كادت مرارتي أن تنفقع (مغصاً وكمداً) عندما قرأت أن السفير السعودي طالب السودان بأن (يتخذ موقفاً واضحاً حيال الأزمة مع دولة قطر حال رفضت الأخيرة مطالب دول الحوار)! أول ما تبادر لإلى ذهني وأنا أقرأ الحوار المنشور في صحيفة (السوداني) سؤال ملح هو من بربكم الأحق بأن يطالب السودان باتخاذ موقف واضح حول الأزمة الخليجية ، السفير السعودي أم القطري وأيهما أولى بأن يطلب مساندة السودان بل أيهما ظل سنداً وعضداً لبلادنا في السراء والضراء ..لم يتغير ولم يتبدل ولم يتآمر ولم يضغط ولم يصعّر خده للسودان في أي يوم من الأيام قطر أم السعودية؟! سؤال آخر ..ماذا قدم السودان لقطر نظير مواقفها الداعمة له وهي التي ظلت قريبة منه تعمل على حل جميع مشكلاته الاقتصادية والسياسية بما في ذلك قضيته الكبرى المتمثلة في حرب دارفور التي ظلت قطر تستضيف مؤتمراتها وحركاتها المسلحة المتناسلة يوماً بعد يوم بصبر جميل ودأب كريم بل وتُقيم عشرات القرى النموذجية لحفز النازحين للعودة إلى قراهم في دارفور هذا بالإضافة إلى دعم موازنة السودان التي لطالما عانت من الحروب والضغوط الاقتصادية وغير ذلك من المصائب؟! أقولها ضربة لازب إن سفير قطر هو الأحق بأن يطلب دعم السودان ليس فقط لأن قطر ظلت قريبة ومساندة للسودان إنما لأن الحق معها وليس مع دول الحصار ورغم ذلك استعصم سفيرها بالصمت في حين تجاوز السفير السعودي حدود اللياقة الدبلوماسية وتعدى على الحق السيادي للسودان في اتخاذ القرار الذي يعبر عن رؤيته السياسية ومبادئه واستقلاله الوطني. أعجب أن يتصدى لإبلاغ هذه الرسالة سفير وليس مبعوثاً ملكياً أو أحد رجالات الخارجية السعودية .. وأن يأتي ذلك الطلب الغريب عبر صحيفة معروضة في الهواء الطلق ويقرأها الآلاف وليس عبر القنوات الدبلوماسية داخل المكاتب المغلقة! أي تطاول وأي استفزاز مارسه ذلك السفير على حكومة وشعب السودان وكأن السودان مستعمرة تابعة لدولته ولا يستحق غير هذه المعاملة القاسية وغير المحترمة؟! يقول السفير : (أذا أصرّ حكام قطر على عدم الموافقة على المطالب التي قدمتها الدول الأربع وأصرّت على التصعيد والهرولة إلى دول لها مطامع في المنطقة كإيران وتركيا فإننا نرجو من إخواننا في السودان أن يكون لهم موقف واضح من ذلك لأن الأمر لا يتعلق بعلاقات بقدر ما يتعلق بأمن المنطقة مثل منطقة الخليج والمنطقة العربية)! يا سبحان الله ! مثل هذا الكلام المستفز يوجه من سفير يعمل داخل أرض السودان عبر صحيفة إلى حكومة السودان التي أرسلت أبناءها ليفدوا المملكة بدمائهم الغالية بينما لا يقدم إلى الدول التي يتوافد عليها الكبار من دول الحصار يخطبون ودها رغم (الرز) المغدق عليها ورغم إحجامها عن تقديم أي مساندة حقيقية لدول الحصار ..مثل هذا الحديث الخشن يقدم للسودان الذي بادر بقطع علاقاته مع إيران في وقت لم تقطع تلك العلاقة حتى دول الحصار . ويتهم سفير خادم الحرمين قطر بالتصعيد وعدم تلبية المطالب لكنه لا يعتبر حصار قطر براً وجواً وبحراً تصعيداً فالرجل معذور لا يرى إلا بعين وزارة خارجيته التي تعتبرحركة حماس منظمة إرهابية رغم أنها لم تطلق رصاصة واحدة خارج أرض فلسطين الجريحة بينما تصمت عن دولة الكيان الصهيوني التي ما عادت في زمن الهوان والتيه العربي إرهابية ومحتلة للأرض والعرض والمقدسات بل حبيبة قريبة ودودة بأمر سيد البيت الأبيض! على كل من حق السفير ودولته أن يقرروا ما يشاؤون لكن ليس من حقهم أن يُملوا على دول مستقلة ذات سيادة القرارات التي يتخذونها سيما وأنهم لم يستشيروها قبل أن يقدموا على اتخاذ تلك القرارات. ثم يقول السفير السعودي وهو يطلب من السودان اتخاذ موقف مساند لدول الحصار إذا أصرّت قطر على (التصعيد والهرولة إلى دول لها مطامع في المنطقة كإيران وتركيا)! إذن فإن قطر متهمة بالهرولة نحو (دول المطامع) إيران وتركيا أما دول الحصار فإنها بريئة من تهمة (الهرولة) نحو إسرائيل التي تتهم حركة (حماس) وتشيطن وتتهم بالإرهاب من أجل استرضائها سيما بعد أن غدت بالنسبة لدول الحصار دولة غير طامعة في المنطقة رغم أنها تحتل أقدس مقدسات الأمة بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي! نعم إيران طامعة في إقامة إمبراطوريتها الفارسية من جديد وقد كتبت عن ذلك كثيراً لكن متى كانت تركيا أردوغان ، الأقرب إلينا ذمة ورحماً ، طامعة في أرض الخليج وهي التي لا جريرة تجعل السفير السعودي يقحمها في حواره الغريب غير أنها أقامت في قطر وبإذن وطلب منها قاعدة أصغر بكثير من القاعدة الأمريكية المقامة في قطر وفي عدد من دول الحصار ولم يحتج أحد على وجودها في أي يوم من الأايام! أقولها مجدداً إن إيران طامعة ولكن لماذا تقحم إيران الآن ؟! هل هي كذلك تقيم قاعدة في قطر ؟! بالطبع لا.. أما إذا كان ذلك ناشئاً عن وجود علاقة طيبة لقطر بإيران فإن ذلك ليس حكراً على قطر فمن بين دول الحصار من يقيم علاقة أكثر رسوخاً بايران. ليت السفير السعودي يعلم أن حكومة السودان وهي تقف على الحياد لم تعبر عن نبض المواطن السوداني ولا الجماهير العربية والإسلامية المتعاطفة ، بلا أدنى مقارنة ، مع قطر إنما عن موقف سياسي محايد حاولت من خلاله أن تكون جزءا من الحل لا جزءا من المشكلة بانحيازها إلى أي من الطرفين وأعجب ان تقدر قطر وسفيرها المحترم موقف السودان وتشيد به بالرغم من أنها الأحق بالمساندة بينما يقوم السفير السعودي بخرق كل الأعراف الدبلوماسية ليسيء إلى السودان وشعبه من داخل أرض السودان! ما كنت لأعبر عن رأيي بهذه القوة لولا أن السفير خرج على مقتضيات الدبلوماسية ووجه إهانة للسودان وشعبه وأنا جزء من هذا الشعب ولن أحمّل قيادة المملكة المسؤولية عن ذلك الفعل الأخرق من السفير ولو كان القرار السياسي بيدي لأعلنت ذلك السفير شخصاً غير مرغوب فيه وطلبت من المملكة تغييره خلال 48 ساعة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة