لا وطن في الحنين../رواية(في أجزاء//أحمد ضحية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-20-2024, 10:18 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-21-2006, 08:58 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا وطن في الحنين../رواية(في أجزاء//أحمد ضحية (Re: Sabri Elshareef)

    تقول لها سارّة :

    - جاني عريس.

    - مبروك ..

    - وأنت ؟..

    - مالي أنا ؟!..

    - يجب أن تتزوجي ..

    - الا ترين كيف هو الحال في أسرتي , سأغترب ..
    سنوات غربتها تمضى بخطى وئيدة , كتسحب الشمس شيئا فشيئا , قبل أن تغيب . وطفل سارة الذى أرسلت لها صورته - فى السنة الأولى لولادته - يكبر . يصير صبيا , وسيما . تطل شقاوة أمه من عينيه . تبتسم سلمى عند هذا الخاطر , وتدخل آخر الصّور -التى أرسلتها لها سارّة قبل شهر , للصّبي أليف الملامح , صّبوح الوجه - فى اطار مذّهب حذاء التسريحة ..
    فى غربتها المترّفه تنفتح حياتها على بوح قديم , ظنّت أنها خلّفته وراءها .. بوح يطل برأسه من رّحم الماضي , بين آونة وأخرى .. يخزّ رغباتها الغامضة (التى ليست لديها فكرة واضحة عنها , فقط محض رغبة فى التلظى والتشظى ).. تخرج منها, الى صلوات سرّية طويلة , تختمها بتلك الأنشودة التى تحبها , دون أن يخترق صّوت سارّة عالمها الطقوسى ويشرّخه ...
    تتفجر كوامن شجنها لوجه غامض , تعرفه ولا تعرفه . يجيء بملامحه المبهمة , من خلف ضبّاب المغيب , لحظة ما قبل الفجر الغامضة ...
    يصبح كيانها كله مشدودا كوتر كمان , عميق الجرّح والآهة , أسيان كنّدى فجر شاحب .. يخرج ابن سارّة من الصّورة , يعزف حتى تكّل يداه من العزف المنفرد , فيتوقف عن العزف , وتخرج سارّة , من سطور الخطاب .. تشد الوتر ( وجدان سلمى ) وتعزف نغما مألوفا , عن الشجن والترقب , فتهتف فيها بكل التحفز العميق :

    - ( انه هو ) !..

    فتتوقف عن العزف .. تستند الى ساق النّخل , كالمنهارة . تدخل فيه .. تتلاشى !!.. وعبثا يطول انتظارها لخروج سارّة .. (التي كانت قد أحتضنت ابنها , وغابت فى سطور الخطاب ...

    تعيد سلمى الصّورة الى التسريحة , تلوكها الهواجس والظنون , فتحترّق بنيران الاسئلة , الى ان يأخذها النّوم , وتمضي بها الأحلام الى عالم مضيء .. تتلّفت حولها لترى مصدر الضؤ , وعبثا تبحث .. فاضاته من اللا مكان : لا شرق . لا غرب , لا شمال أو جنوب ..تتسلق حائطا أخضر . يبدو لها ناعما . وتسبح بعده فى نهر الخمر . تتشرب مسامها بالخدّر . وتتسع رؤاها ورؤيتها . , فتدرك الضّفة الاخرى منهكة .. وهى بين الصّحو والنّوم , تحط على كتفها يمامة , وتقترب غزالة , لتجلس اليها فى حنو . تحكي لها عن الذى وجدته ملقى على شاطىء البحر , وحيدا , ينضّح بالعذاب . فسقته من ثديها..

    - كان ينضّح بالعذاب ! ..

    تؤكد , فتقول اليمامة :

    - العذاب غسول الصالحين ..

    وتحلّق , تحلّق .. لتجد سلمى نفسها بين منزلتين ...

