|
Re: مأساة أطباء الامتياز بقلم بدور عبدالمنع� (Re: بدور عبدالمنعم عبداللطيف)
|
• كان التعليم قبل "ثورة مايو" طفلاً سليماً معافىَ يمشى على ساقين قويتين . • تلك فرية وكذبة كبيرة للغاية .. فالتعليم بدأ يعاني من التعديلات العديدة في ظلال كل الحكومات التي تعاقبت بعد الاستقلال , وخاصة تلك التعديلات النوعية القاسية التي أجراها جعفر النيمري . • ولا يمكن توجيه اللوم والعتاب لتلك التعديلات بأي حال من الأحوال .. فتلك سنة مطلوبة في جميع دول العالم لمواكبة مجريات ومتطلبات الشعوب والأمم . • والعيوب ليست في إجراء تلك التعديلات ولكن العيوب قد تكون في كيفية معالجة تلك التعديلات . • لا ينكر أحد أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الأولى في العالم .. ولكن لا يعني ذلك أن نركع لفرضيات الآخرين والتنازل عن لغة البلاد .. وسوف نسألك َأسئلة من قبيل الواقع في العالم : هل تدرس الطب في جامعات روسيا باللغة الإنجليزية أم باللغة الروسية ؟؟ .. هل تدرس الطب في جامعات فرنسا باللغة الإنجليزية أم تدرس باللغة الفرنسية .. هل تدرس الطب في جامعات الصين باللغة الصينية أم تدرس باللغة الصينية ..هل تدرس الطب في جامعات ألمانيا باللغة الألمانية أم تدرس باللغة الألمانية ؟؟ .. وهنالك أمثلة كثيرة لدول في العالم تفرض كورس في لغتها قبل الالتحاق في كليات الطب لديها . فلماذا تعيب هيمنة اللغة العربية في بلد يتخذ العربية كلغة أساسية ؟؟ .
• المعضلة ليست في المفاضلة بين اللغة العربية واللغة الإنجليزية .. إنما المعضلة في عدم توفر الإمكانيات التي تمكن الطلاب من تعلم اللغة الإنجليزية بذلك القدر الفعال بجانب اللغة العربية .. ونحن نعلم أطباء من دول أخرى شقيقة تدرس الطب باللغة العربية .. ومع ذلك هنالك الأطباء الماهرين في صفوفها .. في دولة مصر الشقيقة وفي دولة سوريا الشقيقة وفي دولة الأردن الشقيقة .. أطباء مهرة تعلموا الطب باللغة العربية وفي نفس الوقت يجيدون اللغة الإنجليزية بطلاقة عجيبة كما يجيدون مهنة الطب بذلك القدر الذي جعل السودانيون يسافرون إليهم من وقت لآخر .
• فهنا نرفض كلياَ فكرة تفاضل لغة على لغة بحجة أن اللغة العربية أضعفت مقومات الطب في السودان .. فتلك فرية متوفرة في أذهان الناس منذ أيام الاستعمار الإنجليزي .. تلك الفكرة التي تخطتها الكثير من الدول العربية وقد عربت الطب في أروقتها .. ولا نجد العيوب في أطباءها . وهنالك الآن جامعات سودانية تدرس الطب باللغة العربية بجانب بعض المصطلحات بالإنجليزية وقد خرجت دفعات ودفعات من الأطباء وهم الآن يعملون في المواقع المختلفة ولا نجد فيهم ذلك العيب الذي يحط من مقدراتهم .
• نتفق معك مائة في المائة بأن أكثر من عشرين من كليات الطب في السودان الآن تقتصر فقط على أبناء القادرين دون أبناء السواد الأعظم من الشعب السوداني القابع تحت خط الفقر .. كما نتفق معك أيضاَ مائة في المائة بأن أكثر من عشرين من كليات الطب في السودان تنعدم فيها المقومات الأساسية المفروض توفرها في كلية الطب وفق المعايير المتبعة عالمياَ .. ( من مختبرات ومكتبات ومستشفيات تعليمية وأساتذة مؤهلين ومتفرغين ) .
• كم كان الحديث يطيب لو جرى عن الظلم الكبير والمجحف الواقع من قبل نظام ( الإنقاذ ) على الأطباء في كل المواقع .. ( الخريجون الذين يتخبطون في ظلمات القرارات الظالمة المجحفة من قبل تلك النفوس الحاقدة التي تتولى شئون الطب والأطباء في السودان .. وهي تلك القرارات التي تكبل خطواتهم وطموحاتهم المستقبلية .. .. وكذلك يطيب الحديث عن أحوال الأطباء الذين يعملون في المواقع المختلفة دون ذلك القدر الذي يستحقونه من الرواتب والأجور والامتيازات .. وكذلك يطيب الحديث عن الآلاف والآلاف من أبناء السودان الأطباء المهرة الذين هاجروا إلى بلاد العالم وتركوا السودان بعد أن عجزوا عن مواكبة الظلم في ظلال ( الإنقاذ) .. وكذلك يطيب الحديث عن الأطباء العاملين في العيادات الخاصة والعامة حيث تلك النخوة المفقودة بين الأطباء في شمل تحت نقابة حرة تدافع عن الطب والأطباء في السودان .. وعلة الأطباء في السودان اليوم تتمثل في عدم تواجد بوتقة واحدة تجمع أطباء السودان في الداخل والخارج لمواجهة التحديات بعيدا عن النزعات والتوجهات السياسية البغيضة . وقد كان الشرخ في خندق الأطباء حين آثروا فضائل الانتماءات الحزبية والسياسية على فضائل الطب والمهنة .
|
|
|
|
|
|