من باب شر البلية ما يُضحك ، أو فلنقل من أجمل وأظرف ما أوردته صحف أمس الإثنين أن وزارة الري والموارد المائية ومعها وزارة الكهرباء ، تشرعان في مقاضاة مَن يروِّجون لحدوث قطوعات في المياه والكهرباء في رمضان الذي هو على الأبواب ، طبعاً المروِّجون هم كالعادة نُشطاء في وسائط النشر الإلكتروني ، والمضحك والمبكي في ذات الوقت أن هاتين الوزارتين قد تعجزان إذا تم إستجواب المسئولين فيها عن تحديد الهدف من (الركض) وراء مُطلقي تلك الإشاعات ، هل ياترى ستكون إجابتهم هي الحفاظ على سمعة الوزارتين وتاريخهما الحافل بالعمل الجاد والمتصف بالإستمرارية والجودة في تغطية إحتياجات المواطن من هذين الموردين الهامين في قائمة ضروريات ما يحتاجه الناس لخوض غمار حياتهم التعيسة في هذا البلد المتخبط الرؤى والإتجاهات والغارق في مستنقع العجائب والغرائب والمفاسِد المُقنَّنة ، وكأن وزارتي الموارد المائية والكهرباء قد حققا ذلك الإمتياز الإمدادي الذي تتمتع به الدول الأوروبيه بالقدر الذي يتيح للمنشآت والمواطنين مقاضاتهما في حال إنقطاع الإمداد لمدة خمس دقائق ، ووفق ذلك فهما تعتبران صدور إشارة أو إنذار من الذين خبروا وعايشوا مآسي إنقطاعات الإمداد المائي والكهربائي الذي تعيشه الكثير من أحياء العاصمة الخرطوم وبعض المدن الولائية الكبرى والقرى والبوادي بمثابة إهانة لتاريخهما الزاخر (بالعطاء) والإلتزام تجاه مشتركيهما ، ولعلهما أي الوزارتين قد قررتا فجأةً أن تتبنيا المثل السوداني (ضربني وبكا وسبقني وإشتكا) إبراءاً لذمة حكومة المؤتمر الوطني من معالم فشل قادم ينضاف إلى قوائم فشلها في السيطرة على سعر الصرف وتوفير الوقود وغاز الطعام وما يفيد إستقرار الأسعار في الأسواق ليس لصالح المواطن بقدر ما هو لصالح حالة إطمئنان مؤقتة يستفيد منها أصحاب السلطة والنفوذ ، إذ من المُفترض عادةً أن يكون الشاكي الذي يُقاضي هو المواطن أو المنشآت بإعتبار أنهم دائماً أصحاب الضرَّر الناتج عن القطوعات المفاجأة للكهرباء أو التردُّدات غير المنتظمة للتيار ، وكذلك القطوعات المتتالية للمياة والتي تواكبها أعطاب أخرى في الشبكة تمثل إهداراً منقطع النظير للمياه بتدفقها في الشوارع والأحياء وما يمثِّل ذلك من تهديد بيئي وصحي للمجتمع ، إلى متى ستظل إنصرافية المؤسسات السودانية تابعة لإستراتيجية حكومة المؤتمر الوطني المتعلِّقة بتسفيه وملاحقة آراء الناس في توجهاتها وأدائها ، يبدو أنهم وحسب منظومتهم التمكينية الفوقيه التي طال بلاءها كل إتجاه لايرضون أبداً إلا بالتطبيل والتزلُف والتصفيق والإنحناء ، هم أبداً لن يتعايشوا أو يتواءموا مع حالة النقد العام للشارع السوداني سواء أن كان واقعياً أو إسفيرياً ، لأن الفكر الجامع الذي قامت عليه دولة الإنقاذ الشمولية منذ البداية لا يتفق وفكرة قبول الآخر ولم يعتد على مبدأ الإنتقاد أو سماع وجهة نظر مُغايرة ، وبذلك إذا كانت كل مؤسسات الدولة وأركان خدمتها المدنية قد تم إحتلالها بواسطة مبدأ التمكين السياسي ، فمن الطبيعي أن تُقاضي مؤسسات الدولة الخدمية كل مواطن وصاحب حق يُعلن مباشرةً أو عبر الأثير إعتراضاً أو نقداً و ذلك من مبدأ (الباب البجيك منو الريح سِدو وإستريح) .. اللهم لا إعتراض على حكمك.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة