عبدالهادي الصديق000ذكرى رحيل الجمال00

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 07:58 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-21-2006, 05:29 AM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبدالهادي الصديق000ذكرى رحيل الجمال00 (Re: فتحي الصديق)

    هذه واحدة من دراسات الراحل المقيم د. عبدالهادي الصديق وهي دراسة كنا في امس الحاجة لان تكتمل بالشكل المطلوب و لكن هكذا دائما الموت نقاد جيد يختار الجيادمنا له الرحمة و المغفرة والامنية ان تنشر كل دراساته علي المنبر لانها بمثابة مرجعية لكثير من القضاياالشائكة التي يحتدم ويحلو فيها النقاش...هذه واحدة من دراسات الراحل المقيم د. عبدالهادي الصديق وهي دراسة كنا في امس الحاجة لان تكتمل بالشكل المطلوب و لكن هكذا دائما الموت نقاد جيد يختار الجيادمنا له الرحمة و المغفرة والامنية ان تنشر كل دراساته علي المنبر لانها بمثابة مرجعية لكثير من القضاياالشائكة التي يحتدم ويحلو فيها النقاش...

    للباحثين في قضايا السودان والهوية هكذا نقتل التاريخ بحثا من اجل ان نتفق لا ان نختلف مع عميق الود..


    دراسات سودانية

    السودان تحت أضواء جديدة

    مدخل:


    هذه دعوة للبحث أكثر من كونها بحثا.. ورغم التوغل غير الضار في الوصف الوظيفي لعلماء الآثار و الأجناس إلا أن مقصدنا هو مارمينا إلي إيضاحه من محاولة الكشف بأضواء جديدة عن مجموعة أفكار هي في صميم الجذور التاريخية للهوية السودانية ... وما سأقدمه هنا هو بداية الحلقات ستتصل حول التأصيل التاريخي تعتبر ضربة البداية و نقطة الانطلاق بما تمثله من أساس تحتي تنبني عليه أفكارنا اللاحقة, و لهذا كله فارجوا أن تفتحوا لي عقولكم..لا لتقديم بحث مدرسي ولكن لاستقبال ما سوف ارسمه من مداخل و ما سوف أثيره من قضايا تمثل مواد صالحه لمزيد من التنقيب والدراسة.
    فلنبدأ إذن بالكلمة الأولي و هي السودان إذ أن للكلمة عدا مدلولها اللغوي مترادفات أخريات أكثر خطورة
    و أهم دلالة من المعني اللغوي للكلمة فان تسمية السودان تجرني إلي كونها اسم موصوف و تعني القوم السود , لدينا في قاموسنا اللغوي ما يشابه ذلك في وصف أقوام آخرين كالحمران ( اى القوم الحمر) و القرعان و لعلها من قرع اى قاد الإبل إلي مورد الماء فأصبحت بمثابة النسبة, فالسودان إذن قد جاءت في وصف المنطقة التي يسكنها قوم سود البشرة رغم هذا فان تحفظنا علي هذا المدلول يأتي لإهمالنا للمدلول الحضاري للكلمة, و هذا ما يهمنا في مبحثنا الثقافي هذا فالسودان هو حزام حضاري شامل يمتد من شرق القارة إلي ساحل السنغال, ودليلنا علي ذلك أن دول شمال أفريقيا البيضاء و حتى يومنا هذا تطلق اسم السودان علي بلاد مالي و النيجر, وذلك انه مع ازدهار مملكة مالي بمركزها الثقافي والحضاري وكأول جامعة افريقية انصهرت فيها حضارة المنطقة فان مملكة مالي قد عرفت باسم السودان قبل أن يرسم محمد علي باشا حدوده السياسية.


    فإذا أردنا أن نتناول هنا الثقافة السودانية و في محاولة لتأصيلها فلا بد أن نبدأ بتحديد السبق التاريخي الذي ارسي دعائم هذه الثقافة و عملية تأصيل التأثير والتأثر بين مناطق الحزام السوداني شرقا وغربا و تحديد الدور الذي ساهمت به تيارات التأثير في تكوين الثقافة السودانية. سوف لا أتعرض في هذا الحديث إلي اثر شمال غرب أفريقيا في التكوين الوجداني للثقافة السودانية إذ أنني سوف أتناول هذه المسالة في حديث آخر , ما يهمنا ألان هو الانطلاق من مفهوم السودان بمكانته الحضارية و الثقافية في المنطقة وأول ما سأتناوله هو ما أشرت إليه في البداية حول التسميات أو المترادفات لاسم السودان – وهو كوش و إثيوبيا. لقد كثر الحديث حول اثر مروي في المنطقة كحضارة افريقية متفردة زحفت جنوبا من مسخ ثقافة المتوسط و عادت إلي المكان السوداني في الغابة و الصحراء فحفروا الآبار العظيمة رغم عظمة النيل و عمروا مساكنهم من الأجر المروي و بنوا مدن عمال صناعة الحديد ونقلوا هذه الصناعة إلي قلب القارة الأفريقية و عبدوا اباداماك الإله الأسد بدلا عن آمون حمل دلتا النيل الوديع, ورسموا الأفيال و الربابة علي جدران معابدهم وكتبوا و غنوا بالهيروغليفية المروية بدلا عن الهيروغليفية المصرية و بنوا معابد الشمس في البجراوية نحو اعتقاد فكري جديد,وبذلك تكونت علي مستوي اللغة و الفكر و الفنون أولي معالم الثقافة السودانية.
    ويكفي أن باذل دايفيدسن قد وصف مروي بأنها أعظم ما خلفه العالم القديم من بقايا قصور حضارتها التي ازدهرت منذ إلفي عام.
    إننا لا نود الاندفاع في تأييد اطروحات بعض المورخين من أمثال الشيخ آنتا ديوب في كتابه عن الأمم السوداء و الثقافة حول التداخل القائم بين حضارة كوش و مروي السوداء و الحضارة الفرعونية, كما لا نريد أن نندفع في تأييد اطروحات غلاة الزنوجة من أمثال تشانسلر وليا مز في( كتابه تحطيم الحضارة السوداء)
    (The destruction of black civilization)
    بان اصل الحضارة الإنسانية, إنما هي حضارة سوداء وفي مقدمتها الحضارة المروية, ولكننا نود الوقوف مع البراهين العلمية التي كشف عنها علماء الآثار و ذلك في تقديم طرحنا والذي نحن بصدده فالتساول الأول هو عن كلمتي كوش و إثيوبيا و العلاقة بينهما .. أن من المسلم به تقريبا أن إثيوبيا هي كلمة يونانية أصلا وتعني بلاد السود و هي كانت و وقتئذ تشمل جميع الأراضي الأفريقية الواقعة جنوب أسوان من البحر الأحمر إلي المحيط الأطلسي بما في ذلك ارض المملكة المروية سودان اليوم و جبال المملكة الاكسومية ( إثيوبيا اليوم) و أن ابرز الاستشهادات في هذا الخصوص كانت الترجمة المثيرة للجدل في العهد القديم "يأتي الأقوياء من مصر وتمد إثيوبيا أياديها نحو الله ". و فقا لما ذكره ايمانويل جيس فان هناك تراجم المانية حديثه نقلت مباشرة من العبرية تقول "أن مصر تمثل القوة إما كوش فتمد أيديها نحو جوفا “ Jova.و يدل ذلك علي أن كلمة إثيوبيا كانت تطلق علي كوش أيضا .. كما حدثنا التاريخ بان احد ملوك مملكتي مروي هو ناتاكماني قد بلغ نفوذه ساحل الجبال الإثيوبية شرقا و أن احد ملوك النوبة و يدعي سلكو و الذي سجل انتصاراته باللغة اليونانية في كلابشة قد كتب " أنا سلكو الملك النوباطي الجبار لجميع الإثيوبيين" ويبدو من هذ ا أن إثيوبيا كانت تدل علي جميع أهالي وادي النيل جنوب أسوان و بشكل عام .. و لقد اندرجت الإثيوبية كفكرة أساسية في حركة الجامعة الأفريقية "البان افريكانزم" لكونها المعتقد الفكري الذي سبق المسيحية بالنسبة للسود في جزر الكاريبي و في جزيرة جمايكا بصفة خاصة ومنها نبعت وتطورت فلسفة " ماركوس غارفي" و "ألراس تفاري" و "موسيقي الريغي " وحيث يمتد إيقاع الريغي في جذور إيقاعات الموسيقي الإفريقية عبر تجارب الجاز و البلوز في عودة عميقة إلي الأرض ألام Mother land و التي يسمونها إثيوبيا. .
    يقول كلارك Sebastian Clarke في كتابه جذور موسيقي الريفي أن إثيوبيا التي يتغنون بها و المشار إليها في الإنجيل ليست هي إثيوبيا الحالية التي يحكمها الإمبراطور هيلاسلاسي ولكنها بلاد النوبة التي تسمي كوش أو مروي . لقد ازدهرت الإثيوبية كفكره ثقافية فلسفية ارتبطت بحضارة أفريقيا السوداء في جزر الكاريبي كما تمثلها حركة الرأس تفاري وكانت بذرة هذه الفكرة قد بذرة منذ نهاية القرن الثامن عشر عند تأسيس كنيسة جورج ليلGeorge liel الأرثوذكسية الإثيوبية عام 1974 م أو ما تسمي بالكنيسة الأفريقية ُEthiopian Babiste Church التي استطاعت قيادة معارضة ضد الكنيسة التقليدية التي يسيطر عليها البيض .
    فقد كان ملاك المزارع و الكنيسة التقليدية يرفضون تدريس الكتاب المقدس " الإنجيل" للسود" الإثيوبيين" الأمر الذي أدي إلى تولد شعور لدي الإثيوبيين أو السود بالعودة و الانتماء إلي معتقداتهم الحضارية و ليس لدين مسيحي رسمي فقد أتي الرجل الأسود للأراضي الجديدة بنفسه بينما ترك وراءه ديانته.و لم يحمل معه سوى معتقداته و ذلك بعكس الرجل الأبيض الذي أتي داخل مجموعة عرقية واحده متكاملة .و لقد بدا الإنسان الإفريقي في الأرض الجديدة البحث عن جذوره الحضارية وهويته الثقافية من خلال العودة إلي زمن موغل في القدم وقد مارس معتقداته القديمة بوسائل افريقية، وهي مزيج من الوثنية والمسيحية واليهودية، فإلي جانب الرقص والإيقاع فإن ما تنادى به كلمات الريف إنما تنطوي علي حلم العودة إلي الأرض ألام أفريقيا بصفه عامة وإثيوبيا بصفة خاصة، إنهم يعنون سودننا أليس كذلك ؟ فالسؤال الآن هو: مالذى قاد حركة الرأس تفارى وموسيقى الريغى للغناء لإثيوبيا هيلاسلاسى وليس لحضارة كوش القديمة ؟
    أولاً فإن حركة ألراس تفارى تدعو إلي الاعتقاد في هيلا سلاسي ا لأول أسد يهوذا كاله ملك سيظهر لتخليص الإنسان الأسود وإعادته من المنفى إلي الأرض التي تحكمها ، فإن مفهوم ألراس تفارى له ظلال من الحقيقة في الإنجيل وبالتحديد الإشارة إلي نظرية التبعثر والمنفي والعودة ، وكما جاء في العهد القديم من إشارات للمستضعفين من يهود مصر ونظرية المنفى فى) بابليون( وتحريرهم عن طريق موسي، و في الإنجيل عن طريق المسيح .ولذلك فإن المضطهدين السود في جمايكا قد اتكاؤا علي ألفكره لذا فإنهم يتغنون عن منفاهم في بابليون وانتظار للخلاص علي يد موسي
    الأسود (BLACK MOSSES)
    لقد أشرنا إلي أن الرس تفارى كحركة تقع في إطار فكرة الجامعة الأفريقية ورغم سلبيتهم فقد كانوا مبعديين أكثر من كونهم كنسيين لذلك فقد مزجوا بين حضارة إثيوبيا أو كوش القديمة وبين المسيحية اللبرالية بانتمائهم إلي الكنيسة الإثيوبية الأفريقية.
    الأرثوذكسية وظلوا بذلك منعزلين في انتظار الخلاص بالعودة إلي الأرض ألام فقالوا:
    We shall repatriate black on the shore of Zion where
    We shall be steady and we want no more
    وهم يتحدثون عن العودة إلي مملكة صهيون في أفريقيا، وفي عام 1920م بدأت أفكار ماركوس غارفي في الانتشار وهي تنادى من داخل الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية التي أسسها جورج ليلف بشعار العودة إلي أفريقيا Back to Africa Movement فوصف غارفي بأنه النبي الأسود لأنه بشر بهذه العودة ثم انه و مع تنصيب الإمبراطور هيلاسلاسي عام 1930 م كراس تفاري لإثيوبيا و كأول دولة افريقية سوداء تنال استقلالها و علي رأسها ملك
    الملوك اله يهوذا فقد اندفعت حركة ألراس تفاري في الترويج له كاله ملك من سلالة سليمان ابن داود و بأنه هو
    ذلك المنتظر لأعادتهم إلي ارض إثيوبيا أو أفريقيا ألام (Motherland) خاصة مع تحرك هيلاسلاسي الأول في
    عام 1936 م وظهوره في مسرح الإحداث قد ساهم ظهور هيلاسلاسي في إثارة حلم العهد القديم بان الأرض ألام
    لا تزال في انتظار أطفال بذره إسرائيلChildren of the seed of Israel) و بذلك فقد تركزت فكرة اليهود المسيحية المزدوجة في فكرة ألراس فاري (Judaeo Christianity) ورغم أن هيلاسلاسي قد نفي عن نفسه صفة الألوهية (Divinity) إلا أن حركة ألراس تفاري كانت قد تركزت كفكرة يوتوبية لا أساس لها من الحقيقة التاريخية والموضوعية بل هي مجرد حلم بالهروب من أمر الواقع الاقتصادي المرير الذي عاشه الإنسان الأسود
    في جمايكا , و كان ماركوس غارفي في ذلك الوقت قد احكم إدخال الفكرة في إطار ما يسمي بالجامعة الأفريقية
    " البان افريكانزم" بإنشائها في عام 1940 م حكومة افريقية في المنفي فاندرج اسمه جنبا إلي جنب مع ايمي سيزار و ليون دارماس و فرانز فانون , و الذين ينتمون جميعهم إلي التجربة الأمريكية الكاريبية التي ساهمت في إرساء مفهوم تحرير الإنسان الأسود في العالم . و في عام 1960 م أنشئت في جمايكا كنيسة منفردة بهذا الفكر سميت بالكنيسة
    المنصرة (Church Triumphant of Jah Rastafarians) وعندما أنشئت في عام 1965 م
    جمعية ألراس تفاري للعودة الفعلية إلي أفريقيا كان في مقدمة تعاليمها تدريس تعاليم مملكة سليمان الأفريقية و في هذا الأثناء كانت حركة موسيقي و غناء الريغي قد انتشرت علي نطاق العالم تدعو للحرية و خلاص الإنسان الأسود
    بعودته إلي أرضه ألام.
    إنهم يعنون سوداننا أليس كذلك ؟ فإذا كنا قد توقفنا عند مفهومي كوش و إثيوبيا ثم تعرضنا لحضارة المسيحية النوبية فلنا أن نتسال من أين جاءت الفكرة اليهودية داخل هذه الحضارة المسيحية والتي ترددها أغاني الريغي .
    تعود هذه الفكرة إلي الفترة التي بدأت فيها الحضارة المسيحية تنتقل من مروي و كوش إلي مملكة اكسوم و التي تعرف بإثيوبيا الحالية , ففي عام 300م هجم عيذانا علي مملكة مروي وهي تشهد طورا من انحلال الحضارة المسيحية
    و لم يكن في الحملة الأولي مسيحيا , كما يستنتج من أسماء الآلهة التي نسب إليها هذا الانتصار في مسلته المشهورة
    إما في الحملة الثانية فمن الواضح انه قد اعتنق المسيحية كما تبدو في عبارات الشكر التي يوجهها إلي خالق
    السماوات و الأرض الذي هو اله واحد , ففي هذه الحملة يذكر عيذانا انه اتجه و دمر منازل النوبة السود قبل أن يطارد النوبة الحمر في الشمال .
    و هكذا يبدو أن حضارة إثيوبيا قد انتقلت من ممالك النوبة إلي اكسوم في حوالي عام 330 م خاصة وإننالانجد
    بعد هذه الفترة بان ثمة اهرمات قد شيدت في منطقة مروي .. ومن الطريف في الأمر أن اكسوم قد أخذت المسيحية
    من ممالك النوبة في فترتها الأخيرة و سلكت المذهب الأرثوذكسي, وذلك أن كنيسة علوة وبفضل مساعي الأسقف
    " لونجنيوس" قد أصبحت تابعة و في أيامها الأخيرة للبطريركية القبطية الارثوذكسيه في الإسكندرية .
    وقد كتب الأسقف لونجنيوس رسالة إلي احد ملوك نوبا طيا يعرب له فيها عن شكره ويخبره بأنه ولدي وصوله
    إلي مدينة سوبا قد وجد فئة من المسيحيين و الاكسوميين الذين يعرفون بالخياليين.
    وهناك رأى يقول بان اصل ملوك سوبا من سلالة أسرة اكسومية, و ربما تتصل الأسرتان بالأسرة المالكة في اكسوم , كما انه قد لوحظت بعض العادات و التقاليد المشتركة بين الأسرتين النوبية و الاكسومية , و هذا يعني أن المسيحية فيما بين هجوم (عيذانا) علي مروي في عام 300 م و عام 500 م تقريبا هي فتره تيه شهدت انقساما مسيحيا , الإمبراطورية الرومانية و قد انتقلت ما بين كوش و مروي ( السودان اليوم) و اكسوم ( إثيوبيا اليوم) علي الطريقة الأرثوذكسية .. إما في ما يتعلق بتداخل الديانة اليهودية معها و بنفس التداخل القائم في فكر ألراس تفاري فقد حدثتنا كتب التاريخ أيضا أن أول مسيحي دخل ارض النوبة كان خصيا في حاشية ( الكنداكة ) و هي الملكة ألام في المملكة المروية , و هذه الحادثة مدونة في كتاب ( إعمال الرسل ) و كان ذلك الخصي وزيرا للملكة و قد عاد إلي ارض النوبة و عرش الكنداكة بعد أن تعلم مبادي اليهودية و ذهب إلي المدينة المقدسة لأداء فريضة الحج و عاد منها وقد احتفظ بمنصب عال لدي الكنداكة ملكة مروي, وقد كان مثقفا موثرا حيث كان يقرا سفر اشعياء باللغة اليونانية وتقول مصادر التاريخ أخري بأنه قد تعلم الديانة اليهودية في رحلته إلي مصر حيث كانت جاليات يهودية كبيرة تمارس
    السيطرة الاقتصادية و التجارية في زمن تعرضت فيه المسيحية إلي الانقسام و الضعف علي ضوء الانقسام القائم في الوحدة المسيحية في أراضي الإمبراطورية الرومانية .. أو البيزنطية .
    و هذا يعني أن انتقال المسيحية ما بين مصر و النوبة واكسوم قد جاء في تلك الظروف التي تزاوجت فيها الديانة المسيحية بالديانة اليهودية , إما إذا عدنا إلي ملكات مروي في تلك الفترة والتي توصف الواحدة منهن بالكنداكة والتي شهدت في عهدهن الديانات مثل هذا الازدواج فان ذلك يعيد إلي الأذهان قصة سيدنا سليمان و بلقيس , فقد جاء في الذكر ( اني وجدتها و قومها يسجدون للشمس من دون الله ) علما بأنه لا توجد معابد شمس في تلك المنطقة عدا في مروي كوشية و البجراوية في ارض السودان .
    كما يمثل الصراع بين سليمان و بلقيس , ثم الاتحاد بينهما فيما بعد انتصار فكرة ما يسمي بمملكة سليمان الأفريقية.. التي انحدرت منها سلالة ملك الملوك هيلاسلاسي ملك يهوذا.. خاصة و إننا إذا عدنا من جديد إلي الآية
    ( أن مصر تمثل القوة , إما كوش فتمد أيديها نحو جوفا) فان ذلك يعني و بالضرورة اعتناق الإثيوبيين أو الكوشيين ثم الاكسوميين أو الإثيوبيين للديانة اليهودية و من هنا فقط ظهر الازدواج الذي لا يهم بقدر أهمية ظهور الإثيوبية .. تلك الفكرة التي ترسخت في فكر الإنسان الإفريقي في منفاه في الأرض الجديدة و حلمه بالعودة إلي الأرض ألام مع ظهور اله يهوذا أو موسي الأسود , فتظل الإثيوبية كإشارة للحضارة السوداء في كوش أكثر من كونها إشارة إلي إثيوبيا الحالية أوحتى مملكة اكسوم , باعتبار أن المملكة السوداء الوحيدة التي أحدثت إثرها في ثقافات المنطقة عبر التاريخ هي حضارة كوش , إذ إننا لا نجد ذلك الأثر الفعال فيما تركته حضارة اكسوم المتأخرة و ذلك بالرجوع إلي إلي الاهرمات و ما كشفته الحفريات من ازدهار فكري و ثقافي عظيم لمملكة كوش أو مروي , بما يجعل باذل دايفيدسن يصف حضارة مروي بأنها من أعظم ما خلق العالم القديم من حضارة .
    و علي ضوء ذلك تناقلت إلي الفكرة الرئيسية , و هي كيف انتقلت حضارة كوش أو إثيوبيا إلي الدنيا
    الجديدة ؟ و كيف أدت مفعولها الحضاري السحري ما افرزه التاريخ الحديث إلي درجة قادت إلي حقيقة خطيرة
    قوامها أن فكرة الجامعة الأفريقية أو ألبان افريكانزم قد انطلقت أول ما انطلقت ليس من داخل أفريقيا بل من جزر الكاريبي .... تثبت نظريات جديدة أن الأفارقة قد جاءوا إلى الدنيا الجديدة وبالتحديد في منطقة أمريكا الوسطي والكاريبي قبل مجيء كولومبس في عام 1942م كما أورد ذلك Ivan sertima وذلك في كتابthey came before Columbus وكما ذكر في ذات الكتاب أن كولومبس عندما جاء إلى جزيرة جامايكا كان مصحوباً بعدد كبير من البحارة السود إلا أن المغالطات كانت لا تزال دائرة حول الفترة التاريخية التي آتى فيها هؤلاء الأفارقة إلى جزيرة جامايكا .
    لقد تابعت و بنفسي هذه التساولات في المتحف الإفريقي الكاريبي في ( كينغستون ) و عثرت علي دراسة جديدة ظهرت بعد سنوات من ظهور كتاب (Sertima) و تدل إشارات مبعثرة في بعض المخطوطات أن هولاء الذين جاءوا الجزيرة من أفريقيا لم يكونوا فراعنة .. و لم يكونوا أفارقة بل هم جنس ثالث يرجح أن يكونوا نوبيين .. وهذا ما أثار بعض التساؤل في زمن موغل في القدم خاصة بعد اكتشاف اهرامات المكسيك و غيرها من معالم حضارة وادي النيل في أمريكا الوسطي و من مظاهرها وصف الذرة الشامي في سيرة سيدنا يوسف للآية (11) و الذي يرجع و انه و بالعكس قد انتقل من وادي النيل إلي الأراضي الجديدة و فضلا عن ذلك فانه يوجد في ولاية كارولينا الشمالية معبد يسمي معبد السودان أفادني سادنوه انه يعود إلي معتقدات وادي النيل ومملكة كوش و بالتحديد إلي سيدنا سليمان
    (Solomonic Dynasty) تظل كل تلك المظاهر مبعثرة تثبت إلي درجة كبيرة انتقال هذه المعتقدات إلي الدنيا الجديدة إلي أن حدث اكتشاف احد عشر رأسا من الحجر هي عبارة عن رأس افريقية الملامح وقد أثبتت الاختبارات الأخيرة بواسطة الكربون 14 إنها تعود إلي الفترة حوالي 291ق.م أوائل القرن الميلادي و هي ذات الفترة التي شهدت توسع الإمبراطورية الرومانية و التي مازالت أثارها باقية في منطقة البجراوية , هذا من جهة و من جهة أخري صدرت دراسة في مجلة المتحف الإفريقي الكاريبي العدد الرابع من عام 1980 م بعنوان( الأفارقة جاءوا إلي جمايكا قبل وصول كولومبس)وذكرت هذه الدراسة ما يلي :
    " أن من المرجح أن يكون هؤلاء الأفارقة من البحارة النوبيين و هم مجموعة من البشر كانت تعيش في جنوب مصر (السودان الحالي ) وهم يشكلون جزءا من إمبراطورية عظيمة تدعي كوش و التي ازدهرت في الفترة ما بين عامي 751 ق.م و 654 ق.م . و قد كانوا يمثلون قسما من الحضارة المصرية الكبيرة و في هذه الفترة فان النوبيين كانوا هم الطبقة الحاكمة في مصر و قد كونوا الحياة الثقافية المزدهرة للمنطقة بأسرها في تلك الفترة . ثم تساءلت الدراسة عن الدوافع التي قادت النوبيين إذا صحت هذه الحقيقة للإبحار حتى مشارف الدنيا الجديدة ؟ و في ذلك يسوق المقال ما يلي كإجابة لقد كانت هناك علاقات و اتصالات وثيقة بين هذه المنطقة الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط في الفترة ما بين عامي 5000 ق.م و 2000 ق.م .
    و كانت علاقات مبنية علي أسس من الصداقة و التضامن و ذلك عندما كان النوبيون وجيرانهم الفينيقيون في حالة حرب مع الآشوريين الذين جاءوا إلي سوريا و لبنان من الشرق .
    بما أن الفينيقيين لم تكن لهم قوة عسكرية فعالة بل كانوا يشتعلون بالتجارة و كانوا معروفين كتجار مهرة يجوبون الأفاق بحرا و برا وقد قام النوبيون بالاستعانة بالفينيقيين في ركوب البحر وذلك في البحث المشترك عن معدن الحديد ليستخدمه النوبيون في صناعة آلة الحرب, فان بحثهم عن طريق البحر قد تجاوز المواني الواقعة علي شوا طي البحر الأبيض المتوسط إلي شواطى الأطلنطي في غرب أفريقيا, و قد يكون وصولهم إلي الأراضي الجديدة بمحض الصدفة أو عن طريق القصد ايهما – خاصة و أن الفينيقيين من قبل قد ركبوا البحر ووصلوا إلي مناطق الجزر البريطانية من ناحية الغرب و بالتحديد منطقة كور نوول بحثا عن معدن الصفيح و لذلك فان مواصلة إبحارهم ناحية الغرب إلي الأراضي الجديدة تصبح حقيقة ممكنة.
    و في الجمع بين النظريتين نجد أن علماء الآثار و بالتقريب قد حددوا الفترة حوالي 200 ق.م و باتجاه أوائل القرن الأول الميلادي كفترة تحالف ملوك النوبة مع الفينيقيين ووصولهم إلي الأراضي الجديدة من جهة ومن جهة أخري حددوا الفترة ما بين أوائل القرن الأول الميلادي حتى عام 350 ق.م كفترة اتصال بين ممالك النوبة المسيحية و مملكة اكسوم. و هذه هي الفترة التي يرجح أن تكون فيها المعتقدات الدينية الأفريقية قد بدأت وصولها اليى الدنيا الجديدة.. و قد جاء ذلك بعد انتشار المسيحية و اختلاطها باليهودية في الممالك النوبية ثم انتقال هذه المعتقدات إلي اكسوم أو إثيوبيا الحالية, ومن ثم تطورت فكرة الإثيوبية إلي فكرة الأفريقية السوداء بالإشارة إلي المنطقة الحضارية بأسرها.
    و مع الاضمحلال المتزايد منذ القرن السادس الميلادي في مروي حتى قيام مملكة سنار تلك الفترة التي نطلق عليها فترة التيه, فان حضارة إثيوبيا قد هاجرت من كوش إلي "إثيوبيا الحقيقية تاريخيا و حضاريا " إلي إثيوبيا اليوم التي استحوذت علي الاسم الحضاري للمنطقة الأفريقية و التي صارت منها كلمة الإثيوبية (Ethiopisme) و تعني الأفريقية بالنسبة لمعتقدات الكنيسة الإثيوبية الأرثوذكسية, التي انطلقت منها فكرة الجامعة الأفريقية نحو التحرر و الوحدة و تلك الشعارات التي نبعت منها تتغني علي إيقاع موسيقي وكلمات أغاني الريغي.. إذن.. فإنهم يعنون سودننا " كوش " القديمة و ليس إثيوبيا الحديثة.. أليس كذلك ؟؟؟

    دراسة نشرت بمجلة الخرطوم العدد 18
    بقلم الراحل المقيم عبد الهادي الصديق





                  

العنوان الكاتب Date
عبدالهادي الصديق000ذكرى رحيل الجمال00 فتحي الصديق06-20-06, 03:28 PM
  Re: عبدالهادي الصديق000ذكرى رحيل الجمال00 فتحي الصديق06-20-06, 03:30 PM
  Re: عبدالهادي الصديق000ذكرى رحيل الجمال00 noha_g06-20-06, 03:40 PM
    Re: عبدالهادي الصديق000ذكرى رحيل الجمال00 أبوتقى06-21-06, 01:05 AM
      Re: عبدالهادي الصديق000ذكرى رحيل الجمال00 فتحي الصديق06-21-06, 04:56 AM
      Re: عبدالهادي الصديق000ذكرى رحيل الجمال00 فتحي الصديق06-21-06, 05:13 AM
    Re: عبدالهادي الصديق000ذكرى رحيل الجمال00 فتحي الصديق06-21-06, 05:06 AM
      Re: عبدالهادي الصديق000ذكرى رحيل الجمال00 فتحي الصديق06-21-06, 05:29 AM
        Re: عبدالهادي الصديق000ذكرى رحيل الجمال00 فتحي الصديق06-21-06, 05:34 AM
          Re: عبدالهادي الصديق000ذكرى رحيل الجمال00 فتحي الصديق06-22-06, 00:37 AM
            Re: عبدالهادي الصديق000ذكرى رحيل الجمال00 فتحي الصديق06-22-06, 06:24 AM
  Re: عبدالهادي الصديق000ذكرى رحيل الجمال00 noha_g06-22-06, 01:27 PM
    Re: عبدالهادي الصديق000ذكرى رحيل الجمال00 فتحي الصديق06-25-06, 03:12 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de