لا وطن في الحنين../رواية(في أجزاء//أحمد ضحية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-20-2024, 11:59 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-21-2006, 08:55 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لا وطن في الحنين../رواية(في أجزاء//أحمد ضحية

    لا وطن في الحنين..



    رواية(في أجزاء)

    الجزء الأول : المخطوطة السرية ...

    أحمد ضحية

    إهداء:

    إلى كل الذين أحبهم أحمد



    (القسم الأول : حواشي المخطوطة السرية)



    إذا كان تاريخ شعوب البلاد الكبيرة هو تاريخ جلابي ود عربي..

    فان تاريخ جلابي ود عربي: آلاف السنين ..



    مدخل :

    اقتربت العربة النقل الكبيرة مني بسرعة أكثر فأكثر .. كأنني أسمعها تصرخ وهي تهاجمني :"سأدهسك .. سأدهسك يا علي .. سأدهسك .." . كانت سرعتها تجاهي مدهشة , وأنا مسمّر على الأرض من فرط الخوف , لا أقوى على رفع قدمي , لأركض وأنجو بنفسي , كانت أطرافي قد تثلجت , وقلبي قد توقف عن النبض , والعربة تقترب أكثر فأكثر .. وفي اللحظة التي صدمتني فيها , وأصبحت تحت عجلاتها , صحوت من نومي مفزوعا ..

    تلفت حولي في الغرفة المظلمة . نهضت . أضأت النور . مضيت الى المطبخ . فتحت الثلاجة وأخرجت زجاجة مياه معدنية . بللت حلقي الجاف , وأخذت أجول ببصري بين علب البيرة " هانكن" و" وستيلا" والزبيبة والبراندي (خمور مصرية رديئة الصنع) , في الصالة , التي لا تزال بقايا دخان السجاير عالقة في أرجائها كأنها دخنت للتو ..

    يا لهذا الكابوس المرعب الغريب . أكاد أجن , فهذه الأحلام التي تلاحقني كلما نمت ,تجعلني لا أقوى على التمييز بينها, وبين الواقع الفعلي الذي أعيشه . ما عدت أعرف هل أنا هو أنا حقا أم أنا صدى لذكرى بعيدة , ربما تتمثل في مملكة ساورا البائدة , أو مملكة الجوار أو الحلفاء أو مملكة الجبل والوادي , أو جلابي ود عربي هذه البلدة التي عشت فيها عددا من اللحظات , التي تبدو لي الآن لا متناهية .. هل أنا صدى لذكرى تتمثل في هذه الأماكن السحيقة أو القريبة فحسب أم لي وجود فعلي , هو هذا الوجود الراهن الذي صحى من الحلم مفزوعا وأضاء النور وفتح الثلاجة وجال ببصره في أنحاء الشقة و..

    بالأمس حلمت بأنني في ساورا البائدة , أتنقل كروح هائمة بين مشاعر وأحاسيس شعب الوادي لمئات السنوات .. قطعت معهم كل هذه المسيرة الطويلة , حتى لحظة المبارزة بين ملكتهم "اياباسي" : الأخت القوية كيرا وسولونق الفتى الشجاع من عامة الشعب(والذي قاد ثورة استرداد دالي لملكه كما تزعم المخطوطة السرية) .. كان قلبي يخفق بشدة كلما تلقى سولونق بسيفه ضربة من ضربات سيف الكيرا ..

    قبلها كنت قد حلمت أنني في جلابي ود عربي, تلك البلدة التي رأيتها آخر مرة قبل أكثر من عقد من الزمان , أجوب حواريها وزقاقاتها , متسللا حكاياها وأخبارها , وعندما صحوت وجدت الحلم قد رمى بي مرة أخرى الى خاطر شعب الوادي !.. وهكذا بين خاطر شعب الوادي وجلابي ود عربي, ظللت أراوح محاولا الأفلات الى اللحظة الراهنة, التي أشك فيها هي الأخرى ,أن تكون تمثيلا لوجودي الحقيقي في الزمن والمكان .

    حدقت من نافذة الصالة أحاول أن أخترق بنظري ضباب الفجر , الذي يحيط بالأهرامات التي تبدو بعيدة من هنا , رددت بصري أحاول الوصول الى نهاية شارع الهرّم , وحاولت مقاومة النعاس, الذي لا يزال متواطئا مع خمر البارحة, التي لا تزال تسري., في رأسي وعروقي . نمت أمام النافذة واقفا. وجدت نفسي أعود الى "مملكة ساورا" التي كانت في هذا المكان نفسه, الذي نهضت فيه بلدة "جلابي ود عربي " بعد عشرات المئات من السنين ( وربما آلآف) .. رأيتني جزء من ذاكرة " سورنق " أبن كاهن " ساورا " الراعي العجوز "دورة " لم أعد أشعر بذات الرعب الذي كان يحدث معي , في البدايات , عندما أخذت هذه الاحلام تنطلق بي لتجوب بي التاريخ والأماكن , مختزلة الزمن والجغرافيا .

    عندما أفقت من اغمائي وجدت نفسي في حاضرة البلاد الكبيرة , مطاردا من قبل أجهزة أمن أبو لكيلك الجنجويدي ( لا أذكر أنها أعتقلتني , لكن لا أستطيع أن أنسى أنه أغمى علي أثناء التعذيب ) وعندما أفقت من أغمائي , وجدت نفسي في المدينة الريفية (وآثار التعذيب على جسدي ووجهي) سألتني سارة شقيقة صديقي القديم حسن : - يبدو أنك تعرضت للضرب ! مع من تعاركت ؟ وأين أختفيت كل هذه الأيام ؟..

    - كنت معتقلا ..

    أرتفع حاجباها في دهشة . ساد الصمت بيننا لفترة , ثم خرج صوتها على نحو مباغت , مهيمنا على فضاء المكان .. هكذا دون سابق انزار أخذت تحكي لي عن جلابي ود عربي وناسها .

    خرجت سارة قبل منتصف الليل . أوصلتها قريبا من منزلها . عدت الى البيت الذي نشأت فيه . كنت منهكا , وما أن أسلمت نفسي للنوم حتى وجدتني في القاهرة !! بصحبة الميرم كلتوم !! .. أكاد أجن .. !!...

    لا أعرف هل هذه أحلام , أم هي واقع حقيقي أعيشه , عبر ظاهرة خارقة تختزل جسمي وتختزل الزمن والمكان , فتستعيد فىّ كل تلك العوالم المفقودة ؟!..

    المفقودة ؟؟!!.. لا أدري أيها هو المفقود , والى اي عالم من هذه العوالم أنتمي حقا !..

    هل أنتمي الى المدينة الريفية وجلابي في واقع الأمر , حيث تلك هي اللحظة الحاضرة لحياتي الفعلية , وما عدا ذلك هو محض أحلام , أثارتها وغذتها الوقائع والأحداث التي قرأتها في " المخطوطة السرية " ؟! أم ان العكس صحيح : بمعنى أنني جزء من المخطوطة السرية , كواحد من موضوعاتها التي تناولتها !!..

    ربما يكون ذلك استنتاجا متسرعا , اذ يبدو لي (ليس بصورة قطعية ) أن لحظتي الحاضرة الفعلية , التي اعيشها هي في ساورا , وأنني باعتباري " سورنق : سيد الأرض أو دالي ابن آري " , أحلم بأن في هذه الرقعة من الأرض ستنشأ ذات يوم بلدة أسمها "جلابي ود عربي " . وأن شابا اسمه علي (أي أنا ) يسكن المدينة الريفية , سيتردد عليها كثيرا , ليحل محل والده أثناء غيابه في متجره الصغير, الذي أنشأه بهذه البلدة "جلابي" , وربما يتعرض للاعتقال في حاضرة البلاد الكبيرة , فيهرب الى مصر ويسكن في الجيزة , في شارع الهرّم تحديدا . ويلتقي هناك الميرم كلتوم , التي أختفت من المدينة الريفية, عندما كان هو صبيا بعد , دون سن المراهقة..

    لا أدري الآن اي شيء هو الحقيقي , وأي شيء هو الوهم .. أو الظلال لهذا الحقيقي , او تمثلاته (الحقيقي) البعيدة .. كل ما ادركه الآن هو أنني يجب الا أنام, حتى لا أحلم وأجد نفسي فعلا في مكان آخر عندما أصحو (مثل كل مرة ) ..

    (*)

    كانت الحياة قد عادت الى طبيعتها ,في اللحظة التي تهشمت فيها طبيعتي . بعد أن دهستني عربة النقل الكبيرة , وساوتني مع أسفلت الشارع .. ففي هذه اللحظة القصيرة , التي تفصل بين الحياة والموت , مرّ على خاطري كل ذلك العالم المنسي ل(جلابي ودعربي) : تلك "الحلة أو الحي أو المدينة الريفية العجيبة , التي انهكت المؤرخين ,بما طرحته من أسئلة عجيبة ,حول جذور سلطتها , وممارسات ابو لكيلك الجنجويدي ومن سبقوه : كيف تمظهرت السلطة في البلاد الكبيرة .. هكذا مغايرة لكل أشكال ممارسة السلطة ,في العالم الواسع .. لابد أن مظهرها البائس , يتعلق بمصدر انتاجها , وهكذا .. كنموذج بدأوا (المؤرخون وعلماء الآثار ) بدراسة جلابي ود عربي , في بناها الاجتماعية , وحكايا ناسها , التي تكشف عن شيء من ذاكرة اسلافهم المجهولين.. وبالنتيجة تم اكتشاف : أن كل البلاد الكبيرة , نهضت على أساس نموذج جلابي ود عربي , أو جلابي ود دينكاوي , أو جلابي ود نوباوي ..الى آخره .. لكن ظلت هذه الاستنتاجات التي توصل اليها المؤرخون وعلماء الآثار , مجرد مخطوطة لم يكتب لها النشر ككتاب لوقت طويل , وعندما تمت طباعتها حدث ما حدث!!..

