لا غرو ان (القارئ)الكريم انتابه نوع من الذعر الشديد وهو يقرأ في صحيفة(الجريدة)تقريرا رسميا اعده وفد برلماني قام بزيارة المملكة العربية السعودية وتضمن التقرير عن وجود (مائة)الف اسرة سودانية تعيش في السعودية دون حائط تتكئ عليه بعد غياب العائل بالموت او بالزج في دهاليز السجون.. مما افرز واقعا اجتماعيا حرجا ومعاناة بالغة تجابهها تلك الاسر بعيدة عن الاهل والعشيرة ورغم ان هذه الاحصائية التي اعلنها الوفد البرلماني لم يحالفها التوفيق فأنها اثارت الدهشة في اذهان الكثيرين ذلك لأن هذا الرقم لم يكن دقيقا .. حيث ان الوفد اعتمد في تقريره على تلك الحالة من الاسر التي تعيش في مدينة (الرياض)ووفقا للجوازات التي اطلع عليها في السفارة السودانية .. اما الحقيقة المدهشة فأن العدد كبير جدا وان تلك الاسر تعيش في معظم المدن السعودية وربما في بعض الارياف النائية وهي بحالتها تلك تكابد الكثير من شظف العيش في بلاد لا تعرف الحنان ولا الرأفة ..ولا تملك (اثداء)تدر الحليب لاي رضيع قذفت به الام في اتون الضياع هذه الاسر التي تصل اعدادها الى مئات الالوف ترفض العودة الى مرافئ الوطن اعتقادا منها بأن الحياة في احضان الوطن يشوبها رهق شديد وتغمرها موجة من الاحزان في كل المناحي ..وتحبذ ان تكون لها وجود في الغربة لانها تجد احيانا نبعا صافيا من الموارد المالية حتى ولو كانت من ايادي المحسنين والمحسنات .. ناسية او متناسية بأن هذا النبع قابل للنضوب وان معاناتها في الغربة افدح كثيرا من معاناتها في ديار الوطن في ظل هذه الاوضاع المأساوية فأن هذه الفئة من الارامل او من فقدن ازواجهن بسبب ارتيادهم للسجون تركض وراء اعمال هامشية مثل رسم (الحناء)او توزيع ادوات التجميل في المنازل ..او كما تزعم تتعامل مع الصغار في مجال الدروس الخصوصية .. وجل هذه الفئة لا تملك مؤهلات علمية مما يشكل غيابا طويلا عن منزلها فيصبح الابناء والبنات نهبا للفراغ القاتل ولا سبيل لملئ هذا الفراغ الا بالجنوح الى بعض الممارسات الخاطئة من ايسرها تعاطي المخدرات هؤلاء الابناء بالطبع او البنات ورغم الفرص التعليمية المتاحة في السعودية للوافدين في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية فقدوا تلك الفرص وغرقوا في وحل الضياح لعدم وجود فيض من الحنان والرعاية الابوية وايضا لركض الامهات لتوفير مقتنيات العيش من خلال تلك الاعمال التي تحتاج الى غيابهن عن منازلهن من الصبباح وحتى رحيل الشمس الى الغروب واحيانا الى وقت متأخر من الليل لقد ذرفت بعض من (الاقلام)دموعا كثيرة وهي تروي من خلال السطور تلك القصص المثيرة لبعض العائلات السودانية في بلاد الغربة والتي راجت بصورة مثيرة لا سيما وان قيادات الجاليات في كل المدن السعودية وقبل ان تتوارى تحت الثرى كانت بعيدة جدا عن مثل هذه القضايا الاجتماعية ..وهناك ايضا ملتقيات سودانية تضم في ثناياها كوكبة من الشخصيات الميسورة لا تكترث ابدا لمثل هذه القضايا لان غاياتها هي الترويح عن اعضائها عبر ليال ساهرة تصدح فيها حناجر بأغنيات بائتة ولان هذه القضية مفزعة للغاية وتتفاقم مع مرور الزمن فلا بد من ايجاد حلول ناجعة بغية انقاذ هؤلاء الابناء والبنات .. والامهات.. وفي اعتقادي ان هذه الحلول تكمن في مبادرة السفارة بالتعاون مع بعض الشخصيات المؤثرة وما اكثرها في السعودية لتكوين لجنة تهدف الى تقصي كل هذه الحقائق ولا بد ان تضم هذه اللجنة في حناياها اختصاصيين في مجال علم الاجتماع وعلم النفس مع الاستفادة من اصحابي الايادي البيضاء للمساهمة المادية حتى لا تغرق السفينة وسط هذه الامواج المتلاطمة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة