من اصعب الكلمات و العبارات التي تكتب في الرثاء و نكتب راضين بقضاء الله و قدره. و لا نقول الا ما يرضي الله . و نقول عن فقيدنا تعلمنا منه كل السجايا الكريمة والقيم النبيلة و الثبات عند المحن و قلوبنا يعتصرها الالم ويؤلمنا و يحزننا الفراق ولكن منه ننهل التبسم في النوازل ساخرين من دنيانا التي لا تدوم لاحد ، فالبقاء لله وحده. و أي نازلة أكبر من رحيل الاخيار امثاله. نسأل الله ان يتغمده بعفوه و رحمته. رجل يفتقده الوطن و المواطن. رجل وطني من الطراز الاول. رجل برحيله يترك لنا هوة مفتوحة و لها عمق سحيق حيث كان الرجل يحمى و يدافع عن الحق و لا يخشى في الحق لومة لائم. و تذكرت في الايام الاولى لثورة الانقاذ حيث تم اعتقال شيخ قبيلة البطاحين الشيخ الراحل محمد صديق طلحة و كان هو ( في دورة ) بالقاهرة و حينها كنت طالباً بجامعة الازهر الشريف ، و عندما سمع بالخبر قطع الدورة و سافر الى الخرطوم و اطلق سراح شيخ البطاحين و كان قوياً و شجاعاً يعرفه العسكريين في ساحات المعارك و معروف بثباته كالجبال الرواسي و عزيز النفس و كريم الخصال و رجل سمح في كل معاملاته. الفقيد تربطني به علاقة خاصة جداً غير علاقة الرحم و القربى و القبيلة و الحق يقال فالرجل كان مضيافا وعشت معه في بيته و كما كان شجاعاً في ساحات الوغى كان كريماً و ودوداً في بيته. كان رجلاً متواضعاً رغم رتبته العليا و تقلده لعدة مناصب حيث كان قائد حامية واو و كان الناطق الرسمي باسم قوات الشعب المسلحة و مدير التوجيه المعنوي و رئيس التحرير لجريدة قوات الشعب المسلحة و رئيس لجنة الامن و الدفاع بالسودان و قبلها كان مدير الكلية الحربية و مع كل ذلك هو نفس الرجل لم يتغير لان معدنه اصيل و لي معه موقف و بحكم رئاسة رابطة ابناء البطاحين لقد وجهت له بعض الاسئلة المحرجة و الانتقادات في لقاء عام في مدينة جده و لكن كان رجلاً وقوراً و حكيماً و صبوراً و تركني اقول كل ما عندي ، فرد بمزحة طريفة قال فيها "النقر دا تسديرة" و فهمت مقصده منها و عندما ذهبت معه لمقر اقامته كشف لي اموراً لم يصرح بها في اللقاء العام و رد على كل الاسئلة. و قد كنت على تواصل معه و حتى في مرضه الاخير هذا كنت دائم السؤال عنه ولكن فجعت بخبر وفاته كما فجع غيري من ابناء البطاحين برحيله. و هي اجآل مسجلة و لكل أجل كتاب. "كل نفس زائفة الموت". و نتقدم بالعزاء لابناءه و اسرته و اهله و البطاحين عامة و لجميع معارفه و اصدقائه و لقوات الشعب المسلحة و للشعب السوداني. و نأمل من ابناء البطاحين في المنطقة الغربية اداء العمرة لروح الفقيد. "انا لله وانا اليه راجعون"
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة