|
|
 Re: اليـوم....( اربـعيـن ) الـمرحوم محمـد طـة. (Re: بكري الصايغ)
|
ثلاثة وأربعون يوماً على الجريمة
اغتيال محمد طه ... لا تزال الحقيقة غائبة !
تحليل : المحرر السياسي
جريدة الصحافة
www.sudaneseonline.com
http://www.alsahafa.info/
معلومات و خدمات إضافية ...More Information and Services
مرت قبل ايام ذكري اربعين اغتيال الصحفي ورئيس تحرير صحيفة الوفاق ، الاستاذ محمد طه محمد احمد ، حزينة ، خاصة على أسرة الراحل وزملائه في مهنة الصحافة ، والمجتمع السوداني الذي هزته بشاعة الجريمة ، بصفة عامة ، لجهة ان ملابسات الاغتيال وخيوط الجريمة لاتزال غامضة ، وان ما تسرب من حقائق حولها لم يشف الغليل ويسكن روعة الافئدة التي فقدت طمأنينتها .
اول تصريحات حول الجريمة ، صدرت عن وزير الداخلية ، البروفيسور الزبير بشير طه ، عشية يوم الاغتيال بأن ايادٍ اجنبية وراء الجريمة ، لكن مدير الشرطة ، الفريق اول محجوب حسن سعد، استبعد في مؤتمر صحافي عقده بعد ايام من الحادثة ان تكون هناك ايادٍ اجنبية وراء الجريمة ، غير انه اعترف بان مكونات الجريمة تبدو من الغموض والصعوبة ما يجعلها عصية على فك طلاسمها بسهولة ، غير ان ما اثار دهشة أسرة الراحل في حديث مدير الشرطة ، تلميحه بان احد اسباب المصاعب التي واجهتها الشرطة في عدم مقدرتها على اللحاق بالجناة قبل تنفيذهم لجريمتهم ، هو تأخر الأسرة في ابلاغ الشرطة الى ما بعد الساعة الواحدة صباح الىوم التالي لاختطاف الراحل محمد طه ، والذي كان في نحو الحادية عشرة ليلا ، وكان المدير في تلميحه ذاك كأنما يحاول رفع اللوم والحرج عن قواته التي طالتها سهام النقد على ما اعتبر تقصيرا منها على السهولة التي افلت بها القتلة وهم يختطفون المجني علىه من داره بحي كوبر العريق بقلب الخرطوم بحري ، ويفرون به داخل عربتهم ، التي قالت أسرة الراحل انها لم تكن تحمل لوحات او كانت لوحة ارقامها قديمة وغير مرئية ، الى حيث نفذوا جريمتهم ، والقوا بالجثة جنوب الخرطوم جوار معسكر شرطة الاحتياطي المركزي ، بينما ترتكز قوات الشرطة بكثافة على نقاط متقاربة داخل العاصمة ، بل وان معدل انتشارها عشية يوم الاختطاف كان فوق المعدل الذي درجت علىه بسبب استعدادها لصد التظاهرة التي كانت اعلنتها القوى السياسية لمناهضة قرار زيادة اسعار المحروقات والسكر ، الا ان أسرة الراحل كانت رفضت تلميحات مدير الشرطة حول تأخرهم في الابلاغ ، وقالت له عند زيارته بمعية وزير الداخلية لمنزل الراحل ذات مساء في بدايات رمضان ، وكنت حاضرا، انها ابلغت قسم الشرطة في الحي بعد نحو نصف الساعة من الاختطاف ، اي حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف .
مدير الشرطة ، وفي مؤتمر صحافي عقده يوم الرابع والعشرين من الشهر الماضي ، وكان خاصا (بالتسويات المرورية) ، حاصره الصحافيون بقضية الساعة: اغتيال محمد طه ، كشف عن القاء الشرطة القبض على 16 شخصا تعرف (الكلب البوليسي) على اثنين من المشتبه بهم ، ومع ان الرجل عاد وقال ان بينة الكلب البوليسي تعتبر غير مقبولة في المحاكم ، الا انها احدي الوسائل المساعدة على كشف الجريمة ! ، وقد كانت تصريحات الرجل تلك مثار استغراب كثيرين يراقبون اداء الشرطة واسالىبها في منع الجريمة وكشفها ، وكانوا ينتظرون من المدير ان يتحدث عن استخدامهم لتقنية البصمة الوراثية في كشف غموض الجريمة التي ارهقت الاجهزة الامنية في فض طلاسمها ، وتعد هذه التقنية ثورة هائلة في عالم الادلة الجنائية منذ اكتشافها في العام 1984 ، حيث اسفرت في العقدين الاخيرين ، طبقا لدراسة عنها نشرتها الباحثة ريما سلوم في مجلة الجيش اللبناني ، في حل آلاف المعضلات المتعلقة بجرائم بالغة الغموض ، وقادت الى إدانة وتبرئة آلاف المتهمين بجرائم مختلفة ، يبدأ تكوين البصمة الوراثية عبر جمع عينات من الحامض النووي من خلال الاثار التي يتركها الجاني على مسرح الجريمة . ويمكن سحب هذه العينات من الشعر واللعاب والدم وخلايا البشرة والسائل المنوي والعظام والاسنان والعرق والانسجة ... الخ . وتوفر تقنية البصمة الوراثية خيارات عدة امام الباحث الجنائي ، فقد تم الوصول الى الجناة في قضايا كثيرة عبر العالم من خلال تحليل اللعاب الموجود في اعقاب السجائر او على طوابع البريد ، او من خلال سبائب شعر سقطت على مسرح الجريمة او جسد المجني علىه .
وبحسب علمي ، فان هذه التقنية تدرس ضمن مناهج جامعة الرباط التي تتبع لوزارة الداخلية ، وبالتالى يمكن المقارنة بين عينات جمعت من مسرح الجريمة مع الحامض النووي للمشتبه بهم والمحتجزين لدي الشرطة الان . بل ان تقنية البصمة الوراثية تفيد حتي في حالة عدم وجود مشتبه بهم في حالة مقارنة العينات بقاعدة بيانات للدول التي تملك سجل بيانات لمواطنيها تأخذ فيه بصماتهم الوراثية ، والتي تختلف بصمة كل فرد عن الافراد الاخرين في انحاء العالم الاخرى .
وكان وزير الداخلية قد اجاب على اسئلة الصحافيين الملحة في التاسع من الشهر الجاري ، عندما حاصروه في (مناسبة افتتاح عدد من مكاتب السجل المدني) التابعة لوزارته ، انهم امسكوا بالخيوط الرئيسية في حادثة محمد طه ، وانهم تمكنوا من كشف الغموض المحيط بها ، وان الامساك بالجناة صار مسألة محسومة ، ولم يخض الوزير في تفاصيل بحجة ان سلطات التحري تريد ان تقدم قضية مرافعة كاملة ، واصر الوزير في تصريحاته على فرضية ان ايادٍ اجنبية يمكن ان تكون متورطة في الجريمة .
تصريحات المسؤولين العرضية حول ملابسات التحقيق في الجريمة ، وتطاول امد التحقيق دون تمليك الرأي العام معلومات (حقيقية يمكن الامساك بها) فتحت الباب امام العقل الجمعي للتأويل وتوسيع دائرة الاشتباه ، وقد تأذى كثيرون نتيجة ذلك ، سواء داخل الوسط الصحافي او في المجتمع العريض ، فعملية استدراج الراحل من بيته تنم عن ان مستدرجه كان شخصا مقربا منه وموضع ثقته ، الى جانب طقوس القتل ، وفتاوى التكفير بحق الراحل من قبل مجموعات دينية متشددة ، اضافة الى خلافات محمد طه الفكرية وخصومته السياسية ، مع تيارات وافراد ، ومعاركه الصحفية ضد بعض المسؤولين ، كلها وقائع وسعت دائرة الاشتباه في الوعي الجمعي ، ومن شأن ذلك ان يربك عمل الجهات المختصة ويشتت تركيزها .
ويرى كثيرون ان تعدد مستويات التحقيق (شرطة ، أمن ، استخبارات عسكرية) يشتت الجهود ، وربما يقود التنافس (المحتمل) بين تلك الجهات الى ضياع الحقيقة وافلات الجناة من العقاب .
ان استمرار الغموض في قضية اغتيال محمد طه من شأنه ان يرسل اشارات الى ممتهني الصحافة والكتابة وكل المشتغلين في مجال حرية التعبير، بأن حرية اقلامهم وضمائرهم دونها رقابهم . وان غياب الحقيقة وافلات الجناة بفعلتهم الشنعاء ضربة قاضية لسلام وامن المجتمع ولثقته في التدابير المستخدمة من قبل السلطات في توفير الامن والحماية للمواطنين في دورهم واماكن عملهم . ويخشي الناس ، وفي ظروف الاحتقان التي تمر بها البلاد الان ، ان يطرأ من الاحداث والنوازل (الطبيعية والمصطنعة) ما يجعل قضية محمد طه في طي النسيان ، كما فعلت جريمة اغتياله بقضية زيادة أسعار المحروقات والسكر !!.
رجوع
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست