جـاء في الأخبـار أن المواطن إيهاب محمد طارد واشتبك مع مجموعة من الصائدين قتلة الغـزلان (المحميـة بقانون حماية الحيوانات البرية) بجهة غرب أم درمان. ولم يستسلم أيهاب حين رواغـة هؤلاء القتلة، فأبلغ عنهم المبـاحث، وأرشدها إلى موضعهم، ومكَّن من اعتقالهم مع حصادهم الدموي وقدره 20 غزالاً. استبـاح الجشعون والأنانيون كـل حرمات الوطن في تراكم للثروة لا بركـة فيها. لم تسلم من غائلة يدهم الطويلة أرضاً ولا نهراً، ولا غابة، ولا فيلاً، ولا نمراً، ولا غزالاً، ولا مالاً عاماً، ولا رخصـة استيراد، ولا ألبان إغاثة، ولا قبل ولا ّجلّ .وأصبح كسر القانون، وازدراء هيبته، هو موهبتهم الأكيدة من أجل الثراء. ولم تبق إلا ضمائر قليلة لم يلوثها مالهم الحـرام. ولم تبق إلا قلوب قليلة لم ترهبها دولتهم الصـاعدة. لقد انتهى بنا الجشعون إلى وطن كـاسد. وفي هذا الإطار من الخذلان العام للوطن تبدو حـراسة إيهاب لعشرين غزالاً بقلبه، ولسانه، ويده، فتوة مضيئة وغيرة وطنية عجيبة. ففي حين أباح أكثر المكلفين بحماية حرمات الوطن هذه الحرمات للمتطفلين، ذوي الجيوب الكبيرة، تبرع أيهاب بحماية وحش الفـلاة. وسلمت يده. خلّـد مُدّاح النبي عتقه الغـزال كمؤشر على رقـة حاشيته صلى الله عليه وسلم. وقـال الشيخ علي بيتاي في (رؤيته) المعروفة إن الرسول قد بلغه أن ينبه أمة محمد أن لا يقتلوا الغزلان ولا أولادها الصغار. ومنع الحاردلو إيذاء الغـزلان وكف عن صيدهن لمشابه لهن بالنساء اللائي قال في غزلهن مربعاته الشائقة. ليسعد أيهاب بهذه الصحبة من الرجال الوسيمين ذوي القلوب الكبيرة التي، حين وسعت الإنسان والحيوان، زفت للناس البشارات واحدة إثر أخرى. 5/9/1988م
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة