لماذا يسير المجتمع السوداني نحو الهاوية؟0 محاولة لتحليل ظاهرة الفساد وأثرها

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 11:58 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبد الخالق السر(atbarawi)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-21-2003, 11:43 AM

atbarawi
<aatbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لماذا يسير المجتمع السوداني نحو الهاوية؟0 محاولة لتحليل ظاهرة الفساد وأثرها

    تداعيات الفساد الإداري والمالي
    سقوط إمبراطورية القيم والأخلاق السودانية00 مقابل سطوع زمن الفهلوة



    داس الفساد بكلكله وأناخ على مجمل القيم السودانية وأفسح لنفسه موقعاً مريحاً في نسيجه مشكلاً تحدياً جدياً يهدد ما كان يعرف بالهوية السودانية المستمدة من مجموع القيم الفاضلة والسلوك الاجتماعي المتميز والمتراكم عبر التاريخ والقرون 0 وبما أن الفساد "خشم بيوت" كما يقولون فما ما نحن بصدده هنا هو الفساد المالي والإداري وهو الذي دوما لصيق بدولاب الدولة ومن هنا يستمد خطورته لأنه يظل مرضا مزمنا ينخر في عافيتها ويصعب علاجه متى ما استوطن لأنه يتماهى مع السلوك اليومي للإنسان ويصبح جزءاً لا يتجزأ من ثقافة المجتمع، وبالتالي يعمل بصورة عكسية ومضادة لكل خطط النهوض بالمجتمع وعافيته ورفاهيته وهو أشبه بسرطان الدم "اللوكيميا" الذي لا تنفع معه متى ما استوطن كل محاولات العلاج0

    وتتزامن ظهور أعراض الفساد متى ما ألمت بالدولة الأزمات الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي، وهذا ما يفسر بوضوح استيطان الفساد في دول العالم الثالث، كما أنه صديق مزمن لكافة الأنظمة الشمولية التي لا تشكل الشفافية جزء من مفردات قاموسها، وهذا يعطي بدوره دلالة بأن الفساد ليس حكراً على الدول الفقيرة فقط، بل هو طال الأغنياء واقعد مسيرتهم ، واستنزف مقدراتهم كما هو واضح في دول البترول الغنية0

    وبما أن قدر السودان أن يكون مستودع للأمراض المزمنة في عالم اليوم، كان لابد أن يصيبه فيروس الفساد، بصورة جعلته واحداً من أكثر دول العالم فساداً ماليا واداريا حسب التصنيف الرسمي للأمم المتحدة0 وبالطبع الأمر ليس وليد الصدفة ولا من باب المؤامرات التي ما فتأت الأنظمة في السودان تعلق عليها شماعة فشلها وإخفاقها المستدامين0 فالحالة المزرية التي وصل لها الاقتصاد السوداني، عصفت بكثير من القيم والثوابت الأخلاقية التي كانت محل اعتزاز وفخر الإنسان السوداني بل هي تعدت ذلك وباتت ملمحاً أساسياً من ملامح شخصيته عند الآخر الاجنبي0 وهذا وضع يقود إليه تقاعس الأنظمة الحاكمة في القيام بأدوارها المنوطة بها في التنمية والاستقرار0 هذا التدهور السياسي قاد بدوره إلى حرب أهلية استنزفت معها الأخضر واليابس وكانت سببا مباشراً لتفاقم الإشكال الاقتصادي وتحويله إلى حالة الكارثة، التي شكل ثقل وطأتها عاملاً حاسما في تشتيت القيم والثواتب الأخلاقية للمجتمع0

    وتكمن خطورة الفساد المالي والإداري دونا عن الأشكال الأخرى من الفساد في مقدرته على التماهي مع قيم المجتمع بصورة سريعة لأنه يكتسب مشروعية اجتماعية خطيرة تتيح لصاحبه التحلل من الحرج الاجتماعي بصورة محيرة، وهذا ما يفسر سر قوته التدميرية للمجتمعات وسرعته في إنهاكها مهما كانت مقدرتها0

    أما كيف أصبح الوطن مرتعا للفساد المالي والإداري ، فاعتقد أن ذلك كان مع بداية عثرات مايو الاقتصادية، فقبلها لم يكن الوطن يخلو من الفساد وتحديدا على مستوى الوزراء وأقطاب الأحزاب السياسية في الفترات الديمقراطية السابقة لتجربة مايو، ولكن على مستوى القاعدة لم يطفح أو يؤثر على انضباط الخدمة المدنية في شيء، ولكن الكارثة ألمت كما ذكرت إبان تعثر اقتصاد مايو ودخوله في أزمات متتالية لا فكاك منها، ودخل الوطن عصر كرت التموين، ووقتها اكتشف الموظف السوداني المأزوم كيف يمكن أن تتحول الخدمة المدنية إلى منجم ذهب، وبات من تداعيات الأزمة أن يتحول موظف مسئول عن سلعة ما كالبنزين أو السكر في ظرف هنيهة إلى نجما اجتماعيا يخطب الناس وده !! 0 كان ذلك أول مؤشر لتداعي القيم، ومؤذنا لتمكن الفساد في العقل الجماعي وتسويقه على أنه ليس سوى فهلوة لا تصل لحد الجريمة أو العيب الاجتماعي الذي يهوي بصاحبه إلى مستوى التحقير أو أن يطال فاعله سلطان العيب الاجتماعي كما كان متعارف عليه0
    ولكن رغم ذلك بات الفساد محدوداً على مستوى القاعدة الاجتماعية العريضة والطبقة الوسطى أو موظفي الخدمة المدنية إن صح التعبير لأن القيم الدينية الاجتماعية كانت إلى حد ما عاصم من الانزلاق لكثير ممن كان بيدهم مفاتيح الثراء نتاج الأزمة الخانقة، وان كان هذا لم يمنع البعض من الثراء فعلا والصعود بسرعة الصاروخ إلى مستويات معيشية عالية، وتشهد على ذلك تلك الأحياء السكنية الفاخرة التي نشأت في تلك الفترة والتي ارتبطت بأسماء كبار موظفي الدولة حينها0

    تنامت الظاهرة بمجيء الديمقراطية الثالثة بعد أن استفحلت الأزمة الاقتصادية وتحولت إلى كارثة عصفت بالطبقة الوسطى بعد أن حاصرتها مصائب عدة تمثلت في تضخم سلب الجنية السوداني قيمته وجعله لا يقوى أمام المتطلبات اليومية للمواطن ، وتصاعد الأسعار من جهة وندرتها من جهة أخرى0 شكل ذلك الحال وضع مثالي لتجذير الفساد على مستوى القاعدة الاجتماعية وتدشين مشروعيته0 ولكن رغم ذلك كانت بداياته خجولة ولا تحس له ارتياحاً وسط القاعدة الصامتة التي كانت لا تزال تشيع المنغمس فيه بنظرات السخرية وهمهمات الاذدراء0

    أتت بعد ذلك تجربة "الإنقاذ" بشعاراتها الأخلاقية التطهيرية الصاخبة والتي لم تصمد أكثر من ليالي أمام واقع تكشف فيه للناس باكراً أن الفساد أتى هذه المرة مدججا بقوة السلطة ، ومستصحباً روح القانون وتشريعاته، والتي لأول مرة تقف مشايعة لكل أنواع الفساد الإداري والعمل على تشريعه كثقافة اجتماعية من خلال اللجان الشعبية وقوانين الإحلال والإبدال "الصالح العام" والتحايل على ضوابط الخدمة المدينة الوظيفية في بدعة ما يسمى بعقود التوظيف للقيادة الطليعية في المؤسسات الحكومية وما يترتب على هذه العقود من مزايا تفوق حد الدهشة، إضافة للوظائف الهلامية التي تم خلقها عنوة مثل منسقي الولايات أو غيرها من المسميات الغريبة على الخدمة المدنية، والتي كان الغرض منها هو إيجاد موقع للاتباع من غنيمة المال العام، إضافة إلى التدهور الاقتصادي المستمر والذي أوقع البلاد والعباد في دائرة من الفقر غير مسبوقة، تبعته سياسات اقتصادية غير رحيمة بالإنسان العادي في ظل ظروفه المأساوية أودت بالبقية الباقية في أي عشم محتمل للانفراج 0 كل ذلك افرز واقعاً اجتماعياً متردياً تمثل في تفكك اسري لا مثيل له، وفاقد تربوي تشهد عليه الشوارع، ونزوع للهجرة الداخلية فاقمت من أوضاعه الحرب الأهلية وانعدام الخدمات بالمدن والريف وتمثل في أحزمة الفقر اللانهائية الامتداد حول الخرطوم، فضلاً عن حمى التسابق للهجرة خارج الوطن بحثاً عن الأمن والأمان وإنقاذ ما يمكن انقاذه0
    هذه البانوراما "الإنقاذية" كان لا بد أن يكون وقعها أشد إيلاما على الخدمة المدنية والغالبية العظمى من سواد الناس الذين كانوا أصلاً في حالة تهالك ولا ينتظرون سوى الضربة القاضية التي أتت بأسرع مما توقع أكثرهم تشاؤما، وبذلك كانت إيذانا بتدشين عصر الفساد الاجتماعي ومشروعية انهيار زمن القيم حيث لم تعد الرشوة عيباً، لأنه تقابلها إجابة صريحة لا لبس فيها "يعني نسوي شنو، نموت من الجوع"، أو تلك العبارة ذات الدلالات المريرة، " يازول انت ما نصيح، ما هية شنو؟ في ماهية بتأكل ليها زول الزمن ده!!!!" والكثير المثير من الإجابات القاطعة التي لا لبس في أنها شكلت واقعاً اجتماعياً مغايراً بات ينزع لواقعية مريرة أخطر ما فيها أن كل شخص أصبح قادراً على أن يجد لنفسه مخرجاً لأي مأزق نفسي أو روحي يصادفه0 وبذلك مالت كفة الصراع الأزلي بين قيم الخير والشر لصالح الشر داخل الإنسان السوداني لأول مرة في تاريخه الحديث0 ولا شك أن المتتبع لما يحدث يكتشف كل يوم كلاحة الصورة ، لأن ثقافة الفساد باتت هي المسيطرة، بل أنها هي الشرعية الوحيدة لضمان استمرار الاتفاق الضمني بين المجتمع والنظام0 ولا غرابة اليوم أن يكون هناك جيش من الوسطاء تجدهم في كل مرفق حكومي يقوم عملهم في التنسيق بينك وبين الموظف المسئول لقضاء مهامك مقابل مبلغ معلوم!!0أما على مستوى الوزراء وحكام الولايات واللجان والمنظمات فلا جدوى من التوضيح والشرح، فالمقام لا يحتمل، وتشهد عليه تقارير المراجع العام السنوية والبنوك التي أقفلت، وفضائح الاختلاسات التي أزكمت الانوف0

    من نافلة القول أن نذكر أن الفساد لا يجد تربة صالحة تعجل بثماره أفضل من بيروقراطية تؤسس لتشريعات تجعل من قضاء المهام اليومية للمواطن في أروقة جهاز الدولة هم وعنت تهدر معه الكرامة ويستنفد فيه الوقت، ولا يجد المواطن المسكين بد سوى اللجوء للواسطة أو الرشوة باعتبار أنهم اقصر الطرق لكسب الوقت والزمن وحتمية الإنجاز وموظف معدم يتقاضى مرتب لا يسد الرمق0

    خلاصة القول أن أي محاولة جادة للخروج من مأزق الفساد ومحاربته بضراوة لا تكون إلا من خلال تشريعات جديدة للخدمة المدنية تبنى على سلاسة أدائها وتجنيبها التعقيدات المرهقة والتي تشكل العامل الأول في تكوين التربة الصالحة لتجذيره ، مع العمل على إعادة هيكلة الخدمة المدنية بما يتفق وظروف الحياة على أرض الواقع وتحدياته المعيشية، هذا إن كنا جادين حقيقة في إنقاذ ما تبقى من صورة مشرقة للشخصية السودانية0

    عبد الخالق السر / ملبورن
                  

العنوان الكاتب Date
لماذا يسير المجتمع السوداني نحو الهاوية؟0 محاولة لتحليل ظاهرة الفساد وأثرها atbarawi03-21-03, 11:43 AM
  Re: لماذا يسير المجتمع السوداني نحو الهاوية؟0 محاولة لتحليل ظاهرة الفساد وأ فتحي البحيري03-21-03, 02:21 PM
  Re: لماذا يسير المجتمع السوداني نحو الهاوية؟0 محاولة لتحليل ظاهرة الفساد وأ Munir03-21-03, 07:02 PM
  قث moody03-21-03, 08:10 PM
  Re: لماذا يسير المجتمع السوداني نحو الهاوية؟0 محاولة لتحليل ظاهرة الفساد وأ atbarawi03-22-03, 06:53 AM
  Re: لماذا يسير المجتمع السوداني نحو الهاوية؟0 محاولة لتحليل ظاهرة الفساد وأ Deng03-22-03, 05:16 PM
  Re: لماذا يسير المجتمع السوداني نحو الهاوية؟0 محاولة لتحليل ظاهرة الفساد وأ atbarawi03-24-03, 11:52 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de