قصتى مع مرض السرطان حماكم الله
قررت اليوم وطوع إرادتى أن أحدثكم عن تجربة مريرة عشتها بنفسى قبل أكثر من سبعة سنوات ، وهى إصابتى بمرض السرطان اللعين ، وكانت البداية ظهور حبة صغيرة (مثل حبة الذرة) فى أعلى الظهر وفى المنتصف تماما بين الكتفين ، ولم تكن تسبب لى ألما ، بل ولم ألحظها إلا بعد فترة طويلة من ظهورها ، والشىء الذى لفت نظرى أنها بدأت تكبر رويدا رويدا حتى صارت أقل قليلا من حجم (النبقة) أو (البلية) للشباب الذى حضر عهد لعب البلى ، وعندها أصبت بشىء من القلق والإزعاج ، فقمت بمراجعة الطبيب ، والذى طمأننى للغاية وقال إنها إفرازات طبيعية لمواد يرفضها الجسم ، ونحن نسميها بالبلدى (حبن) ، يكبر قليلا ثم ينفجر لوحده وتخرج الإفرازات ويندمل الجرح طبيعيا ولا تحتاج فى العادة إلى تدخل جراحى ، قام الطبيب وقتها بإزالة الحبة ببنج موضعى إذ أنها لم تكن تحتاج لعملية جراحية بتخدير كامل ، بل أزالها فى الوقت الذى كان يدردش الطبيب معى ، وخرجت من عنده سعيدا ومسرورا ، وبدون أن يسبب لى أى آلام أو إزعاج يذكر ، وإندمل الجرح سريعا فى غضون يومين أو ثلاثة ، ونسيت الحكاية ..... لم تمض شهور قليلة حتى عادت الحبة مرة أخرى وفى نفس مكان الحبة القديم ، وهنا حدث لى إزعاج حقيقى ، يا ترى ما هذا الشىء؟؟؟ وكان أول من نبهنى لذلك هى زوجتى المخلصة والمحبة لى ، إذ أنى كما ذكرت لم أكن أشعر بأى ألم يذكر من جراء بروز هذه الحبة ، أو حتى عند لمسها بالأصبع أو ضغطها ، ولكن زوجتى أصرت أن أراجع الطبيب مرة أخرى ، وإنصعت لنصحها ... ذهبت إلى نفس المستشفى ، مستشفى بخش فى جدة ، ولكنى هذه المرة قابلت أخصائيا فى الجراحة طبيب مصرى إنسان بحق وحقيقة وإسمه الدكتور شلبى ، ما زال يعمل فى نفس المستشفى ، فقام بمعاينة الحبة وراجع التاريخ المرضى لها فى الملف الطبى ، وقرر لى إجراء عملية جراحية عاجلة وببنج كامل ، أى تحت تخدير كامل ، وأذكر أنه قرر العملية فى اليوم التالى لزيارته ، فدخلت المستشفى فى مساء ذلك اليوم ليقوم الطبيب بإجراء العملية فى صبيحة اليوم التالى ، وصومونى فى المساء إستعدادا للعملية فى الصباح الباكر دخلت غرفة العمليات عند الثامنة صباحا ، وكانت المفاجأة أننى لم اخرج من غرفة العمليات إلا بعد ظهر ذلك اليوم ، ويا لهول ما رأيت لما افقت من اثر التخدير ، وجدت جرحا هائلا ، يقارب العشرين بوصة ، وكمية من الأنابيب بعضها فى فمى وبعضها فى ظهرى وهى متصلة بما يشبه الجركانة الصغيرة لتصب فيها إفرازات الجرح ، وقد وضعت بجانبى اليسار ، ووجدت حقنا فى الوريد وأدوية تجرى منها لتصب مباشرة فى دمى ، ووجدتنى فى حالة إعياء وفتور لا يعلم مداه سوى الله رب العالمين ، وبقيت على هذه الحالة إسبوعا كاملا طريح الفراش فى المستشفى ، دون أن ادرى سبب كل هذه الأشياء ، ثم إنقضى الأسبوع وخرجت إلى المنزل ، وقد اعطونى موعدا آخر لمراجعة الطبيب جئت فى الموعد المحدد لمقابلة دكتور شلبى فى عيادته ، وكانت المفاجأة ، قال لى الدكتور بعد أن حمد الله على سلامتى أننى مصاب بمرض السرطان ، فجن جنونى ودارت الغرفة بى وصغرت الدنيا فى نظرى ، وكان الدكتور شلبى إنسانا مؤمنا بالله ورسوله وقد عرف عنه كثرة تدينه ، فهو لا يجرى أى عملية إلا بعد أن يصلى ركعتين لله رب العالمين يسأله فيها أن تنجح عمليته ، فطمأننى الرجل بإيمانياته العالية تلك ، وشرح لى أن سبب طول زمن العملية أنهم قد أخذوا أول ما بدأوا عينة من الحبة ، وأرسلوها للمعمل فى مستشفى آخر وإنتظروا النتيجة ، كل ذلك وأنا تحت التخدير لا أشعر أو أحس أو أعى شيئا، وعندما تأكدت لهم نتيجة المعمل قاموا بإزالة الحبة وإزالة الكثير من الأنسجة والعضلات التى حولها ، لذلك كان الجرح كبيرا وما أزالوه من ظهرى أكبر ، ثم قام بعد الشرح الضافى للعملية بتحويلى إلى الطبيب المختص بعلاج الأمراض السرطانية ، وكان إسمه الدكتور شاهين ، طبيب سعودى مؤهل فى تخصصه فى نفس المستشفى ، فإطلع الأخصائى على ملفى وقرر لى أن أخضع للعلاج الكيمائى والذرى .... وقد كان ... ستة جلسات بالعلاج الكيمائى ، ويا لهول ما رأيت ، لم ارى دواء أكثر قساوة وشدة وإيلاما من هذا الكيمائى ، أسأل الله أن لا يريه لحبيب أو صديق أو أى إنسان نبيل أو طفل أو إمرأة ، فهذا دواء مر وقبيح يدخل فى الوريد مباشرة ويظل يدخل نقطة ونقطة ، ومع كل نقطة تحس بالمرارة والأسى والألم ، ولو شاهدتنى عزيزى القارى بعد إنتهاء الجرعة لبكيت على حالى من هول ما تشاهد ، أولا يهد الدواء الحيل ، ويجعلك مثلك مثل أى دلقان ، والأسوأ من ذلك يجعلك تستفرغ كل ما فى معدتك ، بل تظل تحاول الإستفراغ حتى والمعدة فارغة ، وهذا وحده مدعاة لألم لا مثيل له ، ويقطع الشهية تماما عن الأكل ، ويجعلك إنسان متبلد بدون إحساس ، تشم روائح كريهة وهى غير موجودة اصلا ، وترى الوجود مظلما ، وتكون فى حال عجيب وغريب بالكاد يوصف ، صدقونى لا أستطيع وصف الإحساس الذى يستمر معك طوال الأسبوع ، وقبل أن يحاول جسدك الرجوع إلى طبيعته ، يحل موعد الجرعة التالية ليستمر مسلسل الألم والإستفراغ والدلقنة العجيبة ، ومن آثاره العجيبة ولقوة تأثير هذا الدواء يقوم بإسقاط أى شعرة من جسمك ، فتصبح أصلعا وشاحبا يشفق عليك كل من رآك ، ولذلك كنت منطويا فى المنزل طوال فترة العلاج ، لا أستطيع الخروج إلى الشارع أو النظر فى وجوه الناس ، ولا أحتمل أن ارى سخريتهم من الصلعة أو من الشحوب الظاهر فى كل الجسد كان كل همى فى ذلك الوقت هو أن لا يعلم الوالدين بما اصابنى حتى لا ينهاروا ، فقد كان والدى ووالدتى أحياء يرزقون فى ذلك الزمان ، وقد توفاهم الله لاحقا ، عليهم صلوات الله ورحمته ، وقد نجحت فعلا فى هذا الأمر ، فلم يعلم والدىّ بأننى قد اصبت بمرض السرطان إلى حين وفاتهم ، أى أنهم ذهبوا من الدنيا دون أن يكون لديهم اية خلفية أن إبنهم قد اصيب بمرض السرطان ، فتكتمت على الأمر بشكل فظيع ، حتى أن اقرب أشقائى وشقيقاتى لم يكونوا على دراية بهذا الأمر إلا بعد إنقضاء فترة طويلة أكملت العلاج الكيمائى ، وتم تحويلى إلى مستشفى فقيه لأخصائى الذرة ، وقمت بعمل ثلاثين جلسة تعرضت فيها للإشعاع الذرى الموضعى فى مكان العملية ، وقد كان سبب تحويلى لمستشفى أخر هو عدم وجود الأجهزة الكافية فى مجال العلاج الإشعاعى فى مستشفى بخش ، وقد كان كل العلاج الباهظ التكلفة بالمجان إذ أنه تم على حساب التأمين الطبى على الشركة التى كنت أعمل بها ، ورغم فصلى من العمل بسبب المرض ، إلا أنهم جزاهم الله خيرا لم يقطعوا عنى العلاج التأمينى وإستمر التأمين معى طوال فترة العلاج ، وقد كنت عاطلا عن العمل تماما لمدة ثمانية أشهر بالتمام والكمال ، إلتقيت يوما احد الزملاء القدامى فى السوق وكان فلسطينى الجنسية تصحبه عائلته للتسوق ، فلما رآنى بهت الرجل ونظر إلى نظرات عجيبة ممتلئة بالفجع والخوف ، ومن شدة دهشته قال لى (إنت حى يا هشام) قلت (حى أرزق) ها أنذا أمامك ، قال لى لقد اخبرونى بالمرض الذى اصابك ونقلوا لى أنك قد توفاك الله وقد ترحمت عليك كثيرا ، فقلت له نسأل الله الرحمة للأحياء والأموات فكلنا فى حاجة إلى رحمة الله هكذا كان يعتبرنى الناس فى عداد الأموات ، هم يقولون شيئا ولكن الله يأبى إلا أن يقول شيئا آخر. أكملت العلاج الكيمائى والذرى وراجعت الطبيب ثانية بعد العلاج ، فقام بإجراء فحص شامل آخر ، وكانت نتيجته أننى قد شفيت من مرض السرطان تماما وأن جسمى خالى من أى جراثيم سرطانية ، فحمدت الله على ذلك كثيرا ، وعدت إنسانا جديدا كأننى أولد من جديد ، ونبت شعر رأسى وعادت لى الصحة والعافية ، فهى نعمة لم أجد فى الدنيا أفضل منها ، وإنقضت السنين أقوم بين الفينه والأخرى بالكشف وإجراء الفحوص الطبية والتى كانت تثبت فى كل مرة أن المرض قد زال عنى تماما والحمد لله رب العالمين فأنا مولود جديد ولد قبل سبعة سنوات فقط متمنيا لكم فى الختام دوام الصحة والعافية وأن لايريكم أنتم ومن تحبون مثل الذى رايت والسلام ختام

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]