كانت مهمة صعبة لضابط المخابرات في ذلك الصباح الشتوي من العام ٢٠١٢م.. الضابط كلف باعتقال الفريق صلاح قوش مدير جهاز الأمن السابق.. لم يكن صلاح مجرد مدير عابر في تاريخ جهاز المعلومات السوداني. فقد وضع بصمة على معظم ضباط الجهاز.. بل ينسب إلى عهده تنامي سلطات الأجهزة الأمنية وتغولها حتى على تخصصات السياسيين.. الإقامة في الحبس امتدت لنحو عام ثم انتهت بتسوية سلمية جنبته مواجهة المحكمة بتهمة تقويض الدستور .
كانت مفاجأة لكل السودانيين حينما عاد اسم صلاح قوش مجدداً لتصدر بورصة الأخبار عبر إعادة تعيينه في ذات منصبه الذي غادره قبل تسع سنوات.. صورة أداء الجنرال قوش للقسم حملت ابتسامة رضاء نادرة من الرئيس البشير الذي تواجه حكومته موسماً اقتصادياً صعباً.. لكن السؤال الذي مازال يتردد في مجالس المدينة لماذا عاد الجنرال قوش في هذا التوقيت؟.
في البداية يجب أن نؤكد أن الجنرال صلاح قوش كان قارئاً جيداً للملعب السياسي.. لم يسجن نفسه في خانة الماضي.. بل تجاوز الأمر بمهارة فائقة حينما شرع في قيادة حملة التجديد للمشير البشير في ٢٠٢٠م.. في هذا الوقت تردد كثير من كبار الإنقاذ من الاصطفاف من وراء الرئيس.. عبر هذه الخطوة أعاد الرئيس مركز قوة جديد ربما يحتاجه قريباً.. ارتبطت الخطوة أيضاً بالاتجاه لحل الحركة الإسلامية.. كما باتت هنالك تغييرات هيكلية في بنية الإنقاذ تحتاج لمن يحرسها.
في تقديري أن خطوة إعادة قوش يجب أن تقرأ في سياق إعادة ترسيم المشهد السياسي.. في الأيام الماضية أجرى الرئيس لقاءات مهمة كان أغلبها مع رفاق السلاح.. أغلب التقديرات أن الرئيس سيخوض معركة صعبة مع حلول انتخابات ٢٠٢٠م مع الحرس الإخواني.. كما أن اضطراب الساحة الداخلية يحتاج لمقدرات الفريق قوش.. في غالب الظن أن القوة الإقليمية سترحب بالخطوة باعتبار أن قوش له مقدرات سياسية وعرف بأنه برغماتي في تحديد أهدافه ولا يتعجل النتائج.
بصراحة.. لن تكون عودة قوش هذه المرة عابرة.. سيجد سنداً من الرئيس في تجاوز كثير من المتاريس.. لكنه سيرث عرش الإنقاذ ولو بعد حين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة