|
Re: في رحلة البحث عن الجمال حمزة سليمان... اعتلى رونق الكلمات عطراً ووفاء /عاطف عبد الله (Re: zico)
|
قدم حمزة سليمان أروع الألحان عن الحب كما في رائعة الصاق الرضي سوف أصنع لي حبيبة والتي يقول في مطلعها
سوف اصنع
لي فتاة من دماي
كي تقدسني
وتبكى عند موتى
دون زيف
سوف اصنع لي فتاة
من دخان سجائري
لتلم عن وجهي
غبار الاغتراب
وكي تقينى
من مكابدة النزيف
وبعد أن طاف بنا عاليا في مخيلة الصادق الرضي ولوحته التي رسمها عن فتاته يعود بنا حمزة لمعايشة الواقع بكل وعورة تضاريسه ولنعيش علاقة الحب كما هي مجردة إلا من تلك الأحاسيس النبيلة كما تناولها محجوب شريف في السنبلاية التي تغنى بها الدكتور وردي وكما قال وردي حين قدمها بأن الحب ما عاد (القطر الشالك أنت إن شاء الله يدشدش حته حته وحبيبي فات وأنا بموت وراه .. إلخ).... كذلك أسقط حمزة عن الحب تلك الميلودرامية الفجة التي ميزت بعض أغاني الحقيبة وما تلاها من أغنيات الستينيات والسبعينيات.. جرد الحب من تلك الرومانسية الخيالية التي ربطت بين الحب والحرمان وجعلته صنوا للعذاب وفعل مرادفا للألم، وليس له طعم إلا إذا كان مصحوبا بالآهات والفراق والصد، أما الحب الذي تغنى به فهو الحب المتبادل، تلك العلاقة الاختيارية التي ربطت بين اثنين دون أن يمس الجماليات التي تميزها، وعمق المشاعر، تناول الحب كأخذ وعطاء واختيار حر عاقل وليس حرمانا وبكاء طارقا بذلك أبواب المدرسة العقلانية في الغناء العاطفي كما في قصيدة أزهري محمد علي يا مفتونة التي يقول في مطلعها
يا مفتونه بصدق الوعد
يا مسكونة بحلم الغد
أنا خيرتك بين الشهد
وبين اللبن الفطرة
وانت اخترتى سواد البن
وطعم القهوه البكره
انا خيرتك وانتى اخترتى
ولم تعترض طريقه المسافات فسافر بنا حمزة خارج الحدود في اطار بحثه عن جمال الكلام وغنى لمحمود درويش (عندما كنت صغيرا وجميلا كانت الوردة داري)، وغنى للراحل نزار قباني (لم يحدث أبدا ... أن أحببت بهذا العمق)، كما لحن وأدى (مسافر ابدا) من كلمات احمد عبد المعطى حجازى التي يقول في مطلعها:
اعبر ارض الشارع المزحوم
لا توقفنى العلامة
اثير حيثما ذهبت
الحب والبغض واكره السائمة
ادفع رأسى ثمنا لكلمة اقولها
لضحكة اطلقها او ابتسامة
اسافر الليلة فجأة
ولا ارجو السلامة.
وكما غنى بالفصحى وأبدع غنى بالعامية وكان أبدع وأروع كما في رائعة الأستاذ عبد القادر الكتيابي زي زيتونة وفيها قدم حمزة اللحن الخفيف الراقص وتألق كعادته
زي زيتونة
ولون اللون الفجر البدرى
وكيف ما كيف لا نحس لا ندرى
انقسمت بأنه
ورقصت فرشت ريش ألوانه
قدل طاووس الوهج السحري
طلق النشوة انطلقت فينا
سنابك خيل الزار الشعرى
الدنيا تدور بى اركانه
كانه مكانه الكان من اول ما هو مكانه.
أما أجمل أغانيه فهي لحنه لأجمل ما قيل من كلام لعاطف خيري في قصيدة مسادير التي يقول في أحد مقاطعها
باب الروح متاكا
إنسربي
صاحيات الحدايق، أرعي
قبال منجنيق الخوف
يعاود ضربي
قبل الطير وصعلوك النحل منكبي
هشي العافية من تمري المخمر وعبي
وزي ما النيل طبق مركوبو
مارق للبحر مدبى
أدخلي في الجسد محمومة
بي المرض اليحير طبي
ذي اتر النعال فوق
الرمال متخبى
هشي العافية من تمري
المخمر وعبي
ولم ينس حمزة التراث فبعد أن أستوعبه وهضمه عبأ مخيلته منه ولكن لم يتناوله إلا بعد أن أضاف إليه الجديد في اللحن والتوزيع مما جعله معبرا ومعايشا لواقع اليوم كما فعل في رائعة عبيد عبدالنور (يا أم ضفاير)
يا أم ضفاير قودي الرسن
واهتفي فاليحيا الوطن
اصلوا موتاً فوق الرقاب
كان رصاص أو كان بالحراب
البدور عند الله الثواب
اليضحى وياخد العقاب
وبالتغيرات الموسيقية واللحنية التي أدخلها حمزة في هذه الأغنية نجده قد ابتعد عن فخ التقديس في تناول التراث والتمسك به كعملية انفعالية تاريخية كما هو، بل ذهب إلى أن الغوص في التراث واستخراج نفائسه يجب أن تتم بعملية براجماتية علمية تقوم على متابعة وتواصل لميكانيزمات العمل الإبداعي وإيجاد الجديد فيه حتى يخلق منه صيرورة متواصلة قائمة على وسائل واساليب تتماشى مع أهداف وإمكانيات اللحظة الآنية دون الإخلال بجمالياته أو تغيير جوهره.
عاطف عبد الله
http://alsudani.info/index.php?type=3&id=2147507687
|
|
|
|
|
|