(دعوت منذ مدة إلى استراتيجية مبتكرة للغيرة على أفضل البشر محمد بن عبد الله تجنبنا العنف الجماهيري الذي ضرج تظاهرات هذه الغيرة منذ "آيات شيطانية" لسلمان رشدي (1988). وتقوم هذه الاستراتيجية على عمودين. أما العمود الأول فهو أن تكف صفوة العلمانية واليسار عن اعتزال هذه الغيرة الشعبية على أفضل الخلق لتبقى إما فرّاجة على حلقاتها أو مستفظعة ما تقوم به العامة. وهذه تبرئة لئيمة لطرفهم أمام الغرب المتحضر مما يفعل "سفهاؤهم". أما العماد الثاني فهو أن نستصحب في هذه الغيرة نقد الغرب نستعلي به على ما لقننا إياه من أنه قد بلغ الغاية من كل شيء مثل حرية التعبير. فيفحمنا بها فيخلي فؤادنا مما نزود به عن مأثرة رسول الله المستباحة في فنونه الصفيقة. فحرية التعبير ما تزال لم تتحقق في الغرب. وهي في أحسن الأحوال مشروع تحت التشطيب. وما اختلفوا عنا إلا في طرائقهم للزود عن بيضة رموزهم المقدسة. فنحن مباشرون وهم من تحت لتحت.هذه المقال حلقة في مشروعي للتأسيس لهذه الإستراتيجية أعلق به على تدابير الكنيسة الساينتلوجي الأمريكية لقمع نقادها بحجبها في مارس الماضي عرض فيلم أراد ذلك هو " خال طرف: الساينتولجي وسجن العقيدة". فإلى هذه التمرين في تثقيف الغيرة على المصطفى صلى الله عليه وسلم وتحديثها) يعيدنا حجب الفيلم الوثائقي ""خال طرف: الساينتولجي وسجن العقيدة"، الذي أنتجته الإتش بي أو الأمريكية وعرضته في مارس 2015 ، عن المشاهد البريطاني، والامتناع قبل ذلك عن طبع الكتاب الذي انبنت عليه، عن القاريء في ذلك البلد في 2013، إلى مسألة حرية التعبير التي تداعت أوربا لتؤكيدها بعد محزنة شارلي هبدو في يناير 2015 كقيمة حضارية للقارة لا يأتيها باطل. . فقد فخر علينا الرئيس الفرنسي فرانسوا أولند بعد موكب باريس المشهور المهيب في 11 يناير المنصرم بعلو كعب فرنسا في مقام حرية التعبير. فقال إن التزام فرنسا بتلك الحرية غير قابل للمساومة، ومن لم يفهم تعلقهم بتلك القيمة الغراء قامت الحيطان بينه وبينهم. فإجراءت حجب الوثائقية "خال طرف" ونصها عن المشاهد والقاريء البريطاني تدفعنا للتساؤل إن كانت حرية التعبير قيمة أوربية راسخة ونهائية أما أنها "عمل تحت التشطيب" ما يزال، أي "ورك إن بروقرس" كما في العبارة الإنجليزية؟ هل هي قيمة تواضع الغرب عليها فسرت فيه مسرى العادة والطبع كما صوروها لأمثالنا أم أنها قيمة منشودة ما تزال يصطرع حولها الخلق اصطراعا؟ لم يكن بوسع قناة سكاي أتلانتك البريطانية عرض الوثائقية "خال طرف" متزامنة مع عرضها في أمريكا في مارس 2015. كما تنصلت دار ترانسورلد البريطانية في 2013 عن نشر الكتاب الذي قامت عليه الوثائقية لمؤلفه لورنس رايت الذي سبق له نيل البولتزر لكتابه عن الحادي عشر من سبتمبر وبن لادن. وخشيت القناة والناشر معاً من مغبة تعقب كنيسة السيانتولوجي (العلمولوجي) لهما بقضايا إشانة السمعة. والساينتولوجي كنيسة أمريكية المنشأ (1925) اشتهرت بالمتعبدين على نهجها من نجوم هوليوود من أمثال توم كروز وجون ترافولتا. وحملت الوثائقية، بعد الكتاب، على هذه الكنيسة. فوثقت لممارسات مستنكرة تجري في صحنها كشف عنها أعضاء تركوها. فشكوا ما أصابهم من أذى جسدي وتشهير لأنهم صدعوا بالحق عن ما عرفوه عن الكنيسة. فمتى فارق المرء الكنيسة، في قولهم، تفننت في التربص بك. فيتحرش أهلها بك، وقد يعتدون عليك، ويدسون أنفهم في خصوصياتك بالتنصت. ولهم مبدأ في تعاليمهم يقطع الأعضاء به كل وشيجة بالخارج عليهم. وقد يسجنونك غصباً. كما جاء عند الأعضاء السابقين بها أنها ضالعة في التجارة بالبشر. وقال مخرج الوثائقية إن الكنيسة تصادم الدستور الكافل للحرية والسعادة لتورطها في تلويث سمعة الخارجين بالتشهير بما تزعمه من كذبهم وسرقتهم بدلاً من فتح باب الحوار معهم حول تجربتهم فيها. ولا أدل على أن الإجماع على حرية التعبير لم ينعقد بعد للغرب من حجب الوثائقية في بريطانيا في ما عُرضت في أمريكا. والخلاف حول هذه العقيدة قائم بين أقاليم بريطانيا نفسها. فمتى قاضت الكنيسة شركة سكاي أتلانتك فعلت ذلك في إيرلندا الشمالية دون بلدان المملكة المتحدة الأخرى. فمعلوم أن فرص النجاح لقضية بالقذف تضاءل في بريطانيا بعد أن صارت طرفاً في اتفاق أوربي لعام 2013 قضى، لحماية حرية التعبير، تصعيب إدانة المتهم بإشانة السمعة المتعلقة بالشأن العام. فشّرع الاتفاق للحد من تكاثر قضايا القذف برفع مطلوبات إثباتها على المدعي ببينات مفحمة عن الأذى المترتب عليها. ولكن تعرف السيانتولجي من أين يؤكل الكتف. فرتبت لتنفذ إلى مقاضاة سكاي أتلانتك من ثغرة من إيرلندا الشمالية. فإيرلندا، وهي جزء من المملكة المتحدة، لم تنضم بعد لإتفاق 2013.وعليه فمطلوب إثبات إشانة السمعة بها واط مقدور عليه. ولما توافرت للكنيسة هذه السانحه هددت القناة بمقاضاتها إذا جرؤت على عرض الوثائقية ببريطانيا. فمن العسير بالطبع على القناة رسم حد فاصل لما ستراه إيرلندا الشمالية دون سواها في المملكة المتحدة.سبق للمرحوم على مزروعي أن قال في معرض تعليقه على مأزق المسلمين مع "آيات شيطانية" لسلمان رشدي إن الغرب يصادر حرية التعبير بقوى السوق لا بقوى السلطان والتظاهرة مثلنا. فقد كفى تهديد جماعة من الشركات بسحب إعلاناتها عن تلفزيون البي بي سي في نوفمبر 2003 ليمتنع بالكلية عن عرض وثائقية عن الرئيس ريغان عابها محبوه. ونجد في حالة كنيسة الساينتولوجي ضرباً غربياً آخرا ماكراً في تعطيل حرية التعبير. فالكنيسة تهلك شانئها في دروب المحاكم. ومعروف أنها شديدة الحجاج فيها، سريعة إليه، وصبورة عليه. وهذا سبيلها لحماية نفسها وقتل كل نقد لها في مهده. وقال مؤسسها، إل رون هابورد (في 1952) إنهم لا يرفعون القضية لكسبها بل لدفن المدعى عليه في نفقات الدفاع عن نفسه وإلهائه عن كل شيء سوى ذلك. وقد أعيت الكنيسة مصلحة الضرائب الأمريكية في المحاكم حتى زهدت في خطتها لتجريدها من وضعية الإعفاء الضريبي. وبلغت الكنيسة الغاية من ذلك حتى إنتقد جو نوسيرا، كاتب الرأي بالنيويورك تايمز، الوثائقية موضوع نظرنا لأنها لم تتطرق لكيد الكنيسة الشديد في العدوان على حرية التعبير بالتربص بكل صحفي عرض لها بما لم ترضه. فذكر مُصَابَ صحفية أمريكية جرؤت في أوائل السبعينات على نقد الكنيسة. فما لبث أن زروت الكنيسة رسالة تهديد بتفجير الكنيسة نسبتها إليها قضت بسببها 4 سنوات في السجن من 1973 إلى 1977 حتى كشف مكتب التحقيقات الفدرالي كذب الإدعاء. وحكي عن زميل له كتوم جداً مهجس بالسرية في اتصالاته الصحفية بعد تجربة عصيبة مع السيانتولوجي. فما كتب عن الكنيسة بما لم ترضه في 1991 حتى قاضته لسنوات طوال انفقت المجلة التي عمل بها ملايين الدولارات لاستنقاذه من براثنها. ولذا طلبت شركة الإتش بي أو، منتجة الوثائقية موضوع نظرنا، نصح 160 محامياً قلبوا جوانب وثائقيتهم كلها حتى لا تجد الكنيسة منفذاً شرعياً عليها.ونكمل إن شاء في مناسبة مولد نبي الرحمة. أحدث المقالات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة