أسوأ ما لحق بنا: اغتيال الخضرة و الخُدرة في بلدي بقلم الريح عبد القادر محمد عثمان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 11:26 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-03-2015, 05:39 PM

الريح عبد القادر محمد عثمان
<aالريح عبد القادر محمد عثمان
تاريخ التسجيل: 05-08-2015
مجموع المشاركات: 80

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أسوأ ما لحق بنا: اغتيال الخضرة و الخُدرة في بلدي بقلم الريح عبد القادر محمد عثمان

    05:39 PM Sep, 03 2015
    سودانيز اون لاين
    الريح عبد القادر محمد عثمان-لاهاي
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    جابت بنا السيارة الكورية المستأجرة شوارع حارات أمبدة وهي تئن أنين المستعطف. اضطر أخي، الذي يتولي قيادتها، إلى إيقاف المكيف، لأن الماكينة، كما أوضح لي، لا تقوي على بذل جهدين في آنٍ معاً: تلطيف الحر الخانق ودفع عجلات السيارة على الشوارع العارية كما ولدتها أمها. شوارع عارية ومخدّدة وتعلوها القروح. فتحنا النوافذ ليندفع الغبار الكثيف معانقاً وجوهنا ومغطياً ملابسنا. بات الآن الانسجام في اللون تاما. اللون الأغبر سيد المكان. الغبرة تغطي الأرض والسماء والبيوت والوجوه وحتى السيارة التي كانت، لولا ذلك، بيضاء. ها نحن قائمون، على بعد فراسخ قلائل من النيل، سليل الفراديس، ولا نرى عشبة ولا شجرة ولا وردة.
    ها أنذا أهيم في شوارع عاريةً كما ولدتها أمها. حافياً، لأحس بأرض بلدي من تحتي؛ وحالقاً، لأحس بشمس بلدي من فوقي. حافياً وحالقاً في بقعة من بلدي، أشبه بالقمر؛ أقف مغمض العينين، ليس من النعاس، ودامع المقلتين، وليس من البكاء. بيد أني، رغم ذلك، لا أتحسر علي شيء، بل يغمرني الأمل، أملٌ قريب المنال، أن تنشق هذه البقعة، وكل بقعة من عاصمة بلدي، عن مئات القنوات القادمة من النيل، فتشتعل كل الميادين والبيوت والشوارع بالخضرة والجمال.
    المهندس المعماري عبد الله صبّار رجلٌ التقيته مرة واحدة في حياتي، وكأنني ما برحتُ ألتقيه منذ ذلك اليوم في كل يوم. نعم، ثمة رجالٌ، ونساءٌ، تمر بهم هنيهةً في حياتك ثم تفارقهم، لكنك لا تفارقهم، أو لا يفارقونك، إذ يظلون نبضاً في قلبك وشعاعاً في روحك. قال لي المهندس صبّار: إن أجمل المبانى في المدن هي...المساحات الفارغة فيها: ميادينها وساحاتها وحدائقها وشوارعها. المباني تحجُبُ وتُقصي وتبخل، والميادين تهدي الخضرة والصحة والجمال للساكنين والعابرين. غير أن المغرمين بالأسمنت من المسؤولين في بلدي يعادون الخضرة والصحة والجمال. يعادون الحدائق والميادين. يفضلون غابات الاسمنت على العشب والشجر والماء النمير. في قلب الخرطوم مطار. مطار بشحمه ولحمه. وميادين الخرطوم وحدائقها قد جثمت عليها فيلة وغيلان اسمنتية.
    بيد أني لا أتحسر على شيء، بل يغمرني أملٌ قريب المنال، أن يتحول مطار الخرطوم الحالي، ليس إلى مرتع للفيلة وللغيلان الاسمنتية كما حدث للكثير من الميادين والحدائق، بل إلى حديقة غناء، بعشبها وشجرها، ومضامير الركض، وتلال النزهة، ودروب المشي. حديقة غناء في قلب الخرطوم، بدل مطار الخرطوم، لتخفض ميزانية الدواء والعلاج، ولتقلل من معدل أمراض السكري و القلب والشرايين، ولتوزع النسيم العليل والألق والعبير على الجميع. لن يكون اسمها هايد بارك، ولا سنترال بارك، بل سيكون اسمها حديقة العالم، لأن الخرطوم ستكون، بإذن الله، قلب العالم.
    في مطار الخرطوم الحالي – قبل أن يتحول بإذن الله تعالى إلى حديقة قلب العالم – استقللت الطائرة في رحلة داخلية. لفت نظري أن المضيفات جميعهن بيضاوات. يا اللهول! في السودان، بلد الجمال الأسود، لا توجد مضيفات سوداوات، ولا سمراوات، ولا "خدراوات"! هل السماء لا تحب الخدرة أم ماذا؟ لكن في عرف السودانين حتى السماء "خدراء"، فالزرقةُ والخدرةُ في السودان سواء. هل السحاب يكره "الخدرة"؟ السحاب مصدر الماء، وحتى "الموية" في السودان زرقاء!
    حتى ذلك الوقت، ونحن تحت هول الفاجعة، كنت أعلم أن السودانين يحبون الخضرة، بكل معانيها، بمعناها العربي العام وبمعانيها السودانية الخاصة. دفعني عطشي إلى الخضرة والخدرة إلى تلمس الأعذار. فقلت في نفسي لعل الطائرة مستأجرة من الخارج، وكذلك الطاقم. واطمأننت إلى ذلك الظن المريح أكثر عندما رأيتهن بلا حجاب. كيف لا ونحن في بلدٍ يجلد فيه الجنودُ النساء غير المحجبات بلا رحمة. إذن فإن صبايا طاقم الضيافة في هذه الطائرة لا بد أن يكنّ أجنبيات طالما أنهن، جميعاً، بيضاوات، وغير محجبات. غير أني فغرت فاهي دهشةً عندما اقتربن مني بالطعام وهن يتحدثن بلسان سوداني مبين! يا إلهي! هل تحولت جميع السودانيات إلى بيضاوات وغير محجبات؟ كيف يعقل ذلك؟ إنْ وجدتَ في موقع عملٍ ما جميع العاملين بلون بشرة واحد فذلك يعني أن جميع أهل ذلك البلد لهم نفس لون البشرة. نعم، أعرف أن هناك نسبة من السودانيين الفاتحي البشرة، ونسبة جد محدودة من السودانيين البيض البشرة، لكن لا يعقل أن تجد فريق عمل كامل، في وزارة أو مستشفى أو مدرسة أو أي مكان، يتكون من فتيات بيضاوات فقط!! التفسير الوحيد هو إما أن بعض الشركات لم تعد توظف غير البيضاوات، أو أن بناتنا قد تعقدن من "خدرتهن" فأصبحن يجدن طرقاً ليصبحن بيضاوات.
    لم يدم تساؤلي طويلاً، فقد علمتُ، ويا للهول! أن كلا التفسيرين صحيح! بعض الشركات لا توظف إلا البيضاوات من السودانيات! لأن البياض أصبح هو الشكل المقبول، أصبح صنو الجمال؛ كما أن بناتنا، اللاتي من دمنا ولحمنا، بتن يتعقدن من سمهرتنهن، أو خضرتهن، أو خُدرتهن، فيلجأنا إلى وسائل مقيتة لتفتيح لون بشرتهن أو تغييرها.
    يا إلهي! هذا أسفل دركٍ بلغناه، على حد علمي، حين بتنا نكره أنفسنا، نكره لوننا ونريد أن نغيره!
    أ نسينا قيمنا، قيم جمالنا إلى هذا الحد؟
    ألم نكن نتغني بالخضرة، أو الخدرة، وهي ليست مجرد السمرة، بل تعني سواد البشرة، ولونها الفاحم كذلك؟
    أ نسينا "الخدرة الدقاقة"؟ "خدرة" عطور "بت" السودان، و"خدرة" حلويات "دايماً على بالي"؟
    أ نسينا أن أجدادنا كانوا يذهبون إلى جنوبنا الحبيب ليتزوجوا من غاداته فينجنبوا رجالاً خضراً وطوالا؟
    نعم، لقد بلغنا دركاً سحيقاً حين كرهنا أنفسنا، وضقنا ذرعاً بأشاكلنا وألواننا.
    لكننا لن نيأس، ولن نتحسر، سنرجع إلى كتاب الله العزيز لنقرأ فيه:
    "يوم تبيضُّ وجوه وتسودّ وجوه"، ونعرف أن يوم ابيضاض الوجوه واسودادها هو يوم القيامة، فلا بياض ولا سواد في الدنيا، وإنما البياض بياض العمل الصالح، والسواد سواد العمل الطالح. سنقرأ كتاب الله العزيز فندرك، من جديد - فنحن قد نسينا - أن اختلاف ألواننا وألسنتنا آية من آيات الله، وسنقرأ كلام نبينا المعصوم، عليه أفضل الصلاة والسلام فنعرف - من جديد، فنحن قد نسينا - أنه لا فضل لأحد على أحد بلونه، ولا بحسبه ونسبه وقبيلته، ولا بنوعه، رجلاً كان أو امرأةً، ولا بماله، فقيراً كان أو فقيرا، و لا بمنطقته.
    سنفتح كتاب الله العزيز وسنة رسوله الكريم لندرك أن الإسلام يعني أن نتواضع، والتواضع يعني "ألا نتعقّد" من أنفسنا، لا من لوننا ولا من أصلنا، وألا نرى، بسبب تلك العقدة، أننا أفضل من أحد أو أقل من أحد. نعم، سندرك أن الإسلام معناه التواضع، والتواضع معناه ألا يرى المسلم لنفسه فضلا، ولا قدراً، ولا قوةً ولا حولا، فالأمر لله جميعاً.
    كلا لن نيأس، ولن نتحسر، بل سيحدونا الأمل أن نعيد، بعون الله، الخضرة إلى ربوع بلادنا، والخدرةَ إلى محيا فتياتنا؛
    سينبري لذلك رجالٌ ونساءٌ خضرٌ وطوال وميامين.
    خضرٌ بسواعدهم، وليسوا بألوانهم؛
    وطوالٌ بعزمهم، وليسوا بأجسادهم.
    رجال ونساء خضر وطوال وميامين ؛
    يحبون الخضرة والخدرة؛
    يحبون الألوان جميعاً،
    فجميع الألوان جمالٌ؛
    ويعيدون الخضرة إلى حارات عاصمتنا، وميادينها وشوارعها؛
    يعيدون "الخُدرة" إلى محيا بنات بلادنا؛
    حتى تطمئن "الخدرة" على خدود جميع العذارى؛
    يعيدون "الخدرة" إلي "بت السودان"،
    إليكِ يا مهيرة،
    ويا كنداكة
    ويا ميرم السودان
    إليك يا سودان:
    سيعيدون "الخدرة" والخضرة.




    أحدث المقالات

  • الصفوة وإفك التفريق ما بين شعب دارفور السوداني! بقلم الحافظ قمبال 09-03-15, 05:37 PM, الحافظ قمبال - قمباري
  • دبيب النمل الصيني في إفريقيا بقلم الفاضل عباس محمد علي – الشارقة 09-03-15, 05:35 PM, الفاضل عباس محمد علي
  • خربشات مسرحية (3) الراكوبة بقلم محمد عبد المجيد أمين (براق) 09-03-15, 05:33 PM, محمد عبد المجيد أمين(عمر براق)
  • حلمنتيشيات جامعة الخرطوم (الكسارة)! بقلم فيصل الدابي/المحامي 09-03-15, 05:31 PM, فيصل الدابي المحامي
  • والله لا يلقي حبيبه في النار بقلم ماهر إبراهيم جعوان 09-03-15, 05:30 PM, ماهر إبراهيم جعوان
  • الاقمار لا تغادر افلاكها بقلم صافي الياسري 09-03-15, 05:28 PM, صافي الياسري
  • السوري العظيم .. خالد الأسعد بقلم أحمد الخميسي. كاتب مصري 09-03-15, 04:20 PM, أحمد الخميسي
  • وادي حلفا.. نار تحت الرماد!! بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين 09-03-15, 04:17 PM, نور الدين محمد عثمان نور الدين
  • الى أخي وليد الحسين في محبسه بقلم خضرعطا المنان 09-03-15, 04:14 PM, خضرعطا المنان
  • ما هو المقصود بـ ’العرب في شرق النيل‘ في المصادر اليونانية والرومانية بقلم د أحمد الياس حسين 09-03-15, 04:12 PM, احمد الياس حسين
  • نكتة حقيقية (حل الرئيس لمشكلة العنوسة)!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 09-03-15, 04:08 PM, فيصل الدابي المحامي
  • هل تمتلكون جُرأة الغنوشي يا دكتور عصام ؟ بقلم بابكر فيصل بابكر 09-03-15, 02:44 PM, بابكر فيصل بابكر
  • بقت بس علي خبر الشوم وندي القلعة بقلم شوقي بدرى 09-03-15, 02:41 PM, شوقي بدرى
  • تعيين مدير..!! بقلم عبدالباقي الظافر 09-03-15, 02:39 PM, عبدالباقي الظافر
  • الوطني وسياط الرئيس ! بقلم الطيب مصطفى 09-03-15, 02:36 PM, الطيب مصطفى
  • نعم.. كان منهوباً..!! بقلم الطاهر ساتي 09-03-15, 02:35 PM, الطاهر ساتي
  • لماذا تظلمون الأطباء (3) بقلم عميد معاش طبيب سيد عبد القادر قنات 09-03-15, 06:02 AM, سيد عبد القادر قنات
  • د. التجاني سيسي دكتاتور جديد!! بقلم حيدر احمد خيرالله 09-03-15, 05:59 AM, حيدر احمد خيرالله
  • رسالة قصيرة جدا الى أخى وليد الحسين بقلم على حمد ابراهيم 09-02-15, 11:53 PM, على حمد إبراهيم
  • معادلة بسيطة –– سهلة البحث بقلم عاصم أبو الخير 09-02-15, 11:13 PM, عاصم ابو الخير
  • حرية التعبير لاتتجزأ بقلم نورالدين مدني 09-02-15, 10:44 PM, نور الدين مدني
  • المطيميس! بقلم هاشم كرار 09-02-15, 10:43 PM, هاشم كرار
  • أطمئنكم على رئيسكم إلى أبد الآبدين بقلم د. فايز أبو شمالة 09-02-15, 10:41 PM, فايز أبو شمالة























                  

العنوان الكاتب Date
أسوأ ما لحق بنا: اغتيال الخضرة و الخُدرة في بلدي بقلم الريح عبد القادر محمد عثمان الريح عبد القادر محمد عثمان09-03-15, 05:39 PM
  Re: أسوأ ما لحق بنا: اغتيال الخضرة و الخُدرة ف عمر عبد الكريم علي09-04-15, 04:22 AM
  Re: أسوأ ما لحق بنا: اغتيال الخضرة و الخُدرة ف ناصر عبد الرحيم 09-04-15, 05:42 AM
    Re: أسوأ ما لحق بنا: اغتيال الخضرة و الخُدرة ف الريح عبد القادر 09-04-15, 11:22 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de