|
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على (Re: Ali Alkanzi)
|
"بيان الحزب الجمهوري عن مشروع قانون الخفاض الفرعوني"، 10 ديسمبر 1945م (النص)
بسم الله الرحمن الرحيم
"الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ"
مقدمة أما بعد فهذا هو السفر الاول من سلسلة أسفار سيطالع بها الحزب الجمهوري السودانيين عن سياسته وأساليبه ولقد كان الطبيعي أن يكون أول الأشعار عن تلك السياسة وتلك الأساليب لولا أن ذلك القانون العجيب قانون الخفاض قد فاجأنا ... فرأينا أن نبادر برأينا فيه في هذا السفر الأول. وطريقة الاشعار هذه نحن عليها مسبوقون ذلك بأنها طريقة معروفه لدى كثير من الأحزاب في الخارج وقد دفعنا الى اتخاذها في الوقت الحاضر ما نلقي من رفضٍ لنشر أخبارنا في بعض الصحف المحلية كالصوت والرأي العام اللتين طاب لمحرريهما أن ينصبا نفسيهما قيمين على الشعب السوداني. أ- أساليب عتيقه لا نريد بكتابنا هذا أن نقف موقف المدافع عن الخفاض الفرعوني ولا نريد أن نتعرض بالتحليل للظروف التي أوحت به لأهل السودان والضرورة التي أبقته بين ظهرانيهم الى يومنا هذا ولكننا نريد أن نتعرض لمعاملات خاصة وأساليب خاصة وسنن خاصة سنتها حكومة السودان أو قل إبتدعتها ابتداعاً وارادتنا أن ننزل على حكم ابتداعها إرغاماً- والصلة بين الخفاض الفرعوني وبين هذه المعاملات الخاصة والاساليب الخاصة والسنن المبتدعة هي أوجه الشبه بين الظروف الحالية التي ارتأتها حكومة السودان مناسبة لإثارته والظروف التي أوحت إليها فيما مضى بإبتداع هذه المعاملات والاستزادة من هذه الأساليب واستنان هذه السنن التي فككت أوصالنا وأضعفت مجتمعنا وصورتنا في أبشع الصور وقتلت فينا الشعور بكياننا جماعة وأفراداً والتي ما كان لنا أن نتظاهر بالرضى عنها لولا علالة من أمل في الحكومة أبقاها حسن الظن في نفوسنا وثمالة من رجاء قضت عليها ثقتنا بأنفسنا وتصورنا للعالم الخارجي بصورة ساكني الكهوف فيما قبل التاريخ من الآيات الدالة على سوء القصد في هذه الأساليب أثارة مسألة الخفاض الفرعوني في هذا الظرف وأساليب الدعاية التي طرقتها والطرق التي إرتأتها مناسبة لإبطاله والقضاء عليه وقد جاءت هذه الآيات دليلاً واضحاً على التضليل المقرون بسبق الاصرار ولهذا رأينا من المناسب أن نناقش مثل هذه الأساليب بطريقة خالية من المداجاة والمراوغة وفي غير تعنت بتطلع المواطنين على مكامن الضعف فيها ومغافره علهم يدركون فداحة الخطر المترتب على النظر للأشياء من وجه واحد واستساغة الدسم الممزوج بالسموم فيسارعون إلى الحمية ويعتصمون بحبل الشجاعة الأدبية في إبداء الرأي الصريح. ب- لماذا أثيرت مسألة الخفاض الفرعوني للسائل أن يسأل لماذا أثارت الحكومة مسألة الخفاض الفرعوني؟ وله أن يسأل لماذا أثيرت في هذا الوقت بالذات – وله أن يسأل أيضا لماذا أثيرت في البرلمان الإنجليزي- ولماذا تبودلت الرسائل في شأنها مع - ولماذا لجأت الحكومة إلى القانون لإبطالها ولماذا كانت هذه الصرامة في القانون؟ نعم للسائل أن يسأل هذه الأسئلة وله أن يقتنع بأي رد يقال له إذا كان على جانب من البساطة والسذاجة وضيق الأفق ولكن الذين علمتهم التجارب أن يستشفوا الحقائق الكافية وراء كل حركة تقوم بها حكومة السودان لن يجدوا ما يبرر قبولهم للرد القائل بأن المسألة قد أثيرت إشفاقاً بالمرأة لانهم لا يجدون أثراً لمثل هذا الإشفاق في مدى الخمسين عاماً التي مكثتها حكومة السودان وتقصيرها ظاهر ملموس في ناحية المرأة التعليمية والاجتماعية والصحية. ج. لم تُثَر المسألة إشفاقاً بالمرأة أما من الناحية التعليمية فالحكومة قد تجاهلتها وأسقطتها من حسابها ردحاً من الزمان ولم تتبرع في تعليمها الا مؤخراً ولأنها لما بدأت تعليمها ضيعته لدرجة مخجلة مزرية وحصرته في التعليم الأولى وفي معهد واحد آخر يرتفع قليلاً في مستواه على مستوى المدارس الأولية إضطرت لإنشائه للحصول على حفنة من المعلمات ليقُمن بمهمة التدريس في تلك المدارس ولأنها حين وضعت البرنامج لهذا القدر من التعليم لم تراع فيه ما يجب مراعاته في تعليم بنت مسلمة في قطر إسلامي ولم تعدها لتدبير بيت منتظر وتعهد طفولة مرتقبة وسياسة زوج لا يمكن أن يربطه بوكر الزوجية سوى خلق قويم. وأما من الناحية الصحية فلأنها لم توفر طبيباً سودانياً واحدا من أطبائها للتخصص في أمراض النساء وعلى كثرتها- ولم تلتفت أقل التفات وعدم اهتمام الحكومة بناحية التعليم والصحة والبقاء هو ما يدعو الحذر للجزم بأن المسألة لم تثر إشفاقاً بالمرأة.
ه. هل لمسألة الخفاض الفرعوني علاقة بتقرير المصير؟ عندما أثيرت قضية الهند المزمنة أثناء هذه الحرب كان من بين المهتمين بها صحفي إنجليزي يدعى بفرلى نكولز دفعت به إنسانيته واشفاقه الزائد ليكتب تقريراً عنها ينور به أحرار الغرب (الذين إستطاع الهندوس بالحاحهم في الإيحاء بأن يقنعوهم بأنهم هم الهند وأن كل محاولة لتقسيم الهند تكون محاولة خبيثة من الإنجليز قائمة على المبدأ المقرر" فرق تسد". وقد أبت همة ذلك الصحفي إلا أن يتعرض في تقريره لكل صغيرة وكبيرة فلم يترك عادة مستهجنة ولم يفته التعرض لحالة البؤس والشقاء التي يرزح الهنود في أغلالها كما لم يفته التكلم عن (الديفاداس) هيكل.. اللائي يحترمن تلك المهنة خوفاً من الله واحتسابا كما لم ينس التعرض للانقسامات الطائفية والأمراض وسوء النظام والخرافات الشعوذية والطعن في حزب المؤتمر ودكتاتورية زعيمه غاندي عدو المنبوذين؟ ولفت النظر للسيد جناح رئيس العصبة الإسلامية ولم يخف تأييده له والدعاية لإقامة إمبراطورية المسلمين المنفصلة (الباكستان) وتمجيد الدكتور امبدكر زعيم المنبوذين- والإشادة بذكره وتوجعه لمعاملة الهندوس له كما لم يخف حسرته على" الأطفال الذين أعماهم اباؤهم ليكونوا في المستقبل مصدر دخل في سوق التسول وإستنكار للعادة المتبعة عند الجنود الهنود" هل تمنحني إجازة شهر يا سيدي لا ذهب واقتل ابن عمي". نعم لم يغفل تقرير ذلك الصحفي كبيرة ولا صغيرة ولكنه اغفل شيئاً آخر وهو حصر مسئولية الفقر والمرض والبؤس وتحميل الإستعمار الإنجليزي نصيبه الوافر منها كما أنه لم يوضح لنا لماذا لم تتخذ حكومة الهند إزاء إستئذان الجنود لسادتهم وسمل عيون الأطفال ما اتخذته حكومة السودان من قانون بشأن الخفاض الفرعوني؟ ولماذا لم يبادر الصحفيون الإنجليز لرفع مثل هذا التقرير قبل إثارة المسألة الهندية؟ والجواب على هذه الاسئلة هو بالطبع ما قرره بفرلي في تقريره وهو وجوب بقاء الإنجليز في الهند لإزالة ما جاء في ذلك التقرير ولو قدر لذلك الصحفي أن يزور السودان حين تشتد المطالبة بتقرير المصير او الجلاء ليرفع تقريراً ينور به أحرار الغرب وقدر لنا أن نطل على ذلك التقرير لرأيناه يتعرض في أولى صفحاته للخلافات العنصرية والدينية التي خلقتها هيئات التبشير او أضرمت سعارها دعايات أعداء الإنسانية الذين يفككون أوصال الإنسانية ويبذرون بذور الشقاق بين أبناء الوطن الواحد باسم المسيحية والمسيحية بريئة مما يبذرون. ولرأيناه يرد في اسهاب مفرط أنواع الشقاء والتعس والمرض والوحشية وسوء النظام ويحملنا تبعتها دون أقل إشارة للأيدي الجائرة والعقول الماكرة التي أضافت الى منجم السياسة كلمات السودان المسلم والسودان الزنجي والسودان الشمالي والسودان الجنوبي والتي شلت أيدينا عن إنتشال مواطنينا الجنوبيين من بؤرة الشقاء والمرض والجهل والعري ولرأيناه يطالب ببقاء الإنجليز للقضاء على الجزام والعماء والتسول التي إبتلانا بها النازحون تحت حماية الانجليز ولرأيناه يشير الى بقايا (أبي صليب) والخرطوم الغربي اللائي يقمن بخدمة جيوش الإمبراطورية خوفاً من الله وإحتسابا دون أن يشير أقل إشارة لما تكتبه جرائدنا المحلية أو إلى تشويه سمعتنا في الشرق كما شوهتها في الغرب. و. قانون عجيب لاشك أن مجرد التفكير في الإلتجاء الى القانون للقضاء على عادة مستأصلة في النفوس، إستئصال الخفاض الفرعوني، دليل قاطع على أن حكومة السودان إما أن يكون قد رسخ في ذهنها أننا شعب تستطيع القوة وحدها أن تثنيه عن كل مبدأ وعقيدة أو أن تكون قد أرادت أن تقول للعالم الخارجي أن السودانيين قوم متعنتون وان تعنتهم الذي ألجأنا للقانون لإستئصال عادة الخفاض الهمجية هو التعنت الذي وقف في سبيلنا وشل أيدينا عن استثمار الأراضي الواسعة الخصبة في الجنوب والإستفاده من مياه الدندر والرهد والأتبرا والتوسع في التعليم. هذا من ناحية الالتجاء إلى القانون وأما القانون في ذاته فهو قانون أريد به إذلال النفوس وإهدار الكرامة والترويض على النقائص والمهانة- قل لنا بربك أي رجل يرضى بان يشتهر بالتجسس على عرض جاره وأي كريم يرضى أن يكون سبباً في إرسال بنات جاره أو صديقه أو عشيره للطبيب للكشف عليهن؟ عجباً لكم يا واضعي القانون أمن العدل والقانون أن تستذلونا باسم القانون؟ أو من الرأفة بالفتاة ان تلقوا مكاسيها في أعماق السجون. خ. عتاب إخواننا أعضاء المجلس الإستشاري- عفا الله عنكم. لماذا لم ترسلوها صرخة داوية ضد سن القانون- الا أنكم إستهنتم بكرامة مواطنيكم كما استهان بها واضعو القانون؟ أم رضيتم لأمتكم التشهير والتحقير ولفتياتكم ركوب عربات البوليس ولأمهاتهن وعماتهن وخالاتهن دخول المحاكم والسجون؟ مع علمكم برسوخ العادة وسلامة الطبع وتقديس العرض وتنفير القانون؟؟ ط. عهد أيها السودانيون لقد جاء بياننا شارحاً ما كان متنبئاً بما سيكون وسوف تقدم لنا بعد هذا مشاريع كثيرة باسم الإصلاح ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب – قد تجوز فيها الخدعة على الكثيرين ولكن الحزب الجمهوري قد قطع على نفسه عهداً بأن يكشف القناع عن متشابهها ويحذر من خطرها ويعمل بإزالتها ولن يخشى بعد اليوم أحداً وعلى الله توكلنا هو مولانا نعم المولى ونعم النصير.
10 ديسمبر 1945م
المصدر: عبدالله الفكي البشير، صاحب الفهم الجديد للإسلام محمود محمد طه والمثقفون: قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، دار رؤية للنشر، القاهرة، 2013م، ص 1087- 1091.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على السفير جمال بقلم عبدالله عثمان | عبدالله عثمان | 08-27-17, 03:29 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | Ali Alkanzi | 08-28-17, 08:56 AM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | عبدالله عثمان | 08-28-17, 10:14 AM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | Ali Alkanzi | 08-28-17, 10:51 AM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | عبدالله عثمان | 08-28-17, 11:58 AM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | عبدالله عثمان | 08-28-17, 12:03 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | Ali Alkanzi | 08-28-17, 02:32 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | Ali Alkanzi | 08-28-17, 02:52 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | Ali Alkanzi | 08-28-17, 03:24 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | مُحب للأستاذ | 08-28-17, 05:17 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | علوية علي إبراهيم | 08-28-17, 05:32 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | مُحب للأستاذ | 08-28-17, 06:10 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | القداد | 08-28-17, 04:50 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | Ali Alkanzi | 08-28-17, 06:34 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | Ali Alkanzi | 08-28-17, 06:44 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | مُحب للأستاذ | 08-28-17, 07:19 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | Ali Alkanzi | 08-28-17, 07:32 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | مُحب للأستاذ | 08-28-17, 08:53 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | Ali Alkanzi | 08-29-17, 09:21 AM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | عبدالله عثمان | 08-30-17, 12:57 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | عبدالله عثمان | 08-30-17, 12:58 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | عبدالله عثمان | 08-30-17, 12:59 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | علي رزق أحمدون | 08-30-17, 01:29 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | Ali Alkanzi | 08-30-17, 01:49 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | عبد الله علي إبراهيم | 08-30-17, 04:50 PM |
Re: نحو قرآءة جديدة لـ ثورة رفاعة: في الرد على | Ali Alkanzi | 08-30-17, 05:28 PM |
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|