    حول جلابي ود عربي صدرت كثير من الدراسات والمقالات والكتب ,التي حاولت الاجابة عن تاريخ جلابي ودعربي . ولكن كل ما كتب عن جلابي ود عربي , لم يكن محققا , كما أن فرضياته أنطلقت من أسئلة غير صحيحة .. هذه المقدمات الخاطئة ترتبت عليها نتائج خاطئة , ولذلك من دون كل ما كتب , وجدت المخطوطة السرية (التي لم يقرأها أحد) حظا وافرا من الشهرة , وذلك بسبب الاجابات الصحيحة التي توصلت اليها , بطرحها للاسئلة الصحيحة , تمثل جوهر المسألة حول تاريخ جلابي ود عربي , الذي نشأت فيه فكرة السلطة , وتشكلت في أنحاء البلاد الكبيرة ..

    النظام الاداري الأهلي في جلابي ود عربي , كان من الأمور اللافتة للنظر .. كان هيكلا عجيبا , فيه تراتبية مدهشة , لم يجد له أهالي البلاد الكبيرة تفسيرا , فشكل حافزا لكل الاسئلة , التي لم يتمكنوا من الاجابة عليها الا بعد الكشف الأثري, على الرغم من طرد السلطات مبكرا للبعثة الأثرية الألمانية , واعلان (جلابي ودعربي) منطقة عسكرية : ممنوع الاقتراب والتصوير !! .. بالطبع لم يعرف أحد بعد ذلك ماذا يدور داخل هذه المنطقة المغلقة , الا أن بعض الشائعات زعمت : أن بن لادن , اشترى جلابي ود عربي , لأغراض علميةانتاج اسلحة بيولوجية ونووّية)!!..

    وكانت قصة اعلان جلابي ود عربي كمنطقة أثرية في البدء , قد بدأت بعد الحريق الكبير الذي شب في جلابي واحرقها من بدايتها الى نهايتها , وأصبح الأهالي يقيمون في العراء .. فأكتشف أحدهم عن طريق الصدفة, بعض التماثيل والأواني أثناء حفره , لنصب أعمدة خشبية( لكوخ صغير , يقيم فيه بعد حريق منزله ), فاستوقفه ذلك .. ومضى يحفر فأكتشف انه في مدخل معبد .. وهنا تدخل موظفي تنظيم القرى ومعالجة السكن الاضطراري , فاشرعوا الباب واسعا لهيئة الآثار التي اكتشفت : ان المعبد الذي اكتشفه الرجل ,هو في أطراف مدينة بائدة وعندما توغلوا في الحفريات , بمساعدة البعثة الالمانية فوجئوا بعالم أثري مبهر : كانت المدينة الأسطورية (ساورا) " بشحمها ولحمها" تنهض أمام الجميع من قلب التاريخ المنسي , ومن أعماق الذاكرة الشعبية لجلابي ود عربي ..
                  

العنوان الكاتب Date
لا وطن في الحنين../رواية(في أجزاء//أحمد ضحية Sabri Elshareef03-21-06, 08:55 AM
  Re: لا وطن في الحنين../رواية(في أجزاء//أحمد ضحية Sabri Elshareef03-21-06, 08:56 AM
  Re: لا وطن في الحنين../رواية(في أجزاء//أحمد ضحية Sabri Elshareef03-21-06, 08:57 AM
  Re: لا وطن في الحنين../رواية(في أجزاء//أحمد ضحية Sabri Elshareef03-21-06, 08:58 AM
  Re: لا وطن في الحنين../رواية(في أجزاء//أحمد ضحية Sabri Elshareef03-21-06, 08:59 AM
  Re: لا وطن في الحنين../رواية(في أجزاء//أحمد ضحية Sabri Elshareef03-21-06, 09:01 AM
  Re: لا وطن في الحنين../رواية(في أجزاء//أحمد ضحية Sabri Elshareef03-21-06, 09:04 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de