    لطالما حلمت فى تلك النهارات البعيدة , بوجهه غجري الملامح . يأخذها من قلب حلقة ( الذّكر ) , ويمضى بها فى مسارات غائظة بالتوجس , مشحونّه بالمغامرة , بين احتمال موت جدير بحياتيهما , وحياة لا تدركها تلك الهواجس والظنّون , التى عانتها فى أسى والتياع , بانتظاره المضن !!!...
    كطاقة بعث - كانت حياتها - تخرج من قلب دهاليز التاريخ وازقته وحواريه , فى مدنه المدفونه . وعندما ألتقت (علي) تصورته في البداية هو .. لكنها ما أن توغلّت في عالمه وأكتشفت علاقاته المعقّدة بأم التيمان وست البنات العشمانة وثريا وكل الحكّايا التي عرفتها عنه (ولم تلمّح له ابدا بأنها عرفتها ) .. أصيبت بانقباض خفّي.

    لطالما حاولت التخلّص من علاقتها غير المسماة به, وكثيرا ما كانت تعزّي نفسها بمحاولة ايجاد المزيد من الاجابات لرفضها له . فتقول " على كل حال علي يصغرني كثيرا " .. ظلّت تقاوّم سطوته عليها, حتى اختفى من حياتها تماما, بعد أداءه الخدمة الوطنية ..
    طاقة تتفجر هكذا , كبركان . تجتاح حممه كل شىء . لتدفعها دفعا لارتياد عوالم لا تدركها . فقط تحسها . وتكاد تتلمسها . بانأملها التى ترى ما لا يرى !!!.. ..
    حاولت أن تغلق قلبها دونه , لكنه ينفتح على شبح وجهه , غامض الملامح . وجهه المحزون , بخزلان حوارييه , وخيانة حسن الصديق القريب(مع ثريا) .
    وجهه المندفع من عالم سرمدي , بعيد , بعيد . لا تدركه الأبصار . .. فتهتز سلمى كنخلة , فى مهب الرّيح , يحاصرها "التساب" .فى غمرة الادراك لوجودها غير المدرك .. وتمضي فى رحاب عالم تصّله ولا تصّله . واذ تصّلّه لا تجده . وهو فيها . وهى فيه . يتماهيان . فلا يصبحان واحدا . بل صفرا . مركزا للواحد . . وواحدا على هامش الصفر .. ( تتوحد ) فيه , ليتلاشيا , معا . ولا يعود لهما وجود : ( صفر ) .. وخز شفيف وشقّي , يجبرها على طرد هذا الخاطر , وخز يتكون كدمل . يتحفز للانفتاح على نافذة مترّبة . بتعاقب الفصول . ..
    لثمة خفية تنزعها من مكانها , تتلّفت حولها , وتستكين . خدّر , بلسم يهديء صّبوتها .. عذّابها الجرّح .. فتترقب وجهه أكثر , وجهه الغامض يلوّح من "شفق" المغيب , فجأة , كما صعد فجأة , تاركا صالبيه : حيارى , وهم مروعين مما شبه لهم , فى ذلك الفجر الذى ينذر بالمخاوف - .. يمضي بها , يقلق أحلامها , ويعزف على الكمان , أغنية الانتظار - للتى طال انتظارها.. الجرّح العذّاب - لمخّلصها من عذّابات الوصول (العذّاب .. العذّاب , غسول الصّالحين ..) .. تضج بأنين الشجن , وتأوهاته , ألم الغربه , القاحلة وأحتراقاتها .. هذا الموت الذي يدّنو منها , ليقودها الى ( الفناء ) , مبددا تصّوراتها ..
    ذاك الوّجه الغامض , الذى يتبدى عن أوتار الكمان , وتلافيف الشجن عصي البّوح .. يقلق وحدتها .. تتشظى به , فيمضي أكثر لوعه وألتياع , ويمضي ولا يجيء .. يغيب فى سرمديته ...
