الأكرم : حافظ قاسم تحيات طيبات وكثير احترام لك ولما تكتُب
لقد تقدمت أنت بالتفاصيل المكتوبة ، وهي مرثية نبيلة لـ " وزارة الأشغال " ، وتلك بحق شهادة لك تمد جذورها في وطنيتك وتثمِّن أن الوطن ، رغم كتائب الجهالة التي بسطت نفوذها ثلاثة عقود، لم يزل في بنيه نبتة مُشرقة مقفولة أمام جيش الغزو ، لنضع سوياً بذرتها ذات يوم وتنبت شجرة باسقة . أذكر أننا كُنا في زيارة لمدينة " اشتودغارد " لما كانت تسمى " ألمانيا الغربية " ، ذلك تحت ضيافة مؤسسة أكاديمية ألمانية ونحن طلاب قسم العمارة في جامعة الخرطوم ،أوقف الحافلة مُرشدنا السياحي أمام أحد المباني الأثرية . مبنى مكون من أربع أو خمس طوابق ، تجمله التماثيل والكرانيش التي تبرز عن واجهات المبنى . أشار مُضيفنا أنه في ذلك المبنى اجتمع قادة الحلفاء مع قادة الرايخ الثالث الأماني ، من أجل السلام في ذلك المبنى . وكانت الجماهير ترقب نتائج الاجتماع وهي مشوقة للنتائج . وانتهى الاجتماع إلى غير اتفاق ، على غير المأمول في العام 1942 ، خلال الحرب العالمية الثانية ،التي قتلت أكثر من 60 مليون نسمة . ونحن ننظر لمُرشدنا يحكي عن التاريخ ، فقال أما المفاجأة فقد كانت أن الحرب العالمية قد دكت هذا المبنى وهدمته كاملاً ، وبعد الحرب وبالرجوع للأرشيف المركزي ، والمخططات ، تم إعادة المبنى الأثري كما هو !! عندما يتذكر المرء هذا الخبر عام 1974 ، ويقارنه مع ما حدث عام 1994 ، أيام هدم "وزارة الأشغال " في عهد الإنقاذ في السودان ، يتعرف على البون الشاسع بين أوباش العصر ، وتاريخ الدولة الفاشية وهي تُعيد مجدها بواسطة الأرشيف الوطني . ليس كذلك فحسب بل استعادة قمتها ، وفي بداية الستينات أهدت السودان أجهزة التلفزيون بواسطة حكومة برلين !! إن مصيبتنا مُضاعفة ، وكما أرسل " الطيب صالح " بصمته التي لن تمحوها السنوات : ( من أين جاء هولاء ) * كنتُ منذ زمان قد وعدني الدكتور المهندس " عثمان الخير" وقد كان يعمل في وزارة الأشغال ، بتوثيق هدم ونسف ذاكرتنا الوثائقية بتجميع الوثائق عن هذا الحدث الجلل ، ولكننا لم نزل موعودين منه بالنثير الوثائقي . * عوداً على بدء فإن شبكة مياه صرف الأمطار من الخرطوم إلى النيل ، تمرّ من خلال المباني الأثرية التي تقع على شاطئ النيل الأزرق . وبمحاولات العسكر الإنقلابيين في محاولاتهم بتحريك الدبابات و تدمير أسفلت الطرقات في الخرطوم ، فقد تم رصف الأسفلت مُكرراً ، وتم دفن مهارب مياه صرف الأمطار التي تقود إلى أنابيب الصرف إلى النيل الأزرق ، وتسبب ذلك في فيضان مياه الأمطار كل عام ، وسد الطرقات وغرق السيارات !!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة