|
Re: عـثمـان محمد صــــالح .. كمــا يـقـرأه .... عــادل عبد العـــاطي (Re: خالد الأيوبي)
|
حول العلمانية والانفصال وانتهازية بعض "العلمانيين":
يشير عثمان محمد صالح؛ ضمن العديد من لمحاته الباهرة ؛ إلى انتهازية بعض العلمانيين المزعومين؛ والذين يطالبوا بالعلمانية مراعاة لحقوق أصحاب الديانات الاخري؛ أو بصورة واضحة مراعاة لمشاعر واعتقادات الجنوبيين؛ ويستغلوا التعدد الديني في السودان ليمرروا من تحته خطابهم العلماني الخجول أو الفج.
وفي الحقيقة فان اغلب القوى المحسوبة على العلمانية في السودان؛ ليست علمانية ولا يحزنون؛ فالحزب الشيوعي السوداني يطور تحت قيادته اليمينية الحالية؛ خطا يمينيا تقليديا يتهرب من مواجهة قضية علمانية الحياة السياسية والاجتماعية؛ بينما تطرح بعض القوى الأخرى مفاهيم العلمانية المعتدلة والعلمانية الخجولة والعلمانية الجزئية؛ في تهرب لا يحلها من مواجهة قوى الهوس الديني والسياسي.
إن العلمانية في السودان أصبحت ضربة لازب؛ وشرطا لا بد منه للتطور السياسي السلمي في السودان؛ ولازدهار الفكر والعلم ولتطور المجتمع؛ ولقد أثبتت تجربة النميري وسنين الإنقاذ؛ كيف تخلق الأنظمة المتاجرة بالدين مشاكلا لا أول لها ولا آخر؛ عندما ترفض النموذج العلماني وتحاول فرض أفكارها وممارساتها القروسطية والاوتوقراطية والثيوقراطية على المواطنين.
ان أكثر من يحتاج للعلمانية هم المسلمون؛ حتى يستطيعوا أن يديروا العلاقات فيما بينهم؛ وفيما بينهم وبين الآخرين؛ في إطار روح التسامح والعلم؛ وفي دولة يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات؛ وليس منقبيل الصدفة أن نصل سكاكين الدولة القروسطية يتوجه في الأساس تجاه المسلمين؛ فضد المسلمين بنيت اتهامات الردة والشروع في الزنا وتوجهات التكفير؛ في السودان وفي كل البلدان التي تحكمها قوى معادية للعلماني؛ وضد المسلمين تتوجه دعاوى الكراهية أو التمييز ضدهم في الغرب والدول العلمانية؛ وذلك عندما يحتل موقع الصدارة بينهم المتطرفون القروسطيون؛ والذين يفسدون صورة الإسلام بالإرهاب ودعوات التخلف وأوهام السلفية والفهم الرجعي للإسلام.
لكن هل تكون وحدة السودان هي القربان الذي يجب تقديمه؛ حتى يقتنع علمانيو الشمال بضرورة الدعوة إلى العلمانية؛ أو كما استنتج عثمان:" بيد أن إنفصال الأطراف سيضع علمانيي الشمال في مواجهة مهمتهم المؤجلة : الدعوة لقـيام دولة علمانية دون التذرع بحجة التعدد الديني !".
لا أظن ذلك؛ إذ إن وحدة السودان والعلمانية هما قيمتان عاليتان كل واحدة في حد ذاتها؛ ينبغي أن ندافع عنهما معا؛ فوق أن هؤلاء العلمانيين المزعومين ؛ الذين لم يدافعوا عن العلمانية السياسية والاجتماعية باستقامة ووضوح ومثابرة ومبدئية؛ في إطار الدولة السودانية الواحدة؛ سيكونوا اضعف عن أن يقوموا بهذا الدور؛ في ظل دولة "الشمال" العربية الإسلامي التي ستقوم؛ وذلك ببساطة لأنهم أناس قد استبطنتهم الهزيمة؛ ولأنهم انتهازيون وجبانين وغير مبدئيين.
الشاهد هنا إن بعض هؤلاء العلمانيون؛ قد أعلنوا صراحة أنهم في حالة انفصال الجنوب؛ سيطلبون اللجوء السياسي إلى دولة الجنوب؛ والتي يفترضون أن تكون علمانية - وقطعا لن تكون علمانية اجتماعيا؛ وان كانت سياسيا؛ ما دامت محاكم الحركة الشعبية تدفن النساء حيات؛ لاتهامهن بممارسة الجنس خارج الزواج - ؛ وقد تسألنا حينها : لمن يتركوا المواطن الشمالي البسيط؛ والذي سيخضع لحكم القروسطيين الإنقاذيين ومن لف لفهم؛ إذا كانت القيادات تعتزم الهرب؛ وبقى سؤالنا إلى اليوم بغير جواب (راجع لقاء مع سعاد إبراهيم احمد في منبر سودانيز اونلاين كوم).
إن العلمانية في السودان قد أصبحت نفسها خشوم بيوت؛ فقد سمعنا عن العلمانية الخجولة ولم نعرف من أخجلها؛ وسمعنا عن العلمانية المعتدلة ولم نعرف أين هي المتطرفة؛ كما سمعنا عن علمانية جزئية؛ لا تشمل قوانين الأحوال الشخصية؛ فمرحي لها من علمانية ومرحي لهؤلاء من علمانيين.
وإذا كان البعض يظن العلمانية كفرا وجرما ومرضا؛ فان البعض الآخر يظنها دواء سحريا لأدواء المجتمع السوداني؛ وهي لا هذا ولا ذاك؛ وإنما أحدى أدوات بناء المجتمع المدني الديمقراطي؛ كما أن البعض يلهج بها دون أن يعرف معناها؛ والبعض الآخر يدعيها دون أن يمارسها؛ وهي في كل الأحوال في حال ضيق؛ بسب من أعدائها المعلنينين وأصدقائها المزعومين؛ وينبغي أن نفتح نقاشا واسعا حولها؛ لنحدد أولا من هم العلمانيون في السودان؛ ثم لنحدد تصورنا للعلمانية في السودان؛ وبأى شكل ستساهم في حل المشكل السوداني؛ ثم نخوض حملة جبارة لاستعادة المصداقية لها؛ ومواجهة جحافل السلفية والهوس الديني؛ التي استطاعت لدرجة كبيرة تشويه صورة العلمانية والعلمانيين في السودان.
هذا طريق صعب وطويل ولكنه ممكن؛ وسنناضل من اجل العلمانية اليوم وغدا؛ في ظل الدولة الحالية أو في ظل الاتحاد الفيدرالي أو إذا تقسم السودان في كل الأجزاء التي ستنقسم منه؛ ولن نهرب حينها ولا الآن؛ ولن نعول على العلمانيين المزعومين؛ لأنهم لا اليوم ولا غدا؛ لن ينهضوا في الدفاع عن العلمانية؛ وذلك بما جبلوا عليه من الانتهازية وتجارة الشعارات والانكسار عند الملمات.
خاتمة:
لقد اخترت الحوار مع الأخ والصديق عثمان محمد صالح؛ لأنه يعد في نظري؛ واحدا من أفضل المحللين السياسيين والاجتماعيين في سودان اليوم؛ وسط جيل الشباب خاصة - وجيل الشباب بالمعايير السودانية هو من لم يصل الأربعين بعد- ؛ وفي الساحة الفكرية والسياسية عامة.
كذلك تم الاختيار؛ لانتماء عثمان التاريخي والحاضر؛ لقيم الديمقراطية والحرية والعلمانية وكرامة وحقوق الإنسان؛ وهي القيم التي دفع عثمان وجيله ثمنا غاليا للتمسك بها؛ ولا يزال/ون يدفع /ون هذا الثمن في زمن انقلبت فيه معايير الأشياء؛ وأصبح مناضلو الساعة 25 وطفابيع اليسار واليمين؛ يتهجمون تحت لعلعة الرصاص أو برصاص لفظي؛ على كل من يدعو لصوت العقل والسلم وحقوق المواطنين.
هذا كله يفرض ضرورة الحوار الجاد مع اطروحات الأخ عثمان؛ وذلك لأهميتها الفائقة في الحوار الفكري السياسي الدائر؛ والذي اعتقد انه تسوده الغوغائية والهمجية والانتهازية؛ ويحتاج إلى أصوات رصينة مثل صوت عثمان؛ يحاول الكثيرون إسكاته بالعنف اللفظي؛ بينما يحاول البعض الآخر إجهاضه عن طريق الصمت والتجاهل؛ وهيهات.
إنني إذن ممتن لعثمان لكل ما يقوم به؛ ومؤمن أن ما يجمعنا من وحدة فكر وأهداف؛ لهو اكبر من كل الاختلافات في التفاصيل؛ وان مثل هذه النقاشات تثرينا معا؛ وشاكر له أن ارتاحت كتاباته الثرة والعميقة؛ الفرصة المتواضعة لي؛ لأرمي بقطرة من إجتهاداتي؛ في حقل يرويه هو بالحبر والعرق وعصارة الفكر.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
عـثمـان محمد صــــالح .. كمــا يـقـرأه .... عــادل عبد العـــاطي | خالد الأيوبي | 07-31-06, 00:48 AM |
Re: عـثمـان محمد صــــالح .. كمــا يـقـرأه .... عــادل عبد العـــاطي | خالد الأيوبي | 07-31-06, 00:50 AM |
Re: عـثمـان محمد صــــالح .. كمــا يـقـرأه .... عــادل عبد العـــاطي | خالد الأيوبي | 07-31-06, 00:53 AM |
Re: عـثمـان محمد صــــالح .. كمــا يـقـرأه .... عــادل عبد العـــاطي | خالد الأيوبي | 07-31-06, 00:55 AM |
Re: عـثمـان محمد صــــالح .. كمــا يـقـرأه .... عــادل عبد العـــاطي | خالد الأيوبي | 07-31-06, 00:57 AM |
Re: عـثمـان محمد صــــالح .. كمــا يـقـرأه .... عــادل عبد العـــاطي | عبد الحميد البرنس | 07-31-06, 01:14 AM |
Re: عـثمـان محمد صــــالح .. كمــا يـقـرأه .... عــادل عبد العـــاطي | adil amin | 07-31-06, 02:30 AM |
Re: عـثمـان محمد صــــالح .. كمــا يـقـرأه .... عــادل عبد العـــاطي | amira abdelrahman | 07-31-06, 11:36 AM |
Re: عـثمـان محمد صــــالح .. كمــا يـقـرأه .... عــادل عبد العـــاطي | nadus2000 | 07-31-06, 11:53 AM |
Re: عـثمـان محمد صــــالح .. كمــا يـقـرأه .... عــادل عبد العـــاطي | Biraima M Adam | 07-31-06, 12:14 PM |
Re: عـثمـان محمد صــــالح .. كمــا يـقـرأه .... عــادل عبد العـــاطي | معتز تروتسكى | 07-31-06, 01:29 PM |
Re: عـثمـان محمد صــــالح .. كمــا يـقـرأه .... عــادل عبد العـــاطي | خالد الأيوبي | 07-31-06, 09:21 PM |
Re: عـثمـان محمد صــــالح .. كمــا يـقـرأه .... عــادل عبد العـــاطي | خالد الأيوبي | 08-02-06, 09:59 PM |
|
|
|