    وتحت وطء الانتظار تغوص , فى أرخبيل شائك . يدفعها الشوق . تعبره ملأى بالجرّوح المتقيحة , تتمدد تحت نبات( اليقطين ) .. تتشكّل معهما ( هوّية واحدة ) : - محض نّور .. فيطّل وجه المدينة الريفية, وجلابي ود عربي خارجة لتوها من قلب التاريخ .. تطّل الوجوه التي عرفتها ولم تعرفها أبدا , يطّل وجه أم التيمان ذلك اليوم, وقد قررت أن تغادر جلابي ود عربي الى الأبد .. دون أن تفصح عن السبب "كرهت هذا المكان" .. يطل وجه (علي – آري – سورنق – دالي) وذلك الشعور بالذنب في عينيه, كلما جاءت سيرة أم التيمان(أو لنقي , أو سابا سليلة الجنيات ) بينهما عرضا ..
    اطل وجه الميرم , كانت منتصبة . تتقدم تجاه سلمى ببطء , تعبر اليها من مكان بلا ملامح , حيث تقف فى الغياب .. تبدل وجه العرافة , حل محله وجه ابن سارّة شابا فتيا , متلفعا ببردة الكتّان , الناصعة ذاتها .. تقدم منها فاتحا ذراعيه .. لحظتها كانت احلامها ( هى سارة) قد غلب عليها الغموض و الألق ..
    كان قد أقترب منها .. أستحالا الى لا شيء . تبددا فى الضؤ , الذي يغمر أسقف البيوت الواطئة , الشجر , أوكار الطّيور , جحور القوارض , حظائر الحيوانات الأليفة , ووجوه المارّة .. عابري السبيل ...
    تتلاشى ذكرياتها القديمة , لتتشكّل اللاذكريات . يتلاشى الحنين الى الحنين . ذكريات الطفولة , شارع البيت , اشجار الحوش الكبير , قهوة منتصف النهار , الطرّيق الى محطة المواصلات وعاصمة بلادها الملبدة بالحذّر .. حنينها لأسرتها , لعالمها ذاك .. النّاس والأشياء .. يتلاشى كل شيء .. يتشكّل فقط وجه الحبيب , فى بردته الكتّان , الناصعه . يقترب شيئا فشيئا الى سطح عالم الحنين المنهار .. ليحل مركزا لوجودها وكيانها وحسّها .. يلعبان اللعبة ذاتها : يكر فتفر . تفر فيكر .. ويدهمها ليلا ليخطف منامها , ويقطف ورّدة جرّحها , ليغذي الحنين من بوح تلك اللحظات الغامضة , التى ربما عاشاها أو لم يعيشاها معا أو عاشتها سلمى لوحدها !.. فقط تشعر سلمى بسارة , تتقمصها , وابنها يحتضنها حتى تئن ضلوع سلمى . ويغلبها التمزّق والارهاق , فتغرّق فى النّوم ...
    أحلامهما ( هى وسارّة ) غلّب عليها الغموض والتوجع , المستمد من أعماق غربتهما , ركاميهما , البلى الذي حاصرهما , وكل التخثر الذي حاولتا تمزيق أغشيته , للافلات من تبدد الزّمن والمكان , والشروع فى الحلّم ...
    تكلم معها (علي) كثيرا عن سارة
                  

العنوان الكاتب Date
لا وطن في الحنين../رواية(في أجزاء//أحمد ضحية Sabri Elshareef03-21-06, 08:55 AM
  Re: لا وطن في الحنين../رواية(في أجزاء//أحمد ضحية Sabri Elshareef03-21-06, 08:56 AM
  Re: لا وطن في الحنين../رواية(في أجزاء//أحمد ضحية Sabri Elshareef03-21-06, 08:57 AM
  Re: لا وطن في الحنين../رواية(في أجزاء//أحمد ضحية Sabri Elshareef03-21-06, 08:58 AM
  Re: لا وطن في الحنين../رواية(في أجزاء//أحمد ضحية Sabri Elshareef03-21-06, 08:59 AM
  Re: لا وطن في الحنين../رواية(في أجزاء//أحمد ضحية Sabri Elshareef03-21-06, 09:01 AM
  Re: لا وطن في الحنين../رواية(في أجزاء//أحمد ضحية Sabri Elshareef03-21-06, 09:04 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de