لم أدهش بتسنم جامعة الخرطوم عرش الجامعات السودانية إذ إن ذلك في رأيي خبر هزيل لا ينبغي أن يلفت النظر ولا يستحق القائمون على انجاز تلك النتيجة الإشادة ذلك أن (الجميلة ومستحيلة) ظلت منذ انشائها تحظى بأعلى درجات القبول بين الجامعات السودانية مما يجعل تميزها على الجامعات السودانية فرض عين على إدارتها ينبغي أن تعاقب إذا لم تحصل عليه ذلك أنها لم توجف خيلاً ولا ركاباً في سبيل الحصول على ذلك التميز . أرجو ألا تحبط إدارة الجامعة من هذه المقدمة التي قصدت بها أن أقول إن الخبر المدهش الذي كان ينبغي أن يحتفي به ويبرز هو صعود الجامعة إلى الرقم (1681) من الألفين جامعة الأولى في العالم بعد أن كانت تحتل الرقم (3122) وقفزها إلى رقم (20) على مستوى الجامعات العربية وألى الرقم (25) على مستوى الجامعات الأفريقية. لكن رغم ذلك فوالله إني لمحبط بحق ان تدخل (15) جامعة مصرية و(11) جامعة سعودية و(5)جامعات أماراتية ضمن أفضل ألفي جامعة في العالم، بينما يخلو سجل الشرف من اي جامعة ما خلا جامعة الخرطوم. إنه لأمر مؤسف لجميع الجامعات السودانية بما فيها جامعة الخرطوم التي لا ينبغي أن ترضى بأقل من موقع الجامعة الأولى أو قل - إذا تواضعنا وتدنت طموحاتنا وأدركنا عمق الحفرة التي سقطنا في قاعها- أحد المواقع الخمسة الأوائل على المستوى العربي والأفريقي. للأسف فإن الجامعات السعودية والأماراتية كلها بل ومعظم الجامعات المصرية التي تفوقت على جامعاتنا نشأت بعد بعض جامعاتنا بل أن دولة الأمارات العربية المتحدة نفسها لم تنشأ إلا في ديسمبر (1971) بينما أعلن عن إنشاء جامعة الخرطوم عام (1899) على يد كتشنر بعد عام واحد من غزوه الخرطوم باسم (كلية غردون التذكارية) والتي تطورت إلى كلية الخرطوم الجامعية ثم جامعة الخرطوم الحالية. هذا ليس تبخيساً لتلك الدول وجامعاتها والذين تفوقوا علينا وتخطونا بجدهم واجتهادهم إنما تحسراً على حالنا (المايل) الذي جعلنا نتردى في عالم يمور بالحركة والقفز المتسارع لبلوغ المعالي. صحيح أنه عندما تنحط الدولة وتتقهقر فإن التردي في العادة وفي الغالب يكون شاملاً لا يستثني أياً من المرافق ولكن هل هذا فرض لازم لا فكاك منه ولا مناص أم أنه يسري على أصحاب الهمم المتدنية المصابين بالعجز والكسل؟ أضرب مثلا بجارتنا الفتية اثيوبيا التي تشهد نهضة غير مسبوقة على مستوى القارة الأفريقية جعلت معدل نموها يتجاوز (10)% كل عام خلال السنوات العشر الماضية لأدلل على أن النجاح أمر متاح لمن يعمل من أجله وليس بالضرورة أن ينهار كل شيء بانهيار الدولة، فقد ظلت الخطوط الجوية الاثيوبية التي نشات عام (1945) صامدة بل ظلت تتطور باضطراد لم يعوقها أو يحد من نموها العواصف والاضطرابات السياسية والانقلابات العسكرية وتغير أنظمة الحكم من ملكي (هيلاسلاسي) إلى عسكري (منقستو هيلي مريام) إلى ثوري ثم مدني (النظام الحالي). إذن فإنه على قدر أهل العزم تأتي العزائم رغم أن التعليم الجامعي بل والعام تأثر كثيراً ، وحق له ، بضعف الموازنات المرصودة له والتي ظلت تتناقص رغم التباهي بثورة التعليم العالي الذي حقق طفرة في بداياته من خلال إنشاء عدد من الجامعات الولائية ولكن بربكم أيهما أكثر أهمية : التوسع في التعليم الجامعي أم القضاء على الأمية التي انتشرت في كل أرجاء السودان بصورة غير مسبوقة وهل ادل على ذلك من اعتراف وزير الدولة للتعليم العام عبدالحفيظ الصادق بأن عدد الأميين في 13 من ولايات السودان بلغ تسعة ملايين فرداً بما يعني انهم تجاوزوا في كل السودان 12 مليونا؟! أنه لأمر يدعو إلى الحسرة ويفقع المرارة ويفري الكبد ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم. أقول بعد التأوه إن على وزارة التعليم العالي أن تدرس تلك الاحصائية الكارثية لأداء الجامعات السودانية في مضمار التنافس العالمي وأن تناقشها مع إدارات الجامعات السودانية الحكومية والخاصة والتي ينبغي أن تلزم كل منها بأعداد خطة للارتقاء والصعود بمستواها في سلم التنافس الإقليمي والدولي خلال السنوات القادمة، أما جامعة الخرطوم فينبغي أن تشرف السودان وشعبه وعلى مديرها البروف أحمد سليمان أن يعلم أنه مطالب أكثر من غيره بأن يرفع اسم السودان بين دول العالم، فجامعته بما يتاح لها من طلاب نجباء جديرة بأن تعود إلى سابق عهدها كإحدى أعظم الجامعات على مستوى العالم أجمع. http://assayha.net/play.php؟catsmktba=9799http://assayha.net/play.php؟catsmktba=9799
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة