|
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية (Re: NEWSUDANI)
|
عزيزي د. الواثق
معذرة، في مداخلتي السابقة أعلاه سارعت إلى طرح الهموم التي ظلت تعتمل في صدري ورأسي فيما يتعلق بأزمة الحركة الشعبية وأزمة السودان قبل أن أعطي ورقتك البالغة الأهمية حقها. إنها حقا ورقة ممتازة، والحق أن مفهوم السودان الجديد، خاصة في أوساط بعض الساسة والمتعلمين السودانيين يثار حوله غبار وينسب إليه الغموض، مع أنه ينبغي أن يكون بديهيا كما ذكرت في مداخلتي أعلاه. وورقتك طرحته بأسلوب في غاية الدقة والوضوح. وأرجو أن تكون هذه الورقة فعلا فاتحة لحوار واسع ومثمر في هذا الشأن.
ولكني أتوقع أن ينحو الحوار إلى إثارة الأسئلة عن الجوانب العملية أكثر من النظرية، مع أهمية التأسيس النظري التي لا جدال فيها. التساؤلات عن حالة الحركة الشعبية في الوقت الراهن، حيث أنها كانت وما زالت تمثل القوة الرئيسية وراء أمل التغيير والتحول الديمقراطي في السودان وتحقيق رؤية السودان الجديد.
والتحدي الذي وضعت أنت أمامه السودانيين الشماليين عموما وقوى التغيير والسودان الجديد في الشمال خصوصا، بدعوتك إلى مؤازرة الحركة الشعبية في تحمل عبء صنع السودان الجديد، وبتساؤلاتك عن مستقبل العمل في حالة تراجع الحركة الشعبية إلى حركة إقليمية وانفصال الجنوب، هو تحد قائم، ولابد من مواجهته منذ اليوم وعدم انتظار اليوم الذي يبرز فيه فجأة مثل جبل الجليد في الظلام أمام السفينة الشهيرة تايتنك.
ولكن دعنا نتساءل عما هي قوى التغيير والسودان الجديد في الشمال؟
إن كل القوى الوطنية في الشمال وسائر أقاليم السودان تريد التغيير وتعمل من أجله، ولو أن عمل القوى السياسية الرئيسية منها على سبيل أضعف الإيمان. و حتى وإن بدا تماهي رؤيتها مع رؤية السودان الجديد، فإنها قطعا لا تهدف إلى سودان تزول أو تنتقص فيه مصالحها السياسية وامتيازاتها الاقتصادية والاجتماعية المتوارثة.
أما قوى السودان الجديد التي تتطابق رؤيتها مع رؤية الحركة الشعبية، فهي قوى مبعثرة لا تنتظم في أي شكل من أشكال العمل المنسق أو المنظم حتى الآن. هناك قطاعات في داخل الأحزاب التقليدية تنزع إلى تحقيق رؤية السودان الجديد ولكنها قطاعات مهمشة ومعزولة عن صنع القرار. وهناك الحزب الشيوعي الذي ينبغي أن يحسب بداهة من قوى السودان الجديد، ولكن موقفه من الحركة الشعبية واتفاق السلام الشامل موقف ملتبس وهو يتجنب الاقتراب المباشر من الحركة الشعبية، بل هو من حيث المواقف السياسية حاليا أقرب إلى حزب الأمة والمؤتمر الشعبي منه إلى مؤازرة الحركة الشعبية التي تعتبر منافسا خطيرا له على قاعدته الجماهيرية. بقية القوى، مثل المثقفين الوطنيين - وهذه أيضا قوة غامضة التعريف لها تأثير على الرأي العام الوطني ولكن ليس لها كيان منظم أو محدد - وربما تعمل من خلال النقابات والاتحادات المهنية، التي استطاع النظام أن يدمرها تدميرا شبه كامل، والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف تستطيع هذه القوى استعادة أرضها التي فقدتها قبل أن تصبح مؤازرا ذا فعالية للحركة الشعبية؟
والقوى الجديدة التي ظهرت مثل حق بشقيها وحزب المؤتمر السوداني، لا تزال قوى ناشئة وذات إمكانيات محدودة. ومع ذلك ، وخاصة حق، ظلت في حوار مع الحركة الشعبية منذ بداية نشأتها، ولكن الحركة الشعبية ظلت مهتمة بتحالفاتها مع القوى الأخرى، مستهينة بشأن هذه القوى الجديدة الصغيرة، تدعوها إلى الإنضمام إلى الحركة الشعبية كأفراد بينما تريد الأخرى أن ترى الحركة الشعبية وقد بدأت فعلا في عملية تحول حقيقي إلى تنظيم سياسي ديقمراطي.
وكم أسدى بعض قادة هذه القوى الصغيرة النصح منذ أمد بعيد لقيادة الحركة الشعبية في أعلى مستوياتها بأن تكون مستعدة للتحول الديمقراطي وأنها لن تستطيع أن تفعل ذلك بمفردها، لأنها لن تكون لديها الكوادر المدربة الكافية للقيام بكل الأعباء والمهام الجسام والكثيرة التي تنتظهرها: المشاركة في الحكومة المركزية وإدارة الجنوب وتنفيذ اتفاق السلام الشامل وبناء تنظيم سياسي جامع في نفس الوقت، والوجود الإعلامي المكثف الذي يجب أن يكون لها. وأشاروا إلى أنها ستتعامل مع حليف مراوغ عنيد وغير ذي عهد، يمكن أن يتنكر لأي اتفاق وأن يقدم على أي عمل، وأنه سيظهر للحركة انتهازيون كثيرون لا تستطيع تمييزهم، ولابد لها من الاستعانة بأصدقائها وحلفائها في الشمال من هذه القوى لتكمل عملية التحول الديمقراطي وتحقق اهدافها عموما ببناء السودان الجديد.
ولكن الحركة الشعبية كانت وما زالت مثل عملاق بقدمين من طين. وكان كعب أخيلها الذي كنا نخشى دائما أن تؤتى منه هو المركزية الشديدة عندها في اتخاذ القرار. تلك المركزية الشديدة التي إن وجدت مبررا لها في إطار التنظيم العسكري وأجواء الحرب، لن تجد مبررا لها لدى التحول إلى تنظيم سياسي ديمقراطي، اللهم إلا إذا أريد لذلك التنظيم أن يكون على صيغة الحزب الواحد، ولا نعتقد أن هذه صيغة يمكن أن تنجح في سودان اليوم. وكان بإمكان الحركة الشعبية فعلا أن تبني تنظيما يملك أغلبية ساحقة لو أنها كانت مستعدة وااستجابت للمد الهائل من الإقبال عليها في الشمال، واستطاعت أن تستوعبه مع تجنب العناصر المدسوسة والمخربة التي لا شك ستكشف الجماهير أمرها أو تنكشف بمماراساتها، وكانت ستجد العناصر الصادقة التي تعينها على البناء الصحيح والمأمون.
الحركة الشعبية في تعاملها مع قوى السودان الجديد في الشمال، كانت وما زالت كمن "جوا يساعدوه في قبر أبوه دس المحافير". إنها لا ترغب في مساعدة أو مؤازرة من أحد، خاصة تحت القيادة الحالية. وربما كان ذلك بسبب العجز التنظيمي والإداري الكبير الذي ظلت تعاني منه بسبب المركزية الشديدة. والقيادة المؤمنة بالسودان الجديد في داخل الحركة، والمهمشة الآن تهميشا شبه كامل، أصبحت الآن شبه رهينة لا حول ولا قوة لها في صنع القرار.
هل الحركة الشعبية الآن، في مستوى القيادة، مستعدة لتقبل المؤازرة والحوار الذي دعوت إليه يا صديقي الواثق، والانفتاح أمام الشعب السوداني؟ نحن نعلم أن هناك عملا إيجابيا يجرى على مستوى قواعد الشباب. ولكن الأمر الحاسم هو متى تفك القيادة الحالية أسر الحركة الشعبية لتنطلق؟
إذا كان الأمر كذلك، ستجد الحركة الشعبية الآلاف من شباب الشمال وشيبه الذين ينخرطون في صفوفها بحماس دافق. وإلا فإن قوى السودان الجديد في الشمال، سيكون أمامها طريق طويل وشاق قبل أن تصبح في مستوى الوزن الذي شكلته الحركة الشعبية.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | Dr.Elwathig Kameir | 10-23-06, 00:33 AM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | Elbagir Osman | 10-23-06, 01:19 AM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | صلاح شعيب | 10-23-06, 01:43 AM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | Mustafa Mahmoud | 10-23-06, 02:04 AM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | بشير الخير | 10-23-06, 02:53 PM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | shahto | 10-23-06, 03:54 PM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | NEWSUDANI | 10-23-06, 04:49 PM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | بشير الخير | 10-23-06, 07:41 PM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | عبّاس الوسيلة عبّاس | 10-24-06, 00:41 AM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | shahto | 10-24-06, 02:36 AM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | بشير الخير | 10-24-06, 08:22 PM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | بشير الخير | 10-24-06, 08:58 PM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | shahto | 10-25-06, 02:14 AM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | عبّاس الوسيلة عبّاس | 10-26-06, 01:55 AM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | shahto | 10-25-06, 04:31 AM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | بشير الخير | 10-25-06, 02:39 PM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | wadalzain | 10-26-06, 05:24 AM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | خالد عمار | 10-26-06, 01:25 PM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | هشام المجمر | 10-26-06, 05:13 AM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | Deng | 10-27-06, 11:50 AM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | عبّاس الوسيلة عبّاس | 10-28-06, 04:55 AM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | Haydar Badawi Sadig | 10-28-06, 09:38 AM |
Re: السودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية | Haydar Badawi Sadig | 10-28-06, 09:55 AM |
|
|
|