د.النور محمد حمد بين رفض الدين وهجاء السودانيين (3-3) بقلم خالد الحاج عبدالمحمود

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 05:06 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-21-2018, 01:18 AM

خالد الحاج عبدالمحمود
<aخالد الحاج عبدالمحمود
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 158

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
د.النور محمد حمد بين رفض الدين وهجاء السودانيين (3-3) بقلم خالد الحاج عبدالمحمود

    00:18 AM February, 20 2018

    سودانيز اون لاين
    خالد الحاج عبدالمحمود-
    مكتبتى
    رابط مختصر


    بسم الله الرحمن الرحيم
    (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ* ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ)


    ثورة اكتوبر
    لما كان د. النور يهجو الشعب السوداني بالصورة الفظة التي رأينا طرفاً منها، ويعكس الأمور عكساً، حتى أنه يزعم أن الشرف عند السودانيين، هو عدم الشرف.. بسبب من هذا الموقف فإن د. النور لا يمكن أن ينصف أي شيء ينسب للسودان والسودانيين.. بل الأمر الذي يمشي مع قيمه، هو أن يتنكر لأي شيء إيجابي عند السودانيين، ويحاول أن يطففه ويقلل من قيمته.. لقد ذكرنا في النقاط التي كتبناها في البداية أن مثل هذه الشخصيات تعمل على التقليل من قيمة كل عظيم، سواء كان هذا العظيم شخصاً، أو أو ديناً أو شعباً.
    لقد وجد د. النور ان ثورة أكتوبر من الأعمال المجيدة التي تدحض مزاعمه ضد الشعب السوداني، فلجأ إلى أسلوبه المعهود!! فهو لا يستطيع أن ينكرها، لأنها ثورة معاصرة، فلجأ إلى هجائها كما فعل مع الشعب السوداني وبأسلوبه المعهود في تقرير المسائل دون إيراد أي دليل، ومهما كان تقريره هذا يناقض الواقع.. ويلاحظ أن كتابة د. النور عن أكتوبر وعن أبريل جاءت في الوقت الذي بدأت فيه حركات شعبية ضد الانقاذ.. فهل هذه صدفة أم هي أمر مقصود؟1 على كلٍ، إذا كانت صدفة أو كانت أمراً مبيتاً، فإن د. النور عمل فيها على نصرة الانقاذ، وتخذيل أي عمل يقوم ضدها على اعتبار أنه ثورة، فالثورات عنده تمرد وخروج عن القانون، وليس فيها أي خير.. وإنما الخير في استمرار الانظمة، مهما كان حظها من السوء، وهو يسمي هذا الاستمرار (استقرار)!! فد. النور ضد الثورة على الانقاذ بصورة مبدئية، فإذا بعد ذلك كتب ضد الانقاذ، فهي كتابة في إطار استمرارية النظام، وعدم التمرد عليه!! وأصحاب الانقاذ يستطيعون أن يتفهموا هذا الموقف من د. النور، فنقده مهما كان هو لمصلحتهم.. والملاحظ ان أهل الانقاذ يفتحون الصحف والمنابر أمام د. النور، ويتعاملون معه معاملة الصديق الذي يخدم أغراضهم، طالما أنه مبدئياً ضد الثورة عليهم، ويحاول صرف السودانيين عنها، بتبخيسها، وتصويرها كمجرد تمرد نابع من (العقل الرعوي)..
    والآن لنرى موقف د. النور من ثورة اكتوبر والثورات عامة، بصورة مبدئية.. يقول د. النور عن ثورة أكتوبر المجيدة: (ولربما جاز القول أن ثورة اكتوبر، حين ننظر إليها ضمن سياق الصورة الكلية لما سارت عليه الأمور في السودان، منذ منتصف الستينيات من القرن الماضي، لربما صح لنا أن نقول إنها اعادت عقارب الساعة إلى الوراء..)!! وهذا القول يقع ضمن الهجاء للشعب السوداني.. فلو كان الشعب السوداني كما صوره د. النور لما قام بإنجاز عظيم مثل ثورة اكتوبر، ومن أجل أن يبرر د. النور أقواله عن الشعب السوداني، ذهب ليقلل من قيمة ثورة اكتوبر، ويحكم عليها بما بعدها.. وحتى في هذا كان حكمه جائراً، مجافياً لروح الموضوعية.. ونحن لا نحتاج أن نتحدث عن ثورة اكتوبر، فهي تتحدث عن نفسها بصورة في الأحوال الطبيعية لا يمكن أن يختلف حولها اثنان.. ولكننا لسنا في أحوال طبيعية.. ومن يحاول أن يقلل من عظمة العظيم، لا يفعل اكثر من أن يفضح ضآلة قامته.. وبقوله هذا عن ثورة أكتوبر، فهو يقول ضمناً للشعب السوداني، عليكم الا تقوموا بثورة ضد الانقاذ، فإنكم إن فعلتم ستعيدون عقارب الساعة إلى الوراء!!
