|
مأساة أطباء الامتياز بقلم بدور عبدالمنعم عبداللطيف
|
08:50 PM Oct, 17 2015 سودانيز اون لاين بدور عبدالمنعم عبداللطيف- مكتبتى فى سودانيزاونلاين
mailto:[email protected]@gmail.com
في زمانٍ مضى .. جاء إلى الدنيا ووجد من حوله مجتمعاً يبجِّل مهنة الطب وينصِّب الطبيب فوق قمة الهرم الاجتماعي .. "في زمانٍ مضى"، كانت كل أم وكل أب يتطلعان إلى اليوم الذي يرتدي فيه ابنهما "البالطو الأبيض" .. أغاني البنات تحيطه بهالة من التقديس .. أغنيات على غرار "الدكاترة ولادة الهنا" وغيرها من الأغنيات.. والطبيب بدوره قد رسَّخ ذلك المفهوم (بلبسه المهندم .. وحضوره المميَّز.. وكفاءته التي لا يختلف عليها اثنان). لم يكن الوصول إلى تلك المهنة (في زمانٍ مضى) بالأمر اليسير فدونه أبوابٌ ومتاريس، ودونه "معايير" صارمة لا تخضع لنظام "القبول الخاص" أو "الواسطة" .. كان الطبيب يُبتعث إلى بريطانيا للحصول على "زمالة الطب" في أي فرعٍ من فروع الطب يختاره سواء جراحة .. باطنية.. أو عيون أوغيرها من المجالات، ويعود وقد حصل عليها بسهولةٍ ويسرٍ ودون عناء. ومع حلول عصر الاغتراب احتل الطبيب السوداني مكانة مرموقة في "بريطانيا" وفي جامعات ومستشفيات "الخليج العربي" بما يتمتع به من أمانة علمية وكفاءة واحترام للذات. والآن .. والآن .. جاءت "ثورة التعليم العالي" .. خرجت ثورة التعليم العالي من رَحِم سياسة "السلم التعليمي" جنيناً مشوَّهاً مُقعداً ... كان التعليم قبل "ثورة مايو" طفلاً سليماً معافىَ يمشى على ساقين قويتين [اللغة العربية واللغة الإنجليزية] فيواصل طريقه حتى التعليم الجامعي متسلحاً بهاتين اللغتين .. لغته الأم و"اللغة الإنجليزية" والتي شئنا أم أبينا هي اللغة الأولى في العالم فيما يتصل بكافة ضروب العلم والمعرفة ومجالات التخاطب والتجارة والاقتصاد وتسلِّم بها دولٌ أبعد شأواً في المنجزات العلمية مثل "ألمانيا" .. و"فرنسا" .. و"اليابان"، في حين نجد أن هناك انعداماً ملحوظاً في المراجع والدوريات العربية في مجال الطب .. هذه حقيقة لا ينكرها إلا مكابر أو من بنى حكمه على العاطفة المجرَّدة ونظر "للتعريب" فقط من زاوية كونه يعبِّر عن الاستقلالية والخروج من عباءة دول "الاستكبار". إن "ثورة التعليم العالي" قد فتحت الباب على مصراعيه لتحقيق "أمنيات" الكل، حيث انتشرت كليات الطب في طول البلاد وعرضها ... أكثر من عشرين كلية طب [لا يشمل هذا العدد الجامعات الخاصة في العاصمة والتي تقتصر على أبناء القادرين فقط] .. أكثر من عشرين كلية طب تنعدم فيها المقوِّمات الأساسية المفروض توفرها في كلية الطب "وفق المعايير المتبعة عالمياً" من مختبرات .. ومستشفيات تعليمية .. ومكتبات.. و ...أساتذة متفرغين، هذا إذا علمنا أن الأساتذة يغادرون الخرطوم لأقاليم السودان المختلفة لتدريس مقرراتهم في غضون ثلاثة أسابيع يعودون بعدها لمواصلة "مسيرتهم" في التدريس في عدة جامعاتٍ أخرى، ولا لوم عليهم ولا تثريب في ذلك مع تدني مرتباتهم قياساً إلى ارتفاع مستوى المعيشة والغلاء الطاحن. والآن حقَّ لكل أمٍ ولكل أب أن يبكيا ابناً قد أضاعا سنوات عمره هدراً فلا هو حصّل مرتباً مجزياً يقيل عثرتهما ويضمن له عيشاً كريماً .. ولا هو نال مؤهلاً يعينه على الاغتراب .. ولا يحمل بين يديه شهادةً يُعتد بها تساعده على التخصص و ... لا عزاء للأمهات و .. لا عزاء للآباء .. و ...لا عزاء لشابٍ قد جعلوا منه فأر تجارب لسياسةٍ تعليمية خرقاء.
أحدث المقالات
- من يسعف قسم الطوارئ بمستشفى الخرطوم بقلم نورالدين مدني 10-17-15, 08:47 PM, نور الدين مدني
- الهجرة إقامة دولة 3 بقلم ماهر إبراهيم جعوان 10-17-15, 08:45 PM, ماهر إبراهيم جعوان
- أغانى ألوطن , هودجكم ألآبدى؟ شعر نعيم حافظ 10-17-15, 06:35 PM, نعيم حافظ
- سعر الكيزان بقلم شوقي بدرى 10-17-15, 06:33 PM, شوقي بدرى
- اكتوبر واحد وعشرين ....!!!؟؟؟ بقلم محمد فضل – جدة 10-17-15, 06:28 PM, محمد فضل-جدة
- الشيخ تجاوز الثمانين، ويرغب في دورٍ ما..! بقلم عبد الله الشيخ 10-17-15, 06:18 PM, عبد الله الشيخ
- إحراق قبر يوسف، وتقديس قبر رحاب بقلم د. فايز أبو شمالة 10-17-15, 06:16 PM, فايز أبو شمالة
- لماذا لَمْ تتطَوَّر كُرَة القَدَم، العنصرية والأنانية هُمَا أسُ الدَاء (9) بقلم عبد العزيز سام 10-17-15, 02:01 PM, عبد العزيز عثمان سام
- اكتشاف الجسم الغريب الذي سقط بالخرطوم!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 10-17-15, 01:59 PM, فيصل الدابي المحامي
- كيف ( تسرق ) وزارة الكهرباء ( مياه ) ولاية الخرطوم بقلم جمال السراج 10-17-15, 01:55 PM, جمال السراج
- الارهاب الاسرائيلي اخطر انواع الارهاب بقلم د.غازي حسين 10-17-15, 01:54 PM, مقالات سودانيزاونلاين
- الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (8) صورٌ معيبة وتصرفاتٌ مشينة بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي 10-17-15, 01:53 PM, مصطفى يوسف اللداوي
- الحركة الشعبية تضع الحكم الذاتي موضع التنفيذ. بقلم الفاضل سعيد سنهوري 10-17-15, 01:15 PM, الفاضل سعيد سنهوري
- الكلام (المُلبَّك)!! بقلم صلاح الدين عووضة 10-17-15, 01:11 PM, صلاح الدين عووضة
- شكلة نسوان حول ساعة أحمد الولد الفنان!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 10-17-15, 01:09 PM, فيصل الدابي المحامي
- عندما يُحتفى بالعملاء.. منصور خالد نموذجاً بقلم الطيب مصطفى 10-17-15, 01:06 PM, الطيب مصطفى
- كرسي القماش..!! بقلم عبد الباقى الظافر 10-17-15, 01:03 PM, عبدالباقي الظافر
- نيفاشا تو !!او الفجر الكاذب!! بقلم حيدر احمد خيرالله 10-17-15, 05:29 AM, حيدر احمد خيرالله
- انتفاضة سكاكين المطبخ تحصد سريعا بقلم نقولا ناصر* 10-17-15, 05:21 AM, نقولا ناصر
- ماذا وراء إزدياد القتلى الايرانيين في سوريا؟ بقلم عبدالله جابر اللامي 10-17-15, 05:18 AM, مقالات سودانيزاونلاين
- الحوار الوطني.. الإجراءات سبيل للمخرجات (2) بقلم البراق النذير الوراق 10-17-15, 02:19 AM, البراق النذير الوراق
- أحمد الذي إخترع الساعة ؟؟ أم الساعة التي إخترعت أحمد ؟؟ بقلم سارة عيسي 10-16-15, 10:12 PM, سارة عيسي
- قراءة في كلمة الرئيس في جلسة الحوار الوطني بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن 10-16-15, 10:10 PM, زين العابدين صالح عبد الرحمن
- من قلب الشارع نودع فقيد الصحافة والسودان بقلم نورالدين مدني 10-16-15, 10:08 PM, نور الدين مدني
|
|
|
|
|
|