صحيفة إنقاذية مشهورة، نشرت - وبالخط العريض " مانشيت " - يوم 27 أكتوبر 2015، الخبر التالى : (( رئيس الجمهورية يتوجه اليوم لنيودلهى للمشاركة فى القمة الأفريقية الهندية))، وصحيفة إنقاذية أُخرى مغمورة - وبالخط العريض أيضاً- كتبت ونشرت فى ذات اليوم الخبر التالى : (( الخارجية: لا مانع من مشاركة البشير فى قمة جنوب أفريقيا ديسمبر المقبل ))، وقبل أن يجف الحبر الذى أُريق فى كتابة هذين " العنوانين" ، أذاعت الصحافة العالمية – وبكل لغات العالم تقريباً- طلب مدّعية المحكمة الجنائية فاتو بن سودا ، للهند، لإلقاء القبض على الرئيس السودانى، حال دخوله الأراضى الهنديّة، وتسليمه للمحكمة الجنائية فى لاهاى .....إلخ.. وبغض النظر عن مسألة إستجابة أو رفض أو تجاهل أو إهتمام الحكومة الهندية بالرد على الطلب المُقدّم إليها من مُدّعية المحكمة الجنائيّة، سلباً أو إيجاباً، فإنّ الأمانة والإستقامة الصحفية، كانت تقتضى أن تعرض الصحافة الإنقاذية، للقُرّاء كُل الخبر، ولكنّها آثرت الإكتفاء بإبراز بعض الخبر، واختارت السكوت والصمت عن الجزء الآخر، ليجده القُرّاء - حتماً- مُتاحاً فى الصحافة العالمية، وفى الميديا الإجتماعية، التى أصبحت تُنافس الصحافة التقليدية فى " شغلها "، الأمر الذى، جعل الصحافة الذكية، تضع فى الحسبان - دوماً- التنافس الذى تجده من الصحافة البديلة. وقد يقول قائلُ : كان من الممكن أن تجتهد تلك الصحافة الإنقاذية قليلاً، فى تقديم الخدمة الصحفية المُتكاملة، إن كانت تحترم عقول قرائها، بإيراد معلومات عن علاقة الهند، بـ(ميثاق روما )، كأن تقول مثلاً : " إنّ الهند ليست طرفاً فى ميثاق روما، وبالتالى، فهى ليست ملزمة ( قانوناً ) بالإستجابة للطلب بالقبض على الرئيس البشير ... إلخ"، رغم أنّ هناك جزئيّة أُخرى هامّة جدّاً، تعتمد عليها المدعية العامّة للمحكمة فى مُطالبة الدول بالتعاون معها فى القبض على الرئيس السودانى،- حتّى تلك الدول التى ليست عضوة فى ميثاق روما -وهى مرتبطة بقرار مجلس الأمن رقم 1593، الباب (السابع )، الفقرة ( 2)، والتى تتحدث بصراحة بإلزام كل الأطراف بـ( التعاون التام) مع المحكمة الجنائيّة، وكُل هذا وذاك يصب فى بحور الجدل الفقهى والقانونى والسياسى، الذى يتوجب على الصحافة " المسئولة "، المساهمة والمشاركة فيه، وتنوير القرّاء به، بدلاً عن مواصلة السير فى طريق " دغمسة " الحقائق والأخبار، ولكن للإنقاذ فى صحافتها شئوون !. قمنا بالإطلاع على مانشيتات صُحف إنقاذية أُخرى، وقد تبارت جميعها فى نشر ذات الخبر، ونقتطف منها - حرصاً على التوثيق- الآتى : (( البشير إلى نيودلهى للمشاركة فى القمة الهندية الأفريقية))، (( البشير إلى نيودلهى غداً للمشاركة فى القمة الهندية الأفريقية))، (( البشير يتوجه غداً إلى نيودلهى للمشاركة فى قمة منتدى الهند - أفريقيا ))، (( البشير يتوجه إلى الهند غداً))، (( البشير يترأس غداً وفد السودان للمشاركة فى القمة الأفريقية الهندية))، (( البشير يترأس وفد السودان المشارك فى القمة الأفريقية))... عفواً على الإطالة والإسهاب، ولكن وجدنا أنّه من المهم إيراد الملاحظة الهامة، المتمثلة فى ظاهرة إلتزام الصحافة الإنقاذية حرفيّاً، ونصّاً ومضموناً، بذات العناوين والتفاصيل الواردة فى موقعين إنقاذيين (دعائيين )، معروفين بعدم المهنية والبعد عن الإحترافية، وهُما موقع ( سودان سفارى ) و موقع ( المركز السودانى للخدمات الصحفية " إس إم سى " )، وللمفارقة، فقد ورد الخبر فيهما على (التوالى ) كالآتى : (( البشير إلى نيودلهى للمشاركة فى القمة الهندية الأفريقية )) و(( البشير يترأس غداً وفد السودان المشارك فى القمة الأفريقية الهندية))، وحقّاً، للإتقاذ فى صحافتها فُنون !. أمّا المانشيت الثانى، ولنسميه هُنا مانشيت ( لا مانع )، فما زال من السابق لأوانه، الحديث عنه، ومن العدل أن نقول سنترك للأيّام تأكيد حقيقة مشاركة البشير فى قمة جنوب إفريقيا القادمة فى ديسمبر المقبل، لنرى النتيجة وقتها، ولكن من حقّنا - على الأقل - فى هذه المرحلة، أن نُعيد للأذهان التذكير بتداعيات مشاركة البشير فى يونيو الماضى، فى " فضيحة " جوهانسبرج، و ما جرّته تلك الزيارة، على السودان المغلوب على أمره، وكذلك، على البلد المُضيف، من ويلات، ومنها قصّة الهروب أو التهريب الكبير للرئيس السودانى من جوهانسبرج عبر بوابة جانبية - مطار عسكرى- والأزمة التى عاشتها - ومازالت - تعيشها دولة جنوب إفريقيا، بين البرلمان والسلطة التنفيذيّة، وإن وصفها البعض بالأزمة بين الرئيس جاكوب زوما، والحزب الحاكم من طرف، والمعارضة، والمجتمع المدنى والصحافة الحرة ، فى الطرف الآخر، فى وطن نلسون مانديلا، ومازالت آثار تلك الزيارة وتداعيات تلك الأزمة، تُراوح مكانها، ولم يُحسم بعد الجدل القانونى والسياسى والمجتمعى، حولها... فهل من الحكمة أن تُفكّر الدبلوماسية السودانية فى إكتشاف العجلة، والزج بالرئيس فى مُغامرة أُخرى، ليست مأمونة الجانب، ولا مضمونة المسارات؟. سننتظر مع شعبنا الإجابة الشافية والكافية، ونرجو ونأمل أن لا تكون عبارة ( لا مانع)؟!. ونختم، حتّى إشعار آخر، فى توثيق أسرار مانشيتات الصحافة الإنقاذية " الأمنية" ، بمقولة، إذا عُرف السبب، بطل العجب، أمّا بشأن قمة جوهانسبرج القادمة، فمن الأفضل أن نقول : معقولة بس ... جنوب إفريقيا، وكمان جوهانسبرج تااااانى !.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة