ثورة العَدَسِيِين .... الحلقة الثانية بقلم عبدالحق الريكي

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 09:26 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-25-2016, 09:15 PM

عبدالحق الريكي
<aعبدالحق الريكي
تاريخ التسجيل: 02-08-2016
مجموع المشاركات: 11

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ثورة العَدَسِيِين .... الحلقة الثانية بقلم عبدالحق الريكي

    08:15 PM October, 25 2016

    سودانيز اون لاين
    عبدالحق الريكي-الرباط
    مكتبتى
    رابط مختصر


    رجعت إلى المكتب منهك القوى وبذمتي تسديد ثمن طبق كسكس... وصلت وأول ما لاحظت وقوف البواب لتحيتي كما يفعل مع المديرين الكبار... تعجبت لموقفه وهو الذي يرد علي السلام من وراء مكتبه... صعدت المصعد ودخلت بهو الإدارة وإذ بكل العاملين ينظرون إليَّ كما لَوْ أنهم يروني لأول مرة... زاد عَجَبي وطلبت من الله أن يختم العاقبة بخير لأن حدسي كان يتنبأ بالأسوأ...

    دخلت مكتبي ولم تمر هنيهات حتى رن الهاتف الثابت... ألو؟ كان على الخط مدير التخطيط، واحد من أصدقاء العمل... باغتني: " استعد، استعد!!"... قُلت : أستعدُّ لأي شيء ؟ قال : ألم تعلم أن لجنة عليا أتت تسأل عنك؟ هذا يقع حين يُطلب تكوين ملف لترشيح شخص ما لمهمة كبرى، فإذا أصبحت وزيرا فلا تنسى تعييني في ديوانك... وأنا أحاول فهم ما يقع، إذ به يخبرني أن اجتماعا مهما ينتظره وِإن كنت راغبا في معرفة الكثير فمَا عليَّ سوى الحديث مع الموظف "العالم" (نَنْعته بالعالم لأنه لا تخفى عليه صغيرة ولا كبيرة بالإدارة)...

    سيدي "العالم": هل تَشَّرفت بأخْذ كوب شاي بمكتبي وتحكي لي عن كل ما دار بينك وبين "رجال الحال"، العفو اللجنة العليا؟ هكذا باغتته بسؤالي وأنا متيقن أنه كان ينتظر مجيئي.... قال الموظف "العالم": إما أنك "قَفَّرْتَها" وإما أن خيرا كبيرا ينتظرك.... قلت مع نفسي: صديقي المدير عقله وأمانيه مع الترقيات والمناصب والموظف الصغير "العالم"، عقله مع المصائب والمشاكل.... كُل واحد وهمومه...

    حكى لي الموظف "العالم" أن الأوامر أُعْطيت صباحا لكي لا يغادر أي موظف عمله ولو لأداء صلاة الجمعة ما دامت لجنة مديرية ستحل بالإدارة ولكن تم استثناءك من هذا القرار ولم نفهم لماذا... بدون شك أنك لاحظت غياب موظفي الإدارة عن المسجد، أنت ذو النظرة الثاقبة... ضحكت لأنه فعلا اثارني غياب صف كامل من موظفي إدارتي... وزاد "العالم": مباشرة بعد خروجك للمسجد، حلت اللجنة العليا واجتمعت بداية مع المدير العام ومعاونيه ومن بعد تحدثوا إلى كل من يعرفك عن قرب ودخلوا مكتبك هذا وفي الأخير اجتمعوا مطولا معي إذ رأيت، بعيني هاته، السيد المدير العام يشير بأصبعه نحوي قائلا لهم: "الموظف "العالم" يمكن أن يمدكم بالمزيد..."...

    قلت له، خيرا إن شاء الله... قال لي بثقة كبيرة : قلت الحقيقة كل الحقيقية غير الحقيقية... وماذا قلت أيها "العالم"، هيا انطق... قال "العالم": أولا أنَّك إنسان متواضع وأنك تعامل الجميع باحترام، المدراء والموظفين الصغار... وأن الجريدة والكتاب والكمبيوتر دائما يرافقونك في مجيئك وذهابك.. وأننا نعتبرك هنا في الإدارة المثقف الكبير الضعيف الأجر... وأنك تهتم كثيرا بوضعية الضعفاء والمهضومة حقوقهم.... قلت له: يكفي، يكفي يا عالم، "خرَجْتي عليَّ"، نهار أسود اليوم... نهض الموظف "العالم" وهو يصيح : أنا قلت لهم شهادة حق لأنك إنسان طيب ولكي أُجَنِّبك مكروها إن كان في نيتهم إيذائك...

    الموظف "العالم" لم يكن يعلم (لعدم استعماله التكنولوجيا الحديثة، لأنه من جيل الورق)، أنه زَكَّى من حيث لا يدري، انحيازي الواعي لشعب العدس وكون تدوينتي ليست بريئة ما دُمْت متواضعا ومثقفا وأهتم بالضعفاء... يا رب سَترك حتى يمر هذا اليوم بخير وينسى العالم كله تدوينتي وثورة العدسيين.... لكن يبدو أن الكرونومتر انطلق ولا أحد قادر على إيقافه.... تَيَّقنت بحَدَسي أن أمورا كبرى تقع وستقع وأن حكاية العدس تنبأ بالمزيد...

    الجمعة مساء، الرجوع إلى المنزل...

    كلما اقتربت من حارتي وإذا بالشوارع تكتظ بالمارة من كل الأعمار ولكن مع غلبة للشباب والشابات... وكلهم ذاهب في اتجاه الشارع الذي أقطنه.... ما إن وصلت ورَكَّنت السيارة وخرجت منها، إذ بالحناجر تصيح : "العَدَسي يا رفيق، ما زلنا على الطريق"، وآخرون يرددون:"سوا اليوم سوى غدا، العدس ولا بدا"، وفي الجهة المقابلة عرفت بعض ألتراس فريق مدينتي يرددون: "مبروك علينا هادي البداية مازال مازال"... قلت مع نفسي، لطفك يا رب، هل أنا في حلم منذ أن كتبت التدوينة الملعونة وطلبت شعب الفايسبوك العظيم أن يثور على وضع الغلاء الفاحش للعدس...

    كنت وسط الجموع لا أعرف ما أفعل : هل أرد التحية ؟ هل أرفع شارة النصر ؟ هل أردد معهم الشعارات وأنا المعروف بعشقي الانصهار في المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية أيام النضال؟... وأنا سارح بتفكيري، إذ برجل الحال الذي تناول معي الكسكس يهمس في أذني : ارفع شارة النصر وخذ معهم بعض الصور حتى نتمكن من إخراجك من هنا سالما وإدخالك المنزل... لا تخف، نحن هنا لمساعدتك وتفريق الجموع بدون مشاكل... وهو يتحدث إلىَّ كنت أردد بداخلي : أعود بالله من الشيطان الرجيم، من أين خرج هذا، حتى وجدته ثانية خلفي!!... وأنا شارد في تفكيري، إذ به ينصحني بأدب أنه من الأحسن لي تفادي الصحافة الوطنية والدولية وأن احتمال لقائي بوزير الداخلية هذه الليلة وشيك وهو في طريقه إلى المغرب بعد أن طُلِب منه العودة باستعجال... قلت له يكفي لقاء مديرك... قال: القضية كبرت وما زلت أشك إن كنت تناورني أم أنك لا تعلم صدى قنبلتك الفيسبوكية... وأنا أحاول الجهر له أنني فعلا لا أعرف ما يقع لي، إذ به يقول : من الأحسن أن لا تحدثني وسط الجموع والمصورين يلتقطون الصور وكاميرات التلفزة شاعلة... كنا نتحدث وجموع الشباب والشابات والجيران وأصحاب المقاهي والمطاعم والحراس يرددون ملئ حناجرهم: "إذا الشعب يوما أراد العدس فلابد أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر"...

    دخلت المنزل بشق الأنفس ووجدت عائلتي الصغيرة والكبيرة في انتظاري... قالت أمي: ألم أقل لك منذ ولادتك، ابْتَعِد عن السياسة؟ وما لنا نحن والعدس يا ابني، عشنا بالعدس وكبرتم بالعدس وحتى إذا ذهب العدس هنالك "اللوبية" و"البيصرة" والبطاطس... وقالت زوجتي : حاولت الاتصال بك مرات عديدة وهاتفك لا يجيب؟ قُلت: عذرا، كان صوته منخفضا، وذلك منذ دخولي المسجد لصلاة الجمعة ونسيت إعادة تشغيله (في الحقيقة أنه منذ لقائى مع رجل الحال وأنا أتجنب النظر في هاتفي وفتح الفايسبوك والميسنجر والتويتر والس م س)... أما ابنتي فتقدمت نحوي مطالبة مني أخذ صورة سيلفي معها حتى تستطيع التباهي بها أمام صديقاتها لأنها أصبحت مشهورة بلقب بنت مول العدس... أما ابني فسألني إن كنت بخير قائلا لي بابتسامته المعهودة : يبدو أن الفرج سيأتي بفضل العدس... فَهِمتُ قصدهُ لكوننا كنا دائما نتحدث عن الشيء الذي سيكون السبب في تيسير حضورنا لمقابلة الكلاسيكو العالمي على أرضية ملعب "الميرينغي" أو "البلوغرانا" ما دمت أنا مدريدي وهو برشلوني...

    التتمة في الحلقات القادمة... إذا تيسرت الأمور سنتناول في الحلقة الثالثة تطورات "ثورة العدسيين"، أول لقاء مع الثوار العدسيين وكذا بداية التفاوض مع حكومة تصريف الأعمال من رئيس حكومة ووزراء الداخلية والفلاحة وعن المسيرة وقمعها واعتقال ثوار العدس وإطلاق سراحهم بعد تدخل الأمريكان ووووو.... الله الموفق....

    ملحوظة : كما يقال فإن هذه الأحداث من وحي خيال المؤلف.. وكل تشابه في الأحداث والشخصيات أو الأسماء هو من قبيل الصدفة لا أكثر.. إلا العدس...

    عبدالحق الريكي

    الرباط، 25 أكتوبر 2016





    ثورة العَدَسِيِين ...

    الحلقة الأولى والثانية

    بقلم: عبدالحق الريكي

    الخميس، السادسة مساء...

    دخلت المنزل بعد يوم عمل ليس كالمعتاد، إذ تخللته فترات طويلة من مطالعة التدوينات على المواقع الاجتماعية... كلها تدور حول العدس وصعود ثمنه في بورصة الأسواق الشعبية... حالة من الغليان لم يعرف الفضاء الأزرق مثيلا لها حتى خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة....
    عقلي مع العدس، جوارحي مع العدس... عليَّ أن أقوم بعمل ما حتى لا تفوتني الموجة... أخدت هاتفي وقلت مع نفسي "كبرها تصغار".. كتبت في 18 ثانية هذه التدوينة: "يا شعب الفايسبوك العظيم، موعدنا جميعا يوم الأحد على الساعة العاشرة صباحا، بساحة باب الأحد بالرباط، لرفع شعار واحد 《سوا اليوم سوا غدا، العدس ولا بدا》..."...
    أردت مراجعة التدوينة، لكن هاتفي رن، إنها المَدَام، وعوض النقر على مفتاح الهاتف ذهب أصبعي إلى إرسال التدوينة التي كنت أريد مراجعة مضمونها... قلت لا بأس، سأفعل ذلك حالما أنتهي من مكالمة زوجتي.... طال الكلام عبر الهاتف وكان لزاما عليَّ الذهاب فورا لقضاء غرض عائلي مهم، أَنْساني تدوينتي المتعلقة بمسيرة شعبية عارمة من أجل العدس....

    الجمعة، السابعة والنصف صباحا...

    قبل مغادرة المنزل في اتجاه العمل، فتحت الموبايل وصفحة الفايسبوك ووجدت وباستغراب مئات ومئات من التعليقات حول مدونتي وكذا استعداد الشباب والشبات للنزول إلى الشارع من أجل العدس، ليس القاطنين في الرباط وحدهم، بل من كل جهات المغرب، كما تعودنا قوله من طنجة إلى لكويرة.... ضحكت مع نفسي وقلت أن حَدَسِي كان صائبا ما دامت تنظيمات حزبية ونقابية وجمعوية قررت النزول إلى الشارع للدفاع عن قوت الشعب وحقه في العدس... ضحكت مع نفسي لأنني أصبحت أحسن من قارئة الفنجان...هههههههه.. ذهبت إلى مقر العمل وأنا متردد من مشاركتي الشعب والشباب والشابات في مسيرة العدس ليوم الأحد، نظرا لابتعادي عن المسيرات والوقفات الاحتجاجية منذ زمان...

    نفس اليوم، بعد صلاة الجمعة...

    وأنا خارج لتوي من المسجد، التقيت أحد رجالات الحال، تعرفت عليه في فترة الصراع الطلابي ومن بعد النقابي وتوطدت علاقتي به عندما أصبحت رئيس ديوان الوزارة... استغربت آدائه لفريضة الصلاة بمسجد بعيد عن مكان عمله الكائن وسط المدينة... حياني بحرارة وطلب مني إن كنت أعرف مطعما لتناول وجبة الكسكس... بدأت أقلب الأخماس في الأسداس، وأتسائل مع نفسي عن الغرض الحقيقي لمجيئه... كدت أن أصرح له أنهم، أي أصحاب الحال، يعرفون أين أتناول كسكسي كل جمعة ويعرفون تحركاتي رغم أنها منذ زمان محدودة ما بين المنزل والعمل ولقاء صديق واحد كلما توفرت النقود لشرب قهوة أو نص نص... وأنهم يعرفون أيضا أنني طلقت النضال الميداني الحركي والثوري..
    ذهبنا إلى المطعم. طلبت طبقين من الكسكس وأنا في جيبي ثمن طبق واحد... خيم صمت مطبق قبل أن يبادرني بالسؤال عن أحوالي وأحوال العمل وإخباري عن تتبعه عن كتب كل مقالاتي.... هو ورؤساءه الكبار... قلت في نفسي "الله يخرج العاقبة بخير" من جهة ويرزقني لكي أؤدي ثمن الطبقين... قلت له حتى لا أضل صامتا، "مقالاتي متواضعة ومحدودة وأنت تعرف أنها هواية لا أكثر "... رد عليَّ، "أنت دائم التواضع" مسترسلا كون لقائنا ليس صدفة بل طُلِب منه لقاء مجموعة من الفعاليات حول مسيرة العدس ليوم الأحد لأن الكرة الثلجية بدأت تتدحرج وتكبر والوضع لا يطيق احتجاجات ونحن خرجنا لتونا من انتخابات والحكومة ما زالت لم تتشكل بعد والفراغ المؤسساتي من برلمان وحكومة يعقد أمر الجهات التي عليها اتخاذ قرارات الترخيص أو المنع أو التفاوض.... ونحن نأكل طبق الكسكس، قلت له أنه يبدو لي أن السلطة تُضَخِّم من الأمر وأن القضية لا تعدو أن تكون دعوات شباب وشبات على الفايسبوك تنتهي على نفس الفضاء وأنني لا أعتقد أن الآلاف سيخرجون إلى الشارع وأن تنبأي هو خروج المجموعة التي دأبت على الخروج والاحتجاج دائما وأبدا... نظر إلي وقال: "إما أنك تعلم ما لا أعلم وإما أن المسؤول الكبير أخطأ في تكهنه حول دورك وإشعاعك، في كل الأحوال فإني مُطالب بالرجوع فورا لمقر العمل لأن مجموعة من الس م س وصلتني تحث علىَّ الرجوع حالا... هل لا ترى مانعا من مقابلة رئيسي إذا دعت الضرورة لذلك؟"... قلت له، أنا؟؟ قال نعم... بدون تفكير أجبته مرحبا، مرحبا.... في نفس الوقت طلبت من النادل عدم قبض الورقة الزرقاء منه، لأنني أنا الذي دعوته للغذاء...
    جلست حيران، لا أعرف ما أقدم ولا ما أؤخر... توكلت على الله، بعد أن شرحت قلة نقودي للنادل طالبا منه قبول نصف ثمن الطبقين على أساس زيارته يوم الإثنين لأداء ما تبقى على دمتي.... نعلت العدس وأهل العدس وثوار العدس والفايسبوك قبل أن استغفر الله وأردد وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم...

    رجعت إلى المكتب منهك القوى وبذمتي تسديد ثمن طبق كسكس... وصلت وأول ما لاحظت وقوف البواب لتحيتي كما يفعل مع المديرين الكبار... تعجبت لموقفه وهو الذي يرد علي السلام من وراء مكتبه... صعدت المصعد ودخلت بهو الإدارة وإذ بكل العاملين ينظرون إليَّ كما لَوْ أنهم يروني لأول مرة... زاد عَجَبي وطلبت من الله أن يختم العاقبة بخير لأن حدسي كان يتنبأ بالأسوأ...

    دخلت مكتبي ولم تمر هنيهات حتى رن الهاتف الثابت... ألو؟ كان على الخط مدير التخطيط، واحد من أصدقاء العمل... باغتني: " استعد، استعد!!"... قُلت : أستعدُّ لأي شيء ؟ قال : ألم تعلم أن لجنة عليا أتت تسأل عنك؟ هذا يقع حين يُطلب تكوين ملف لترشيح شخص ما لمهمة كبرى، فإذا أصبحت وزيرا فلا تنسى تعييني في ديوانك... وأنا أحاول فهم ما يقع، إذ به يخبرني أن اجتماعا مهما ينتظره وِإن كنت راغبا في معرفة الكثير فمَا عليَّ سوى الحديث مع الموظف "العالم" (نَنْعته بالعالم لأنه لا تخفى عليه صغيرة ولا كبيرة بالإدارة)...

    سيدي "العالم": هل تَشَّرفت بأخْذ كوب شاي بمكتبي وتحكي لي عن كل ما دار بينك وبين "رجال الحال"، العفو اللجنة العليا؟ هكذا باغتته بسؤالي وأنا متيقن أنه كان ينتظر مجيئي.... قال الموظف "العالم": إما أنك "قَفَّرْتَها" وإما أن خيرا كبيرا ينتظرك.... قلت مع نفسي: صديقي المدير عقله وأمانيه مع الترقيات والمناصب والموظف الصغير "العالم"، عقله مع المصائب والمشاكل.... كُل واحد وهمومه...

    حكى لي الموظف "العالم" أن الأوامر أُعْطيت صباحا لكي لا يغادر أي موظف عمله ولو لأداء صلاة الجمعة ما دامت لجنة مديرية ستحل بالإدارة ولكن تم استثناءك من هذا القرار ولم نفهم لماذا... بدون شك أنك لاحظت غياب موظفي الإدارة عن المسجد، أنت ذو النظرة الثاقبة... ضحكت لأنه فعلا اثارني غياب صف كامل من موظفي إدارتي... وزاد "العالم": مباشرة بعد خروجك للمسجد، حلت اللجنة العليا واجتمعت بداية مع المدير العام ومعاونيه ومن بعد تحدثوا إلى كل من يعرفك عن قرب ودخلوا مكتبك هذا وفي الأخير اجتمعوا مطولا معي إذ رأيت، بعيني هاته، السيد المدير العام يشير بأصبعه نحوي قائلا لهم: "الموظف "العالم" يمكن أن يمدكم بالمزيد..."...

    قلت له، خيرا إن شاء الله... قال لي بثقة كبيرة : قلت الحقيقة كل الحقيقية غير الحقيقية... وماذا قلت أيها "العالم"، هيا انطق... قال "العالم": أولا أنَّك إنسان متواضع وأنك تعامل الجميع باحترام، المدراء والموظفين الصغار... وأن الجريدة والكتاب والكمبيوتر دائما يرافقونك في مجيئك وذهابك.. وأننا نعتبرك هنا في الإدارة المثقف الكبير الضعيف الأجر... وأنك تهتم كثيرا بوضعية الضعفاء والمهضومة حقوقهم.... قلت له: يكفي، يكفي يا عالم، "خرَجْتي عليَّ"، نهار أسود اليوم... نهض الموظف "العالم" وهو يصيح : أنا قلت لهم شهادة حق لأنك إنسان طيب ولكي أُجَنِّبك مكروها إن كان في نيتهم إيذائك...

    الموظف "العالم" لم يكن يعلم (لعدم استعماله التكنولوجيا الحديثة، لأنه من جيل الورق)، أنه زَكَّى من حيث لا يدري، انحيازي الواعي لشعب العدس وكون تدوينتي ليست بريئة ما دُمْت متواضعا ومثقفا وأهتم بالضعفاء... يا رب سَترك حتى يمر هذا اليوم بخير وينسى العالم كله تدوينتي وثورة العدسيين.... لكن يبدو أن الكرونومتر انطلق ولا أحد قادر على إيقافه.... تَيَّقنت بحَدَسي أن أمورا كبرى تقع وستقع وأن حكاية العدس تنبأ بالمزيد...

    الجمعة مساء، الرجوع إلى المنزل...

    كلما اقتربت من حارتي وإذا بالشوارع تكتظ بالمارة من كل الأعمار ولكن مع غلبة للشباب والشابات... وكلهم ذاهب في اتجاه الشارع الذي أقطنه.... ما إن وصلت ورَكَّنت السيارة وخرجت منها، إذ بالحناجر تصيح : "العَدَسي يا رفيق، ما زلنا على الطريق"، وآخرون يرددون:"سوا اليوم سوى غدا، العدس ولا بدا"، وفي الجهة المقابلة عرفت بعض ألتراس فريق مدينتي يرددون: "مبروك علينا هادي البداية مازال مازال"... قلت مع نفسي، لطفك يا رب، هل أنا في حلم منذ أن كتبت التدوينة الملعونة وطلبت شعب الفايسبوك العظيم أن يثور على وضع الغلاء الفاحش للعدس...

    كنت وسط الجموع لا أعرف ما أفعل : هل أرد التحية ؟ هل أرفع شارة النصر ؟ هل أردد معهم الشعارات وأنا المعروف بعشقي الانصهار في المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية أيام النضال؟... وأنا سارح بتفكيري، إذ برجل الحال الذي تناول معي الكسكس يهمس في أذني : ارفع شارة النصر وخذ معهم بعض الصور حتى نتمكن من إخراجك من هنا سالما وإدخالك المنزل... لا تخف، نحن هنا لمساعدتك وتفريق الجموع بدون مشاكل... وهو يتحدث إلىَّ كنت أردد بداخلي : أعود بالله من الشيطان الرجيم، من أين خرج هذا، حتى وجدته ثانية خلفي!!... وأنا شارد في تفكيري، إذ به ينصحني بأدب أنه من الأحسن لي تفادي الصحافة الوطنية والدولية وأن احتمال لقائي بوزير الداخلية هذه الليلة وشيك وهو في طريقه إلى المغرب بعد أن طُلِب منه العودة باستعجال... قلت له يكفي لقاء مديرك... قال: القضية كبرت وما زلت أشك إن كنت تناورني أم أنك لا تعلم صدى قنبلتك الفيسبوكية... وأنا أحاول الجهر له أنني فعلا لا أعرف ما يقع لي، إذ به يقول : من الأحسن أن لا تحدثني وسط الجموع والمصورين يلتقطون الصور وكاميرات التلفزة شاعلة... كنا نتحدث وجموع الشباب والشابات والجيران وأصحاب المقاهي والمطاعم والحراس يرددون ملئ حناجرهم: "إذا الشعب يوما أراد العدس فلابد أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر"...

    دخلت المنزل بشق الأنفس ووجدت عائلتي الصغيرة والكبيرة في انتظاري... قالت أمي: ألم أقل لك منذ ولادتك، ابْتَعِد عن السياسة؟ وما لنا نحن والعدس يا ابني، عشنا بالعدس وكبرتم بالعدس وحتى إذا ذهب العدس هنالك "اللوبية" و"البيصرة" والبطاطس... وقالت زوجتي : حاولت الاتصال بك مرات عديدة وهاتفك لا يجيب؟ قُلت: عذرا، كان صوته منخفضا، وذلك منذ دخولي المسجد لصلاة الجمعة ونسيت إعادة تشغيله (في الحقيقة أنه منذ لقائى مع رجل الحال وأنا أتجنب النظر في هاتفي وفتح الفايسبوك والميسنجر والتويتر والس م س)... أما ابنتي فتقدمت نحوي مطالبة مني أخذ صورة سيلفي معها حتى تستطيع التباهي بها أمام صديقاتها لأنها أصبحت مشهورة بلقب بنت مول العدس... أما ابني فسألني إن كنت بخير قائلا لي بابتسامته المعهودة : يبدو أن الفرج سيأتي بفضل العدس... فَهِمتُ قصدهُ لكوننا كنا دائما نتحدث عن الشيء الذي سيكون السبب في تيسير حضورنا لمقابلة الكلاسيكو العالمي على أرضية ملعب "الميرينغي" أو "البلوغرانا" ما دمت أنا مدريدي وهو برشلوني...

    التتمة في الحلقات القادمة... إذا تيسرت الأمور سنتناول في الحلقة الثالثة تطورات "ثورة العدسيين"، أول لقاء مع الثوار العدسيين وكذا بداية التفاوض مع حكومة تصريف الأعمال من رئيس حكومة ووزراء الداخلية والفلاحة وعن المسيرة وقمعها واعتقال ثوار العدس وإطلاق سراحهم بعد تدخل الأمريكان ووووو.... الله الموفق....

    ملحوظة : كما يقال فإن هذه الأحداث من وحي خيال المؤلف.. وكل تشابه في الأحداث والشخصيات أو الأسماء هو من قبيل الصدفة لا أكثر.. إلا العدس...

    عبدالحق الريكي

    الرباط، 25 أكتوبر 2016





    أبرز عناوين سودانيز اون لاين صباح اليوم الموافق 25 أكتوبر 2016

    اخبار و بيانات

  • حركة العدل والمساواة السودانية أمانة الشؤون السياسية تعميم صحفي
  • الحركة الشعبية: تدين إستهداف شرطة الإحتياطي المركزي للمدنيين من قبائل رفاعة في منطقة كوكري بولاية س
  • الجبهة السودانية للتغيير تحي صمود أهالي الجريف شرق أمام آلة النظام القمعية
  • البرلمان يطالب بتحويل سودانير لشركة مساهمة عامة
  • د.أبو بكر عبد الرازق: رؤية د. حسن الترابي في قضية المرأة تنطلق من أن معادلة النهضة تكتمل بوجود الشق
  • خط للتبادل الكهربائي بين السودان وإثيوبيا ينقل (3) آلاف ميقاوط
  • القبض علي حرس وزير اتحادي في قضية نهب بالخرطوم
  • كاركاتير اليوم الموافق 25 اكتوبر 2016 للفنان عمر دفع الله عن بيع السودان للعرب


اراء و مقالات

  • (سِلسلة مُجدِّدون ) – سيد عوض ... !! بقلم هيثم الفضل
  • ماركس بقلم د.أمل الكردفاني
  • عنب و شجرة الرئيس عمر و ثوب و شدرة سيدنا عمر بقلم د.حافظ قاسم
  • 3 بعوضات فى الغرفة و500 الف فار فى المركزى بقلم حماد صالح
  • لكل (إبتلاء) رقصة ترفعه عن العباد بقلم كمال الهِدي
  • لا تتخذوا من تواصلكم تفرقه بقلم عمر الشريف
  • القذافي بعد أن هدم سجن كوبر يطلب هدم أحد بيوت الأشباح! بقلم أحمد الملك
  • جمهورية حميدتي تتمدد و تتوسع في اضطراد! بقلم عثمان محمد حسن
  • مين ارجل منك بقلم سعيد شاهين
  • متخلفة ..!! بقلم الطاهر ساتي
  • السودان الافتراضي بقلم فيصل محمد صالح
  • ليت نافع.. يستريح.. ويريح..!! بقلم عثمان ميرغني
  • لماذا يتحتم علينا الصبر على جوبا.! بقلم عبدالباقي الظافر
  • كله من (الهديدة)!! بقلم صلاح الدين عووضة
  • بعد الإمام.. هل يعود مناوي وجبريل؟! بقلم الطيب مصطفى
  • المهام السِّرية لزيارة المشير للسعُودية
  • فقعتونا ورب الكعبة ياسيادةالإمام ؟! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • المرجع الصرخي .. رسالتي لداعش أنتم في سقمٍ و تقليدكم باطل بقلم احمد الخالدي
  • وسام الانجاز لوزير الصحة المصرى – بقلم الطاهر على الريح

    المنبر العام

  • لا للحريات الاربعة الرئيس البشير بهذه الحريات سوف يسلم السودان لمصر
  • الحزب الشيوعي يدشن إذاعة " صوت الحرية والأمل " على شبكة الإنترنت
  • القناة المصريه الآن ( مباشر من شرم ) ... عظمه علي عظمه ، شباب صح . . وفي عين السيسي .
  • 60 بالمائة من سكان السودان فقراء 5% في حالة عوز عديل
  • تصوّروا لو لم ينفصل الجنوب لكان كل القرف الحاصل فيه دا باسم السودان
  • الانتخابات الامريكية متابعة تحليل
  • هل انتكس سرطان حنجرة الرئيس البشير
  • الذكرى المنسية - النور الجيلانى
  • إمام الحرم الحرم المكي يربك السلفيين في السودان
  • تفاصيل الأحداث الداخلية والدولية المرتبطة بأزمة دولة جنوب السودان
  • تفاصيل الأحداث الداخلية والدولية المرتبطة بأزمة دولة جنوب السودان
  • الحوار الوطني .. الوثيقة الوطنية !
  • محمد حامد الحاج: Life as a Lie
  • العدمي المستنيـــر ...!
  • المرأة في هذه القصيدة-برونون والاس
  • جنوب إفريقيا وقبلها بورندي .. الجنائية تغالب السكرات
  • حسب التقارير 1000 إصابة بالسرطان شهرياً في السودان .. نص الشعب السوداني حينقرض
  • باشمهندس بكري ابو بكر لو تكرمت ممكن نجري معاك حوار علي هواء الحوش الطلق ؟.
  • هندسة الإشارات
  • السيادة هلالية والزعامة هلالية تبلدية
  • ماذا يشتري الكوز حين يزور معرضا للكتاب؟
  • إلى أي حد يشعر أبناء المغتربين نحو آبائهم الذين نقلوهم للمهاجر؟ بالتقدير أم اللوم؟:
  • بالله دي جريدة يومية الجايبه ندى القلعة في صدر الصفحة الأولى ؟
  • يا هؤلاء:دورالمهدي والدقير هو(إقناع)الحركة الشعبية(أرضاً سلاح)خوفاً على الجلابة!
  • يا هؤلاء:موهوم من يعتقد أن جنوب السودان سيطرد(حركته المسلحة)من الجنوب الجديد























  •                   


    [رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

    تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
    at FaceBook




    احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
    اراء حرة و مقالات
    Latest Posts in English Forum
    Articles and Views
    اخر المواضيع فى المنبر العام
    News and Press Releases
    اخبار و بيانات



    فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
    الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
    لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
    About Us
    Contact Us
    About Sudanese Online
    اخبار و بيانات
    اراء حرة و مقالات
    صور سودانيزاونلاين
    فيديوهات سودانيزاونلاين
    ويكيبيديا سودانيز اون لاين
    منتديات سودانيزاونلاين
    News and Press Releases
    Articles and Views
    SudaneseOnline Images
    Sudanese Online Videos
    Sudanese Online Wikipedia
    Sudanese Online Forums
    If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

    © 2014 SudaneseOnline.com

    Software Version 1.3.0 © 2N-com.de