|
.. و أضربوهن ضربا غير مبرح ..
|
قلت ذات بوست بأن أحد الظرفاء قال أن المدفون في ذلك الميدان ليس ( أبوجنزير ) بل سيدنا أيوب و الذي هو جد أهل السودان قاطبة. فورثنا منه هذا الصبر الممتد مجاورا أوردتنا و شراييننا و يمسك بتلابيبنا رضينا أم أبينا. هذا الصبر الذي أحسبه يرقد في أحشاء النيل مكونا جزيئاته و يغذي جذور كل نباتتنا التي نقتات منها .. و يتسرب إلى دماءنا .. عندما تهامستْ الملائكة بأن أيوب عليه السلام هو خير مَن في الأرض و أنه أعظم المؤمنين إيمانا و شكرا .. سمع الشيطان ذلك فساءه ما سمع .. (هناك ما يجعل بعض الناس من حولنا يفرحون لإقتتالنا و فرقتنا .. و يسوء البعض أن السلام تلوح تباشيره و ترفرف أعلامه ؟ ) .. فقال الشيطان حينها لله تعالى : ( يا رب إن أيوب يعبدك لغرض في نفسه .. فهو يعبدك لما منحته من مال و أولاد و صحة .. فإن إنتهتْ هذه النعم ، توقفْ عن عبادتك و نكص عن إيمانه بك ...) . فأباح الله لإبليس و عشيرته مال أيوب فأتوا على ماله و زرعه و ضرعه فأفنوها عن بكرة أبيها .. و تحول أيوب بين عشية و ضحاها إلى فقير لا يجد قوت يومه .. قال أيوب : عارية الله إستردها .. أمانته و أخذها .. ثم خر ساجدا يشكر الله .. ( و ضربت السودان سنوات القحط و الجفاف فصار أبناؤه يتسولون الدنيا و يطرقون أركان العالم المعروفة و المجهولة بعد سنوات رخاء و نعمة لم تدم طويلا ، ضربته حتى النخاع و جعلته بعد أن كان صاحب اليد العليا يرتاد موائد اللئام و الكرام معا .. وظلت الأمة صابرة صبرا يعجز حتى الصبر عن تحمله ,, و وقفت هذه الأمة تتحايل على الفقر و الحاجة بأساليب أثبتتْ بأن مقولة ( الحاجة أم الإختراع ) هي مقولة سودانية كيفا و تطبيقا .. تحايلنا على الجوع .. و على العطش .. و التشرد .. و الإغتراب .. و طوَّعْنا الظروف لتتماشى مع إمكاناتنا بأساليب تجعل إبليس نفسه يقف واضعا يد الدهشة على خد إستغرابه .. فقال إبليس المندهش لله سبحانه و تعالي : إن أيوب يعبدك لأنه يملك البنين فيتفاخر بهم لأنهم زينته في الدنيا ..( كما يفتخر السودان بهذا الشعب الهمام ) .. فأباح الله لإبليس أبناء أيوب .. فجعلوا سقف البيت ينهار عليهم فماتوا كلهم .. فقال أيوب محتسبا : لله ما أعطى و ما أخذ .. ( و مات أبناء السودان إرضاءا لشهوات الحكام و إرضاءا لعنجهية الإستعلاء .. ) فعاد إبليس و قال لله تعالى : إنه يتباهى بعافيته و قوته .. فأباح له الله جسد أيوب .. فمرض النبي مرضا جلديا فراح لحمه يتساقط و يتقيح و تفوح منه رائحة منتنة حتى هجره أهله و لم تبق معه إلا زوجته .. ( و إستباحت جحافل الناموس السودان فتغذتْ على الدم السوداني و أدمنته و جعلت هذا الشعب الشامخ فريسة للحمى و فريسة لإختبارات الدواء حتى إنتفختْ ليالينا بتأوهات المحمومين وسط نظرات الأمهات الحيرى لا حول لها و لا قوة غير السهر بجانب المرضى... و صارت الملاريا فردا من أفراد الأسرة تتنقل من جسد لآخر... و فشلت كلاوينا عن أداء عملها حتى إنطلق أبناء و بنات السودان يبحثون عن الكلاوي في الهند بدلا عن بحث العلم في الصين .. و دخل هذا العضو في سوق السودان الأسود.. و تسلل السرطان إلى أثداء النساء و أرحامهن .. ينتظرن الموت في صبر و جلَد .. يتشبثن بالدعاء و نذور أولياء الصالحين ..) نعود لسيدنا أيوب ... فقد طلب إبليس إجتماعا طارئا مع كبار المَرَدَة من الشياطين و الجن .. فقال شيطان عجوز محنك بخبث و دهاء و هو يغمز غمزا ذو مغزى : كيف أخرجنا آدم من الجنة ؟ فعرفوا أنه يقصد حواء سبيلا لتسريب مفعول الوسوسة .. فهرعوا إلى زوجة أيوب .. و همسوا في أذنها بالوسواس الخناس .. و دلقوا علي صدرها فيح سمومهم .. فجاءت الزوجة إلى زوجها أيوب و قالت له : حتى متى يعذبك الله ؟ لماذا لا تدعوه لكى يُذْهِب عنك هذه المصائب ؟ فقال لها أيوب الصابر بكل روية و حزم : كم مكثنا في الرخاء و النعم و الخير ؟ قالت : ثمانون عاما ... قال : و كم مكثنا في هذا البلاء ؟ قالت : سبع سنوات ... قال : أنا أستحي أن أطلب من الله رفع البلاء و لم أقض فيه مدة الرخاء و النعمة و الخير ..و الله لأضربنك إن شفيتُ مائة ضربة بالعصا لأن إيمانك بالله قد بدأ يصيبه الضعف و الوهن.. و أقْسم النبي الصابر بأن لا يأكل من يديها بعد ذاك اليوم.. فذهبت مغاضبة و بقى وحيدا يقاوم وسوسة إبليس له بأن يعصى ربه لأنه نسيه و عذبه و إبتلاه .. و لكنه ظل صامدا صابرا ..
( هذا الشعب يؤمن بأن الله يدخر له الخير .. لأنه قد ذاق الخير لسنوات ثم ذاق المر ثم عاد للخير .. و هكذا دواليك .. لذا فهو يثق بأن الله يمتحنه و يبتليه إلى حين .. نعم إلى حين .. )
ثم رجعت زوجة أيوب بطعام .. فقال لها : من أين لك المال ؟ ثم إكتشف لاحقا أنها قد قصًتْ شعرها و باعته و أتت بثمنه طعاما .. ( لله درنا .. كم من رجل باع متاعه ليغترب ؟ كم من رجل باع عقاره ليهرب من أمر محتوم ؟ كم رجل ترك كل ما يملك فرارا من واقع مرير ؟ ) ثم دعا أيوب ربه أن يشفيه .. فأستجاب الله له .. و أمره أن يستحم في عين من عيون الجبل و أن يشرب من ماءها .. فشفى بأمر ربه .. و وهبه الله مرة أخرى المال و البنين .. و أمره أن يحزم مائة عود من الريحان و يضرب زوجته ضربة واحدة حتى لا يحنث في قسمه الذي أقسمه ..
هل تُقْسِمون بضرب زوجاتكم مائة ضربة بأغصان الرياحين ( ضربا غير مبرح ) إن رفع الله عنكم هذه المحن و هذه الإبتلاءات ؟ عندها .. ستجدون أن أغصان الرياحين قد إرتفع سعرها و دخلتْ السوق الأسود .. و حينئذ إما ضربتوهن بالعصي الغليظة ضربا مبرحا .. أو حنثتم في قَسمكم و نلتم غضب الرب .. و أحلاهما علقم .... عجبي ...
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
.. و أضربوهن ضربا غير مبرح .. | ابو جهينة | 02-21-05, 05:23 AM |
Re: .. و أضربوهن ضربا غير مبرح .. | Mohamed A. Salih | 02-21-05, 08:41 AM |
Re: .. و أضربوهن ضربا غير مبرح .. | waleedi399 | 02-21-05, 11:46 AM |
Re: .. و أضربوهن ضربا غير مبرح .. | خالد الأيوبي | 02-21-05, 03:17 PM |
Re: .. و أضربوهن ضربا غير مبرح .. | ابو جهينة | 02-22-05, 00:27 AM |
Re: .. و أضربوهن ضربا غير مبرح .. | ترهاقا | 02-22-05, 00:43 AM |
Re: .. و أضربوهن ضربا غير مبرح .. | عمر الفاروق شيخ الدين | 02-22-05, 00:42 AM |
Re: .. و أضربوهن ضربا غير مبرح .. | ابو جهينة | 02-22-05, 01:01 AM |
Re: .. و أضربوهن ضربا غير مبرح .. | ابو جهينة | 02-22-05, 01:29 AM |
Re: .. و أضربوهن ضربا غير مبرح .. | ابو جهينة | 02-22-05, 02:01 AM |
Re: .. و أضربوهن ضربا غير مبرح .. | عزاز شامي | 02-22-05, 03:06 AM |
Re: .. و أضربوهن ضربا غير مبرح .. | lana mahdi | 02-22-05, 02:04 AM |
Re: .. و أضربوهن ضربا غير مبرح .. | قرشـــو | 02-22-05, 03:00 AM |
Re: .. و أضربوهن ضربا غير مبرح .. | ابو جهينة | 02-22-05, 03:23 AM |
Re: .. و أضربوهن ضربا غير مبرح .. | ابو جهينة | 02-22-05, 03:35 AM |
Re: .. و أضربوهن ضربا غير مبرح .. | ودقاسم | 02-22-05, 03:45 AM |
Re: .. و أضربوهن ضربا غير مبرح .. | ابو جهينة | 02-22-05, 05:16 AM |
Re: .. و أضربوهن ضربا غير مبرح .. | عوض الله الفولانى | 02-22-05, 05:35 AM |
سيدنا أيوب بين حديث النفس، وحديث الروح | Yasir Elsharif | 02-22-05, 05:55 AM |
Re: سيدنا أيوب بين حديث النفس، وحديث الروح | ابو جهينة | 02-22-05, 11:35 PM |
Re: سيدنا أيوب بين حديث النفس، وحديث الروح | ابو جهينة | 02-23-05, 01:49 AM |
Re: سيدنا أيوب بين حديث النفس، وحديث الروح | ابو جهينة | 02-23-05, 02:51 AM |
Re: سيدنا أيوب بين حديث النفس، وحديث الروح | ابو جهينة | 02-23-05, 04:55 AM |
Re: سيدنا أيوب بين حديث النفس، وحديث الروح | عشة بت فاطنة | 02-23-05, 09:06 AM |
Re: سيدنا أيوب بين حديث النفس، وحديث الروح | ابو جهينة | 02-23-05, 12:30 PM |
Re: سيدنا أيوب بين حديث النفس، وحديث الروح | ابو جهينة | 02-26-05, 02:04 AM |
Re: سيدنا أيوب بين حديث النفس، وحديث الروح | Ashrinkale | 03-07-05, 11:19 AM |
Re: سيدنا أيوب بين حديث النفس، وحديث الروح | Ashrinkale | 03-07-05, 11:20 AM |
Re: سيدنا أيوب بين حديث النفس، وحديث الروح | Ashrinkale | 03-07-05, 11:18 AM |
Re: سيدنا أيوب بين حديث النفس، وحديث الروح | ابو جهينة | 03-07-05, 11:33 AM |
|
|
|