|
Re: هل انحسر مد الانتفاضة : عدنان زاهر يحاكم الاستخدام المنفلت للسلطة!! (Re: فتحي البحيري)
|
الحاج وراقـ ـــــــــــــــــــــــ شريعة وشريعة ! ü خطاب الرئيس البشير أمام ما سمى بالهيئة الشعبية للدفاع عن العقيدة والوطن [وهي للدقة(الهوجة الرسمية للدفاع عن الغنيمة التي تحولت إلى وثن)!]، والذي ألقاه أول أمس وحظى بنشر واسع ، خطاب «تاريخي» . قال الرئيس البشير ضمن ما قال : ـ «نحن ما نفذنا 30 يونيو الا لايقاف التآمر على الشريعة الاسلامية والغائها» ـ «نحن حقيقة نريد أن نعرف ان كانت هذه الحرب ضد الشريعة ونخرج لها (عديل) ونخلص من كل المظالم التي (عملناها) في هذه الدنيا ونذهب شهداء في سبيل الشريعة» . ـ «اننا فعلا كنا شموليين ومتسلطين نقبض ونجلد ونسجن وهذا كله فعلناه في أيامنا الأولى عندما كانت القيادة الفعلية عندهم كنا شموليين حقيقة وليس الآن ..» . ü الخطاب تاريخي بما يحمل من دلالات فكرية وسياسية وعملية ، وبما يتضمن من شهادة موثقة للتاريخ ! . أما من حيث الدلالات فإنها صاعقة ، تجسد تصورات الاسلاميين عن الشريعة .. فشريعتهم التي جاؤوا لاثباتها وعدم الغائها ، ولأجلها نفذوا انقلاب الثلاثين من يونيو ، ويعلنون حاليا بأن دونها المهج والارواح ، هذه الشريعة ، وباقرار الانقاذ ، وعلى أعلى مستوياتها ، كانت لسنوات (شمولية تسلطية) و (عملت) مظالم ، وقبضت وسجنت وجلدت (!) .. وهذا يعني أحد إحتمالين : إما ان التسلط والسجن والجلد والمظالم من أركان شريعة الإنقاذ الجوهرية وبالتالي تم تطبيقها على الارض ، أو الاحتمال الثاني ـ أن الشمولية والتسلط والمظالم ليست من أركان هذه الشريعة ، ولكنها لم تمتلك لا التصورات النظرية الصحيحة ولا الوسائل الملائمة ولا المؤسسات المنضبطة التي تكفل عدم تسرب هذه الموبقات إلى مشروع شريعتها الفكري والسياسي ! وفي الحالتين فإن شريعة الانقاذ شريعة تسلط ومظالم ، بطبيعتها الجوهرية أو لأنها تفتح الطريق لذلك ! ü والجدير بالتذكير أن الانقاذ ، وطوال تلك السنوات ـ حين سادت تسلطية السجن والجلد والمظالم ، كانت تسمي اوضاعها تلك ، وما تزال ، بالنظام الإسلامي وتطبيق الشريعة الاسلامية ، معارضته ردة والخروج عليه خروج على ما في الدين بالضرورة !! مما يفيد بأن الإنقاذ تعنى بالشريعة عدداً من العقوبات الحدية ـ وهي في أعلى احتمالات لا تتجاوز الثماني عقوبات ! والواضح ، وباقرار الإنقاذ نفسها ، ان هذه العقوبات لم تشكل ضامنا في حد ذاتها ضد امتهان الكرامة واذلال المواطنين واغتصـــاب حقوقهم ! . ü ثم هناك دلالة اخلاقية أساسية يتضمنها الحديث عن قيادتين : واحدة ظاهرة ورسمية ، وأخري باطنية فعلية ، والأخيرة ـ بحسب الإقرار الرسمي ، لم تكن مسئولة عن إقرار وتنفيذ السياسات ! . فإضافة الى مترتبات هذا الحديث الدستورية والقانونية ـ وهو يعنى بأن الدستور والإنتخابات والقسم والأجهزة السيادية لم تكن كلها سوي فصولاً في مسرحية يجري تمثيلها علي الشعب (!) ـ اضافة لهذا فإن له مترتبات اخلاقية ! . فالإقرار بأن ما كان يبدو لم يكن يعبر عن الحقيقة انما هو اقرار ضمني بأنه كانت تجري عملية تضليل متعمدة للشعب ! فكيف يستقيم ذلك وقيم الاسلام القاضية : (من غشنا ليس منا) ، ومع (المؤمن لا يكذب) إننا نستطيع أن نستنتج منطقياً من هذا الحديث بأن الصدق لم يشكل فضيلة هامة أو جوهرية في شريعة الإنقاذ!. وغض النظر عن المسوغات او التبريرات الفقهية التي اعتمدتها الانقاذ لشرعنة الكذب فإن وجدان غالبية مسلمي السودان لا يقبل بالكذب كأحد متعلقات شريعته الاسلامية!. ü وبالنتيجة يبدو أن الشريعة شريعتان .. عندما يتحدث بسطاء أهل السودان عن الشريعة فأنهم يعنون الكرامة والحرية والعدالة والرفاه والاستقامة والطهر ، يعنونها كقيم مجردة ، وكقيم على الارض .. وعندما يتحدث الأصوليون ، ومن لف لفهم ، عن الشريعة فأنهم يريدون التغني بأفضل المبادئ للتستر على أسوأ الاوضاع .. يريدون التغني بالسماء لاحتلال الارض .. ويريدون الحدود حدودا لحظيرة المصارف والمناصب والمغانم ! . واذا كان للإسلام رب يحميه ، وهو القائل جل وعلا (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام) فإن الدين سيظل قائما ، ولكن التاريخ لم يعرف حظيرة واحدة مخلدة ـ كل الدول تدول وكل الحظائر تفنى ! .
|
|
|
|
|
|