كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
هل فقد د0 حسن مكي موضوعيته؟
|
هذا مقال نشرته بجريدة سودانايل الالكترونية،وها انا اعيد نشره للاخوة البورداب الاعزاء0 مع خالص الود
دكتور حسن مكي أحد الإسلاميين القلائل الذين يتمتعون بالموضوعية حين يتعلق الأمر بالتجربة الإسلامية ممثلة في الإنقاذ أو في مجمل ما خاضته الحركة من تجارب عمليه على ارض الواقع منذ استيلائها على السلطة، وهذا ما جعله أحد الذين يحوزون ثقة القارئ السوداني في ما يكتب كما تجد مقالاته الانتباه الذي تستحقه0
ولكن ما لفت نظري قبل أيام قلائل هو مقال الدكتور ونقده المشبوب بالعاطفة على كتاب الدكتور منصور خالد "الجنوب في المخيلة العربية" ويبدو أن الدكتور في هذا المقال وانطلاقا من الخصومة التقليدية بين صاحب الكتاب والحركة الإسلامية، آثر العمل بالمثل العامي "أنا وابن عمي على الغريب" والغريب هنا بالطبع دكتور منصور خالد بكل ما يمثله من ثقل الخصم العنيد في منظور اسلاموي السودان، ومن هنا جاء نقده متواضعاً مليئاً بالتناقض على غير عادة الكاتب الكبير0 فدكتور حسن مكي الذي آثر الانسحاب باكراً من التنظيم بع د تورطه في انقلاب يونيو 89وببعد نظر يحسده عليه الكثير من زملاء الحركة والذي كرس جل وقته بعد ذلك لكشف عيوب التجربة وما صاحبها من مزالق أجهضتها وأوشكت أن تلقي بالحركة نفسها وبإرثها إلى مقابر التاريخ، نجده في هذا المقال يأتي شيئاً عجبا !!0 فهو بادية يغفل التعليق عمداً عن مدى صحة ما جاء في بداية الكتاب وحتى أجزاء عديدة منه وهو الرد على أصدقاء الحركة من الكتاب الإسلاميين أمثال هويدي وبقرادوني ، وسطحية تناولهم للمشكل السوداني والحماس المبالغ فيه من جانبهم إذا نظام الإنقاذ، والرد الموضوعي لدكتور منصور خالد فيما يخص هذا الجانب0 أما حين تعلق الأمر بنقد نظام الإنقاذ، فنجد أن الدكتور تحول فجأة إلى مدافع متحمس للنظام وسبغ عليه ما ليس فيه بشهادته هو نفسه من قبل، إذا ما الجد في الإنقاذ وهو القائل ذات يوم وبالفم الملآن وعبر لقاءين في صحيفة السياسية الكويتية، يجب على الإنقاذ أن ترحل وتعتذر إلى الشعب السوداني إن كان ينفع الاعتذار!!!0 هذا فضلا عن إسهابه في شرح أبعاد الأثر السلبي الذي عاد على الشق الدعوي للحركة نتيجة الانقلاب والممارسة العائبة على أرض الواقع0 إذا ما هي تلك الإنجازات للنظام الذي وصل الأمر بالدكتور حد مطالبته بالرحيل والتي أبخسها الدكتور منصور خالد حتى يدافع هو عنها؟
ومن فرط حماسة الدكتور نجده يشير إلى إحدى منجزات الإنقاذ "على حد تعبيره" إلا وهي الثورة التعليمية والتي كان لها الأثر الكبير في إنشاء اكثر من ثلاثين جامعة!!0 يحتار المرء حقاً إن كان هذا الكلام قد صدر من دكتور في قامة حسن مكي ، فإذا كان أشد المتحمسين لثورة التعليم العالي وغلاتهم تراجعوا بعد ذلك حين بدأ ظاهراً للعيان خطل الاندفاع في الكسب السياسي على حساب معطيات الواقع والذي لا يسمح بهذا الكم الهائل من الجامعات والتي لا يتوفر لها الحد الأدنى من الإمكانات لكي تقوم بدورها على أكمل وجه والذي أدي إلى انهيار التعليم بشهادة عدد من مدراء الجامعات المحسوبين على النظام أمثال الدكتور مأمون حميدة مما كان سبباً لانتاج أجيال هم أقرب للفاقد التربوي منه إلى أجيال ينتظر منها الوطن الكثير، ولقد رأيت بعيني طلبة وطالبات كلية الطب بجامعة وادي النيل بعطبرة يأتون إلى غرفة "العم جورج" لكي يدرسهم مبادئ اللغة الإنجليزية ومعاني بعض المصطلحات الطبية علها تفيدهم في فهم المحاضرات التي استغلقت عليهم نتيجة جهلهم باللغة وعجلة المحاضر من أمره ليلحق بمحاضرة أخرى في جامعة أخرى في أقليم آخر!!0 وطالما أن الموضوع قد أخذ شكل الحماسة للتنظيم فلا بأس أن يصيب ملهم الحركة القليل من الوفاء والولاء من أحد تلامذته، فكان ذلك الرد الحماسي من الدكتور مسترجعاً سيرة الشيخ الترابي المجاهدة وتضحيته في سبيل الحركة والسودان معدداً من استشهد في عائلته فداء للوطن رغم أن الدكتور منصور خالد كان واضحاً في معرض نقده للشيخ متعللاً بحادثة معينة وهي سفر أحد أبنائه للداسة ببريطانيا في حين صدر قرار بمنع سفر الطلبة للدراسة بالخارج، وفي ذات السياق استشهد منصور برد الشيخ نفسه والذي برر ذلك بأن أحد أقرباء ابنه هو الذي تطوع بسفر ه ودراسته على نفقته!!0 كان من الطبيعي والمنطقي أن يأتي رد الدكتور حسن مكي في ذات السياق نافياً صحة الحادثة أن كان يملك دليلاً مادياً يدحض كلام منصور خالد، ولكن الحماسة أخذته بعيداً عن الموضوع مفضلاً على ذلك أن يتحفنا بمآثر الشيخ وآله على السودان ناسياً أو متناسياً بأن الشيخ هو نفسه الذي نفى بشكل قاطع مشروعية الجهاد في حرب أهلية بين أبناء وطن واحد تشعلها مظالم سياسية واجتماعية، وذلك بعد أن أصبح خارج دائرة السلطة!!0 لست مع أو ضد الدكتور منصور خالد، ولكن مع الموضوعية حتى وان تغلفت بغرض صاحبها وما يرمي إلى ما ورائها، وكان وما يزال منصور خالد أحد أذكياء اللعبة السياسية، فهو من جهة قادر أن يملك أجيالنا التي لم تشهد عن قرب ما يدور خلف كواليس اللعبة السياسية وضبابيتها في السودان قدر من مصداقية المعلومة والتي يحرص أن يجند لها ما تحتاجه من وثائق ودلائل تعين كل مراقب على استبيان الحقيقة في ظل تلاطم أمواج الاتهامات والضرب تحت الحزام الذي هو سمة الممارسة السياسية في السودان، وكما ذكر دكتور عبد الله علي إبراهيم في إحدى مقالاته ، أن منصور خالد يعرف كيف يخرج مثل الشعرة من العجينة مع مقدرة فائقة في تعرية خصومه!!! أو ليس هو نفس الأسلوب الذي أدار به الشيخ الترابي صراعه السياسي مع تسليمنا باختلاف الغرض والأدوات؟ ففي حين استعمل منصور خالد أدواته ومقدراته تلك في محاولاته المستميتة لإزالة ما لحق بثوبه السياسي من بقع الشمولية ، نجد أن الشيخ جند كل ذكاؤه لشق الخصوم والفتك بهم واللعب على تناقضاتهم حتى تخلى له الساحة ذات يوم 00 وقد كان 000ولكن ما لم يعمل الشيخ حسابه هو أن في كل زمان ومكان يوجد "بروتس" ما أو بروتسات 00لا يهم!!0
عبد الخالق السر - ملبورن
|
|
|
|
|
|
|
|
|