|
Re: مأساة بعض الاسر السودانية في السعودية !! ب� (Re: محمد فضل)
|
ليست العيشة في أروقة الوطن هي الوارفة الجاذبة لتلك الأسر الهاربة من جحيم السودان .. ونحن قد عشنا الغربة لسنوات طويلة في السعودية منذ مطلع الخمسينات من القرن الماضي .. وتلك الحكومات السودانية المتعاقبة وخاصة حكومة ( الإنقاذ ) كانت تمص دم قلوب المغتربين بالجبايات .. ( الضريبة والمساهمة والزكاة والتحويل الإلزامي ورسوم الخدمات المتفرقة ) .. وذلك إما عن طريق السفارة السودانية بجدة والرياض أو عن طريق جهاز شئون المغتربين بالسودان .. ولكن مع الأسف الشديد فإن حكومة السودان لا تقدم بالمقابل للمغتربين أية خدمات .. ولا تحسب حسابات حماية المغتربين في حالات الموت أو العجز أو الكبر أو المرض أو الضياع أو التشرد .. وحتى ذلك السوداني المسن الذي يعود بعد أن يمضي جل حياته في بلاد الغربة لا يجد أي اهتمام أو أية رعاية من دولة السودان .. في الوقت الذي فيه يملك في حوزته شهادات إخلاء الطرف من الضرائب والزكاة ورسوم الخدمات والتحويل الإلزامي بالعملات الصعبة .. فذلك العائد المسن يكون قد أدى الواجب المطلوب نحو الوطن الكبير .. ولكنه يجد نفسه أخيرا عند مهب الرياح حيث لا يجد الرعاية المفروضة من الدولة .. ولا يملك أي مجال في مزاولة أي عمل من الأعمال بذلك القدر من التسهيل .. بل يدخل في مواجهات أخرى من الضرائب والجبايات والعوائد مع الدولة الظالمة الغير منصفة .. وذلك المغترب المسن العائد يختلف كليا عن ذلك المسن الذي يحال إلى المعاش عندما لا يغترب ويتواجد داخل البلاد .. وبالمقارنة بين الشخصين نجد الظلم الكبير .. لأن المغترب السوداني يقدم للسودان أضعاف أضعاف الضرائب والجبايات التي يقدمها الإنسان العادي الذي لم يغترب .. ومع ذلك فهو لا يجد اهتمام الدولة .. أما الإنسان العادي فيحال إلى المعاش إذا بلغ السن المفروض .. وتلك الحالة المزرية يسري على عائلات وأسر المغتربين في السعودية الذين يفقدون سبل العيش الميسر .. بسبب موت رب الأسرة أو العجز لمرض من الأمراض .. فتفضل تلك الأسر أن تبقى في السعودية بدلاَ من العودة للوطن .. وهي تعلم جيدا أنها إذا عادت للوطن سوف تعاني وتشقى وتكابد الويلات .. وذلك في غياب السلطة الراعية الواعية .. ولكن كالعادة هي تلك السلطة التي تمص دماء القلوب في حالة التمكن والمقدرة .. ثم الهروب في حالة العجز والكبر !! .. ومتى ما كانت ظروف الحياة لتلك الأسر المنكوبة هي حياة الشقاء والجحيم في داخل السودان أو في بلاد الغربة فإن أحداَ لا يلوم تلك الأسر أن تتواجد في السعودية وتواصل حياتها بشتى السبل المتاحة وغير المتاحة .. فهي تلك الأسر السودانية التي تدرك جيداَ أنها لو عادت لأرض الوطن لن ولن تجد أية اهتمامات أو رعاية من دولة السودان .. فإذا كان ذلك المواطن العادي المتواجد في كنف الدولة اليوم يعاني من أشد ألوان الجوع والكبت والشقاء والمعاناة والغلاء والأمراض فمن باب أولى أن تعاني تلك الأسر السودانية المغلوبة على أمرها إذا عادت لأرض الوطن وهاجرت العيش في السعودية .. وبموجب الظروف والأحوال الحالية نجدها محقة مائة في المائة .
|
|
|
|
|
|