انقذوا اطفال بربر !!

Quote: الظاهرة تنحصر في «12» قرية تمتد في مساحة «20» كيلو فقط شمال وجنوب مدينة بربر وتُعد مؤشراً لوجود خلل ما في تركيبة تلك القرى!! الرأي العام 8-1-05 تقرير: التاج عثمان ظاهرة مرضية غريبة وغير مسبوقة اجتاحت «12» قرية من قرى محلية بربر!!.. عمى وفقدان سمع جماعي ينتشر وسط أطفال تلك القرى، بجانب الارتفاع غير العادي في حالات الإعاقة الجسدية بين أطفال تلك المنطقة التي لا تتجاوز مساحتها «20» كيلومتراً شمال و جنوب مدينة بربر .. التقرير التالي يكشف التفاصيل المزعجة والتي تشير الى وجود خلل ما في تركيبة تلك القرى!! اكتشاف الظاهرة يعود الفضل في اكتشاف الظاهرة المرضية الي منظمة «فوكس انترناشونال» الألمانية حيث طلبت في عام 2003م احصائية للأطفال الذين يعانون من مشاكل في البصر والسمع بغرض علاجهم والعناية الصحية بهم، وعلى الفور قام إتحاد المكفوفين بمحلية بربر، ولاية نهر النيل، بالتنسيق مع مكتب الرعاية الاجتماعية بوزارة الشؤون الاجتماعية بمدينة «بربر» بحصر الأطفال المطلوبين حيث شمل الحصر «12» قرية، تنتشر في مساحة أقل من «20» كيلومتر فقط وتمثل ثلث القرى جنوب مدينة بربر وكانت حصيلة الأرقام مزعجة وخطيرة، وغير متوقعة!! مع العلم أن الحالات المرصودة والمسجلة للأطفال هي الحالات التي يمكن علاجها، أما التي يتعذر علاجها فقد تم استبعادها من الكشف، وهناك حالات كثيرة لم يتم حصرها ولم تعرض على منظمة «فوكس» الألمانية والتي يبدو أنها تفاجأت هي الأخرى بالأرقام الكبيرة، فانسحبت في هدوء، ولم تقدم شيئاً لهؤلاء الأطفال. أرقام مزعجة! الأرقام والإحصاءات التي أمامي مزعجة. وغريبة ومثيرة للدهشة، والاستغراب!! فالكشف يحتوي على أرقام كبيرة وخطيرة معا.. «536» طفلاً مصابون بالعمى وأمراض العيون الأخرى، أعمارهم تتراوح بين عام و«15» عاماً، وهذا الرقم يشمل فقط الحالات المسجلة بمكتب الشؤون الاجتماعية ببربر، دون الحالات غير المسجلة والتي يمكن أن تصل نسبتها الى «50%» من الرقم المسجل السابق!! أما حالات الصم والبكم وسط أطفال تلك القرى فوصل الى «353» حالة، وهناك حالات ضعف في السمع والنطق بين صغار الأطفال في السنوات الأولى!!. بجانب ارتفاع حالات الإعاقة الجسدية بين الأطفال في المنطقة المذكورة حيث وصلت الى «148» حالة، وهناك حالات غير مسجلة قد تصل الى «50%» من هذا الرقم المسجل!! القرى المنكوبة القرى المنكوبة التي تنتشر فيها هذه الظاهرة المرضية هي قرى: المكابلاب، والسلمة، ودار مالي، وأبوحراز، ومبيريكة، والعبيدية، والقبيراب، وأبوكبيدة، والتكامل، والعمارة، والباوقة شمال، والحراثة، ومدينة بربر نفسها، وقرى أخرى كثيرة.. وجميعها تنتشر على امتداد النيل وتحيط بها الصحراء من الشرق والغرب، سكانها خليط من القبائل، ومعروف أن منطقة بربر تسكنها أصلاً قبيلة العبابدة.. وكانت في السابق غنية بالمحاصيل خاصة الفاصوليا، والفول إلا أنها انهارت، وغالبية سكانها يعانون اليوم من فقر مدقع، وسوء تغذية، إذ أن غذائهم الرئىسي الآن هو الفول المصري!! ويبلغ عدد سكان محلية بربر حوالي «150» ألف نسمة ينتشرون في المنطقة الواقعة بين «كنور» حتى «مبيريكة» شرق وغرب النيل. الأسباب المحتملة * المهندس عثمان حسن موسى من رابطة أبناء مدينة بربر الخيرية بولاية الخرطوم، سألته عن الأسباب المحتملة لتفشي هذه الظاهرة المرضية بتلك القرى فقال: - لم نعرف السبب حتي الآن، فالاحتمالات كثيرة، مثلاً سوء التغذية، واحتمال لزواج الأقارب، أو لانعدام الرعاية الصحية بتلك القرى، خاصة جانب الرعاية بالحوامل، والتطعيم.. ففي السابق كانت توجد بتلك القرى شفخانات، إلا أنها انهارت والموجود منها الآن يشكل وجود شكلي فقط، ولا تقدم شيئاً، وأهل القرى يتعالجون بمستشفى «بربر» و«كدباس». * سألته: بصفتك من تلك المنطقة هل لاحظت وجود أي نشاط تعديني حول تلك القرى؟ - أجاب: هناك مناطق تذخر بالمعادن تقع غرب النيل، بينما القرى التي تنتشر فيها هذه الظاهرة تقع شرق النيل، والمعادن المكتشفة تشمل الأسمنت والكوبالت، والمايكا، ومجموعة أخرى من المعادن لم يبدأ فيها نشاط تعديني بعد. أين الجهات الصحية؟! * بعد اكتشافكم لحالات العمى والصم والبكم والشلل وسط الأطفال، هل أبلغتم الجهات الصحية الرسمية بولاية نهر النيل بها؟ - حقيقة لم يعد لدينا أمل في الجهات الرسمية، إذ أننا خاطبناها بجميع مستوياتها، دون أية نتيجة، فمكتب الشؤون الاجتماعية بمحلية بربر لديه جميع المعلومات والأرقام حول هذه الظاهرة، لكنه لم ولن يفعل شيئاً، لأنه بلا إمكانات!!. * ألم تتصلوا بوزارة الصحة بولاية نهر النيل؟ - اتصلنا بها وواجهنا المسؤولين بها إلا أن دورها كان ضعيفاً لشح إمكاناتها، بد ليل أن رابطة أبناء بربر والمغتربين من أبناء المنطقة هم الذين قاموا بتأهيل مستشفى بربر. * ألم تثيروا هذه القضية الصحية في أروقة وزارة الصحة الاتحادية؟ - في أبريل 2004م قابل وفد من رابطة أبناء بربر بالخرطوم وزير الصحة الاتحادي، وكان الهدف من اللقاء دعم مستشفى بربر، وأثناء اللقاء عرضنا على سيادة الوزير الظاهرة المرضية الغريبة المتفشية بالقرى شمال وجنوب مدينة بربر، مدعمة بالأرقام، فتفاجأ الوزير بها، وكتب لنا خطاباً لإدارة الرعاية الصحية بوزارة الصحة الاتحادية لدراسة الظاهرة، واوصلت بنفسي خطاب الوزير لمدير الرعاية الصحية، والذي وعدني بمتابعة القضية، مشيراً إلى أن الدراسة تحتاج لإمكانات، ووعد الاتصال بي لاحقاً، إلا أنه لم يتصل بي حتى هذه اللحظة!!. أىضاً عرضت الاحصاءات والأرقام التي توضح حجم الأطفال المصابين بالعمى وفقدان السمع والمعاقين حركياً الى مكتب وزيرة الرعاية والتنمية الاجتماعية، بعدها قابلتها مع وفد من رابطة أبناء بربر بالخرطوم وطرحنا عليه القضية، وقدمنا لها اقتراحاً بتشييد مدينة المعوقين ببربر ووعدت بالمساهمة بمبلغ «10» ملايين جنيه لشراء منزل للمكفوفين ببربر، ولا يزال المكفوفون يسعون للحصول على هذا الدعم دون طائل! أما ظاهرة العمى الجماعي الذي يتعرض له أطفال قرى بربر فلم تعلق عليه سعادة الوزيرة بشيء!!. باختصار طرقنا كل أبواب المسؤولين وفشلنا حتى في حث الجهات الصحية المختصة للقيام بدراسة الظاهرة، ناهيك عن علاجها.. ووضع حد لإنتشارها المستمر!.. والشكر للشيخ «عبدالله البدري» بمدينة بربر الذي أحيا في نفوسنا الأمل والرغبة للعمل على إنقاذ أطفال تلك القرى، فتحركنا مرة أخرى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتشييد مراكز لتأهيل المعاقين، علماً أنه لا يوجد مركز واحد لتأهيل المعاقين، ولا مدرسة للأطفال المكفوفين، أو للصم والبكم في كل المنطقة الواقعة بين الخرطوم وحلفا، فهؤلاء الأطفال فاتهم قطار التعليم لظروفهم المرضية، ولذلك شرعنا في التخطيط لتشييد «مدينة العملاق» للمعاقين، بفئاتهم الثلاثة بمدينة بربر، ولقد وعدتنا شركة «حمدي الاستشارية» بتصميم مقر المدينة، والمساهمة في عمليات الإنشاء.. ونناشد أبناء بربر داخل وخارج الوطن المساهمة في هذا المشروع، وفي المقابل ننبه أن وضع أطفال قرى بربر الذين يتهددهم العمى وفقدان السمع يتطلب إرسال فريق طبي الى تلك القرى لكشف أسباب ذلك العمى والصم الجماعي الذي يفتك بالأطفال هناك!