في استعراضه لما كتبه الكتاب الحداثيون اليساريون العلمانيون في مساندة أفكار الكاتب الملحد الدكتور محمد أحمد محمود ذكر عرابه المريب شديد الاستهبال الدكتور حامد فضل الله أن هنالك دراسة طي العدد الرابع من مجلة (العقلاني) بعنوان (نبوة محمد وواقع المسلمين المعاصر) تناول فيها الدكتور عشاري أحمد محمود مهمة التصدي لنقاد الدكتور محمود ومنهم كاتب هذه السطور. ولست أدري إن كان الدكتور عشاري ملحدا أم أنه مخلوق يؤمن بوجود الخالق الذي فطره. ولكن ما ذاع من قول فاه به أخيرا أفاد بأنه شخص لا يؤمن بعقيدة اليوم الآخر ولا يظن بوجود ثواب أو عقاب في يوم المآب. وقد كشف عشاري عن عقيدته الزائغة هذه في مقالة له نشرت بتاريخ السادس من مارس 2016م بعنوان (إضراب الصحفيين عن الطعام في السفينة باونتي) أعلن فيها بصراحة لا مواربة فيها أنه لا يؤمن بوجود يوم القيامة. ولا شك أن هذا مما يشكك في إيمانه بالله تعالى، لأنه يعني عدم تصديقه لقول الله تعالى المستفيض في القرآن الحكيم عن عقيدة اليوم الآخر. وقد بدا عجبا بعد ذلك أن يهرول من حمل هذا الفكر الكفري لكي ينفي صفة الكفر عن الدكتور محمد أحمد محمود! ومع وضوح التهافت اللا مبدئي في موقف الدكتور عشاري فإن صديق الطرفين المدعو حامد فضل الله جاء متطوعا ليطريه ويطوقه بعبارات الثناء النمطية التي يبتذلونها في مجاملة بعضهم البعض فيقول:" يشير عشاري إلى أربع نقاط هامة تكشف عمق قراءته وقوة تحليله عندما يقول: ليس هذا الكتاب عن الاِلحاد، وليس الكفر بمحمد أو بالله موضوع هذا الكتاب، ولا يحرٍّض الكتاب أحدا على ترك الاِسلام، ولا يستهدف المؤلف النبوة أو الاِسلام، كما قد يتبادر إلى الذهن من قراءة سطحية للكتاب". فهذا العشاري الذي قرأ الكتاب قراءة ليست سطحية قد فاته أن يلحظ أن مؤلفه صاغ الفرض الذي أنشأ كتابه لأجل إقامة البرهان على صحته بعبارة لا لبس فيها جاء فيها أن كتابه ينظر:" لنبوة محمد وللنبوة عامة من افتراض أولي مؤداه أن النبوة ظاهرة إنسانية صرفة، وإن الإله الذي تتحدث عنه النبوة لم يُحدِث النبوة ويصنعها، وإنما النبوة هي التي أحدَثت إلهها وصنعته". (محمد أحمد محمود، نبوة محمد: التاريخ والصناعة ، ص: ح) كما فات عليه أن يفهم مدلول الاستناج النهائي لبحث الدكتور محمد أحمد محمود وهو الذي ورد فيه قوله:" سيبقى واقع التشوه والانقسام الأخلاقي المرتبط بالنبوة حيا طالما بقيت النبوة حية في عقول الناس وأفئدتهم، ولن يزول إلا عندما تموت النبوة وتتحرر عقول الناس وأفئدتهم من ميراثها ". (المرجع السابق، ص 450) ومن المؤكد أنه قد فات على الدكتور عشاري أن يستوعب أن الاستنتاج الذي خرج به الدكتور محمود من بحثه لم يكن استنتاجا علميا خالصا، وإنما مازجته نبوءة امتدت عبر الزمن المستطيل المقبل لتكشف عن الأثر الضخم للتشوهات التي سوف تلحقها نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بأخلاق البشر! وقد رافق الاستنتاج الفطير الذي خرج به المؤلف من دراسته تحذير ونذير غير ذي صفة علمية حضَّ البشر على التخلص من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ومن