|
Re: "رَهَــــق" (Re: النسر)
|
الأخ السوباوي
تحياتي فى نضارة سوبا إن يتصل الإسم بالمكان.
ليتني قرأت لك أكثر من هذه القصيدة ... حتى يستقيم نقدي على سياق محصول كافي ... لكن أحاول ( بتحفظ ) أن أرسم خطا نقديا يستوعب ولو جزءا من خصائص القصيدة التي تعرضها الآن للناس.
فأولا , كان مهما أن ( يشكل ) عنوان القصيدة, وإن كان كلمة واحدة , لأن هذه الحروف الثلاثة المكونة للكلمة التي إخترت, تحمل أكثر من معنى, ولا يخفى تباعد هذه المعاني , فيما يوقعك فى حبائل التأويل لما لا تقصد, وهنا تستعضل إشكلات ذات طبيعة لغوية, لكنها لا تتوقف عند هذا الحد, بل تمتد لتمس حساسية الكاتب تجاه المفردات والمركبات اللغوية, فهناك الرهق , بفتح الهاء, وهو يعني فى اللغة ممارسة الجنس مع الأقربين, ولا أظن أن هذا ما تعنيه, وهناك الرهق , بكسر الهاء , كصيغة مبالغة تعني الغلو فى الإرهاق, وإن لا تؤهل اللغة كلمة رهق لكونها فعل حتى يتم تصريفه بالشكل الذي إخترت, وإن يقبلها الحدس اللغوي فى سياقها المقصود موضوعيا, مع أن اللغة فى سيرورتها ككائن حي تتمرد على قواعدها النمطية, وترخي أذنا صاغية للمتغير والعادة وهما يعيدان تصريف اللغة بمقدار التراضي والتداول الإجتماعيين, أكثر من القاعدية الصرفية التاريخة وإن كانت ذهبية.
ثانيا, يعجبني التدافع العاطفي فى ثنيات حراكه الآخذ فى بحر القصيدة, ولما إخترت العاطفة أسا لموضوعتك الشعرية, ومع أن هذا الإختيار يجعل القارئ يسير فى ذات الإتجاه الذي عنيت , بتحميل المعنى فى خيال القارئ ليبحر معك فى لجج الدراما العاطفية المرتسمة فى خيالك من قبله ( أي القارئ ) . كان يمكن أن يكون هذا تساوقا متناغما فى شكله وموضوعه , إن أعرت بعض الإهتمام لخصائص اللغة الشعرية وشكلها بالضرورة, فقد لاحظت ضعف إهتمامك بالقافية, ومع أن الشعر الحديث الذي إخترته للتعبير عن أحاسيسك شعريا , يتحرر بقدر او آخر من القيود النمطية للإستقفاء الشعري التاريخي, المنتسب فى طبيعته وبناءإته للمدرسة الكلاسكية, إلا أنه يحتفظ منها بالمقدار الذي يجعله شعرا , وليس شعرا منثورا, فالأخير شأن آخر لا نتشاغل به اللحظة. بحثت عن القافية بنظرة فلم أجدها , وأعدت قرأة القصيدة لأستلهم قافية فلم أفلح , وإخترت من عندي قافية إفتراضية, فلم يعنني هذا الإختيار إلا قليلا, حيث تدحرجت القصيدة على أنوال أخر.
معلوم أخي سوباوي , أن ليس القصد من وجود القافية هو تقييم نمطية القصيدة حتى تنسب لمدرسة بعينها, فهذا ليس بالمبتغى, لكن التقفية تحفظ للمكتوب الشعري صلته بالموسيقى الداخلية وتقيم للقصيدة وزنها, والوزن يحفظ الروي, لتكتمل عناصر البناء الشعري, وليحكم القارئ سبابته ليشير بثقة أن ... هنا قصيدة.
لم يفسد نقدي هذا إستمتاعي بروح الموضوعة وبإعتلاءآت شعورية فرضتها بعض المفردات المليئة وهي تتحوم فى سماء القصيدة.
فإن ربحت أنا لحظة جميلة, فأمامك كل الفضاء.
مع ودي وتقديري
|
|
|
|
|
|