    ومن أغراض د. النور في حديثه المتهافت عن ثورة اكتوبر أن يعارض، أو في الحقيقة يناقض، موقف الأستاذ محمود والجمهوريين منها، وهو موقف يعلمه تمام العلم.. ومما قاله الأستاذ محمود عن ثورة اكتوبر: (ومهما يكن من الأمر، فإن شعب السودان، في ثورة اكتوبر، قد كان قوياً بوحدته العاطفية الرائعة، قوة اغنته هو عن استخدام العنف، وشلت يد خصومه عن استخدام العنف.. وتم بذلك الغاء العنف من معادلة التغيير الماركسي.. إذ قد تم التغيير بالقوة بغير عنف.. وهذا، في حد ذاته، عمل عظيم وجليل..).. ومن اقوال الجمهوريين: (إن ما وفق إليه هذا الشعب الكريم، من تمام الوحدة وسلامة الفطرة، وصلابة العود، وسداد الرأي في مقاومة الحكم العسكري لهو مثل يحتذى، وعلى كل حال مثل تقل نظائره في التاريخ..).. ومعلوم أن الأستاذ محمود قال عن ثورة اكتوبر أنها لم تمت!! وقد قال: (إن ثورة اكتوبر لم تمت، ولا تزال نارها تضطرم، ولكن غطى عليها ركام من الرماد.. فنحن نريد أن تتولى رياح الفكر العاصف بعثرة هذا الرماد.. حتى يتسعر ضرام اكتوبر من جديد، فتحرق نارها الفساد، ويهدي نورها خطوات الصلاح.. وليس عندنا من سبيل إلى هذه الثورة الفكرية العاصفة غير بعث الكلمة: "لا إله إلا الله" جديدة، دافئة خلاقة في صدورالنساء والرجال، كما كانت أول العهد بها، في القرن السابع الميلادي..).. وحين يقول الأستاذ محمود: (إن دولة القرآن قد اقبلت، وقد تهيأت البشرية لها بالمقدرة عليها وبالحاجة إليها، فليس عنها مندوحة..).. يقول د. النور في مناقضة لقول الأستاذ هذا: (الدولة الاسلامية تصور حالم مستحيل التحقيق..).. والأستاذ محمود يقول: (فليس عنها مندوحة) ومقابل هذا د. النور يقول: (تصور حالم مستحيل التحقيق).. فقد جعل د. النور من نفسه (قلبة) الجمهوريين!! ماهو المقابل لذلك؟! هل هو العقل الرعوي؟ لا.. الأمر ابعد من ذلك!! فنرجو من صاحبه، إن استطاع أن يفصح لنا عنه.. ونحن نعلم أنه لن يستطيع.
    في الوقت الذي اصبح فيه د. النور يناقض الأستاذ محمود والفكرة الجمهورية، اصبح أيضاً يتبع د. عبد الله أحمد النعيم، في بعض الحالات حرفياً، في المحتوى، وفي الأسلوب التبريري!! وهذا ينطبق بصورة خاصة في الموقف من الدين والموقف من السودان.. وقد نفض د.النعيم يده تماماً من الدين، وفي مبالغة شديدة، وزعم أن الدين صناعة بشرية مثله مثل الثقافة وهو يمكن إعادة صناعته!! وفي الأقوال التي نقلناها عن د. النور في موقفه من الدين، هو يسير سير النعيم.. فهل هذا الإتفاق صدفة؟!
    أما الموقف المتطرف لد. النعيم ضد الشعب السوداني، يمكن أن نستدل عليه بقوله: (ولكن القيم والعلاقات الإجتماعية في ذلك المجتمع لم تكن، إلا بالكاد، متسقة مع الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان الأساسية المفطور عليها كافة أعضاء الأسرة البشرية..)، فهو قد جعل الشعب السوداني دون الفطرة المفطور عليها كافة البشر!! وكل هذا ليناقض أمر الأستاذ محمود عن سلامة فطرة الشعب السوداني.. أما د.النور، فاتباعاً لزعيمه، وتنكراً لماضيه، فيقول: (تتعلق تلك الملاحظة المركزية بحالتي السودان والصومال، بوصفهما اكثر الدول تعثراً في افريقيا، بل وفي العالم بأسره..).. د. النور يقول إن حالة السودان المزرية ليست السبب فيها الحكومات، وإنما الطبيعة الرعوية لشعبنا.. هكذا، فالمتفرد بزعمه، يقلد د. النعيم حرفياً، وفي اسوأ سلبياته، المتعلقة بالدين والشعب السوداني.. وكل القضية ان الأستاذ محمود قال في منشور "هذا أو الطوفان": (غايتان شريفتان وقفنا، نحن الجمهوريين، حياتنا، حرصا عليهما، وصونا لهما، وهما الإسلام والسودان..).. حتى يؤكد المتفردان د. النعيم ود. النور انهما نفضا أيديهما تماماً، من دعوة الأستاذ محمود، وانهما اصبحا على النقيض منها تماماً، اصبح همهما أن يظهرا عداوتهما للإسلام والشعب السوداني، والتعابير المتطرفة التي تفيد انهما نقيض الأستاذ محمود ودعوته.. لماذا كل هذا؟! هل المانح يطلب ذلك؟ لا اعتقد.. وإنما هو الخوف والطمع.. الخوف من فقدان المكانة المتوهمة، والطمع في استمرار الرضا، ونيل المزيد!!
    د.النور والإنقاذ:
    هنالك مغازلة واضحة من د. النور للإنقاذ، يحاول أن يخفيها بنقد الإنقاذ.. وهو نقد المقصود منه التحوط، إذا لم تستجب الإنقاذ للمغازلة، أو دارت عليها الدوائر، ويكون قد أمن موقفه ويستطيع أن يزعم أنه كان ضد الإنقاذ بصورة واضحة بدليل ماقاله عنها.. ومهما قال عن سلبيات الإنقاذ فهو بصورة مبدئية يعتبرها غير مسؤولة عن ما لحق بالسودان من خراب.. الخراب بزعمه ليس السبب الأساسي فيه الحكومات، وإنما الطبيعة العقلية الرعوية عند الشعب السوداني التي تستعصي على الإصلاح.. فهو يشير الى هذا المبدأ الجوهري عنده في عدة مواقع، منها مثلاً قوله: (من يرى أحوال السودان الآن، بعينٍ مبصرة، لابد أن يحتار في الكيفية التي يمكن أن تعاد بها الأمور فيه، إلى نصابها، بعد كل هذا الخراب المروِّع، الذي طال كل شيء. فهذه الفوضى، وهذه الجلافة المتزايدة، وهذا القبح، والكلاح، الذي يكسو وجه مدننا وقرانا، وهذه الغوغائية التي تطالعنا، أنّى اتجهنا، وهذا الاتساخ المتزايد، ليست كلها من صنع الحكومات..).. يجب ملاحظة أن هذه الأقوال، قيلت في الوقت الذي خرجت فيه جماهير الشعب السوداني في مسيرات سلمية ضد الإنقاذ!! وعبارات د. النور تفيد ان تحرك الشعب هذا لن يفيد في التغيير للإصلاح، لأنه لا يواجه أصل المشكلة، فأصل المشكلة هو العقلية الرعوية وليست الحكومة.. فكل صور الفساد، التي فصل في تحديدها "ليست كلها من صنع الحكومات" كما يعبر، وإنما هي متجذرة في العقل الرعوي، فهو يقول: (هذا "الإيقو" وهذه الأنا المتضخمة لم تهبط علينا من السماء وإنما هي متجذرة في بنية العقل الرعوي.. من أجل ذلك فإن تغيير الحكومات لا يجدي، وهو لم يجد، فالحل الوحيد في إقامة الدولة الحديثة، وهي لن تقوم إلا بعد النجاح في تفكيك وإزالة بنية العقل الرعوي..)!! اسمعه يقول (فالدولة الحديثة في السودان لم تقم بعد، وهي لن تقوم إلا بعد أن ننجح في تفكيك وإزالة بنية العقل الرعوي التي لا تزال ممسكة لدينا بخناق كل شيء..).. أصل المشكلة هو أن بنية العقل الرعوي ممسكة بخناق كل شيء!! والحل يكمن في مواجهة هذا الأصل، وليس في تغيير الأنظمة.. الحل لا يكون إلا بعد أن (ننجح في تفكيك وإزالة بنية العقل الرعوي).. فحتى في العصر الإستعماري لم تتنته المشكلة إنما (كمنت) (وما أن خرج المستعمر انسربت تلك القيم البدوية والرعوية التي كانت كامنة تحت السطح، إلى مركز إرث التحديث القليل الذي ورثناه من الحقبة الاستعمارية، وفجرته من الداخل..).. قياساً على ذلك فإن أي تحديث تقوم به حكومة ما، لن يغير شيئاً، فهو فقط يجعل القيم البدوية والرعوية تكمن وسيأتي الوقت الذي تبرز فيه هذه القيم وتفجر التحديث.. إذاً فالحل الوحيد، الذي لا حل غيره هو في تغيير البنية العقلية الرعوية، وأي بحث عن حل آخر هو مضيعة للوقت، فهذا هو السبيل الذي عن طريقه تعاد الأمور إلى نصابها وليس سبيل تغيير الحكومات.. ونقد د. النور الجائر لثورة اكتوبر، في هذا الوقت بالذات إنما هو بسبيل من زعمه أن تغيير الحكومات لا يجدي، ولو كان يجدي لاجدى في ثورة اكتوبر وما قامت عليه من تغيير، ولكن العكس هو الذي حدث، ثورة اكتوبر ارجعت عقارب الساعة إلى الوراء حسب زعمه.. فكأنما د. النور يقول للشعب السوداني عليكم ألّا تكرروا الخطأ الجسيم الذي ارتكبتموه في ثورة اكتوبر، وتعملوا على تغيير نظام الإنقاذ، بثورة مشابهة لثورة اكتوبر.. وحتى لو نجحت هذه الثورة، فلن تؤدي إلا إلى ارجاع عقارب الساعة إلى الوراء!! فإذا كانت ثورة اكتوبر قد أدت إلى نتيجة سلبية بهذه الصورة، فما بالكم بأي ثورة تقومون بها الآن حتى لو وصلت من النجاح إلى ما وصلت اليه ثورة اكتوبر؟!
    وتوكيداً لموقف د. النور المبدئي، يضرب مثلاً باثيوبيا، التي ظل يحكمها الأباطرة إلى وقت طويل، ومع ذلك استطاعت أن تتقدم، وهي افضل من السودان!! وعلى السودانيين ترك كبريائهم والإقتداء بالشعب الإثيوبي.. يقول د. النور في هذا الصدد: (نحنا عندنا إشكالية صفوة.. عندنا إشكالية تخطيط.. عندنا إشكالية إدارة لشؤونّا.. الأثيوبيين افضل مننا وبالمناسبة: كونو نحنا قمنا بثورات اتنين، أنا دي برضو من المسائل البعتقد بتحتاج إلى إعادة نظر.. دي ما فضيلة.. يعني التمرد ليس فضيلة.. الشعوب المنصاعة للقانون وللبنية وإحترام الإمبراطور وعندهم كبير، دي عندها قيمة في الإستقرار.. نحن لأننا عندنا كبير الجمل، دي واحدة من مشاكلنا.. دي العقل الرعوي زاتو).. القيام بثورتين عند د.النور ليس بفضيلة.. واضح ان موقفه من الثورة موقف مبدئي، فهو ضدها في كل الحالات.. هي عنده (ما فضيلة)!! لماذا؟! لأن (التمرد ليس فضيلة)!! هكذا يحول د.النور، الثورات، مثل ثورة اكتوبر، إلى تمرد!! كل هذا الإلتواء ليبرر زعمه بأن الشعب السوداني شعب رعوي، لا ينصاع للقانون.. وليبرر زعمه الباطل بأن الشرف عند السودانيين، هو عدم الشرف، بل هو وضاعة كما زعم.. في الواقع، وفي حكم البداهة، ان معايير د. النور مقلوبة.. ميزانه معكوس.. فالثورة خلاف التمرد، ولا يمكن أن تدان بتصويرها كتمرد بهذه البساطة.. الثورة عمل ضد الظلم في كل أشكاله وضد الإضطهاد، واستعباد الشعوب ونهب الثروات من قبل الفئة الحاكمة، وإهانة البسطاء والمظلومين، فهي تقوم على أعلى القيم الإنسانية، في رفض الظلم والاضطهاد، والاستغلال.. هي تقوم على الحس السليم الذي يأبى كل ذلك، وعلى النخوة، والمرؤة، والنجدة، والعمل على التحرر ورفض الاضطهاد والعبودية.. هي ضد الخنوع والخضوع للظالم والمتكبر المتجبر.. فهي ليست فضيلة فحسب، وإنما هي جماع فضائل.. الثورة ليست ضد القانون، وإنما هي ضد الظلم والاضطهاد ولو قننهما المتجبرون.. وضد الثورة الخنوع والخضوع للإضطهاد والاستعباد والظلم، فهذه صفات الإنسان الذليل، الخانع، الذي لا تحرك مشاعره كل صور الظلم والإضطهاد مهما بلغت.. الخنوع والخضوع هو من اكبر الرذائل، ود. النور عندما يحرف المعاني بهذه الصورة، إنما يدعو للرذيلة وليس للفضيلة.. ويدعو للإستكانة للظلمة والمستبدين، وهو بذلك يبرر الأنظمة الفاسدة مثل نظام الإنقاذ، ويعمل على استمراريتها.. وعملياً قال د.النور قولته هذه المخذّلة، في الوقت الذي تحرك فيه الشعب السوداني، في اماكن مختلفة، مطالباً بحريته وحقوقه، مستنكراً أن يعيش في البؤس الشديد، بسبب ظلم الحكام، في حين يعيشون هم و ذويهم وأتباعهم، في الترف الشديد، وينهبون أموال الشعب بصورة، ليس لها شبيه في التاريخ.. فد. النور عملياً يخذّل الشعب المظلوم المضطهد، من أن يتحرك في المطالبة بحريته وحقوقه، وضد ظلم ظالميه، واستعباد مستعبديه له.. وبهذا الصنيع ينحاز د. النور إلى جلادي النظام، ومضطهدي الشعب، ويبرر لهم ما هم فيه، ويدين اي حركة شعبية سلمية ضد ظلمهم واضطهادهم وضد فسادهم.. هذه هي قيم د. النور.. وهذا هو مفهوم الشرف عنده عندما يزعم أن الشرف عند السودانيين هو عدم الشرف.. فقولته هذه تنطبق عليه هو، لا غيره.. يقول د. النور: (الشعوب المنصاعة للقانون والبنية واحترام الإمبراطور وعندهم كبير، دي عندها قيمة في الإستقرار..).. ماهو الإستقرار؟ هل هو استمرار الحكام الفاسدين والظالمين في الحكم، على ما هم عليه؟! هذا ما يقوله د. النور ولكن البداهة تقول أن الاستقرار الحقيقي هو الذي يقوم على حكم القانون العادل وعلى المساواة بين الناس دون تمييز وعلى المرحمة بينهم.. فالدعوة للانصياع للأنظمة الفاسدة الظالمة، وعدم الثورة ضدها، هي دعوة للخضوع، وقبول المذلة والإهانة، وضياع الحقوق.. وهذه الوضاعة لا تقبلها النفس الحرة الكريمة، وتثور ضدها.. فإذا جاء د. النور ليحرف المعاني ويدعو للخضوع المذل للظلم والاضطهاد، فهذه مشكلته هو، وهي الدليل على ما ينطوي عليه من انحراف في القيم والمباديء.. الأمر العجيب، هذه الجرأة، المنقطعة النظير، في الدعوة لقيم الرذيلة وإدانة الفضيلة، ووصفها بأنها هي الرذيلة وعدم الشرف، والوضاعة!! هذه الجرأة في تقبيح الجميل، وتجميل القبيح، كان من المستبعد أن تحدث في وقتنا الحالي، لولا أنه وقت الفتن التي تجعل اللبيب حيران.
    و د.النور يفضل الأحباش على السودانيين لأنهم لا يثورون، ولأنهم يخضعون للإمبراطور وينصاعون له ويحترمونه.. هذه هي الفضيلة عند د. النور.. ومن المعلوم أن الأحباش كانوا يؤلهون الإمبراطور (هيلا سيلاسي)، وهذا عند د. النور فضيلة.. يا صديقي القيم عندك كلها معكوسة!! لا يمكن أن يكون الخضوع فضيلة.. والعزة والكبرياء رذيلة، إلا عند نفس، فقدت البصيرة، و انعكست عندها موازين القيم.. الاستقرار ليس مطلوباً لذاته، وإنما هو مطلوب من أجل الحياة الحرة الكريمة.. يعبر د. النور عن شعور السودانيين بعزتهم و كرامتهم بقوله "عندنا كبير الجمل"، بصورة مبتذلة، تشير ضمناً إلى أن الكبير هو من في السلطة، إمبراطوراً كان أو إنقاذ، وعلينا أن نقبل أنه كبير مهما فعل فينا وبنا، أما أن نرفض أن يكون كبيراً، وهو مقيم على القيم الصغيرة فهذا عند د. النور "العقل الرعوي ذاته"!! في الأوضاع الطبيعية السليمة، الكبير كبير بقيمه، والصغير صغير بقيمه.. ففرعون ليس كبيراً، مهما ظهر بخلاف ذلك.. وهذا ينطبق على جميع الفراعين ولكن د. النور يحتاج إلى الطفل الذي ينبهه بأن مليكه عريان!!
    مبروك عليك يا د.النور الحبشة والأحباش فلتذهب إليهم، فربما يحتاجون إلى عقلك الرعوي.. أما نحن فنحمد الله كثيراً أن جعلنا سودانيين، وعلى قيم السودانيين الأصيلة.. ومبروك على الإنقاذ د. النور، فقد وجدت فيه من يبرر لها جميع مساوئها، ويخذّل أي حركة يمكن أن تقوم ضدها.
    وتقليب د.النور للأمور، وعكسه للقيم بجعله الفاضلة مرذولة، والمرذولة فاضلة، يتضح بصورة اكبر من قوله (فسمات البداوة هي القبيلة_الغزو_ التِّفضّل "الذي يشمل الكرم والسخاء والنخوة وغيرها"..)!! هكذا يحرف د. النور القيم ويعكسها.. الكرم والنخوة وما يسير من قيم في هذا الإتجاه، قد اشار إليها د. النور بقوله (وغيرها) هذه القيم الإنسانية الرفيعة، هي عند د. النور قيم وضيعة، ومن سمات البداوة، وقد سماها (التَّفضُّل) .. وهذا يدل دلالة واضحة على أن د. النور يدعو إلى نقيض قيم الكرم والنخوة وما يلحق بهما، وهو يعتبر هذه القيم ليست قيم شرف ولا هي فاضلة، وإنما هي عنده قيم وضيعة.. هل هذه القيم تفضُّل؟! لا أحد يقول بهذا سوى د. النور.. وهذه القيم بعيدة جداً عن التفضل، ومن يمارسها كتفضل لا تنطبق عليه.. وهي قيم دين أصيلة تُؤَدّى على أسس الدين: من نية صالحة ومن معرفة، ومن شعور إنساني رفيع.. فالكريم مثلاً لا يتفضل على غيره من المحتاجين، ولا يمتن عليهم.. فالكرام الكرم عندهم وضع طبيعي وتلقائي لا يتفضلون فيه على أحد ولا يمتنون عليه، ولا حتى يشعرون بكرمهم.. من يتفضل هو اللئيم وليس الكريم، وفي حقه لا تستخدم كلمة الكرم.. وهكذا بالنسبة لكل هذه الصفات الحميدة، وأصحابها لا ينطلقون من استعلاء، وإنما من تواضع يجعلهم محببين إلى النفوس.. ود. النور عندما يحاول تقبيح هذه القيم الرفيعة، إنما يسيء لنفسه، ويدل على أنه على خلاف هذه القيم، ويدعو إلى نقيضها ولذلك قلنا إن ميزانه معكوس، ولغفلته يريد أن يجعل هذا الميزان المعكوس، هو الميزان الذي يزن به كل الناس.. وهيهات!! فإن الأمر لا يحتاج إلى فكر، وإنما يأباه الحس السليم.
    هذا ما يدعو له د. النور من قيم.. وفي دعوته هذه يقبح كل جميل من القيم والمعاني، ومن الناس.. فبصيرته تبصر النور ظلاماً والظلام نور!! وهو ينطبق عليه، بصورة تكاد تكون حرفية، قول السيد المسيح: (إذا كان النور الذي فيك ظلام، فالظلام كم يكون؟!).
    من أجل هذه الظلمات، ترك د. النور الدين ودعا إلى تركه، كما دعا إلى ترك جميع القيم الفاضلة، على اعتبار أنها قيم غير فاضلة وتقوم على عدم الشرف!! الكرم عدم شرف، وعدم الكرم هو الشرف.. النخوة عدم شرف، والقعود عن نصرة المستضعفين هو الشرف.. الشعور بالكرامة وعدم قبول الإهانة والإذلال، عدم شرف، و"أنا متضخمة".. وقبول الإهانة والخضوع هو الشرف.. وعلى ذلك قس القيم عند د. النور.
    عبقرية د. النور بسطت الامور وهونتها، وجعلت المشكلة، كل المشكلة في العقل الرعوي.. والحل في التخلص من العقل الرعوي.. ولما كان لا أحد يعرف هذا العقل الرعوي، ولا يعرف التخلص منه، سوى صاحب العقل الرعوي نفسه، فقد اصبح مصير السودان كله مربوط بشخصه، وربما مصير الإنسانية جمعاء.. فحسب زعمه أي مجتمع، يجتمع حول أي موضوع، سوا كان سياسة أو دين أو اقتصاد أو رياضة... الخ هو مجتمع رعوي وصاحب المجتمع الرعوي يحتفظ بسر التخلص منه ولا يذيعه، وبذلك يجعل الجميع في حاجة إليه.. وهي حاجة حياة أو موت، لأنها السبيل الوحيد للخلاص.
    ومغازلة د. النور للإنقاذ، ليست بالأمر الجديد، وإنما كانت بداياتها منذ 1999م ، حين اشاد بالإنقاذ على زعم انها كسرت شوكة التمرد.. فقد أوردت له صحيفة الحياة، في ذلك التاريخ قوله: (رغم الخلاف الفكري العميق مع طرح الإسلاميين في السودان، إلا أنني ارى أهمية منازلتهم لحركة التمرد، وتبديد الزخم السياسي والعسكري والإعلامي، الذي ما كسبته حركة التمرد في الماضي إلا بسبب ضعف حكومات الشمال السابقة..).. فد. النور هنا يمجد الحرب، وهي أسوأ نشاط بشري.. والحرب المعنية هنا هي الحرب الجهادية التي قامت بها الانقاذ ضد اهلنا من الجنوبيين، وراح ضحية لها عدد هائل من الشماليين والجنوبيين.. فالإنسان الطبيعي، صاحب الحس السليم، لا بد ان يحزن للذين راحوا ضحايا لهذه الحرب الممقوتة، من أهلنا في الشمال والجنوب.. لا شيء أسوأ، في حياة البشر من الحرب.. وهذا أمر بديهي.. فقتل الإنسان لأخيه الإنسان هو الجريمة الأولى عند البشر، ومن قتل نفس واحدة، بغير حق، فكأنما قتل الناس جميعاً.. فد. النور بموقفه هذا لا يدلل فقط على الضعف العقلي، وإنما أهم من ذلك، يدلل على ضعف الحس الإنساني عنده.. وبالطبع حرب الانقاذ الجهادية ليس لها نصيب من الجهاد في الشريعة، وضوابطه.. وهي نقلت الجهاد إلى غير وقته، وهم مواجهون بقوله تعالى: (قُلْ آللَّه أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّه تَفْتَرُونَ).. ومن المؤكد هم يفترون على الله.. ود. النور بقولته أعلاه، ركب معهم في مركب الافتراء هذا، وشاركهم في إراقة دم السودانيين الابرياء.. الحرب ضد الجنوب هو أسوأ ما قامت به الانقاذ.. وان يقول د. النور (رغم الخلاف الفكري العميق مع طرح الإسلاميين)، فهو يدلل بذلك على خلل ميزان القيم عنده، فأي خلاف مع الانقاذ، مع تأييدها في حربها ضد الجنوب، ليس بخلاف ولا قيمة له.. ود. النور عندما قال العبارة في محاولة لستر عريه الفاضح.. وهيهات!!
    عبارة د. النور ليست فقط إشادة بالانقاذ وبأسوأ اعمالها، وإنما هي تملق لها، يقوم على تزييف الحقائق.. فالانقاذ لم تكسر شوكة حركة التمرد.. على العكس من ذلك الانقاذ قبلت الحل السلمي دون مقابل وحتي ما اسماه د. النور التمرد قمة مطالبه _ فصل الجنوب.. ود. النور يكذب في الأمر الواضح.. وبناءً على هذا الكذب جعل الانقاذ أقوى من الأنظمة التي سبقتها!! وكل هذا تملق لا يليق بمن يتصدون للكتابة في الشأن العام.. أنت تؤيد قتل السودانيين لبعضهم بعض، ثم تريد أن تكون من أهل دين الإنسان!؟ هذا ما لا يكون.. وربما كان الغربال قد لفظك في ذلك التاريخ، ثم جاءت مواقفك اللاحقة لتؤكد ذلك اللفظ.. لم تهتم الانقاذ لمغازلة د. النور الأولى، وربما انتظرت منه المزيد.. أما الآن، فالعلاقة أوضح، فهي تفتح له المنابر وصفحات الصحف، يكتب ما شاء، وتعمل على تلميعه، وتلميع عقله الرعوي.. فالمصلحة متبادلة، هو يخدمها بتخذيل الحركة ضدها وتخذيل اي اتجاه للثورة، وهي تخدمه بفتح الأبواب لكتاباته، وإجراء المقابلات معه كمفكر، اخترع، الاختراع العظيم: العقل الرعوي.. هل العلاقة ستقف عند هذا الحد أم د. النور يطمع في المزيد، وعلى استعداد بان يدفع أكثر!؟
    الدين مرة أخرى:
    رأينا بعض عبارات د.النور التي قالها مؤخراً ضد الدين وضد الدعوة له وهذا أمر طبيعي طالما أن الخلاص في التخلص من العقل الرعوي، وليس في الدين أو أي شيء غيره.
    وموقف د.النور من الدين هذا الذي ظهر مؤخراً، هو في الحقيقة موقف قديم، في خطاب قديم للأخ الأستاذ ابوقرجة جاء مانصه: (هل اقول لك شيئاً، ربما تجده، أو ربما يجده غيرك، ممن سأبعث لهم بهذه الرسالة، غير ملائم بعض الشيء، وهو أنني اصبحت احس أن الحياة بعد نزول المسيح، بالصورة التي ظللنا نرسمها لها أو قل على وجه الدقة، التي ظللت ارسمها لها أنا، حياة مملة جداً بل وسخيفة..)..(مملة جدا،ً بل وسخيفة).. الحياة بعد المسيح جاء بها القرآن والأحاديث النبوية، وقبل ذلك الإنجيل.. وقد ورد في الفكرة شرح لها معمم يقوم على هذه المصادر.. وهي خلاصة التطور في الأرض، وقمته، وقمة الإسلام الأخير التي فيها يدخل عامة الناس، ويحققون الإسلام الأخير الذي لم يتحقق في التاريخ إلا للأنبياء والرسل.. فهي الغاية من التطور والغاية من الدين، وهي ظهور الخليفة الذي اشار اليه تعالى في قوله: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً).. والخليفة هو الإنسان الكامل.. وهو من تخلق بأخلاق الله في اعلى مستوى.. وبظهوره يدخل الناس مداخل الإنسانية، بعد أن كانوا في مرحلة البشرية.. ومرحلة الإنسانية هي آخر طور من مراحل تطور الإنسان، فبعدها لا يكون هنالك تطور في مرحلة أخرى، وإنما كل تطور يكون داخل هذه المرحلة.. وهذا هو وقت انتصار الإسلام الذي يصبح فيه ليس في الأرض أحد غير مسلم.. وهو وقت قيام جنة الأرض في الأرض، وإليها يشير قوله تعالى: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ).. وفي هذا الوقت يكمل الفكر البشري _ الإنساني _ وتزول كل صور الشرور، وتكمل الحياة، ويعيش الناس (حياة الفكر وحياة الشعور).. ولأن الكمالات التي تحدث في هذا العهد ليس لها نظير، يُعَبر عنها: بما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.. هذا وقت كمال النعمة وتمام الفضل والتخلص من كل النقائص والعيوب.. وقت الفرح الأعظم الذي قال عنه تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).. كل ماذكرناه، واكثر منه، وصل خبره إلى د. النور، ورغم هذا قال قولته هذه الجائرة الشنيعة المتعجرفة (حياة مملة جداً، بل وسخيفة).. هذا هو مستوى تقبل د. النور للنعمة، وفرحه بالفضل.. وبهذا القول القبيح يهجو د. النور اكبر كمال وجمال منتظر لأهل الأرض.. وهو في الحقيقة، بقوله هذا (يرفس) نعمة الله، ويهجو الله نفسه!! ويعكس الأمور عكساً شنيعاً يجعل فيه اكمل مافي الوجود، واعظم ما تفضل الله به على خلقه، مملاً وسخيفاً!! والله إن العبارة لتعجز عن الوصف!! هذه العجرفة المتعالية على كل شيء في الوجود، حتى على سيد الوجود نفسه!! بهذه العبارة وصل د. النور إلى السقف الذي ما عليه من مزيد، وهو بذلك يتردى، إلى مستوى من الجحود والانكار، والتطاول على رب العالمين، لم نسمع به، ولا حتى عند ابليس نفسه.. الحياة بعد المسيح هي تجلي الله الكمالي، وعندما يقبحها د. النور بهذه الصورة، فهو إنما يتعالى على الله في أكمل تجلياته، وهو يعلم ذلك، فبماذا يمكن أن يوصف هذا الصنيع!؟ والله إن العبارة لتعجز.. غياب العقل أمر واضح ومشهود، ولكن ماذا عن القلب؟! إن عبارة د. النور تدل دلالة قوية على فقدان الشعور في أدنى مستوياته.. هل د. النور لا يخشى الله إلى هذا الحد؟! ما هو السر في هذه المبالغة في التكبر التي تطال حتى الله نفسه، ما هي حقيقة رؤية د. النور لنفسه؟! هل هو بشر يمرض ويموت مثل بقية البشر؟! هل د. النور يملك تصور للحياة أكمل من الحياة في زمن المسيح؟!
    على كلٍ، هذه ظاهرة بشرية وصل بها الغرور إلى مستوى من الاستخفاف بعظائم الأمور، ليس لها نظير بين البشر ولا الابالسة.
    ومع هذا يتوهم د. النور أنه مفكر!! في الواقع د. النور لا يفكر في أي شيء يقوله، ولا يستطيع أن يكون موضوعياً في أي شيء يتعرض له.. هو يمكن أن يقول أي شيء عن أي شيء دون ان تكون هنالك أي رابطة أو أي دلالة موضوعية لقوله.. والحياة في زمن المسيح بالنسبة لنا غيب، جاءنا خبرها عن طريق المصادر الدينية وعلى رأسها القرآن والأحاديث النبوية.. فوصف د. النور لهذه الحياة هو وصف للمصادر التي جاءت بخبرها، ووصف لمن ترجع إليهم هذه المصادر _ وصف لله ولرسوله.. فمن راى الشيطان لم يره إلا كالسيف في غمده، رحم الله صاحب الخبر!!
    معلوم ان جميع الانبياء عاشوا في بيئة قبلية رعوية، وهم طلائع الانسانية ومعلمو البشرية، فإما أن يكون مفهوم العقل الرعوي عند د. النور مفهوم باطل شديد البطلان، أو يكون هؤلاء الانبياء ينطبق عليهم هذا المفهوم، هم قطعاً فوق تخرصات د. النور هذه، وزعمه بوجود عقل رعوي زعم باطل بداهة، والانبياء اوضح دليل على بطلانه.. ولكن من يصل هجاءه حتى الله تعالى نفسه، ليس بغريب عليه ان يهجو الانبياء، وينسبهم للعقل الرعوي الذي يتحدث عنه!!
    أنا في هذه المساهمة لم أهتم باظهار تناقضات د. النور، فقد سبق لي ان كتبت عنه.. هو ليست له أي مركزية، ولا فكرة ثابتة، وإنما هو (كالطرورة) على سطح الماء يحركها (الهواء)، كيف شاء.. هذه نفس جبارة اخضعت العقل بالصورة التي جعلته لا يتحرك إلا بامرها، ولا يرى إلا ما ترى.
    لقد سُئل د. النور في مقابلة اجرتها صحيفة (الأهرام اليوم)، هل هو لا يزال جمهورياً؟ وفي إجابته رغم وضوح السؤال لم يتعرض له قط، وإنما ذهب ليتحدث عن بقية الجمهوريين، ويزعم ان كلمة جمهوري لا تنطبق عليهم إلا في الفترة التي سبقت (الاستشهاد).. وقال ضمن قال: (الجمهوري الحقيقي، في نظري، هو من كان سيختار خط المرشد والبقاء على المبدأ، حتى الموت..).. وهكذا انحرف بالقضية بعيداً عن السؤال.. فكل ما قاله هو باطل لا أساس له من الصحة.. الموضوع بسيط وواضح جداً هل أنت لا زلت جمهوري؟ نعم أو لا، وإذا كان هنالك تفصيل يأتي بعد الإجابة المبدئية.. وتعريف جمهوري، ليست له علاقة بالاحداث حتى يقال أنه بعد (الاستشهاد).. الجمهوري الحقيقي هو من على طريق محمد صلى الله عليه وسلم عقيدة وعملاً.. هذا هو التعريف للجمهوري، كان ولا يزال ولن ينفك.. وحتى الذين هم خارج السودان، ولا يعرفون شيئاً عن الحدث، ولزموا طريق محمد هم جمهوريين.. ومن يلتزم اليوم طريق محمد صلى الله عليه وسلم هو جمهوري.. الأستاذ محمود لم يدعُ الناس إلى نفسه، واتباع شخصه، وإنما دعاهم إلى طريق محمد، وتقليد المعصوم.. تقليد المعصوم وليس تقليد الأستاذ محمود.. وله كتاب معروف في هذا الصدد عنوانه كما يلي: (محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد)، والكتاب يفصل الحديث عن المعصوم والحديث عن طريقه.. والله تعالى يقول عن تقليد المعصوم: (لْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ).. فحسب الفكرة الجمهورية من يقلد الأستاذ محمود ليس بجمهوري، وإنما من يقلد النبي الكريم هو الجمهوري.. والفكرة الجمهورية ليست دعوة إلى طريق الموت، وإنما هي دعوة إلى طريق الحياة.. هي دعوة إلى الحياة في الله وبالله حتى يجيء الموت الحسي.. يقول الأستاذ محمود: (فإن الله بمحض فضله، ثم بفضل حكم الوقت، إنما يريد للناس، منذ اليوم، أن يعيشوا في سبيله، لا أن يموتوا في سبيل.. وهذا، لعمري!!هذا أصعب، مئات المرات، من ذاك..).. هذا ما قاله الأستاذ على خلاف ما يزعم د. النور.. فإذا فارق د. النور بالصورة التي رأينا طرفاً منها، فإن غيره على المبدأ، ولم يفارقوا، ولم يبدلوا.. ولم ينكروا فكرتهم، الذي حدث عند النفر الكرام، من الاخوان بقيادة الأستاذ عبداللطيف، هو داخل الدين، وسنده واضح، وفيه يقول تعالى: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ* مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).. والحمد لله جميعهم قلبهم مطمئن بالإيمان.. وفي قصة عمار بن ياسر، الذي اجبره المشركون على ذكر آلهتهم بخير، وأن ينال من رسول الله صلى الله عليه وسلم.. بعد ان قص القصة على المعصوم سأله: كيف تجد قلبك؟ قال عمار: مطمئناً بالإيمان.. فقال له الرسول: إن عادوا فعد.. لم يقل له خرجت من الدين، ولا حتى ارتكبت ذنباً، وإنما قال له: إن عادوا فعد.. هذا هو الدين وهذه مصادره.. ود. النور محمد حمد لا علاقة له بالدين حتى يفتي الآخرين فيه.. وهو وقتها لم يلتزم بما يقوله الآن.. ونحن لا نأخذ ديننا عنه.
    عندما بدأت الاعتقالات للاخوان الجمهوريين، قال الأستاذ محمود انه ينتظر اعتقال أحد القياديين.. وعندما اعتقل الأستاذ عبداللطيف، اعتبر الأستاذ محمود ان مطلوبه قد تحقق.. وقد كان الخوف من ان يكون على رأس الاخوان وقتها شخص حماسي قليل العلم، فيتجه للبطولات الزائفة التي يتحدث عنها د. النور.. ولكن الحمد لله كان على رأس المجموعة الأستاذ عبداللطيف.. ذكر لي الأخ جمعة حسن، نقلاً عن الكسندر صاحب مكتبة (بوك شوب)، أنه قال له: كبار القساوسة ورجال الدين المسيحي في العاصمة، وقت الحكم على الأستاذ كانوا في حالات اجتماع دائمة، ينتظرون النتيجة، وقد قرروا ان الحكم إذا طبق على شخص واحد فهذا دين، اما إذا طبق على أكثر من شخص فهذه سياسة .. فالمطلوب الأستاذ محمود ولا أحد غيره.. وقد عودنا الأستاذ محمود في جميع الملمات، ان يتقدمنا، وان يفدي غيره.. فقد تحدث في جلسة الفداء حديثاً واضحاً ان ما حدث من صور فداء من بعض المشائخ سيتكرر، وبه يتم فداء الآخرين ويزول الكرب.. فديناً الفداء إنما بقامة معينة، فمن الجهل ومن الغرور ان يتطلع من هو دون هذه القامة ان يكون ضمن الفداء.. وكان الأستاذ عبداللطيف، وهو من قال عنه الأستاذ محمود: أكثر اخوانه حفظاً للسر.. أقول كان صاحب رؤية واضحة ولم تتلبس عليه الأمور، فاختار لنفسه ولمن معه من الاخوان الموقف الديني الصحيح، ولم يذهب مذهب السياسة.. وقد يكون قد رأى برهان ربه!! ومن هم دونه ليس لهم هذا الاستعداد ليروا برهان ربهم، ومن أجل ذلك منذ البداية كان الأستاذ محمود ينتظر اعتقاله.. وصاحب هذا الموقف، الأستاذ عبداللطيف أكرمه الله، على ما قدم جزيل الاكرام.. فتقبله عنده من الشهداء!! هو لم يمت وإنما قتل!! وبذلك طويت له المقامات.. كان أستاذ عبداللطيف يعلم انه ذاهب، وكان يقول لنا: (إنتوا ما بتفهموا) وقد كنا نفهم، ولم يغب عنا ما كان يرمي إليه، ولكننا كنا نريد تجويد شريعتنا إلى اخر لحظة.. وكان مشهدنا يقوم على قول المعصوم: إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة نخل فليغرسها.. كان هو يشير إلى عزرائيل ممازحاً، وكنت أشير إلى اسرافيل.. وعندما كُفن نزع عنه الخلود لباس الموت، ومارس النزع أحمد، ولم نفاجأ ان وجدناه داخل لباس الموت حياً، ولكنه لم يعد معنا، وإنما سار في طريق الحياة الصاعدة!! هذا!! علم من علم، وجهل من جهل.
    سبحانك اللهم نعوذ بك من شرور انفسنا ونعوذ بك من مكرك.. إن من يمكر الله به من المفتونين، قد يشغله عنه تعالى، باتفه الأشياء، حتى لو كان العقل الرعوي.
    خالد الحاج عبدالمحمود
    رفاعة
    الاربعاء 21 فبراير 2018























                  

العنوان الكاتب Date
د.النور محمد حمد بين رفض الدين وهجاء السودانيين (3-3) بقلم خالد الحاج عبدالمحمود خالد الحاج عبدالمحمود02-21-18, 01:18 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de