تسلطها على عقولهم وأفئدتهم! فأي عمق في القراءة وأي براعة في التحليل وأي اقتدار على النقد هذا الذي اتصف به المدعو عشاريا، الذي أثبت بسوء صنيعه النقدي الذي بين أيدينا أنه لم يحسن قراءة النص الفكري الكفري الذي بين يديه، ولم يتوقف عند الفرض الذي بسطه صاحبه في إطاره النظري ولم يتأمله تأمل قارئ فطِن؟! وأي نفاذ في القراءة وأي تدقيق في التحليل وأي تمكن من الحس النقدي هذا الذي لم يدفع صاحبه لكي ينظر النظر المتزن إلى الحجج والبراهين التي استخدمها مؤلف النص لاختبار فرضه، فيتعرف على مضامين هذه البينات ومدلولاتها ويحيط بها علما فلا يهرُف في تناوله الاستعراضي النقدي للنص بما يصادم الفرض وبيناته؟! ثم لم يتوقف الناقد المزعوم المدعو عشاريا لكي يعتني العناية اللائقة بمتابعة النتائج النهائية للجهد العقلي الذي بذله الدكتور محمد أحمد محمود في بحث موضوع النبوة المحمدية حتى يقرر إما كان الفرض الأولي الذي انطلق منه صاحب البحث ملائما لنتيجته العامة ومتوائما مع (النبوءة!) التي استخلصها واستفادها منها أم لا؟! وأي قراءة ذات عمق للنص الذي كتبه الدكتور محمود عن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم تلك التي تقرر النتائج الأربعة التي جاء بها الناقد المزعوم عشاري، وأشاد بها العراب (المستهبل) حامد فضل الله، وهي النتائج التي تبرئ الكتاب المسيئ وتخلي ساحة كاتبه الوقح من تهمة الإلحاد بالله تعالى، والكفر بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، والتحريض على ترك الإسلام، واستهداف النبوة والإسلام؟! وهذه السؤال الأخير لا نرتجي الإجابة عنه من أحد سوى صاحب الشأن الأصلي وحده بعيدا عن تطفل المتطفلَين البدائييْن الذين يدافعان عنه. ولسوف يجيبنا المؤلف حتما - من خلال صفحات كتابه – بأن كتابه متلبس تلبسا شاملا بتهمة الإلحاد بالله تعالى، والكفر بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه قد حضَّ الناس خلال فصوله طرا وفي خاتمته خصوصا على لفظ الدين الإسلامي ونبذه. ولسوف يجيبنا المؤلف بأنه كتابه هذا قد صدر في إطار مشروع كبير يستهدف نسف النبوة الإسلامية، وهو المشروع الذي يقوم عليه المركز المشبوه الذي يحمل عنوان مركز نقد الأديان ويرأسه الشيوعي والجمهوري السابق الدكتور محمد أحمد محمود. وفي جوابه هذا سنرى الدلالة التي يرتضيها كل ذي لب حكيم ويذعن لها كل ذو حسِّ سليم فيستيقن أن الناقد المزعوم المدعو عشاريا لم يتسم بالفطانة وهو يندفع في عصبية ونزق وفزع وجزع ليدفع عن صديقه الملحد محمد أحمد محمود وينفي عنه وعن كتابه (نبوة محمد: الصناعة والتاريخ) تهمة الإلحاد ومناوأة الإسلام! وسنرى في ذلك أكفى الدلالة وأوفاها على أن خطوَ الدكتور عشاري على هذا النهج المعوج، في قراءته لكتاب الإثم الذي أنتجه الدكتور محمد أحمد محمود، وفي استنتاجه المضلل منه، وفي دفاعه الملتوي عنه، إنما هو خطوٌ غريب، يشبه من وجه قريب، خطوَ صاحب الطرفين العراب (المستهبل) المريب!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة