بغض النظر عن حجم الاتفاق أو الاختلاف مع البنك المركزي.. لا بد من الاعتراف بأن الحصان قد أخذ طريقه أخيراً إلى مقدمة العربة.. لتبدأ الرحلة في وجهتها واتجاهها الصحيح.. وهذا لا يعني أن كل إجراءات المركزي كانت مصيبة.. فبعضها كانت مصائب حقاً.. وحتى لا نطلق القول على عواهنه.. أو نتهم دون بينة.. فدونكم القصة التالية.. صديقي رجل الأعمال النشط يعمل في مجال الصناعة والزراعة والتصدير والاستيراد.. استراتيجيته أن يكمل دائرة أعماله كالآتي.. يزرع المحصول الذي يصنعه، ويصدر الفائض من محصوله لاستيراد مدخلات إنتاج لمصانعه والسلع الرأسمالية لزيادة خطوط إنتاجه.. وبحمد الله أن أعماله متنامية.. وفي ازدهار دائم.. يديرها ثلاثة آلاف من العمال.. وكل عملياته تتم في الضوء يحب الأضواء الكاشفة.. ويكره العتمة.. يلتزم بالتعامل مع المؤسسات الرسمية والمختصة.. فقط عبر الجهاز المصرفي والجمارك وكل الجهات الرسمية.. وجدته مهموماً بسبب سياسات بنك السودان المركزي الأخيرة.. أصدر بنك السودان قبل أيام توجيهاته لمديري عموم البنوك بشراء كل حصائل الصادر بالسعر الرسمي، وأصدر منشوره الجديد (تنظيم عمليات الاستيراد) الذي يتحكم بموجبه في تحديد أولويات استخدام حصائل الصادر بعد أن ترفع له البنوك قائمة بطلبات الاستيراد يوم الخميس من كل أسبوع ليوافق عليها محافظ بنك السودان شخصياً يوم الأحد.. والمشكلة بالنسبة لصديقي الذي يحرص على التصدير.. ويلتزم بتوريد حصيلة صادراته.. أنه بهذا الإجراء لا يضمن أن حصيلته التي باعها للبنك يمكن أن تخصص له لتمويل استيراده من السلع الاستراتيجية ومدخلات الإنتاج لمصانعه لاستمرار الإنتاج.. وهو الذي زرع وأنتج وفتح أسواقاً وصدر.. والآن لا يستطيع أن يستخدم حصيلته لتمويل احتياجاته.. مستثمر بهذه العقلية والحجم والديناميكية ألا يجد دعم القطاع الاقتصادي وهو منتج أضاف للناتج المحلي الإجمالي (الناتج المحلي الإجمالي هو مؤشر اقتصادي يقيس القيمة النقدية لإجمالي السلع والخدمات التي أُنتجت داخل حدود منطقة جغرافية ما (بلد مثلاً) خلال مدة زمنية محددة (سنة أو نصف سنة مثلاً)، هذا بجانب المسؤولية الاجتماعية (المسؤولية الاجتماعية هي نظرية أخلاقية بأن أي كيان، سواء كان منظمة أو فرداً، يقع على عاتقه العمل لمصلحة المجتمع ككل.. المسؤولية الاجتماعية هي أمر يجب على كل منظمة أو فرد القيام به للحفاظ على التوازن ما بين الاقتصاد والنظام البيئي.. صديقي يفعل كل هذا ويضيف قيمة نوعية للصادر ويسهم في رتق النسيج الاجتماعي.. ويجيب للبلد دولاراً حياً كما يقولون.. وفي النهاية يساوونه بعاطل يوظف علاقاته السياسية والاجتماعية ليضيفه البنك المركزي لقائمة المحظوظين الذين يحصدون ثمرة كفاح أمثال صديقي من المنتجين الحقيقيين..! مشرع بنك السودان.. هل يجلس في برج عاجي لا يمكنه من معرفة ما يجري على الأرض؟!. غداً.. الخبير المصرفي المعروف الدكتور عبد المنعم جميل يطرق جوانب مهمة في سياسات البنك المركزي الأخيرة..!!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة