لقد هاج العرب وماجوا حينما اصدر ترامب قرارات بمنع دخول بعض العرب الى بلاده ؛ وتهافتوا ينددون بانتهاك مبادئ الحرية التي نهضت عليها امريكا ، في ذات الوقت لم يستطع نفس هؤلاء العرب من الخروج في مسيرات داخل بلادهم منددين برفض انظمتهم الحاكمة منح مجرد الاقامة للمهاجرين الاخرين كالسوريين مثلا ، والانظمة العربية تغلق حدودها بالضبة والمفتاح وكأن هذه الحدود التي منحها لها الاستعمار كتاب مقدس . والشعوب العربية والنامية لا زالت متمسكة بمفاهيم بالية جدا وبنعرات عرقية تجاوزها العصر ، الذي لم يعد يعترف بالعرق او اللون او الجنس او حتى اللغة والثقافة ، ان الالمان وهم من رفعوا شعلة القومية الآرية والذين اكتسحوا اوروبا بفلسفتهم النازية هم اليوم اكثر الشعوب التي تستقبل جميع اعراق العالم في بلدهم ، فلا تخلو المانيا من اسيويين وافارقة وعرب ولاتينيين ، وبريطانيا العظمى اليوم غاب فيها السكسون والانجليز وغيرهم من البيض أمام تدفق الاعراق الاخرى ، وهكذا كل اروبا فتحت حدودها على البحري لاستقبال من لا ينتمون لأصولهم العرقية ، فجاءها مهاجرون من كافة انحاء العالم ارهابيين وسكارى وصعاليك وفنانين ومفكرين . ان الفكر العولمي اليوم تجاوز تلك الهويات الضيقة ، التي كانت الحروب تنفجر دفاعا عنها ، ولكن لا زالت هذه النعرات تستبيح عقول الشعوب في الدول النامية ، رغم انهم اول الشعوب التي تهرب من هويتها باحثة عن النجاة عند الآخرين . اليس هذا بالشيء العجاب؟ إننا اليوم في عصر الانفتاح التجاري العالمي ، حيث لا فرق بين بوذي ومسلم وعابد بقر ، فالمصالح مشتركة وحركة المال لا تتوقف وملبارات الدولارات وغيرها من العملات الصعبة تنتقل جيئة وذهابا عبر اسلاك ضوئية ، وملايين الاطنان من السلع تحملها البواخر الضخمة من بلد الى بلد ، والشركات العابرة للقارات ومتعددة الجنسيات تقبض على زمام الاقتصاد العالمي. ثم يأتيك واحد من أم خرارة في قرية بائسة في السودان وينادي بالقومية. ماهذه اللعنة ، ان ما يجب ان نفعله هو ان نتمدد داخل كل الثقافات لا ان نتقوقع في ثقافة محدودة بائسة لم تنتج اي حضارة لا على المستوى السياسي ولا الثقافي. نحن يجب ان نتجاوز فكرة العرق هذه تماما وننتقل لدولة القانون والمؤسسات، وبدون هذا فسيظل اهل دارفور يتهمون بعضهم بأنهم دخلاء وغير اصيلين ، وسيظل اهل الشرق يعتبرون غيرهم دخلاء وغير اصيلين ، رغم انه لا يوجد ما يسمى بالاصيل وغير الاصيل في دولة كونها الاستعمار من العدم وبنى الاوربيون مؤسساتها ومدنها الرئيسية . نحن دولة واسعة جدا .. وتحتاج لمزيد من السكان ومزيد من الخبرات والثقافات والحضارات ، نحتاج لمزيد من التنوع الثقافي ، حتى نتمكن من التخلص من ازمة المفاهيم العنصرية التي شكلها الجهل العام . واقتصادنا يحتاج للمزيد من القوى العاملة الماهرة ...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة