في مسعى منها لتأمن جانبه و تأييده لها في منشأته . و رويدا رويدا تتحول إدارة نقابة المنشاة إلى كونها ممثلة للسلطة في نقابة المنشأة ، بدلا عن كونها ممثلة لنقابة المنشأة في السلطة ، و انتهى بها الأمر إلى تنزيل مطلب السلطة للنقابة بدلا عن رفع مطالب النقابة للسلطة !
    و بطبيعة الحال كل معوق لهذا الطراز للعمل النقابي الجديد ، من العاملين و العمال ، تم إبعاده تحت مسميات مختلفة أشهرها الصالح العام" .
    تزامن مع ذلك المفهوم الشرير ، شديد الشر ، أن رفعت الحكومة يدها عن بندي التعليم و الرعاية الصحية ، بل جعلت منها مصدري دخل لها كما باهى بذلك أحد قادتها . و كما ترى ، إنما هما بندان ملحان لا يحتملان تسويفا و لا مزاحا . فخرجت جموع الشعب السوداني فرادى في دروب الحياة ، تقبلها شوارع و أزقة و تلفظها أخرى ، تبحث عن عمل ، فإذا هي في بيئة غريبة ، لم تألفها ، ولذلك عليهم طرق طرائق غير مطروقة ليعتاشوا منها و يعولوا أسرهم و لتدبير شئون التعليم و الرعاية الصحية . فأنتجت هذه التجربة المريرة وعيها الخاص بها ، و هو ما جعلنا نطلق عليه وعي الأزمة ، و هو ما أشرنا له في غير مقال من أن هذا الوعي لم يخرج من رحم الأحزاب ، بل هو متجاوز لها و لمعرفتها التي ألفتها .
    غني عن القول ، إن هذا الوعي الذي أنتجته الأزمة يتسم بخصائص حادة الملامح ، كالسكاكين ، بقدر حدة التجربة . و لا يمكن انجاز عملية التغيير دون احترام هذا الوعي و فهم هذا الوعي و التصالح مع هذا الوعي .
    و لكن ما هي سمات هذا الوعي ؟
    إنه وعي فردي ، و وعر ، و عنيد . فأما كيف كان فرديا ، فلأن تجربة توفير معينات الحياة التي خاضها أحدهم تختلف في حيثياتها عن التجربة التي خاضها الآخر . و أما كيف كان وعرا ، فلأن التجربة التي خاضوها لم تسبقها تجربة مثيلة تلطفها . و أما كيف كان عنيدا ، فلأن مكتسبي هذا الوعي غير مستعدين بالمرة للتنازل عنه لأي سبب كان و ذلك لأنه أبقاهم أحياء حتى الآن دون أن يكون للأحزاب و المنظمات الشبيهة فضل في ذلك ! و لعل هذا ما يفسر عدم تفاعل هذه الجماهير مع دعوات الانتفاض و العصيان بشكل كبير رغم نبلها . و من سخرية القدر ، حينما دعت منظمات المجتمع المدني و الأحزاب السياسية المعارضة إلى مسيرة سلمية للإفراج عن قادتها المعتقلين ، لم يلب الدعوة سوى نفر قليل ، في حين لبى مئات الآلاف دعوة تزامنت معها للاحتفال بسنوية فنان الشباب الكبير محمود عبد العزيز ! و لم تسأل منظمات المجتمع المدني و لا أحزاب المعارضة عن سر عزوف الجماهير عنها وهي تنحو للطرب في بيئة معادية للطرب !
    هذا الوعي الفردي و الوعر و العنيد ، هو الذي خلق الطبقة الوسطى الجديدة ، وتشمل في ما تشمل سائقي المواصلات العامة و بائعات الشاي و الأطعمة و أصحاب المهن الهامشية و كذلك المهن القلقة ( راجع مقالنا "الخطاب الانتخابي و أدب النافذتين" ) .
    و حركة التغيير ، على مر التاريخ البشري ، تقودها الطبقة الوسطى أو التي يتردد في جنباتها صدى الطبقة الوسطي . و ذلك لسبب مباشر و بسيط : الطبقة الوسطى تملك الطموح للتغيير و الوعي الضروري لإنجاز هذا التغيير . إذ أن الطبقة "العليا" ، في معظمها ، ليس لديها طموح للتغيير ، فهي "عليا" ، فلماذا تطمح للتغيير ؟ و أما الطبقة "الدنيا" ، في معظمها ، لديها طموح للتغيير ، و لكن ليس لديها الوعي الضروري لإنجاز هذا التغيير ( راجع مقالنا "الطبقة الوسطى لم تختف و إنما تغير شكلها و محتواها" ) .
    و لكن ، و الحال كذلك ، أصبح وعي الطبقة الوسطي وعيا فرديا و عرا و عنيدا ، فكيف إذن بإمكانه إنجاز تحريك عملية التغيير ؟
    و كما ترى ، لن تتحرك عملية التغيير إلا إذا صار الوعي الفردي و الوعر و العنيد ، جماعيا و لطيفا و لدنا . و لكن الجماعية و اللطف و اللدانة تتطلب ماعونا تمتخص فيه هذه الصفات مع مثيلاتها . و مع غربة منظمات المجتمع المدني و الأحزاب و النقابات عن الجماهير ، لم يبق لهذه الجماهير من فرصة سوى الماعون الانتخابي تمتزج فيه و تتناغم فيه حتى تتبلور آراؤها و تنسجم أهدافها و تتصالح مع آمالها و آلامها .
    و بالطبع ، يهرب من فكرة الانتخابات من أدرك أن جماهيره ما عادت كما كانت . فعلى سبيل المثال ، كان معظم شرق السودان يستجيب لدعوات الأحزاب الاتحادية ، و لكنه أستقل بمن يمثلونه مسلحين و غير مسلحين ، و ذلك لأنهم أدركوا أن ماعون فكر و مشاعر الأحزاب الاتحادية و زعيمها ، يعاملهم كمعطى ثابت لا ذوات لهم و لا معنى لحياتهم إلا ما يخلعه عليهم هذا الماعون . و لسخرية القدر ، عندما قام قادة الشرق بتسوية سياسية مع حكومة المؤتمر الوطني ، رفض قادة الشرق حتى مجرد وجود الميرغني في المفاوضات ! و في ذات السياق ، كان معظم غرب السودان يستجيب لدعوات حزب الأمة و زعيمها ، و لكنه الآن استقل بمن يمثلونه مسلحين و غير مسلحين ، لأنهم أدركوا أن ماعون و فكر ، .... إلخ . و كذلك الحزب الشيوعي ضاق ضيقا شديدا حتى على منسوبيه ، و أصبح ذا حساسية مريضة تجاه أي محاولة لإصلاحه و تكور على نفسه ، يخشى جهرة الوعي الذي أنتجته التجربة المريرة و المروي من 48 ألف قمر صناعي ، تصب مختلف المعارف صبيبا . و أما الأحزاب العروبية و الأحزاب الأفريكانية ، فإنها نواف لبعضها البعض و لا يسع ماعوناهما بعضها البعض ، فلم تع بعد الأحزاب العروبية أن الشعب السوداني ليس عربيا ، إنما هو سوداني ، و كذلك لم تع الأحزاب الأفريكانية أن الشعب السوداني ليس أفريكانيا ، إنما هو سوداني . و أما حزب المؤتمر السوداني الشاب ، فما يزال مترددا بين نهج الأحزاب الكلاسيكي و اتباع تفكيرها و بين السير وحده في طريق يظنه موحشا و طويلا ، بل لعله يستملح معيتم و يطرب لاعترافها به .
    جفلت الأحزاب من فكرة الانتخابات و لم تر فيها فرصة للتعلم من الجماهير التي يجب أن تمثلها ، حيث تمنحها الجماهير فكرا ، و تمنح هي الجماهير وعاء ينمو فيه هذا الفكر و يتناغم و يكون مرنا و طريا حتى يتصالح و ينمو مع الاختلافات بداخله . و ذلك ما يجعلنا نشجع الجماهير لخوض تجربة الانتخابات ، أيا كانت نقائصها ، ففيها إضعاف للعقل السياسي السائد حكومة و معارضة ، عموما منذ الاستقلال في يناير 1965 ، و خصوصا منذ انقلاب الاسلاميين في يونيو 1989 .
    فحالة السيولة السياسية التي تتخلقها الأجواء الانتخابية ، مطلوبة في ذاتها ، إذ أنها تجعل الوعي الفردي و الوعر و العنيد ، يتدفق حرا باحثا عن شبيهه في الهواء الطلق ، يتحاوران و يتناغمان و يتلطفان ، و يتجهان نحو الجماعية و اللطافة و اللدانة ، حتى يصل هذا الوعي كتلته الحرجة بما يحدث نقلة نوعية تضعه في أول عتبات عملية التغيير ، فينطلق المارد العاتي .




























                  

العنوان الكاتب Date
وعي الأزمة يقود عملية التغيير بقلم عادل إسماعيل عادل إسماعيل08-06-18, 04:14 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de