أمس الأول نشرت صحيفة ميدل إيست مقالا خطيرا للكاتب البريطاني ذائع الصيت ديفيد هيرست قال فيه إنه.. لولا صبية الخليج العابثون لما اقترب ترامب من القدس.. وشرح هيرست.. (إن الدعم الغريب والطارئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي دفعه لاتخاذ قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لم يأت من نتنياهو والمتدينين اليهود بل جاء من طرف عرب الخليج الذين توجد بصماتهم في كل انقلاب يجري بالمنطقة.).. وغني عن القول إن عبارة عرب الخليج التي استخدمها هيرست إنما يعني بها الأنظمة الحاكمة في منطقة الخليج العربي.. ولكنا نستعيرها هنا معدلة فنسقط كلمة الخليج.. ثم نعرف كلمة عرب لتصبح العرب.. والكلمة في فهمنا تشمل الحكام والمحكومين على حد سواء.. ورغم أن هيرست قد مضى قدما في استعراض مسؤولية عرب الخليج في قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نقل سفارة بلاده إلى القدس.. إلا أننا نكتفي من مقاله بهذا القدر لقناعتنا بأن الأزمة العربية صناعة عربية.. وأن النظام الرسمي العربي هو أس الأزمة.. وأصل الداء والبلاء.. وأن الشعوب العربية هي الأخرى لا تقل مسؤوليتها عن مسؤولية أنظمتها.. فالشعوب هي المسؤولة عن بقاء هذه الأنظمة.. وعن استمرار هذا الخنوع العربي..! نهاية الأسبوع المنصرم كانت فضائية سودانية 24 وعبر مذيعها اللامع التجاني خضر تناقشني حول القرار الأمريكي أعلاه.. وأثره على المشهد العربي.. ومآلات القرار نفسه.. ورد الفعل العربي.. وقد كان رأيي أن النظام الرسمي العربي لن يفعل شيئا.. ولا يرجى منه شيء.. قلت.. لن نسمع مثلا أن نظاما عربيا سيعلن عن قطع علاقاته الدبلوماسية مع الولايات المتحدة.. ولا حتى تخفيضا للتمثيل الدبلوماسي.. وبالضرورة لن نسمع أن دولة عربية ستطرد السفير الأمريكي من عاصمتها.. قلت للأستاذ التجاني كذلك.. صحيح أننا سنشهد حراكا للشعوب العربية.. وتظاهرات تعبر عن احتجاجات.. ربما في كل العواصم.. أضفت كذلك أن أسوأ ما يمكن أن نتوقعه.. وقد يراه البعض.. أفضل ما يمكن توقعه.. هو ظهور موجة جديدة من العنف في المنطقة.. احتجاجا على القرار الأمريكي.. وربما يكون هذا العنف بحجم القرار نفسه.. وقد يكون الأعنف.. وقد يضرب في كل الاتجاهات.. بدءا من تل أبيب ومرورا بكل عواصم الخنوع.. وانتهاء بواشنطن نفسها ..! كان واحد من الأسئلة المحورية التي طرحها تجاني حول توقيت صدور القرار.. كان من رأيي أن السبب الأول هو ان الوضع العربي يشهد حالة من السيولة لم يشهدها من قبل.. وحالة من التفكك والتوهان.. وغياب البوصلة.. وأن هذه الحالة تجعل المنطقة العربية كلها مهيأة لأي إعادة ترسيم.. فليست من قوة منظمة مستعدة لمواجهة أي موقف ضد المنطقة.. هذا واحد من أسباب تشجيع الرئيس الأمريكي على الأقدام على هذه الخطوة.. وهذا مصدر اختلافنا مع الكاتب البريطاني القريب من مخابراتها هيرست.. وهو أن الأزمة ليست خليجية.. بل عربية شاملة ..! أما السبب الثاني فهو أن الرئيس الأمريكي هو الآخر.. وللمفارقة.. لا يقل موقفه ضعفا وهشاشة عن الحالة العربية.. جراء الأزمات الداخلية التي يواجهها.. وهو يبحث عن دعم قوي.. وحليف استراتيجي من داخل مكونات الولايات المتحدة.. يحسم له الصراع.. ففكر الرجل في خطوة واحدة تنهي كل شيء.. فلم يجد أمامه غير الاستثمار في السيولة العربية.. ويعترف نهائيا بالقدس عاصمة لإسرائيل.. ليكسب نهائيا كذلك.. كل اللوبي اليهودي والصهيوني والإسرائيلي لصفه.. وقد فعل ..!
alyoumaltali
العنوان
الكاتب
Date
السيولة العربية هي.. من نقلت السفارة! بقلم محمد لطيف
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة